مدينة بيكس أول عاصمة مجرية للثقافة الأوروبية

السياح يبحثون عن وجهات تاريخية وثقافية جديدة

بيكس مدينة تهدف إلى حشد ثروة التراث الثقافي في منطقة ترك عليها الالمان والعثمانيون بصماتهم عبر قرون («الشرق الأوسط»)
TT

لكل سائح ذوقه الخاص، عندما يأتي الأمر على اختيار الوجهة المفضلة لديه، ومن بين أنواع السياحة التي تنال إعجاب شريحة كبيرة من المسافرين من كل بقاع الأرض، السياحة الثقافية والسياحة التاريخية والسفر إلى أماكن جديدة لم تكن مرصودة على خارطة السياحة العالمية لتتحول إلى وجهات سياحية جديدة.

وبما أننا نتكلم عن الأماكن السياحة الجديدة والثقافة فتجمع مدينة بيكس الجذابة الواقعة في الجنوب الغربي من المجر العنصرين وتسعى لأن تكون محورا للحوار بين الشرق والغرب وذلك عندما يبدأ السياح في القدوم إليها عام 2010 لمشاهدة واحدة من بين ثلاثة مواقع أعلنت كعواصم ثقافية للعام المقبل من جانب الاتحاد الأوروبي.

وهذه «المدينة بلا حدود» وذات الطابع الخاص تهدف إلى حشد ثروة التراث الثقافي في منطقة ترك عليها الألمان والأتراك العثمانيون وغيرهم من الجنسيات بصماتهم عبر القرون، ومما لا شك فيه أن العام المقبل يعد توقيتا رائعا لزيارة بيكس التي قامت باستعدادات ضخمة لتبدو على أفضل هيئة ممكنة. ومن الطبيعي أن تكون الانطباعات الأولى مهمة غير أن مدينة بيكس تحصل على درجات متدنية في هذا المضمار، فالطرق المؤدية إلى المدينة التي يسكنها 175 ألف نسمة تأخذ راكبي السيارات داخل حي كئيب تسوده الكتل السكنية المتلاصقة ببعضها البعض، وقد دخل أعلى مبنى بالمدينة موسوعة جينس للأرقام القياسية، ويضم هذا المبنى 24 طابقا ويبدو على شكل مسلة ويوصف بأنه أطول برج سكني خال في أوروبا.

وبحسب وكالة «د.ب.أ» فمن ناحية أخرى يتناقض وسط المدينة التاريخي مع ذلك الحي الكئيب حيث تم تجديد العديد من الآثار المعمارية التركية خلال الأعوام الأخيرة، كما تم تطوير الحدائق الكثيرة وكذلك الأماكن العامة لتصبح أكثر جاذبية.

وعادة ما يبدأ المرشد السياحي المحلي يانوش هابل جولته من ميدان سزيشنيل الذي يقع على يمين وسط المدينة وحيث يقع مسجد الباشا السابق قاسم غازي والذي شيد عام 1585 من الأحجار التي أخذت من كاتدرائية سان بيرتالان السابقة التي بنيت في القرن الثالث عشر.

وتم تحويل المبنى في وقت لاحق إلى كنيسة كاثوليكية، وتهيمن قبة المبنى على الميدان وكانت تعلوه مئذنة في السابق غير أنها أزيلت عندما انسحب الأتراك وتم وضع صليب بدلا من الهلال الذي كان يزين المدخل، غير أنه تم ترك مكان القبلة وقد دون عليه عبارات باللغة العربية.

وكرمز للديانتين الكبيرين تم عام 1986 إضافة أول آية قرآنية مدونة باللغة العربية على النصوص الموجودة بمكان القبلة. ويشير يانوش هابيل إلى أن ميدان سيزشنيل شهد تطورات بعد أن غادر الأتراك المجر من بينها هدم البازار، وفي أعقاب انهيار الشيوعية تم تجديد الكثير من المباني مثل البنوك ومقر المحكمة الملكية لتستعيد بهاءها المعماري السابق.

ويقول هابيل إن فندق نادور هو الوحيد الذي ظل شاغرا، وكانت قاعة تناول القهوة بالفندق الواقعة في الطابق الأرضي في عهد الاشتراكية هي الملاذ الأخير للحياة الاجتماعية للطبقة الوسطى في جميع أنحاء مدينة بيكس.

وغالبا ما يتجاهل الزوار النافورة التي شيدت وفقا لاتجاه فني حديث وتبرع ببنائها فيلموس شزلناي وهو مجري صاحب مصنع للخزف غير أنها تستحق الزيارة، وتتلون المياه المنبثقة من النافورة بلمعة وردية كما تتغير ألوانها وفقا لزاوية انعكاس الشمس.

ويعرض متحف شزلناي المجاور العديد من القطع الفنية الخزفية، كما من المقرر أن يفتتح ستوديو لأفلام الرسوم المتحركة بالمدينة وسيتيح وظائف لنحو 300 شخص.

وأهم معلم مميز في بيكس هو الكاتدرائية ذات الأبراج الأربعة والتي دمرت وأعيد بناؤها أكثر من مرة، وكان الملك شتيفان قد وضع حجر أساسها عام 1009 غير أن الفناء الخارجي لها والذي بني على طراز الرومانسيك الجديد هو نتاج للقرن التاسع عشر، وللاحتفال بالذكرى الألف لبناء الكاتدرائية تم تجديد واجهتها وتم تطوير الميدان الجذاب أمامها.

وبعد مشاهدة هذا النتاج الثقافي الغزير سيحتاج معظم الزوار إلى الحصول على قسط من الراحة والانتعاش ولحسن الحظ لن يضطروا إلى الذهاب بعيدا لتحقيق هذا، فعند توجههم إلى منطقة كيرالي بوسط المدينة والمخصصة للمشاة سيجدون الكثير من المطاعم والمقاهي، وعند تناول المشروب على إحدى الطاولات فإن الزوار الذين يأتون من الخارج ربما يشعرون بالدهشة من تواجد هذا العدد الكبير من الشباب في هذه المدينة الطلابية.