شعب البحر ومرجانه في قبضة يدك من داخل غواصة سياحية

استمتع بسياحة الغوص في الأعماق بالغردقة

محمية «شعب الطويل» تبدو كعنقود ورد خلاب
TT

للسياحة على شاطئ البحر متعة خاصة، لكن هذه المتعة تزداد سحرا وجمالا، حين تتجول في الأعماق، وتشاهد كنوزه من الأعشاب والشعاب المرجانية، وكائنات البحر المدهشة النادرة، التي تصادفها في البرامج التلفزيونية المتخصصة.

الطريف أن هذه الرحلة تتناسب مع جميع أفراد العائلة ابتداء من الأطفال من عمر عام إلى الأجداد، والطريق إليها في غاية اليسر والبساطة، فما عليك إلا أن تتخذ القرار، وتحزم أمرك، وتحجز مكانك أنت ومن ستصحب معك في الرحلة على متن غواصة «سي سكوب» التي تعني «منظار أو تليسكوب البحر».

فكما هو الحال مع تليسكوب السماء الذي ينقلك في لمح البصر إلى أن تكون جارا للنجوم والغيوم فتشعر وكأنه لا ينقصك سوى أن تمد يدك وتلمسها، أيضا في رحلة «سي سكوب» ستجد نفسك تبحر في أعماق البحر الأحمر دون أن تكون واحدا من أبرع الغواصين، فمن رصيف المارينا في منتجع الجونة بالغردقة يمكنك حجز مكانك على ظهر غواصة «سي سكوب».. الرحلة التي تستغرق قرابة الساعتين خلالهما لن تستطيع أن تغمض عينيك لثانية واحدة، ففي كل لحظة ستقع عيناك على جزء من لوحة طبيعية رائعة الجمال، وسوف يسرق الوقت، وتتمنى لو يطول حينما تنتهي الرحلة.

تبلغ تكلفة الرحلة بالنسبة للمصريين 180 جنيها، وبالنسبة للأجانب 320 جنيها، أي ما يعادل 40 يورو، وللأطفال ابتداء من عمر سنة إلى 5 سنوات يمكن اصطحابهم مجانا ومن 6 سنوات إلى 11 سنة نصف تذكرة. وفي العاشرة صباحا تبدأ أولى الرحلات، ويقضي الراكب نحو 40 دقيقة أعلى سطح الغواصة يستمتع فيها بجمال نسمات البحر الأحمر وصفاء وزرقة السماء ومشاهدة بانورامية لأغلب أرجاء منطقة الجونة السياحية من البحر.. وبسرعة 5 عقدات وعلى بعد 10 كيلومترات من المارينا تكون الغواصة وصلت إلى المكان المراد، فيبدأ الركاب في الهبوط إلى الطابق السفلى، حيث تبدأ رحلة الغوص إلى أعماق البحر الأحمر، وعلى عمق يصل إلى نحو 4 كيلومترات تحت سطح الماء تقع جزيرة «شعب الطويل»، وهي واحدة من المحميات البحرية الجميلة.

حول الرحلة وهواجس مغامرة الغوص إلى الأعماق، يقول مصطفى وفدي، مسؤول التسويق لغواصة «سي سكوب» إن تصميم الغواصة مناسب لعملية الدوران حول الجزيرة بطريقة آمنة، فلا خوف من الاصطدام بواحدة من الشعب المرجانية المتناثرة في كل الأرجاء التي تكثر في الأعماق، كما أنه يسمح للراكب بأن يشعر وكأنه هو من يقوم بالغطس بنفسه، فلا يوجد فاصل بينه وبين الشعب المرجانية الحمراء التي بسببها سمي البحر الأحمر، بالإضافة إلى كائناته الجميلة سوى لوح زجاجي شديد الشفافية، وتكمن قمة المتعة في كون العمق الذي تصل إليه الغواصة يسمح بنفاذ ضوء الشمس الساطعة إلى هذه النقطة فتكون الرؤية واضحة.

ويوضح مصطفى أن الغواصة ذات عدد محدود من الأفراد، فلا تتعدى 34 مقعدا، وهذا من شأنه أن يمنحك جوا من الخصوصية لتنعم بهدوء الأعماق وجمالها، ويضيف أن هذه المحمية البحرية تحتوي على أكثر من 100 نوع من الكائنات البحرية تتنوع ما بين الغربة والطرافة، ويعد أشهر هذه الكائنات الدولفين الذي ما أن يظهر في الماء حتى يثير بهجة الكبار قبل الصغار، فقد بدأ الاعتياد على رؤية الغواصة بما فيها من ركاب، فنال تدريبا تلقائيا من نفسه بإلقاء التحية والقيام ببعض الحركات الطريفة، وبعد 40 دقيقة تبدأ الغواصة بالصعود مرة أخرى إلى سطح البحر متخذة طريقها للرجوع إلى الشاطئ في فترة زمنية لا تستغرق أكثر من 40 دقيقة.

ويضيف مصطفى أنه أثناء رحلة الغواصة يقوم طاقم الضيافة بتقديم المياه المعدنية للركاب والمشروبات الباردة أو الساخنة، بالإضافة إلى شرح واف أثناء وجودهم على السطح لأهم مناطق الجونة، وعند الهبوط إلى القاع يكون هناك شرح واف عن تاريخ محمية «شعب الطويل» وعن أهم الكائنات خصوصا المهددة بالانقراض التي تحرص البيئة على حمايتها، كما أنهم مدربون للإجابة عن أسئلة الصغار والكبار عن أي كائن يظهر فجأة أثناء الغطس، لافتا إلى أن هذه الرحلة ممتعة بكل ما فيها للأطفال الذين يبهرهم عالم البحار والأسماك، والطريف أن المسافة التي ترسو فيها الغواصة لا يصل إليها سوى أمهر الغطاسين، وبعد تدريب خاص، كونها مليئة بالشعب المرجانية.

وتضيف نوال إبراهيم، مدير تسويق في أحد الفنادق الكبرى في القاهرة: «هذه الرحلة تمثل قمة المتعة في تصوري، ونحن نحرص عليها كلما جئنا إلى الغردقة، كما أنني أصطحب والدي معنا أنا وزوجي والأولاد، فهي علاوة على ما تسببه من بهجة للصغار، تمثل متنفسا جميلا للكبار، ولراحة الأعصاب والنفس».

تتابع نوال: «لا تخلو الرحلة من ملمح علمي شيق، وما أجمل الغوص في أعماق البحر بعد درس عملي رائع يقدمه متخصصون للتعرف على أسرار البحر وكائناته، وهذا شيء مفيد، وبخاصة للصغار، في سن مبكرة، بالإضافة إلى كونها فرصة رائعة لكل أفراد العائلة للمشاركة في رحلة واحدة والتقاط صور جميلة للاحتفاظ بها ضمن ألبوم الذكريات في بقعة طبيعية رائعة.

ويقول هاني علي (15 عاما) طالب في المرحلة الثانوية: «أنا أستمتع بهذه الرحلة، ومن أطرف الأشياء أنني أحضرت معي ذات مرة كتابا مصورا عن عالم البحار، وكنت كلما أرى كائنا موجودا في الكتاب أصيح مهللا بشكل عفوي، وكأني أرى أبطالي أمامي، أكاد أصافحهم، مما أضفى على الرحلة جوا من البهجة، وجعلني مصدر تعليقات طريفة من بعض الجمهور.