سان نازير.. مدينة فرنسية بمنارات عديدة وهدوء لا يوصف

نشاطات متنوعة في مدينة صغيرة

مرفأ سان نازير.. حركة مستمرة
TT

الذي سيكون لديه حظ زيارة هذه المدينة الصغيرة على شاطئ الأطلسي، خصوصا في الصيف، لن يتاح له فقط التمتع بروعة الشواطئ الكبيرة الممتدة على طول المسافة التي تلصق المدينة بالمحيط فقط، بل ستتاح له زيارة أماكن ورؤية عوالم لا يمكن رؤيتها في الكثير من الأمكنة في العالم. سان نازير بهذا المعنى مدينة فريدة من نوعها تقريبا.

تزخر هذه المدينة بالكثير من النشاطات التي من الصعب أن توجد في مدينة صغيرة الحجم مثلها. إذ إن فيها واحدا من أكبر مصانع السفن في العالم، يختص تحديدا بصناعة السفن السياحية العملاقة، وأيضا السفن الترفيهية مثل اليخوت وغيرها، كما يضم ميناء خاصا لليخوت الكبيرة والصغيرة على السواء. فهنا مثلا تم تصنيع «ماري كوين 2» السفينة العملاقة التي تجوب بحار العالم في رحلات سياحية باهظة الثمن. وهنا أيضا، يرسو يخت الملياردير الأميركي بيل غيتس وغيره من اليخوت لشخصيات معروفة على مستوى العالم. وهنا أيضا تصنع بعض أجزاء طائرة «إيرباص 380» الأكبر في العالم. وفي المدينة أيضا أحد أكبر الجسور في فرنسا، وهو يصل جنوب المدينة بشمالها، كما تنظم فيها سنويا مسابقات اليخوت الشراعية، وهي مسابقة دولية يشترك فيها أكثر من ثلاثمائة يخت شراعي من أنحاء العالم كافة، كما يقام فيها «مهرجان الأنوار» الذي تأسس في عام 1984 وهو يجمع بين الضوء والماء في تآلف مذهل بينهما. وإلى جانب هذا تجري في هذه المدينة الصغيرة نشاطات ثقافية كبيرة مقارنة بحجمها الصغير وعدد سكانها. ففيها برنامج الكاتب المقيم الذي يستضيف كتابا من أنحاء العالم كافة لمدة شهر لكي يعكفوا وسط هدوء المدينة والميناء والشوارع غير المكتظة بالناس على كتابة أعمالهم أو إكمالها، كما ينظم برنامج ثقافي خاص بالشعر والمسرح، تستضيف المدينة فيه عددا كبيرا من الشعراء وكتاب المسرح والممثلين من الثقافات كافة. كذلك الميناء الكبير الذي بني قبل الحرب العالمية الثانية ليكون محطة للسفن الحربية الأميركية التي كانت تصل إلى الشواطئ الفرنسية. فهو أحد أكبر موانئ أوروبا الخاصة بالصناعة البحرية. وهو إلى هذا، أيضا قاعدة بحرية للقوات الفرنسية التي تتمركز في مكان ما من الميناء. وفي هذا الميناء تتربع الغواصة «إيسبيدون» التي فتحت للزيارة بعد أن خرجت من خدمتها في عام 1985، وهي اليوم مقصد للسياح الذين يرغبون في معرفة خفايا عالم الغواصات الحربية. «إيسبيدون» تعتبر من الجيل الأول للغواصات الحربية الفرنسية، بنيت عام 1958 ودخلت الخدمة عام 1960 وهي بطول 78 مترا وعرض 7 أمتار وارتفاع 12 مترا وهي تزن 1600 طن وهي راسية، و1900 طن أثناء الغطس. وتعتبر الرحلة داخل أرجائها، التي تستمر 30 دقيقة، رحلة مليئة بالدهشة بسبب ما يمكن أن يراه الزائر، الحياة التي يعيشها البحارة وأماكن النوم والممرات الضيقة جدا، والمطبخ وأماكن وضع التوربيدات أو الصواريخ البحرية إلى آخر الرحلة المدهشة.

إلى جانب كل هذا تشتهر المدينة، التي لا يتجاوز عدد سكانها الخمسين ألفا بأنها مقصد سياحي صيفي بامتياز. حيث يتوزع على طولها وعرضها نحو 20 شاطئا رمليا إضافة إلى الشواطئ الصخرية التي تصلح للصيد أكثر منها للسباحة. وهي في الصيف تمتلئ بأكثر من 70 ألف زائر يقيمون فيها طوال فترة الإجازة للاستمتاع بالبحر وممارسة الهوايات المتعددة. بالإضافة إلى بحيرة طبيعية وناد ضخم جدا لرياضة الغولف ومجموعة ضخمة جدا من المطاعم التي تقدم المأكولات البحرية على أنواعها.

ليست هذه المدينة فقط وجهة فريدة من نوعها، لما تختزنه من نشاطات اقتصادية وسياحية كبيرة، بل هي وجهة جميلة لمحبي المناخ الذي تتمتع به المدن الواقعة على المحيط الأطلسي الفريدة.