الفلبين.. هل تكون فوكيت الجديدة؟

من جزيرة شبه مجهولة إلى واحدة من أهم أماكن الجذب السياحي في جنوب شرقي آسيا

طفل يلهو على شاطئ أحد المنتجعات الفلبينية بينما ينعكس ضوء الشمس في مشهد مميز (خدمة «نيويورك تايمز»)
TT

لا تحاول الوصول إلى «جنغل بار» الذي جرى نقله حديثا، على الأقل من الشريط الرئيسي في بوراكي المعروف باسم وايت بيتش، حيث جرت العادة على النظر إليه كعماد رئيسي للمنطقة، وذلك لأنك لن تعثر عليه قط. بدلا من ذلك، عليك التوجه إلى بولابوغ بيتش، والمرور أمام شريط من أكواخ البامبو، وابحث عن المصابيح الملونة المتدلية من أشجار جوز الهند، التي تضفي على هذه الحانة شعورا عاما يجعلها أشبه بمعسكر لجماعة من جماعات حروب العصابات. ربما يجد من يألفون سماع أغاني بوب مارلي ديكور هذه الحانة مألوفا في حفلات راقصة على الشواطئ. الملاحظ أن بوراكي، وهي جزيرة في منتصف الفلبين، شهدت في السنوات الأخيرة قفزة من كونها مجرد جزيرة عادية لا يسمع عنها الكثيرون، ذات مناخ استوائي إلى واحدة من أحدث مناطق الجذب السياحي في جنوب شرق آسيا. وحتى «جنغل بار» الذي كان محصورا على امتداد الممشى الطويل في وايت بيتش، جرى نقله هذا العام، بعد أن ارتفعت أسعاره بدرجة مفرطة. ويقع حاليا في كهف مهجور على الجانب الآخر من الجزيرة. من جانبها، عمدت وزارة السياحة الفلبينية إلى ترويج وتنمية الكثير من جزرها الساحرة، واجتذاب مزيد من الزائرين على الأعداد المعتادة الوافدة من مانيلا، لقضاء عطلات نهاية الأسبوع، أو من كوريا لقضاء شهر العسل. وتبقى بوراكي بشواطئها الممتدة، برمالها البيضاء الناعمة والمناسبة لممارسة رياضات التزلج على الماء والغطس، بمثابة جوهرة الجزر الفلبينية، رغم أنها لم تتحول بعد إلى الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة للفلبين. في هذا الصدد، أشار مارغو بالو (34 عاما) مدرب غطس ويوغا، ينتمي في الأصل إلى إسبانيا، إلى أنه «أصاب المسؤولين مس من الجنون بخصوص بوراكي لرغبتهم في تحويلها إلى تايلاند جديدة»، في إشارة إلى الشواطئ السياحية في المنطقة. وأضاف «في رأيي الشخصي، تعد بوراكي ألطف كثيرا، لكنها في الوقت ذاته، أبعد كثيرا عن معظم الناس، وهذا هو سبب استمرار جهل الكثيرين بها». إلا أن هذا الوضع يتبدل الآن، فخلال الربع الأول من هذا العام، الذي يشكل الموسم الرئيسي للسياحة، ارتفعت أعداد الزائرين الأجانب للفلبين بنسبة 8 في المائة عن الفترة ذاتها من العام السابق. كما شهدت بوراكي التي تبعد بمسافة أقل من ساعة طيران عن العاصمة مانيلا، ارتفاعا بمعدل 20 في المائة، في الإقبال السياحي عليها. وفي العام الماضي، اجتذبت الجزيرة 650 ألف سائح - كان ثلثهم من الأجانب - مما شكل أعلى معدل إقبال سياحي عليها على الإطلاق، طبقا للأرقام الصادرة عن وزارة السياحة. أما بالنسبة للجزيرة، فيتركز معظم مناطق الجذب فيها على امتداد وايت بيتش، الذي يبلغ طوله ثلاثة أميال من الرمال الناعمة التي تغطيها أشجار النخيل. وقد بنى هذا الجزء من المدينة صورة خاصة به من فوكيت، مع توافر المدلكين والمطاعم التي تقدم مختلف أنواع الطعام، والمنتجعات التي تزيد أعداد الشلالات المائية بها على تلك الموجودة في حوض نهر الأمازون. وكان من شأن تنامي عدد السكان والسرعة المحمومة التي تتسم بها عملية التنمية خلق ضغوط كبيرة على عاتق هذه الجزيرة الهشة. وسعيا لتخفيف حدة الاختناقات على الطرق، يجرى حاليا بناء طريق فرعي، وهناك خطط لتطهير المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي خارج الشواطئ. في تلك الأثناء، ظهر في الجزيرة الكثير من الفيلات الجديدة ومنازل قضاء العطلات على منحدرات صخرية من الحجر الجيري وساحل الجزيرة الذي لم يزل محتفظا بنقائه الطبيعي. إضافة إلى ذلك، هناك خطط لتوسيع أقرب مطار إلى الجزيرة، الموجود في كاتيكلان. واختفت الأكواخ المصنوعة من العظام التي اعتادت تقديم خدماتها للرحالة لتحل محلها منتجعات شديدة الفخامة. وبالمثل، انحسرت العام الماضي الأكواخ الشبيهة بالمنازل المبنية على الأشجار التي ميزت منتجع نامي من قبل، حيث حل محلها مشروع تنموي جديد باسم «شانغري لا» يضم بحيرة خاصة به. وفي الإطار ذاته، حل محل المنازل المؤلفة من طابق واحد في منتجع آخر، «فريدايز»، منازل «ديسكفري شورز» الذي أسهم في إضفاء لمسة عصرية على بوراكي. وما يزال نمط الملابس السائد بالجزيرة بعيدا عن النمط المميز للشواطئ، على سبيل المثال حاولت سيدة واحدة على الأقل السير بحذاء ذي كعب مرتفع عبر رمال الشاطئ. كما شهدت الجزيرة حملة محلية تحت عنوان «بوراكي من فضلك، ليس بورا»، وذلك في محاولة لطيفة للفت انتباه أولئك الذين يختصرون في اسم الجزيرة. من بين المظاهر الساحرة في الجزيرة المياه ذات اللون الأزرق الزمردي التي تنجح على نحو سحري في إضفاء السعادة على الجميع. في الصباح، يمكن للزائر التزلج على الأمواج، وخلال فترة بعد الظهر يمكن ممارسة الغطس إلى أعماق بعيدة لمشاهدة كهوف وحطام سفن في أعماق الماء، وبحلول الغروب يبقى وقت كاف للتجول في الجزيرة واستئجار أي من المراكب المتاحة على امتداد وايت بيتش. ويمكن كذلك إيجاد رياضات مائية في بوراكي. وهناك الكثير يمكن للزائر القيام به على البر أيضا، حيث توجد «ديمول»، وهي منطقة سياحية أشبه بالمتاهة، حيث يجرى بيع القمصان، أو التوجه إلى متجر «ليوناردوز» لاستئجار دراجات نارية. ويمكن زيارة بوكا بيتش، وهو كهف منعزل ساحر تعج رماله بالقواقع. أو يمكن الهبوط إلى كهف من الحجر الجيري قريب به مصباح ومرشد شاب، وذلك لمشاهدة مجموعة متنوعة من الخفافيش والثعابين. ويعد الجانب الأقل ازدحاما من الجزيرة، الواقع قرب بولابوغ بيتش جديرا هو الآخر بالزيارة، حيث يضم متاجر تقدم خدمات لعاشقي التزلج على الأمواج وأكواخا مصنوعة من خشب البامبو، تستخدم لاستضافة النزلاء. ورغم أن المياه المالحة في المنطقة غير ملائمة لممارسة السباحة، فإن الرياح المستقرة تجعلها واحدة من أفضل الأماكن في العالم لممارسة رياضة التزلج على الماء. وتتميز أيام الآحاد على وجه التحديد بإقامة حفلات شواء وغناء على امتداد وايت بيتش، الأمر الذي تحول إلى طقس متبع هنا. ومع إقبال الزائرين على الشاطئ، ترتفع أصوات الموسيقى من حانة «هاي جود».

في هذا الإطار، أكد سيرف (25 عاما)، عامل دي. جيه، وهو نصف فلبيني ونصف بريطاني أن «حياة الليل في بوراكي تعد الأفضل من نوعها على مستوى الفلبين بأكملها. لكنني اطلعت على صور قديمة للمنطقة عندما كانت خالية تقريبا من مظاهر الحياة، حيث بدا الشاطئ مهجورا وتظهر في الصور غابة من أشجار جوز الهند، بجانب بعض السكان المحليين وحفنة من الأشخاص المتميزين بمظهر غريب لافت للنظر، ما يزالون موجودين حتى اليوم». من بين هؤلاء جوي غيليتو، وهو فلبيني يشتهر بلقب كابتن جوي ويقيم في بوراكي منذ عام 1989. ويبدو الكابتن (44 عاما)، بشعره الأسود الطويل وعظام خديه البارزة القوية وعقد يرتديه، مصنوع من أصداف البحر أشبه بقرصان، الأمر الذي ينسجم تماما مع الحانة التي يملكها وتحمل اسم «ريد بيريتس بار» (حانة القراصنة الحمر)، وهي عبارة عن كوخ مصنوع من خشب البامبو. كما يوفر الكابتن جوي للزائرين جولات حول الجزيرة في قاربه الذي يعمل بمحرك، مع توفيره مشروبات لهم على ظهر المركب وتنتهي الجولة بإقامة حفل شواء على الشاطئ. وأبدى الكابتن جوي سعادته بازدهار النشاط التجاري على الجزيرة، لكنه أبدى تحفظه على انتشار أعمال البناء والتنمية في جميع الأنحاء. وعلق على ذلك بقوله: «أحرص على الجلوس على الشاطئ تجنبا للضوضاء. إنني أفضل الهدوء والحفاظ على أفضل عناصر بوراكي». مع انتشار أندية على الطراز الأوروبي تعج بسياح أوروبيين، كوريين، طرح سيرف وجهة نظره حيال الشهرة التي اكتسبتها الجزيرة حديثا بين العاملين بمجال التنمية العقارية وطبقة النخبة في مانيلا. وقال: «لا أعتقد أننا أفرطنا في جهود التنمية بالجزيرة. أعرف بعض الناس الذين يساورهم مثل هذا الاعتقاد، لكن بالنسبة لمجال عملي في الـ(دي جيه)، أعتقد أن مزيدا من التنمية يعني مزيدا من الوظائف. وإذا كثرت أعداد من على الجزيرة، فإن هذا سيكون أفضل للجميع». إذا رغبت في الذهاب: كيفية الوصول: تنطلق رحلات طيران من مانيلا إلى كاتيكلان، المطار الأقرب إلى بوراكي، كل ساعة أو ساعتين صباحا وبعد الظهر تنظمها شركة «سيبو باسيفيك إيرلاينز» (cebupacificair.com)، «ساوث إيست إيجان إيرلاينز» (flyseair.com). يمكن شراء تذاكر ذهاب فقط من المطار والتي تبدأ أسعارها من قرابة 1.340 بيسو فلبيني، أو نحو 30 دولارا عند سعر 45 بيسو للدولار. أما تذاكر الذهاب والعودة فغالبا ما تكون أعلى سعرا بكثير. ويمكن ركوب قارب لمدة خمس دقائق للانتقال عبر القناة المؤدية إلى بوراكي. الإقامة: منتجع وسبا شانغري لا بوراكي (بارانغاي ياباك، 63-36-288-4988، shangri-la.com/en/property/boracay/boracayresort). ويضم هذا المنتجع فيلات وأجنحة تطل على المحيط، بجانب سبا وشاطئ خاص. تبدأ أسعار الغرف المزدوجة من 17 ألف بيسو فلبيني، لكن ما تكون أسعار الغرف قابلة للتفاوض. ريجنسي لاغون (ستيشن 2، بالاباغ، 63-36-288-2828، boracayregency.com). ويضم 120 غرفة تبدأ أسعارها من 8 آلاف بيسو. أما أصحاب الميزانيات المحدودة فعليهم تجريب «غيليس غاردنز» المتميز بالبساطة (سيتشن 2، بالاباغ، 63-36-288-5840، boracayitalianresort.com). تطل الغرف على حديقة رائعة. وتبدأ أسعار الغرف المزدوجة من 4 آلاف بيسو. أماكن تناول الطعام: بالنسبة لعاشقي المطبخ الفلبيني، ينبغي التنويه بأن السكان المحليين يفضلون «سموك» (ديمول، 63-36-288-6014). يقدم المطعم مجموعة متنوعة من الحبار واللحوم والأسماك الطازجة. أما أصحاب الأذواق الأكثر خصوصية، فيمكنهم ارتياد «ترافيزا ريستورانت» الذي يقدم أطباق المعكرونة الأورو - آسيوية والطيور (أليس إن ووندرلاند ستريت، مانغاياد، 63-36-288-5875، asya-boracay.com). أما راغبو تناول طعام مميز عند الغروب فليس أمامهم خيار أفضل من «فريدايز» (ستيشن 1، 63-36-288-6200، fridaysboracay.com). ويقدم المطعم أطباق اللحم والسوشي. وتبدأ أسعار وجبة الفرد من 1.250 بيسو الترفيه: يعرض «ريد بيريتس» (ستيشن 3، 63-36-288-5767) رحلات بالقارب تبدأ أسعارها من 500 بيسو. أما دروس تعليم الغطس فتوجد لدى «ووتركلرز» (ستيشن3، 63-36-288-5166، watercolors.ph) بسعر 3.000 بيسو لكل ثلاث ساعات. * خدمة «نيويورك تايمز»