ليماسول القبرصية.. محطة سياحية وأثرية

منحها البريطانيون هويتها الحديثة

ليماسول هي ثاني كبرى مدن هذه الجزيرة التاريخية وتضم أهم موانئ الترانزيت في المتوسط
TT

ليماسول من المدن المهمة في جنوب الجزيرة القبرصية الجميلة، وهي ثاني كبرى مدن هذه الجزيرة التاريخية، وتضم أهم موانئ الترانزيت في المتوسط حتى الآن. وهي ومنذ سنوات طويلة من أهم المحطات السياحية والتجارية والخدماتية في البلاد، ولطالما كانت حلقة الوصل بين الشرق والغرب أو بين بلاد المشرق العربي وأوروبا واليونان وتركيا، فهي قريبة جدا من العاصمة اللبنانية بيروت شرقا (نصف ساعة بالطائرة - يمكن استقلال العبارات البحرية) ومن شمال سورية وجنوب تركيا وجزيرة كريت في اليونان أيضا. وباختصار فإنها في الجهة الشرقية من المتوسط التي تحيط بها هذه البلدان بالإضافة إلى مصر في أفريقيا جنوبا. ولذلك، شكلت هذه المناطق والدول وشعوبها منذ آلاف السنين جزءا مهما من تاريخها، مما منحها أيضا تنوعها الرائع في هذه النقطة من العالم. ولذلك، تعتبر أيضا جسرا بين القارة السمراء وأوروبا واليونان أولا والعكس بالعكس، كما هي جسرا بين العالم الأرثوذوكسي في أوروبا الغربية ونظيره في أوروبا الشرقية وروسيا. ولهذا، تجد الكثير من الروس والصرب والجاليات الأوروبية الشرقية الأرثوذوكسية التي استقر أبناؤها في المدينة والجزيرة بشكل عام منذ أكثر من عشرين سنة وبشكل خاص بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وأسهم موقعها الجغرافي الاستراتيجي والمهم والمثالي في إغنائها تاريخيا، ولذا لا تزال تضم خيرة المواقع الأثرية والمتاحف وتعرف بالتقاليد والأنشطة الثقافية والتراثية المختلفة. وهي منذ سنوات أيضا أشبه بخلية نحل سياحية يكثر فيها النشاط المعماري والفندقي وإيجار الشقق، كما يتزايد فيها السياح من جميع أنحاء العالم يوميا مع تزايد عدد وكالات السفر والسياحة والطيران.

ومن المعالم الرئيسية في الجزيرة التي يبحث عنها السياح عادة ويقصدونها من جميع أنحاء المعمورة، بالإضافة إلى مناخها الطيب وأجوائها اللطيفة وواجهتها البحرية الطويلة - القلعة التاريخية التي تعود إلى القرن العاشر أيام البيزنطيين. وهي ليست القلعة الوحيدة في الجزيرة بل واحدة من أهم تسع قلاع في الكثير من المناطق وعلى رأسها كولوسي بافوس ولارنكا وقنطرة وفاماغوستا سان إيلاريون وكرينيا. لكن هذه القلعة رمادية الحجر تحولت منذ سنوات إلى متحف لآثار القرون الوسطى وفيه الكثير من القطع الأثرية التي تعود إلى الفترة ما بين عام 400 و1870 ومنها قطع أثرية حربية مثل المدافع القديمة والملابس أو البدل العسكرية والدروع والحفريات الخشبية التي تعود إلى القرن السابع عشر والنقود بالطبع وشواهد القبور والفخاريات والزجاجيات واللوحات والرخاميات وغيره من علامات الزمن. وبنى السكان المحليون بعد بناء القلعة كنيسة إلى جانبها، ويقال إن ريتشارد قلب الأسد تزوج خطيبته برينغاريا أخت ملكة صقلية في الموقع نفسه بعد أن فقدت سفينتها أثناء مرافقته في حملته الصليبية الثالثة على فلسطين والأراضي المقدسة. ويقال أيضا إن قلب الأسد احتل المدينة وقتل حاكم المدينة كومنينوس بعد أن رفض مساعدة برينغاريا ورفض دفع المال لتمويل الحروب الصليبية، لأنه كان يبغض اللاتينيين القادمين من أوروبا الغربية. وبين عامي 1790 و1940 كانت تستخدمها السلطات المحلية كسجن. وهناك أيضا قلعة كولوسي القديمة أيضا خارج أسوار المدينة التي بنيت بعد تلك القلعة بنحو مائتي سنة من قبل الفرانكس أو ما يطلق عليهم بالعربية الفرنجة، وهي من القلاع المهمة والجميلة على الصعيد الاستراتيجي في قديم الزمان، ويقال إن ملك إنجلترا ريتشارد الأول مكث فيها كمحطة أيام الحروب الصليبية. وللسياح الباحثين عن المزيد من آثار المنطقة والمتوسط القديمة التي تعود إلى الفترة التي تفصل العصر الحجري الحديث عن العصر الروماني، هناك متحف الآثار العام الذي يضم فخاريات مدينتي أماثيوس وكوريوم القديمتين والمجوهرات الرومانية والنقود والتماثيل العادية والرخامية والأعمدة والمزهريات والأقراط والخواتم والقلائد والكثير من القطع الصغيرة والمهمة تاريخيا وتم اكتشافها في الجزيرة في السنوات الماضية. ولمحبي الفنون الشعبية والتراث هناك أيضا متحف الفلكلور القبرصي الذي يؤرخ للتراث الشعبي القبرصي خلال القرنين الماضيين، وبالطبع يركز المتحف على الملابس التقليدية القديمة أو الأزياء الوطنية إذا صح التعبير والسجاجيد والصدريات والأدوات المنزلية وغيرها مثل المطرزات والقلائد. وكان هذا المتحف قد افتتح في منتصف الثمانينات في منزل خاص وجميل مؤلف من ست غرف.

أما الباحثون عن الهدوء والخلوة أمام سواحل المتوسط الجميلة والرائعة، فيمكنهم اللجوء إلى الواجهة البحرية أو إلى الكورنيش كما يقول البعض الذي يقدم ما لذ وطاب من المحلات والمطاعم والمقاهي التي لا تغلق أبوابها أحيانا أيام الصيف.

وللهاربين من الواجهة السياحة الرطبة ليلا، يمكنهم اللجوء إلى الحديقة العامة على الخط الساحلي نفسه التي تضم متحفا للعلوم الطبيعية وحديقة للحيوان ومسرحا للمهرجانات والحفلات الموسيقية الدولية. وتعتبر الحديقة متنفسا ورئة المدينة وسكانها من المحليين والسياح، بهوائها النظيف وجمال أشجارها. وتضم الحديقة عددا كبيرا من الأنواع النباتية وخصوصا الأشجار والزهور وعلى رأسها أشجار السرو والصنوبر والشربين والزيتون، وعدد لا بأس به من الحيوانات والطيور في الحديقة مثل النسور والبجع والقرود والأسود والغزلان والنعام والنمور. وتضم بعض الحدائق العامة على الواجهة البحرية مجموعة كبيرة من التماثيل التي قام بنحتها وإنتاجها نحاتون من عدد كبير من البلدان وعلى رأسهم اليونان ومصر وألمانيا وغيره.

وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن تاريخ المدينة يعود إلى القرن العاشر، حيث بناها البيزنطيون بين بلدتي أماثيوس وكوريون، بعد تدمير أماثيوس نهاية القرن الثاني عشر على يد ريتشارد قلب الأسد. ومع هذا، فإن الآثار والقبور تشير إلى وجود تجمع سكاني في الموقع منذ أكثر من ألف سنة قبل الميلاد. ولا تزال بقايا أماثيوس منتشرة في موقعها القديم بعواميدها القليلة الصامدة، ويقال إن أدونيس جاء منها وهو الذي أطلق عليها اسمها تيمنا باسم أمه أماثيوس. وكان سكانها من سكان جزر بحر إيجة شمالا.

أما كوريون، فلا يزال مسرحها العظيم أو مدرجها الكبير ماثلا للعيان وهي تحفة أثرية تعبر عن مراحل عدة إغريقية ورومانية وبيزنطية شرقية. ويقال إنها تأسست أيام الحروب مع الفرس. وفيها معبد أو حرم الإله أبوللو ومكان للديانات القديمة يعود تاريخه إلى ستة آلاف سنة. بأي حال، فإن المدينة وقعت بعد قضاء ريتشارد قلب الأسد على الحقبة البيزنطية فيها في يد الملك الألماني فريدريك الثاني الذي احتلها بسبب رفض حكامها المحليين الحرب ضد المسلمين بدايات القرن الثالث عشر.

وبعد أن أصبح مرفأ المدينة وميناؤها الكبير منطقة يلجأ إليها القراصنة والمهاجمون على مناطق المسلمين في الشرق، شن المماليك من مصر حملة ضخمة عليها ودمروها واحتلوا قلعتها ودمروا بقية المدن والمراكز الرئيسية في قبرص كلارنكا وفاماغوستا عام 1424 وتركوها خرابا قبل أن يرحلوا من جديد. وبعد ذلك وعام 1489 باعت ملكة قبرص كاثرين كورنارو جزيرة قبرص إلى مدينة البندقية. وبقيت المدينة مكانا لجني الضرائب والاستغلال من قبل أهل البندقية الذين أحرقوا القلعة قبل وصول الأتراك عام 1570. وظلت تحت حكم الإمبراطورية العثمانية التي حولتها لاحقا إلى مركز تعلمي مهم، حتى مجيء البريطانيين عام 1878 والكولونيل وارنر. ويقال إن سكان المدينة كانوا يبنون بيوتهم واطئة ليمنعوا خيالة الأتراك من المرور فيها وعبورها.

ومع مجيء البريطانيين، نفضت المدينة عنها حلتها القديمة مع تركيا وأصبحت مدينة حديثة منتظمة الشوارع ونظيفة ومرتبة ومضاءة في الليل. وعبر البريطانيين أيضا أصبح هناك إدارة ممتازة ومحطات للمواصلات ومركز للبريد والتلغراف والكثير من الصحف المحلية.

كما أثر البريطانيون كثيرا في الحياة الثقافية الحديثة لأهل المدينة من النواحي الموسيقية وصالات العرض والجمعيات الخيرية ونوادي كرة القدم والمدارس والمسارح.

وتشهد المدينة أيضا ولغايات سياحية بحتة الكثير من المهرجانات التقليدية الكبيرة التي يرتدي فيها السكان ملابس معينة ويلعبون على الآلات الموسيقية التقليدية ويقدمون خلالها ما لذ وطاب من مشروبات الجزيرة الروحية ومآكلها الطيبة. وهناك مهرجانات للدراما اليونانية القديمة.

من فنادق ليماسول: - فندق «لي مريديان ليماسول سبا آند ريسورت» (Le Meridien Limassol Spa and Resort) - العنوان: Old Limassol/ Nicosia road, 3308 Limassol - عدد الغرف: 329 غرفة - من فئة 5 نجوم - ابتداء من 134 يورو لليلة الواحدة. جزء من سلسلة مريديان للفنادق. هذا الفندق من الفنادق المثالية للعائلات والأفراد الباحثين عن مكان واحد للتمتع بأشعة الشمس والسباحة في فصل الصيف، فهو أشبه بقرية في جزر الكاريبي تتوسطها بركتين دائرتين كبيرتين للسباحة مع المقاهي والمطاعم والحدائق الخاصة. وتصل مساحة الفندق أكثر من مائة ألف متر مربع ولديه شاطئه الخاص به. ويعرف الفندق جدا بعالم العلاج بالمياه المعدنية ومأكولاته القبرصية اليونانية التقليدية اللذيذة. بالإضافة إلى الكثير من الخدمات الممتازة رغم غلاء أسعارها.

- فندق «لويس أبولونيا بيتش» (Louis Apollonia Beach) - العنوان: Georgios A Str., 4048 Limassol - Lemesos - عدد الغرف: 204 غرف - من فئة 5 نجوم - ابتداء من 97 يورو لليلة الواحدة. جزء من سلسلة لويس للفنادق القبرصية. يقع الفندق على الواجهة البحرية للمدينة، ومع هذا يمكن للمقيمين اختيار الغرف المطلة على المناطق الجبلية بدلا من المتوسط. ومن المعروف أن غرف الفندق كبيرة وواسعة ومريحة. ويضم الفندق الحديث الكثير من الخدمات الرياضية والسياحية والترفيهية والصحية. وهو محاط بأشجار النخيل والحدائق وأمام مارينا جميلة وصغيرة. وفي الفندق الذي لا يبعد عن وسط المدينة التجاري أكثر من خمسة كيلومترات، مطعمان الأول للمأكولات القبرصية التقليدية والثاني للمأكولات الدولية المعروفة والمآكل السريعة. لكن، هناك خيارات كثيرة أما المقيمين من ناحية الطعام.

- فندق «غراندريسورت» (GrandResort) - العنوان: 127, Amathountos Street, 4533 Limassol - عدد الغرف: 255 غرفة - من فئة 5 نجوم - ابتداء من 120 يورو لليلة الواحدة.

هذا الفندق أيضا من فنادق منطقة أماثيوس القريبة من ليماسول والفاخرة والممتازة. ويضم الفندق حديقة استوائية نخلية رائعة على الشاطئ ومركزا للتسوق وناديا للأطفال ومركزا ضخما للمؤتمرات والحفلات يعتبر الأكبر في قبرص. وفضلا عن الموسيقى الحية خلال الليل أيام الصيف يمكن التمتع بالسينما الخارجية في الهواء الطلق. وفضلا عن المقاهي والمطاعم الممتازة في الفندق، يمكن للمقيم اللجوء إلى غرفه وشرفاته الجميلة أو اللعب بألعاب الكومبيوتر وغيره من وسائل الاسترخاء.