«دهب» تنقذ سياحة الغوص وتجدد إيقاعها للزائرين في العام الجديد

بعد أن داهمتها أسماك القرش بشرم الشيخ

ممشى فريد على البحر في دهب ينافس خليج نعمة بشرم الشيخ («الشرق الأوسط»)
TT

ما إن تطأ قدماك شواطئ «دهب» حتى تشعر بأنك انتقلت إلى قطعة من الجنة، فالرمال الصفراء التي تشبه الذهب، والتي كانت السبب وراء تسمية المدينة، مع المياه الفيروزية للبحر الأحمر، ومن خلفها الجبال، تخلق مشهدا بديعا قلما تراه في مكان آخر.

«دهب» تلك المدينة الأشهر في سيناء بعد شرم الشيخ، بدأت مؤخرا في التحول إلى أن تصبح المدينة السياحية الأولى في سيناء، بسبب ظهور أسماك القرش قرب سواحل شرم الشيخ، الأمر الذي أدى إلى نقل جميع أنشطة الغطس والرياضات المائية إلى «دهب» التي تقع على بعد 100 كيلومتر شمال شرم الشيخ.

تتكون دهب من قريتين، القرية الأولى وهي القرية البدوية واسمها «العصلة» وتقع في النصف الجنوبي، بينما تعتبر القرية الثانية هي الجزء التجاري والإداري لدهب، وتقع إلى الشمال، وكانت حتى منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي يسكنها صيادو السمك، ومع النمو السياحي في سيناء في ذلك الوقت اهتمت بها الحكومة المصرية وقامت الفنادق والقرى السياحية، وتدريجيا بدأت تدخل على الخريطة السياحية في سيناء حتى احتلت موقعا متميزا بسبب كثرة الأماكن التي تصلح للغطس بها.

تبعد دهب عن الحدود مع إسرائيل نحو 140 كيلومترا، وتعد مدينة إيلات هي أقرب مدينة إسرائيلية لها‏، وفي الطريق إلى الحدود توجد جزيرة كورال التي بنى الصليبيون فيها قلعة حربية ما زالت بقاياها موجودة.

وقد بدأت محافظة جنوب سيناء منذ فترة في تنفيذ خطة لإعادة تطوير دهب تمهيدا لاشتراكها في مسابقة أفضل مدينة على مستوى العالم، التي سبق أن فازت بها شرم الشيخ.

وتتضمن خطة تطوير دهب استكمال الممشى السياحي العالمي الذي أقيم على غرار ممشى «خليج نعمة» الشهير بشرم الشيخ، بجانب إزالة العشوائيات بوسط القرية، ومنح البدو قروضا ميسرة تسدد على 40 عاما بفائدة بسيطة لإعادة بناء مساكنهم قرب المنطقة السياحية بشكل جمالي فريد.

تمتاز دهب بجوها المعتدل على مدار 270 يوما في العام، إذ تتراوح درجة حرارتها بين 20 و30 درجة مئوية أغلب العام، مما يجعلها مناسبة لأنشطة اختراق الرياح والقفز بالمظلات والرياضات المائية المتنوعة، كما تمتاز أيضا بأن أسعارها أرخص نسبيا من بقية المناطق السياحية بسيناء، ويمكن للسائح فيها أن يمارس الغطس والسفاري ويستمتع بالمنتجعات الصحية، كما يمكن فيها ممارسة رياضة القفز بالمظلات، التي تنتشر مراكز التدريب عليها وممارستها في أنحاء المدينة.

وتنفرد دهب ببعض الرياضات المائية عن بقية المدن السياحية الأخرى، مثل ركوب الأمواج أو ركوب المراكب الشراعية، والسبب في ذلك هو أن سرعة الرياح في دهب كبيرة لأن الجبال تحيط بها من جهات كثيرة، فتحدث أماكن ضغط منخفض وأخرى ضغط مرتفع مما يساعد على سرعة حركة الرياح.

ويزور مدينة دهب أعداد كبيرة من السائحين من مختلف دول العالم؛ إذ توجد بها أماكن إقامة تناسب كل المستويات بدءا من الفنادق ذات النجوم الخمسة مثل «هيلتون» و«الميريديان»، «اكور»، «سويس إن»، وصولا إلى المخيمات البدوية التي تكون الإقامة بها في خيام وأكشاك مُصنعة من الخشب وجريد النخيل.. ومن أشهر الأماكن في دهب:

محمية نبق: تقع على بعد 30 كيلومترا شمال دهب، وتتميز بالتنوع الفريد بين البيئة الصحراوية والجبلية والوديان المليئة بالنباتات الطبيعية وأيضا نبات المانجروف الذي ينمو على رمل شاطئ البحر بكثافة، بالإضافة إلى أن قاع البحر بتلك المنطقة يحتوى على نوعيات متعددة وفريدة من الشعاب المرجانية والأسماك الملونة.

وتوجد في المحمية أيضا أنواع فريدة من الحيوانات البرية مثل الغزلان والوعل والضبع والزواحف والكثير من الطيور المهاجرة والمقيمة بالإضافة إلى اللافقاريات. وتشتهر هذه المنطقة أيضا برحلات السفاري التي ينظمها البدو المقيمون في المنطقة.

محمية أبو جالوم: تقع على خليج العقبة شمال دهب، ولكن الجديد في تلك المحمية أن الذهاب إليها يتطلب استخدام عدة وسائل مواصلات تبدأ بسيارات الدفع الرباعي مرورا بالجمال والخيول وصولا إلى المشي على الأقدام في بعض المناطق الوعرة.

وتتميز هذه المنطقة بنظام بيئي متكامل، ومن أشهر معالمها وجود أكثر من 165 نوعا من النباتات، تنفرد «أبو جالوم» بـ44 نوعا منها. كما توجد في «أبو جالوم» أيضا عدة مواقع للغطس، مثل «طرف الريح» و«العميد» و(رأس مملح) التي يصل عمقها إلى 100 متر تحت سطح الماء.

*جزيرة فرعون: ويمكن الوصول إليها عن طريق الرحلات البحرية من دهب وهي تشرف على خليج العقبة من جوانبه المختلفة، حيث المملكة العربية السعودية والأردن ومصر ويوجد بها مرسى لليخوت والمراكب، وتشتهر أيضا بقلعة صلاح الدين التي بناها صلاح الدين الأيوبي سنة 1170م.

الكهف الأزرق: يقع على بعد 10 كيلومترات شمال دهب، ويعد من أجمل مناطق الغوص في العالم بسبب احتوائه على مجموعة نادرة من الأسماك الملونة ويبلغ عمقه 60 مترا.

الكانيون: هو كهف داخل البحر عمقه 52 مترا، وتوجد فتحته على عمق 20 مترا ويقع على بعد 14 كيلومترا شمال دهب، ويقصده السياح للغوص لأنه غني بالشعاب المرجانية الجذابة.

لايت هاوس: منطقة جذابة لممارسة الغطس بسبب وجود شعاب مرجانية نادرة بها بالإضافة إلى الأسماك التي لن تراها إلا في دهب. منطقتا ايل غاردن والواحة: وتتميزان بوجود أنواع كثيرة من الأسماك النادرة التي تعيش بين الشعاب المرجانية وتعد مشاهدتها من الأشياء المفضلة لمحبي الغطس.

منطقة المليل: وهي طريق يوازي طريق الساحل يضم بعض الفنادق الصغيرة والكافيتريات والمنازل، كما تعتبر منطقتا المسبط والمشربة من أهم المناطق التجارية والسياحية الرئيسية بدهب وتبدأ بشارع الفنار ثم خليج المسبط، وتضم مجموعة كبيرة من المحلات ونوادي الغوص والكافيتريات والمخيمات والفنادق، وبها أيضا الأثر الوحيد الموجود في دهب وهو تل المشربة وهو عبارة عن مخازن خاصة بأحد الموانئ القديمة، أما مدينة دهب فهي تضم الهيئات الحكومية والفنادق الكبرى وعدد من مساكن الموظفين، ويوجد في دهب خليجان هما القورة الذي يقع وسط المدينة، وغزالة.

ونظرا لمناخها المعتدل طيلة العام يفضل الكثيرون الذهاب إلى دهب في الشتاء، فهو يمنحها جاذبية خاصة، وتبدو الحياة فيها سلسة على الفطرة، خاصة مع فضاء الصحراء المفتوح على زرقة البحر والشمس الحانية، وجو البدو وطعامهم الذي يتمتع بنكهة ومذاق خاصين.