أسبوع سياحي لبناني بامتياز

خيارات متنوعة تجمع بين متعة الثقافة والترفيه والسهر والتسوق

لبنان وجهة السياحة الاثرية وعنوان الرفاهية والراحة
TT

أن يكون لبنان الوجهة التي يقرر أن يقصدها أي سائح لقضاء أيام العطلة، الصيفية منها أو الشتوية، فهذا يعني أنه سيكون بالتأكيد على موعد مع سياحة من نوع آخر تزخر لحظاتها بأوقات ممتعة تجمع بين الثقافة والترفيه والسهر، إضافة إلى التسوق وتذوق أشهى المأكولات اللبنانية منها والعالمية. ورغم صغر مساحة بلد الأرز الذي يتميز بمواقع أثرية مهمة وعادات وتقاليد ومراكز ترفيه تستحق الزيارة، فعلى السائح أن يدرك كيفية الاستفادة من وقته ليشبع شغفه قدر الإمكان والتعرف على أهم معالمه. وقد تكون مدة أسبوع من الزمن كفيلة إلى حد ما لزيارة أهم المناطق والمواقع والتمتع بروح هذا البلد الاجتماعية والتعرف على تاريخ أبنائه وحاضرهم.

وبما أن السياحة الثقافية لا بد أن تأتي في سلم أولويات السائح لرسم صورة مختصرة عن البلد المقصود، ففي لبنان لهذه المواقع عناوينها المعروفة، وأهمها المتحف الوطني الذي يحضن حضارات الشعوب التي وفدت إليه على امتداد الزمن، وصار يشكل ما يشبه الخريطة الكاملة لقراءة تاريخ لبنان من خلال كنوزه الأثرية التي يعود تاريخها إلى ما بين العصر البرونزي والعصر المملوكي ووضعت في قاعات صممت بتقنية وتناغم بين كل التفاصيل وشكلت مجتمعة صرحا تراثيا.

وللبنان أيضا مواقعه الأثرية الموجودة في بعض المناطق والتي لا تزال شاهدة على حضارات مرت عليه وكتبت تاريخه، ومن أهمها قلعة بعلبك التراثية في محافظة البقاع التي لا تزال شاهدة على التاريخ الروماني في لبنان من خلال المعابد والهياكل التي شيدت في تلك المرحلة، وأصبحت اليوم مركزا ومحطة سنوية تستقبل المهرجان الفني الذي يحييه فنانون عرب وأجانب. وفي المحافظة نفسها، تقع أيضا قلعة عنجر التي بناها الأمويون في القرن الثامن ميلادي وقد أعلنتها منظمة «اليونيسكو» موقعا تراثيا عالميا عام 1984.

وفي جهة لبنانية أخرى، تكتسب منطقة جبل لبنان الجنوبي، ولا سيما منها قرى منطقة الشوف حيث اللوحة الطبيعية العذراء، موقعا مميزا في لائحة السياحة الداخلية، وبالتالي يستحق سائح لبنان أن يخصص يوما من عطلته للتنقل بين حنايا هذه المنطقة وتنشق هواءها النقي والعليل والتمتع بمناظرها الخلابة. وزائر المنطقة سيجد ضالته أيضا في المطاعم المنتشرة في عدد كبير من القرى والتي تحترف تحضير الأطباق اللبنانية وتقديمها. وفي منطقة الشوف أيضا يقع قصر بيت الدين، وهو من أهم المزارات السياحية في لبنان الذي يعتبر نموذجا مثاليا على العمارة اللبنانية في أوائل القرن التاسع عشر،‏ ‏وهو إلى جانب أهميته السياحية يحتضن المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية اللبنانية.

وليس بعيدا عن قصر بيت الدين وفي المنطقة نفسها، يقع متحف لبناني متميز من حيث محتوياته وقصة بنائه، تضم غرفه بين جدرانها مجسمات لشخصيات لبنانية وحكايات حياتهم من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بالإضافة إلى مجموعة من الأسلحة القديمة من العصر العثماني حتى الاستعمار الفرنسي، وتعد هذه المجموعة من أكبر المجموعات في الشرق الأوسط ويبلغ عددها 16 ألف قطعة. و«قصر موسى» هو نتاج عمل فردي لمواطن لبناني اسمه موسى شعبان بناه حجرا حجرا بيديه، تحقيقا لحلم طفولته فأصبح من أهم معالم لبنان السياحية، وقد استمرت مسيرة بنائه نحو الثلاثين عاما قبل أن يفتح أبوابه عام 1997 لاستقبال الزائرين.

وفي جبل لبنان الشمالي للسياحة حصتها المهمة أيضا، فمغارة جعيتا التي تعرف بلؤلؤة السياحة اللبنانية والتي في طريقها لتكون على لائحة عجائب الدنيا السبع، تقع على مسافة نحو 17 كيلومترا شمال بيروت ويحتضنها وادي نهر الكلب. تستقطب منفردة أكثر من ربع عدد سياح لبنان وتضم بين حناياها «مغارتين» سفلى وعليا. وتختزن المغارة السفلى نهرا جوفيا يمنح زائريها متعة التنقل على متون القوارب الصغيرة. وكانت قد شرعت أبوابها أمام الزائرين عام 1958 بعدما اكتشفها عام 1836 المبشر الأميركي وليام طومسون.

كذلك فالرحلة في «تلفريك لبنان» من جونية إلى موقع تمثال السيدة العذراء في حاريصا، والذي صار معلما من معالم لبنان، تمنح فرصة التمتع بمنظر أخضر خلاب على ارتفاع 550 مترا. وفي محطة حاريصا سيكون بالإمكان أيضا القيام بجولة سياحية صغيرة في محيط التمثال وتناول الغداء في المطاعم المجاورة.

ولمنطقة «جبيل الفينيقية» موقعها الذي لا يقابله منافس، فهي مدينة الأبجدية التي شهدت تعاقب الشعوب والحضارات، وليس حاضرها الذي يجمع بين الماضي والحاضر إلا عاملا أساسيا في جذب اللبنانيين والسياح على حد سواء. وموقع جبيل على البحر يمنحها خصوصية مميزة تنافس بها أجمل المناطق إضافة إلى كثرة عدد المنتجعات الصيفية والمطاعم المنتشرة فيها والتي تشتهر بتقديمها أشهى المأكولات البحرية. ومن أهم الآثار الموجودة في جبيل القلعة التي بناها الصليبيون في القرن الثاني عشر والمعابد الفينيقية إضافة إلى أحد أقدم المساجد الموجودة في لبنان. وللحارة الجبيلية القديمة موقعها المهم، وهي التي تعكس هندسة الأحياء خلال العهد العثماني وفي جوارها السوق التي تصنع فيها الحرفيات وتعرض فيها بعض البضائع والإنتاجيات الفنية اليدوية. وقبل مغادرة جبيل لا بد لزائرها أن يمر بمتحف الشمع الذي يضم تماثيل لعدد كبير من الشخصيات اللبنانية القديمة منها والحديثة.

وإذا كان موعد زيارة بلد الأرز في فصل الشتاء، فلن يكون أمام السائح أجمل من تمضية يوم كامل تحت سماء منطقة فاريا حيث الثلج يغطي المكان بلوحة طبيعية رائعة، وممارسة هواية التزلج في أحضانها. كذلك، فمن يهوى تمضية ليلة شتوية دافئة محاطا بهذا المنظر الخلاب فسيجد ضالته في فنادقها التي صممت خصيصا لهذا الهدف.

وفي محافظة الشمال، مناطق لبنانية عدة لكل منها خصوصيتها السياحية التي تستحق الزيارة، وأهمها «البترون» التي تضج بالحياة ليلا ونهارا نظرا إلى انتشار المطاعم والمقاهي والحانات التي تستقطب الرواد اللبنانيين والأجانب. ولعاصمة الشمال طرابلس حصتها أيضا، ولا سيما على صعيد المأكولات، فهي التي تعتبر «عاصمة الحلوى» اللبنانية التقليدية ويقصدها اللبنانيون والعرب لتذوق صناعات أبنائها من الحلويات.

ولمن يحب السير على خطى موضة السياحة اللبنانية، فبإمكانه سبر أغوار السياحة الداخلية التي تندرج تحت عنواني البيئة والتقاليد. وتمثل هذه الرحلات القصيرة التي قد لا تزيد عن يوم أو يومين في عطلة نهاية الأسبوع ملاذا آمنا يمنح السياح فرصة اكتشاف خفايا تقاليد المناطق اللبنانية الاجتماعية والغذائية. ومن سيقرر خوض هذه التجربة، فسيجد مبتغاه لدى عدد كبير من المجموعات التي احترفت تنظيم هذه الرحلات في طرقات قديمة بين الجبال والقرى سيرا على الأقدام.

وفي الصيف، أيضا، للبحر موقعه بل مواقعه اللبنانية المتعددة، فالمنتجعات الصيفية التي لا تقل أهمية عن الفنادق ذات الـ5 نجوم تتسابق على تقديم أفخم الخدمات وتتوزع في عدد كبير من المناطق اللبنانية، وأهمها على ساحل جونية وجبيل ومنطقة الجية في جبل لبنان.

ومن يريد التوجه جنوبا، فسيكون أمامه خيار زيارة مدينة صور البحرية التي تتميز بنقاوة بحرها الذي يقصده اللبنانيون من مختلف المناطق، إضافة إلى بعض المواقع الأثرية التي كانت سببا في إدراج هذه المدينة على لائحة مواقع التراث العالمية عام 1979. من دون أن ننسى مطاعمها التي تحترف تقديم الأطباق اللبنانية والبحرية منها بشكل خاص.

وبعدما تكتمل الخطة السياحية، لا بد لخطة التسوق أن تكون حاضرة وبقوة في برنامج الزيارة. فلبنان صار عنوانا لآخر صرعات الموضة، لا سيما أن دور أزياء عالمية فتحت فروعا لها في بيروت. ولهواة التسوق عناوين مهمة، تتوزع في كل المناطق، وعلى رأسها منطقة وسط بيروت التي صارت تضم عددا كبيرا من المحلات التجارية على اختلاف أنواعها وفئاتها، مع العلم أن وسط العاصمة يعتبر محطة لا بد منها في برنامج السائح، بعدما أعيد بناء أبنيته التي صارت تعتبر من أغلى العقارات في لبنان وأفخمها، ويرتكز فيه أهم الشركات العالمية والمحلية، إضافة إلى مبنى مجلس النواب اللبناني ورئاسة الحكومة، وتكثر فيه أهم المطاعم على اختلاف هوية مطابخها وأماكن السهر.

كذلك تندرج مناطق أخرى في لائحة عناوين التسوق، وأهمها منطقتا «فردان» و«الحمرا» إضافة إلى بعض المجمعات التجارية، مثل الـ«ABC» في منطقة الأشرفية في بيروت و«Le Mall» في الحازمية و«City Mall» في شمال بيروت.

ولليل لبنان وسهراته التي يحترفها اللبنانيون بعدما تحولت إلى «معلم» من معالم حياتهم اليومية عناوين كثيرة تتوزع في مناطق عدة وتتنوع على اختلاف هوية مأكولاتها وأجوائها الموسيقية وأهمها، الجميزة والحمرا ومونو في بيروت وجبيل والبترون، إضافة إلى الحفلات العربية التي يحييها فنانون عرب في فنادق لبنانية عدة.