«الحديقة النباتية» بالصوت والضوء لدعم السياحة في أسوان

لإضفاء مزيد من الإبهار على زوارها الأجانب ليلا

مجموعة من السياح بالحديقة («الشرق الأوسط»)
TT

تناثرت أضواؤها على صفحة نهر النيل الخالد لتعكس تشكيلات ضوئية لأشهر نباتات استوائية في العالم وتروي تاريخ أشجار ونباتات عمرها 113 عاما احتضنتها الحديقة النباتية بأسوان، جنوب مصر على بعد 878 كيلومترا من العاصمة المصرية القاهرة.

ولإضفاء نوع من الإبهار على الوفود السياحية التي تزور الحديقة العالمية يوميا، أطلقت الحكومة المصرية مؤخرا مشروع الصوت والضوء للحديقة ليعد أول مشروع من نوعه تنفذه الحكومة المصرية في الحدائق العامة، بعد نجاحها في تنفيذه بخمس مناطق أثرية هي: «أهرامات الجيزة، ومعبد الكرنك في الأقصر، ومعابد فيلة وأبو سمبل وحورس بإدفو في أسوان»، وسط عشرات السائحين الذين شاهدوا إضاءة الأشجار واستمعوا لتاريخ الحديقة وأشهر زوارها ونباتاتها، وأعربوا عن سعادتهم بالعرض التأريخي للحديقة، في احتفالية أقيمت مؤخرا بالحديقة النباتية، ووقفوا منبهرين بالأضواء التي كست أنحاء الحديقة والنيل، ليستمعوا إلى شرح عن تاريخ الحديقة وأشهر نباتاتها وزوارها.

ويهدف مشروع الصوت والضوء للحديقة النباتية أشهر حدائق العالم، التي تقع في موقع فريد على جزيرة في وسط النيل على مساحة 17 فدانا، لجذب مزيد من الرحلات السياحية التي تزور مصر خاصة خلال الفترة المقبلة.

وللحديقة تاريخ ثري، إذ أطلق المصريون عليها قديما، اسم حديقة «السردار» نسبة للحاكم الإنجليزي، سردار الجيش، اللورد كتشنر الذي أنشأها، ويعد من أهم زوار حديقة النباتات جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند الأسبق، والملكة إليزابيث ملكة إنجلترا، وتيتو رئيس يوغوسلافيا الأسبق، وملك مصر فاروق الأول، وابنته الأميرة فريال، التي أطلق اسمها على إحدى الجزر المقابلة لجزيرة النباتات، وهي جزيرة فريال.

وعن بداية فكرة إنشاء الصوت والضوء في الحديقة النباتية، قال محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد لـ«الشرق الأوسط»: إن «مشروع الصوت والضوء الهدف منه إضفاء بريق وروح جديدة ليلا على أشهر حديقة نباتية في العالم، وإظهار الشكل الجمالي على المكونات الطبيعية للحديقة، ليتمكن السائح من زيارتها ليلا، والاستمتاع بإضاءتها، والاستماع إلى تاريخ أشهر نباتاتها من خلال البرنامج الصوتي»، لافتا إلى أنه إلى جانب إضاءة الحديقة، سوف تتم إضاءة البر الغربي للنيل بطول 8 كيلومترات بدءا من قرية غرب أسوان وحتى مقبرة أغاخان، ورفع مستوى الإضاءة بمقابر النبلاء والكوبري الملجم ومسجد الطابية (أشهر المساجد التاريخية) لإبهار الوفود السياحية التي تزور أسوان خلال الفترة المقبلة.

وأشار السيد إلى أن ذلك يتواكب مع خطة المحافظة لإبراز كافة المعالم السياحية للمدينة في بانوراما فنية تعكس مكانة أسوان باعتبارها مركزا لتلاقي الحضارات على مر العصور، موضحا أنه تم تنظيم الرحلات السياحية من قبل الشركات السياحية للحديقة في الفترة المسائية لتكون أحد المزارات المهمة المدعمة للسياحة الترفيهية.

وكانت حديقة النباتات تسمى قديما حديقة النطرون نسبة إلى أهالي النوبة الذين سكنوها في الماضي ثم تغير الاسم إلى جزيرة السردار نسبة لمقر القيادة للقائد الإنجليزي اللورد كتشنر المعتمد البريطاني لدى مصر أثناء حربه بالسودان في القرن الـ19 الميلادي ثم تغير الاسم للمرة الثالثة إلى جزيرة الملك في عهد الملك فؤاد الأول عام 1928، ومؤخرا أطلقت عليها وزارة الزراعة في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر اسم حديقة (جزيرة) النباتات.

والجزيرة عبارة عن حديقة في نيل أسوان على مساحة 17 فدانا، تحيط بها مياه النيل من كل الجهات، تكونت من رسوب الطمي الموجود في مجرى النيل، وكونت أروع المعالم السياحية التي يحرص جميع المصريين والأجانب على زيارتها أكثر من مرة إعجابا بما تحتوي عليه بأكثر من 380 نوعا نادرا من النباتات الاستوائية والمعتدلة، ويبلغ طول الحديقة 650 مترا وأقصى عرض لها 115 مترا ومقسمة إلى 27 حوضا، بكل حوض مجموعة متنوعة من الأشجار والشجيرات والنخيل والنباتات الاستوائية وشبة الاستوائية منها المعمرة منذ أن نشأت الجزيرة ومنها نباتات التربية الحديثة حيث يعتبر مناخها مثل صوبات التربية الخاصة للنباتات النادرة، ويكسو كل المشايات والممرات بالحديقة الجرانيت الوردي الأسواني الذي يرسم لوحة فنية رائعة مع النخيل الملوكي الشاهق بلونه الأبيض الرخامي على الجانبين لجذب أنظار الزائرين.

ومؤخرا تم عمل تطوير شامل للحديقة في الفترة الأخيرة لما تمثله من أهمية سياحية حيث تعتبر من أروع المزارات السياحية، نظرا لما تتمتع به الجزيرة من طبيعة خلابة وسط نهر النيل ومشاهدة النباتات النادرة، كما تم توسعة مراسي الحديقة وتطوير مرافقها بما يناسب المنظر الحضاري والسياحي لبلدنا مصر الحبيبة وخدمة لأكثر من 500 ألف زائر أجنبي ومصري سنويا.

وتعتبر الحديقة النباتية مؤسسة علمية نباتية لما تضمه من مجموعات نباتية متعددة ومتنوعة من النباتات الاستوائية وشبه الاستوائية وواحدة من أندر الحدائق النباتية في العالم كما أن تاريخها المتميز وطابعها الجمالي الخاص لكونها من أكبر وأجمل جزر النيل جعلها من المزارات السياحية المهمة في أسوان.

وفي البرنامج الصوتي للحديقة يستمع السائحون إلى حكي عن مجموعة النباتات المعمرة التي تنتمي إلى 250 جنسا و85 عائلة نباتية، حيث تم تقسيم النباتات في العرض إلى سبع مجموعات هي مجموعة الأشجار الخشبية وتشمل 32 جنسا منها الماهونجي الأفريقي والأبنوس وخشب الصندل والكافور والسنط، ومجموعة أشجار الفاكهة الاستوائية وتضم 20 جنسا مثل الباباظ والبشملة والكازميرو والجاك فروت، ويلي ذلك مجموعة النباتات العطرية والطبية التي تضم 16 جنسا أشهرها نباتات الليمون والزنجبيل والقرنفل والبردقوش والتمر هندي والدوم والخروب والكركديه والسواك وحصى ألبان والحناء والجاتروفا، إلى جانب مجموعة نباتات التوابل مثل الفلفل الأسمر والشطة وغيرها ومجموعة نباتات الألياف، وكذا مجموعة نباتات الزينة مثل نباتات الداخلية: الدراسينا والكروتن والقشطة، ونباتات المتسلقات: الجهنمية والفضية، ونباتات مزهرة: الجربيرا والجارونيا والوينكا روزا، ونخيل الزينة والشجيرات المزهرة: الفل والورد، ومجموعة النباتات الزيتية: الزيتون ونخيل الزيت ونخيل جوز الهند، ومجموعات النخيل: البلح والدوم والدوليب وجوز الهند ونخيل الزيت والملوكي السيكاس والرايس والسابال النخيل السكري، والنباتات الطبية والعطرية: الحناء والتمر الهندي والكركديه وحلف ليمون وحصى البان والأكسورا والريحان والسواك والمواريا، وصولا إلى الأنواع النادرة: الدوم والجاك فروت والنيم والماهوجني الأفريقي والأوجنينات.

وأعرب السائحون عن سعادتهم بمشروع الصوت والضوء، وأكدت بولينا أوسكار (سائحة أميركية) أن إضاءة الحديقة سوف تتيح للكثير من الأفواج زيارتها ليلا، نظرا لعدم تمكن الكثير من الأفواج زيارة الحديقة نتيجة عدم وجود صوت وضوء بها، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «إضاءة الحديقة النباتية، تتيح لنا زيارتها ليلا، والتمتع بمشاهد النيل الرائعة، ومناظر الأشجار التي تتلألأ في ظلام الليل»، على حد تعبيرها.

وأضافت أننا كنا نعاني من عدم وجود تأريخ للحديقة، وخاصة للأشجار النادرة، لكن بعد إدخال الصوت في الحديقة، أصبحنا نتمتع بالعرض الذي يضم معلومات مهمة على أهم أنواع النباتات في العالم.

وعلق جون بولوا (سائح أميركي) قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «سعدنا بالعرض الليلي للحديقة، وعكست قصص الأشجار بانوراما تاريخية لأول مرة في مصر»، لافتا إلى أن زيارة الحديقة ليلا أفضل بكثير من زيارتها نهارا، موضحا أن الكثير من السائحين أعجبوا بالعرض التأريخي للحديقة.