رحلتنا اليوم إلى أروع وجهات النصف الجنوبي للكرة الأرضية، أستراليا، بلاد الشمس والود والترحاب والطبيعة الغناء، إنها القارة الأقدم على كوكب الأرض التي ظلت منعزلة عن باقي أنحاء العالم لنحو 50 مليون سنة، فهي تقع في جنوب شرق آسيا على غرب المحيط الهادي، تشتهر بتاريخ سكانها الأوائل أو الشعوب الأصلية «الأبوريجينال» التي هاجرت إلى تلك القارة عندما كانت المياه حولها ضحلة ولكن سرعان ما ارتفعت المياه المحيطة وعزلت هؤلاء الوافدين من الاتصال بمواطنهم الأصلية وأصبحوا معزولين داخل موطنهم الجديد، والحاجة والصراع من أجل العيش والبقاء على قيد الحياة، جعل من هؤلاء السكان صيادين ماهرين ومزارعين من الطراز الأول.
ومن تاريخ العزلة إلى حاضر الانفتاح على العالم والجذب السياحي خاصة مع تطور أساليب السفر والتنقل، فمما لا شك فيه أن المسافة المطلوبة للوصول إلى أي مدينة في أستراليا قد تجعلك تفكر مرارا وتكرارا في ضرورة الرحلة وأهميتها، ولكن ما أن تصل إلى تلك البلاد الخضراء الشاسعة التي تأخذ منها الشمس موطنا شبه دائم لها، سوف تشعر أنك قمت بالقرار الصحيح وأن زيارة أستراليا تستحق العناء لأنها بلاد بعيدة بفعل الجغرافيا غير أنها قريبة من قلب السائح.
فبعد نحو 7 ساعات من الطيران من لندن إلى دبي، تابعت الرحلة على متن طائرة «طيران الإمارات» التي تسير رحلات مباشرة ومن دون توقف إلى مدينة برزبن في أستراليا، ومرت نحو 13 ساعة كالحلم ووصلنا في الصباح الباكر في التوقيت المحلي للمدينة الذي يسبق بواقع 10 ساعات التوقيت الصيفي في لندن، وفارق التوقيت يجعلك تشعر كأن الرحلة استغرقت يومين كاملين من السفر.
برزبن هي عاصمة ولاية كوينزلاند وأكبر مدن الولاية من حيث عدد السكان وهي تقع بالقرب من المحيط الهادي على ضفاف نهر برزبن، وهي جارة السهول بين خليج موريتون وسلسلة جبال غريت دفايدينغ إلى الجنوب الشرقي من كوينزلاند.
أطلق على المدينة اسم برزبن تيمنا بالحاكم الاستعماري والفلكي الاسكوتلندي السير توماس برزبن الذي كان يشغل منصب الحاكم لولاية نيوساوث وايلز بأستراليا. ويطلق أهل المدينة عليها اليوم اسما محليا يعرف بـ«بريسي»، وبدلا من قضاء الأيام الأولى في المدينة كان القرار هو التوجه إلى منتجع تانغالوما الذي يقصده أهالي كوينزلاند بشكل عام وسكان مدينة برزبن بشكل خاص، في عطلة نهاية الأسبوع، كما أصبح ذلك المنتجع معروفا بجذبه اللافت للسياح من كل بقاع العالم الباحثين عن الراحة التامة، والعائلات التي تسعى إلى إسعاد الصغار في أجواء من الترفيه والتثقيف والتسلية بنفس الوقت، والأهم من هذا كله تمضية العطلة في أجواء آمنة.
فعلى مسافة نحو الساعة من مرفأ قريب من مطار برزبن الدولي وعند مصب نهر المدينة الرئيسي، تنطلق السفن السريعة بمواعيد معينة متوجهة إلى جزيرة موريتون الحالمة، وبعد رحلة قصيرة تمتع ناظريك خلالها بمشاهد بعيدة من معالم المدينة وروعة عالم البحر وسكانه من دلافين وأسماك تصل إلى مرفأ صغير مخصص للقوارب متوسطة الحجم في الجزيرة. وسيكون طائر النورس بانتظارك والرمل الناعم بانتظار دغدغة قدميك، وبتنظيم ودقة تامة يتم توصيل أمتعتك إلى باب غرفتك، ولن يكون عليك إلا وضع إشارة على الحقيبة تحمل اسمك واسم النزل الذي اخترته في المنتجع، لتبدأ بعدها الإجازة بشكل تلقائي وعفوي بعيدا عن التعقيدات والرسميات التي تواجهها في بعض المنتجعات السياحية الساحلية حول العالم.
جزيرة موريتون هي محمية طبيعية وتتميز بتنوع معالمها الطبيعية التي تعطي السائح حرية الاختيار بين عدد كبير من النشاطات الرياضية وهي جزيرة رملية تنتشر فيها الكثبان الرملية واستمدت الجزيرة شهرتها من منتجع تانغالوما الساحلي الذي يضم عددا من الفنادق والشقق المفروشة من جميع الفئات لتناسب جميع الميزانيات، وعلى طول امتداد الشاطئ الذهبي الرملي تنتشر المقاهي والمطاعم التي تقدم المأكولات المحلية من أسماك وثمار بحر وغيرها من اللحوم مثل «الستيك» الذي يشتهر الأستراليون بتحضيره.
ومنتجع تانغالوما يشتهر كونه يركز على حماية ورعاية الدلافين التي درجت على عادة زيارة المنطقة القريبة من مرفأ الجزيرة في تمام الساعة السادسة والنصف مساء بانتظار إطعامها، وبدأت الدلافين في المجيء إلى تانغالوما منذ ستين عاما، وتناقل هذه العادة جميع أفراد عائلة الدلافين هذه، وهناك مركز خاص بإعطاء المعلومات عن حياة الدلافين، يشرح فيه اختصاصيون سمات وعادات الدلافين ويعرف الحضور على أفراد عائلة الدلافين التي تواظب على المجيء يوميا إلى الجزيرة بهدف الأكل وإبهار الحضور بشكلها الجميل.
ففي المساء توجهنا بالفعل إلى المرفأ وبعد وضع سروال وحذاء واق من المياه حصلنا على قطعة من السمك وتوجهنا إلى المياه الضحلة القريبة من الشاطئ وقمنا بإطعامها للدلافين ويوجد مصور فوتوغرافي محترف في المكان مهمته التقاط الصور التذكارية.
توجد في المنتجع مكاتب مخصصة لتقديم المعلومات عن النشاطات المتوفرة ويمكن حجز الكثير منها مثل «ديزرت سافاري» إذا كنت من محبي التزحلق على الرمال الناعمة، إذ تصل سرعتك على لوح التزحلق إلى نحو 40 كلم في الساعة. (38 دولارا أستراليا للشخص الواحد)، ومن النشاطات الأخرى التي لا بد من القيام بها قيادة سيارة رباعية الدفع صغيرة «إي تي في»، وبعد شرح قصير من المسؤول ووضع الخوذة على الرأس تنضم إلى قافلة من السائقين في رحلة في طرقات جبلية ورملية وعرة، إنها مغامرة رائعة بالفعل خاصة أنك سوف تتعرف إلى الجزيرة من أعلى نقطة فيها لتشاهد المياه الزرقاء الصافية تغازل الرمل الذهبي والخضرة الممتدة على طول الشاطئ الذي يزيد عن 34 كلم (الكلفة 58 دولارا أستراليا للشخص الواحد).
ومن النشاطات الجميلة والمثيرة التي يمكنك القيام بها على شاطئ تانغالوما، تجربة قيادة «السيغواي» وربما تكون قد شاهدتها في صور شهيرة للرئيس الأميركي السابق جورج بوش وهو يقود ما يشبه الدراجة الهوائية وتركبها بوضعية الوقوف وليس الجلوس وهي تلقائية الدفع تتحكم في سرعتها وحركتها عن طريق انحناء الجسم إلى الأمام (55 دولارا لمدة 25 دقيقة).
ولمحبي التعرف إلى الحياة البحرية يمكنهم الذهاب في رحلة يومية على متن قارب لمشاهدة الحيتان وستكون برفقة اختصاصيين بعالم البحار لتقديم المعلومات عن مختلف أنواع الحيتان التي تشاهدها خلال الرحلة (65 دولارا للشخص). وإذا أردت مشاهدة الجزيرة والمنتجع من أعلى يمكنك القيام برحلة استطلاعية على متن مروحية هليكوبتر تنطلق في أوقات محددة، (70 دولارا للشخص). وإذا كنت تفضل استكشاف الجزيرة بنفسك يمكنك استئجار مركبة رباعية الدفع مقابل 325 دولارا لليوم الواحد، لتكتشف معالم الجزيرة وتلالها على طريقتك الخاصة. النشاطات في المنتجع لا تحصى ولا تعد ومنها ما يناسب الصغار، وتوجد حضانات مخصصة للصغار يقوم فيها اختصاصيون بألعاب تناسب أعمارهم مع برامج لليوم بالكامل. (10 دولارات للطفل). هذا إلى جانب عدد كبير من النشاطات الأخرى مثل ركوب «الجيت سكي» و«بانانا بوت» والغطس «سكوبا دايفنغ» وتجربة الإبحار بالـ«كاياك» والتزلج الهوائي.
ويقدم المنتجع عددا كبيرا من النشاطات المسلية مجانا، مثل التنس والاسكواش وكرة السلة وكرة القدم.. وفي المساء يتم عرض فيلم سينمائي في الهواء الطلق وتقام حفلات كاراوكي.. إلى جانب تنظيم رحلات مشي على الشاطئ.
وفي أكشاك صغيرة تقدم علاجات التدليك والجلسات التجميلية بأسعار مدروسة جدا، وفي المنتجع أيضا محل مخصص للتصوير الفوتوغرافي تستطيع أن تشتري منه الصور التي التقطها لك المصورون خلال قيامك بمختلف النشاطات طيلة اليوم، كما يقدم مركز التصوير أيضا جلسات تصوير خاصة بالأصدقاء والعائلات تعتمد على نظام الخدع الفوتوغرافية (الفوتوشوب).
يضم منتجع تانغالوما 320 وحدة فندقية و7 أنواع من الإقامة يتراوح تصنيفها ما بين 3 و5 نجوم، ومن الممكن الإقامة في فندق على شكل استوديو من فئة 4 نجوم يتسع لـ4 أشخاص أو في جناح من فئة 4 نجوم فيه مطبخ صغير وكل حاجيات العائلة، وتوجد أيضا فيللات بمساحات أكبر تتسع لعدد أكبر من النزلاء (نحو 8 أشخاص)، إضافة إلى إمكانية النزول في فندق راق من فئة 4 نجوم أو في شقق مفروشة راقية جدا مطلة على البحر مباشرة مع إمكانية تأمين طاه خاص ومدبرة منزل للقيام بالأعمال المنزلية طيلة فترة الإقامة.
عند الحجز سيكون باستطاعتك حجز النشاطات الرياضية وبهذه الطريقة يمكنك التوفير من خلال الحصول على حزمات سياحية خاصة بالإقامة والنشاطات، كما هناك أسعار خاصة للعائلات.
* موقع جزيرة موريتون: 40 كلم إلى شمال شرقي مدينة برزبن الأسترالية
* المساحة: 185 كلم مربعا وهي ثالث أكبر جزيرة في العالم حجم المنتجع الطبيعي في الجزيرة: 98% العرض: 9 كلم المناخ: استوائي على مدى أيام السنة، في الصيف تتراوح درجات الحرارة ما بين 22 و30 درجة مئوية وما بين 12 و22 درجة في فصل الشتاء معلومات عن منتجع تانغالوما منتجع تانغالوما أشهر منتجع في جزيرة في برزبن، يستقبل نحو 100 ألف زائر في السنة.
قامت عائلة أوزبورن بزيارة المنتجع بين عام 1977 و1980 ووقعت العائلة في حب الجزيرة والنشاطات المتوفرة فيها وخاصة إطعام الدلافين في المساء، وفي ديسمبر (كانون الأول) 1980 قامت العائلة بشراء المنتجع بأكمله وكان حينها يعمل في المنتجع 27 عاملا فقط في حين يبلغ عدد العاملين اليوم في المنتجع 325 عاملا.
أسماء الدلافين التي واظبت ولا تزال تواظب على المجيء لأكل السمك في المساء: بيوتي وماتت عام 1995 وبيس وتوفي عام 2000، بوبو ولد عام 86 وتينكربيل ولد عام 90 وشادو ولد عام 94 ومات عام 2010 وراني ولد عام 92 وناري ولد عام 97 وتانغلز ولدت عام 2000 وستورم ولد عام 2004 وفينيكس ولد عام 2008 وسيلويت ولدت عام 2004 وزفير ولدت عام 2008 وكل الدلافين المذكورة هي من عائلة واحدة ما عدا الدلفين إيكو وهو يتيم الأم والأب ولكنه جاء إلى المنتجع مع بقية الدلافين وأصبح واحدا من أفرادها.
عناوين مهمة: www.tangalooma.com وwww.emirates.com