«الفلندرة» سفينة سياحية.. بطعم نيل القاهرة

تأخذك لأجواء ملكية وحفلات ترفيه متنوعة

الألمان والفرنسيون والبريطانيون والمصريون من بين أكثر الجنسيات التي تنزل في مآوي الشباب (تصوير: عبد اللطيف)
TT

من بين وسائل التنزه والترفيه الكثيرة التي يزخر بها شاطئ النيل بالقاهرة، تتمتع الرحلة النيلية على سفينة «الفلندرة» السياحية بمذاق خاص، يعيدك لأجواء الأبهة الملكية، وأصداء أزمنة منقضية لا يزال عبقها يشع في الذاكرة.

تقبع «الفلندرة» في بقعة من أجمل بقاع النيل بجوار «كوبري قصر النيل» الشهير المفعم بذكريات العشاق والمحبين، وتحظى السفينة بثقة مرتاديها كونها تابعة للقوات البحرية المصرية، كما يوجد بها استراحة تشمل جميع الأنشطة الترفيهية. وقبل نحو 60 عاما كانت ترسو في نفس المكان سفينة «قاصد خير» إحدى الوحدات النهرية الخاصة التابعة لممتلكات الملك فاروق، آخر ملوك مصر، وما إن يرتبط اسم فاروق بشيء حتى يضفي عليه لمسة من الفخامة والخصوصية، وهو ما ينعكس على المكان الذي روعي فيه طبيعة المناخ واستراتيجية الموقع في وسط نهر النيل.

يقول مدير سفينة «الفلندرة»، الكابتن طارق جمال: «(الفلندرة) سفينة حديثة، تم البدء في تشييدها منتصف التسعينات من القرن الماضي، وانتهى العمل فيها عام 2000 لتخرج للجمهور سفينة ساحرة ذات تصميم رائع ومميز، وملحق بها أمام المرسى (استراحة وناد اجتماعي)، يضم الكثير من المجالات الترفيهية والرياضية وقاعة لإقامة الحفلات والأفراح».

أما قيمتها التاريخية، فتعود إلى أكثر من نصف قرن؛ فعلى نفس هذا الرصيف الذي تقف عليه «سفينة الفلندرة»، اليوم، كان اللقاء الأول بين الملك فاروق و«الأميرلاي» جلال علوبة، عندما كان علوبة يعمل على اليخت الملكي «قاصد خير» بالقاهرة، وهي وحدة بحرية نيلية كانت مرابطة هنا، وفي أول لقاء وقفت سيارة سوداء أمام المرسى ونزل منها الملك فاروق والملكة فريدة، وكانت المرة الأولى التي يرى فيها الملك شخصيا، وكانت للجلسة بين الملك والمكلة فريدة خصوصية شعر علوبة بها من أول لحظة؛ فلم يشأ أن يفرض نفسه عليهما وأيقن أنه في حالة احتياج الملك له سيستدعيه، فأعجب الملك بهذه الشخصية ذات الأخلاق الرفيعة، فأصبح جلال علوبة قائد اليخوت الملكية، وبدأت علاقته بالملك عام 1945 على مرسى اليخت الملكي «قاصد خير»، وانتهت على اليخت الملكي «المحروسة» في نابولي بإيطاليا، فقد حرص فاروق أن يكون علوبة هو قائد رحلته الأخيرة، بعد تنازله عن العرش ومغادرته مصر.

يضيف الكابتن طارق جمال: «كان الملك فاروق يعتز جدا بيخوته الخاصة، وعلى رأسها (قاصد خير)، التي كان يحتفظ بها في هذا المكان لكي يتجول بها بين أحضان نهر النيل، وأحيانا كان يذهب بها في رحلاته إلى القناطر الخيرية، وما إن قامت ثورة 23 يوليو بإعلان النظام الجمهوري، حتى تم تسليم هذه السفينة إلى القوات المسلحة لتكون ملكا لشعب مصر هي وسفينة أخرى اسمها «فخر البحار»، وأبقي على سفينة «المحروسة» حتى غادر بها البلاد ليعود بها علوبة إلى مصر لتنضم لممتلكات الثورة.

هذه الذكريات الملكية لم يبق منها سوى رصيف مرسى هذه السفينة، وقد شيدت القوات المسلحة في نفس مكانها استراحة أطلقت عليها اسم «قاصد خير»، وأمام الاستراحة تتلألأ على صفحة النيل سفينة «الفلندرة»، ذات الطابقين، التي تقبع يوميا في انتظار روادها من الصباح إلى المساء، حيث تقوم إدارتها يوميا بثلاث رحلات؛ تبدأ الأولى من الساعة الثالثة عصرا والأخيرة في العاشرة والنصف مساء.

وللتمتع بأجواء النيل على السفينة، ينصح «طارق» بأفضلية الحجز مسبقا، كما أن سعر التذكرة للفرد على ظهر السفينة 96 جنيها (أقل من 20 دولار) تشمل البوفيه ويدفع للأطفال نصف تذكرة، وتنطلق السفينة من أجمل مكان في النيل، أمام «شيراتون الجزيرة» مباشرة، ليقضي روادها على متنها رحلة مدتها ساعتان لن ينسوها، على أنغام التخت الشرقي، كما يستمتعون ببعض الفقرات الفنية المتعددة، حيث يسحرك عازف العود وراقص التنورة، ناهيك عن الضحك مع نكات وإفيهات «المنولجيست».

أما بوفية الغداء أو العشاء، فيحوي 3 أطباق لذيذة ومتنوعة من قائمة واسعة من اللحوم أو الأسماك الطازج، وبإمكان الضيوف بعد تناول الطعام الصعود إلى الدور الثاني للاستمتاع بالهواء الطلق وتناول الحلوى والقهوة ومشاهدة النيل، حيث تمر الرحلة بكوبري الجامعة وقصر المنسترلي باشا في المنيل، وفنادق «فورسيزون»، «سوفيتيل»، «غراند حياة». يضيف مدير السفينة أنه بالإمكان إقامة أرقى حفلات الزفاف على ظهر السفينة، فهي تستوعب أكثر من 100 فرد. ويختم الكابتن طارق جمال حديثة، لافتا إلى أن اسم «الفلندرة» ربما يكون غير منتشر، إلى أنه أحد الألفاظ البحرية التي تعني الشريط، الذي يلف علم الجمهورية، والذي يزيد طوله كلما زاد عمر السفينة في البحر، وقد اختارته الإدارة ليدل على الخصوصية والتفرد اللذين يجب أن يحظى بهما.