إبيزا.. جنة المشاهير والأثرياء

كانت تعيش في ظل شهرة ماربيا واليوم أصبحت توازيها سمعة

لا تزال أكثر المنازل التي توجد على الجزيرة تحتفظ بشكلها وحجمها التقليدي
TT

ظلت ماربيا لسنوات طويلة مدينة إسبانية يختارها علية القوم من مختلف أنحاء العالم لقضاء إجازتهم، ولتوضيح الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها. إن لم تكن مدعوا إلى أي من مئات الحفلات التي تقام هناك في ماربيا فأنت بالتأكيد لست من أفراد الطبقة العليا. تخبرك الموانئ والمطاعم أن هذه المدينة لا تقل عن الريفييرا الفرنسية أو توسكانا الإيطالية في فخامتها، لكنها الآن صارت الاختيار الأول للـ«أبطال» الجدد.

واليوم تحولت مدينة إبيزا التي تقع جنوب إسبانيا بالنسبة إلى جزيرة صغيرة في وسط البحر المتوسط، شهيرة بفضل المشاهير، مثل اللاعبين الرياضيين أو المغنيين أو ممثلات هوليوود والسياسيين، وحتى بعض أفراد الأسرة الحاكمة في موناكو. تمتزج الروح القديمة لإبيزا بالأماكن العصرية.

أصبحت الجزيرة مقصد ووجهة الأثرياء. وأصبح إلزاما على مرشدي السياحة التوقف في الجزيرة بفضل زيارات لاعبين مثل بوجول أو بيك ولاعبي كرة السلة، مثل باو غاسول ومغنيين أو ممثلات مثل كاميرون دياز أو ديمي مور أو كيت موس.

لكن ما الذي تتميز به إبيزا لتحظى بهذه الأهمية؟

تشتهر هذه الجزيرة الصغيرة التي تتبع مايوركا بحياة الليل وشواطئها الرملية التي تجعلك تشعر بأنك في الجنة. لكن ليست الجزيرة مجرد ملهى عائم أو مطاعم تصدح بها الموسيقى الهادئة أو شرفات تطل على البحر، بل لها تاريخ طبيعي وثقافي مذهل قديم قدم حضارات البحر المتوسط نظرا لموقعها الجغرافي.

كان للفينيقيين واليونانيين واليونان والرومان والعرب مستوطنات على هذه الجزيرة. وبفضل هذا الماضي تعد إبيزا من مواقع التراث العالمي التي تُعرف بكنوزها الطبيعية والأثرية التي تجعل منها مزيجا من الروح العصرية، مع الاحتفاظ بقرى ومشاهد فريدة من نوعها.

وعلى السياح زيارة الجدران التي تعود إلى عصر النهضة وتحيط بالمدينة والقرية الفينيقية في ساكاليتا، ليتعرفوا على المكان التاريخي الذي تطأه أقدامهم.

لكن ليس من الضرورية زيارة المتاحف المهمة لمعرفة تقاليد الجزيرة، فالتجول حول أي قرية كاف لاكتشاف جمال المنزل التقليدي للأسرة في الجزيرة أو مجموعات من تلك المنازل بنيت معا.

لا تزال أكثر المنازل التي توجد على الجزيرة تحتفظ بشكلها وحجمها التقليدي، فعلى سبيل المثال يوجد في أغلبها أسقف بسيطة ريفية لتحمي من شمس الصيف الحارقة ومكان تدفئة صغير لشي اللحم، وكذلك أفران تقليدية وآبار غير مستخدمة. الأهم من ذلك هو لون البيوت؛ فهي خشبية بيضاء. لكل منزل من هذه المنازل التقليدية حديقة صغيرة يزرع بها أهل البيت خضراوات وأعشاب وشجر نخيل. وتمثل نوعا من العمارة يتكيف من الجو الحار خلال فصل الصيف والأمطار القليلة في فصل الربيع والجزء الدافئ الممطر في الشتاء بفضل الجدران السميكة والنوافذ الصغيرة.

كذلك من الضروري أن لا يفوت الزوار الذهاب إلى سانت لورانس دي بالافيا لزيارة أبراج بالافيا وسانتا أولاليا روي بروحها القديمة وسانت جوزيب أوف سا تالايا لمشاهدة منازلها التقليدية التي تقع على جبل يطل على البحر.

ومع ذلك تشتهر إبيزا على مستوى العالم بشواطئها الجميلة، ومنها شاطئ سيس سالينيس الذي من الممكن تقاسم المناشف والاستحمام فيه مع المشاهير. إنه شاطئ رملي طويل ذو انحناء يحيط به أشجار الصنوبر وكثبان رملية التي تبعد عن مدينة إبيزا بنحو 10 كلم. البحر شفاف مثل الكريستال دون رياح. وتتميز الجزيرة بمناخ رائع يغري بالاسترخاء والاستشفاء والسكينة.ويناسب هذا الشاطئ كل الزوار الذين يريدون اكتشاف جزء من المحمية الطبيعية في إبيزا، حيث يستطيعون التجول بدراجة أو سيرا على الأقدام. فضلا عن ذلك، من السهل العثور على المطاعم الرائعة التي يمكن تناول فيها وجبة غداء أو عشاء.

ليس شاطئ سيس سالينيس من الشواطئ الشهيرة في إبيزا. بالقرب من العاصمة ينصح بزيارة تالامانكا التي لا تصل إليها الرياح، حيث يحيط بها خليج. قد تكون مزدحمة قليلا، لكن ليس لها مداخل كثيرة وتناسب الأطفال لعدم عمقها. من الشائع مشاهدة الناس يبحرون في مختلف أنواع السفن والقوارب في تالامانكا. أفضل طريقة للوصول إلى هذه الشواطئ هي استئجار سيارة، وهي خدمة تقدمها الفنادق والمطارات. ومن السهل القيادة حول الجزيرة والتوقف في أي مكان ترغب في الاستمتاع به. لكن قبل الذهاب إلى أي شاطئ من الأفضل الاستفسار عن الأماكن السياحية في الفندق أو شركة سياحة، لأن هناك بعض الأماكن المخصصة للعراة مثل إيس كافاليتس. بفضل موقعها، تعد الجزيرة مقصدا للسياح الذين يرغبون في ممارسة أنواع مختلفة من الرياضات المائية، خاصة بعد يوم مشمس. وتمتد الكثير من المرافق التي تقدم خدمة الرياضات المختلفة على طول الساحل، ويستفيد الكثير من السياح من هذه الفرصة العظيمة للهروب من أشعة الشمس التي تكون حارقة أحيانا. فضلا عن المناخ الرائع والمشاهد المذهلة والشواطئ الطبيعية والبحر الصافي وحياة الليل والمطاعم الجيدة، تعد إبيزا جنة عشاق الطعام. على الرغم من أنها جزيرة صغيرة في البحر المتوسط، استغلت مواردها وثرواتها من خضراوات وأسماك ومأكولات بحرية ولحم على الوجه الأمثل. تشتهر إبيزا في المقام الأول بأطباق الأسماك والأرز، لكن يقدم هناك أنواع أخرى من اللحم مثل لحم الضأن والدجاج. كذلك يعد طبق «أروس سيك» (الأرز الجاف) و«لا فريتا باجيسا» (اللحم المقلي مع الخضروات) من الأصناف الأساسية على مائدة الغداء أو العشاء. ويحتوي كل من «جويستا دي بيكس» و«لا بوريدا دي راجادا» على نوع مختلف من الأسماك، وينصح بتناول أي منهما في يوم غائم أو في يوم لا تكون على عجلة من أمرك. في الواقع ينبغي القيام بكل شيء في إبيزا بتمهل، فأنت في بقعة من الجنة وينبغي أن تستمتع بذلك إلى أقصى حد.

* صحافية متعاونة مع «الشرق الأوسط» تعمل في صحيفة «الموندو» الإسبانية