عنابة الجزائرية.. جوهرة المتوسط

عبق التاريخ وألق الجغرافيا

طبيعة رائعة تجمع بين الساحل والجبل
TT

تعتبر عنابة، المشهورة أيضا باسمها السابق «بونة» من أجمل مدن الجزائر ومن أكثرها استقطابا للسياح، خاصة في فصل الصيف، حيث تجذب شواطئها الذهبية المتعددة، سواء في وسط المدينة أو في البلديات المجاورة لها، المصطافين، خاصة من شرق الجزائر. كما تتوفر المدينة على معالم سياحية أخرى بديعة سواء طبيعية مثل المرتفعات الجبلية في سرايدي، أو المعالم الهندسية الجميلة مثل كنيسة القديس أغسطين.

تقع عنابة في شرق الجزائر، قرب الحدود مع تونس، وتبعد عن الجزائر العاصمة بنحو 600 كيلومتر، وتعتبر رابع أكبر مدينة في الجزائر. تطل على البحر الأبيض المتوسط، ويعد ميناؤها من أهم الموانئ فيه.

يعود تاريخ تأسيس المدينة إلى القرن الـ12 قبل الميلاد، وقد أنشأها الفينيقيون، وأطلقوا عليها اسم «هيبون»، وكانت من أهم المواني الفينيقية في تلك الفترة.

وبسبب موقعها الاستراتيجي، سيطر عليها الرومان، وأطلقوا عليها اسم «هيبو ريجيوس» (أي هيبو الملكية). وفي القرون الثلاثة الأولى للميلاد كانت هيبو من أغنى مدن الإمبراطورية الرومانية.

وأصبحت هيبو ريجيوس مركزا مهما للفكر المسيحي، خاصة على يد القديس أغسطين (الذي ولد بمدينة بطاغست القريبة، سوق أهراس الجزائرية اليوم). ويعتبر القديس أغسطين (354 -430 ميلادي) من أكبر مفكري المسيحية، وقد أصبح أسقفا لهيبون منذ عام 396 الميلادي.

وبعد أن خضعت لحكم الوندال والبيزنطيين، فتحها العرب المسلمون عام 697.

وقد سماها العرب «عنابة» نسبة لأشجار العناب، المنتشرة بالمنطقة.

وقد احتل الفرنسيون المدينة عام 1832، وظلت تحت حكم الاستعمار الفرنسي حتى استقلال الجزائر عام 1962.

وتتوفر ولاية عنابة على عدد كبير من الشواطئ الخلابة، التي تمتد على شريط ساحلي بـ80 كيلومترا، ويضم نحو 15 شاطئا للسباحة من بينها المنظر الجميل؛ خروبة، ورفاس زهوان في المدينة وشواطئ أخرى بديعة خارجها مثل المرسى وشطايبي.

وبالإمكان ممارسة حتى السياحة الجبلية في عنابة، برحلة ممتعة في تليفيرك المدينة، الذي يمنحك فرصة التمتع بمناظر بديعة. وبالإمكان الصعود إلى قمة جبل سرايدي، البديع بخضرته وهوائه النقي ومناظره الخلابة.

وفي عنابة معالم تاريخية جميلة من بينها آثار قديمة خاصة العهد الروماني. ومتحف هيبون يحتوي على مجموعة من الآثار؛ منها تماثيل وأوان فضية ونحاسية ولوحات من الفسيفساء لمختلف الحقب التاريخية التي مرت بها المدينة. ومن بين أكثر المعالم جذبا في عنابة كنيسة القديس أغسطين على ربوة هيبونز وقد تم إعادة بناء كنيسة القديس أغسطين عام 1881 وبها تمثال للقديس من البرونز.

ومن المعالم المعمارية الأخرى مسجد أبي مروان، الذي بني في القرن الـ11 ميلادي، وهو من طراز أندلسي بني على أعمدة رومانية.

وتعتبر عنابة مدينة الثقافة الفنون والصناعات التقليدية، حيث إنها معروفة إلى جانب قسنطينة بأنها إحدى مراكز اللون الغنائي المألوف الأندلسي وبها عدد من الفنانين المشهورين في الجزائر في هذا الطابع التقليدي من بينهم حمدي بناني، وذيب العياشي ومبارك دخلة. والمدينة مشهورة أيضا بأنها مركز للإبداع الفني والموسيقي؛ فأشهر مغني راب في الجزائر هو ابن عنابة لطفي دوبل كانون، وبالمدينة واحد من أهم المسارح في الجزائر سواء من حيث المعمار، أو من حيث الإبداع المسرحي.

وأنجبت عنابة وألهمت الكثير من الأدباء المبدعين، وقد افتتن بها مثلا الكاتب الفرنسي (المولود بالجزائر) ألبير كامو.

والمدينة مشهورة بالعديد من المهرجانات الفنية المختلفة طوال أيام السنة، وتتوزع بين مهرجانات المسرح والأدب والموسيقى ومهرجانات الصناعات التقليدية. وتشتهر عنابة بصناعة اللباس التقليدي، خاصة ما يعرف باسم «قندورة القطيفة»، التي لا يكاد يخلو دولاب العنابيات منه.

وتتألق عنابة وتزداد بهاء في ليالي الصيف، حيث يتوافد المقيمون أو الزوار على كورنيش المدينة البحري الجميل، كما تستقطب ساحة وسط المدينة الشهير ساحة الثورة (الكور) الناس، خاصة في أمسيات الصيف ولياليه للتمتع بجلسات السمر هناك حتى آخر الليل، وتشتهر محلات المقاهي المنتشرة فيها بتقديم ألذ أنواع المثلجات (آيس كريم).

وتربط عنابة شبكة مواصلات جيدة بباقي مناطق الجزائر، كما أنها لا تبعد إلا بنحو 150 كيلومترا عن الحدود التونسية. وتتوفر المدينة على مطار دولي وبه عدد من الرحلات الدولية اليومية خاصة إلى العاصمة الفرنسية باريس وعدد آخر من المدن الفرنسية، كما أنها مرتبطة برحلات داخلية يومية مع الجزائر العاصمة.

وتتوفر المدينة على عدد من الفنادق من بينها فندق «ريم» الجميل المطل على البحر، وفندق «سيبوس» ذو الخمسة نجوم، في وسط المدينة.