في «متنزه كروغر».. لقاء مع الأسد في الصباح وآخر مع الفيل بالليل

أعجوبة الحياة البرية في جنوب أفريقيا

TT

من دبي كانت نقطة الانطلاق ومع «الإمارات للعطلات» بدأت العطلة، وبما أن شعار «الإمارات للعطلات» هو «طريقك إلى أروع العطلات»، فكانت وجهتنا جنوب أفريقيا، وبالتحديد مدينة جوهانسبورغ الملقبة بمدينة الذهب، التي يطلق عليها اسم «جوبيرغ» و«جوزي». وبعد 9 ساعات على متن طائرة «إي 380» التي يحلو لي تسميتها بالعملاق الطائر والتابعة لأسطول «طيران الإمارات»، مرت الساعات وكأنها لحظات، ووصلنا بعدها إلى مطار جوهانسبورغ وكانت أمطار الصيف الأفريقي بانتظارنا، وكانت الوجهة النهائية متنزه كروغر الوطني الذي يعتبر إحدى أشهر المحميات في العالم ويضم تنوعا كبيرا في الحياة البرية، الرغبة في رؤية الحيوانات عن قرب والتعرف إلى المحمية الطبيعية وتنشق الهواء النقي أنستنا صغر حجم الطائرة التابعة لشركة «تشيلي بيبير» التي تسير رحلات داخلية يمكن حجزها عن طريق المتنزه، فهي تتسع إلى 6 أشخاص، ومن الممكن حجز طائرة أكبر حجما إذا ما دعت الحاجة، وتستغرق الرحلة من جوهانسبورغ إلى «كروغر بارك» نحو الساعتين عن طريق الجو، وفي حال كنت تفضل السفر عن طريق السيارة فستغرق الرحلة نحو 7 ساعات.

بوابة من الحديد تفصلك عن حياة غير مألوفة لدى كثيرين، خاصة لدى أهل المدن المنغمسين في الأعمال والحياة اليومية المضنية، فعند تلك البوابة ينتظرك فريق من العاملين في منتجع «تينغا ليدجيند» وهم بلباس حراس الغابات وببنية مشدودة وضخمة يتحدون الصعاب التي قد تواجههم في رحلاتهم اليومية في قلب الغابات الشاسعة، وتجعل الأسود تهابهم، وبما أننا نتكلم عن الأسود، فأول من كان بانتظارنا خلف تلك البوابة السحرية أسدان كانا يستلقيان على الأرض في ساعة متأخرة من الليل ولم يأبها بمرور عربتنا المكشوفة المخصصة للاستعمال داخل المتنزه، وبعدها كان باستقبالنا غزال يعبر الطريق أمامنا، فيتوقف السائق وبكل أدب واحترام يسهل الطريق أمام الغزال، كيف لا ونحن في أرض تلك الحيوانات وفي بيئتهم ونحن في نهاية الأمر لسنا سوى ضيوف؟

وبعد رحلة في ظلام دامس تصل إلى «تينغا ليدجيند» مكان إقامتنا، وهو فندق من فئة 5 نجوم ولكنه لا يشبه فنادق المدن، فالبهو الرئيسي مفتوح ولا تزين جدرانه اللوحات الزيتية ولا الزخارف فهو ليس بحاجة إلى تجميل، فالديكورات طبيعية، فهو يطل مباشرة على نهر ليمبومو ويطل على خضرة رائعة، ومن الشرفة الواسعة تتلمس الطبيعة الحقيقية وتشاهد أروع المناظر وأجمل الحيوانات من الفيلة إلى الفهود إلى الأسود والجواميس وغيرها. ويعتبر «كروغر بارك» بقسمه الشمالي من المتنزهات الوطنية القليلة أو حتى الفريدة التي تقدم عناصر طبيعية متناقضة، فالمتنزه الذي يبلغ حجمه نحو 23 ألف كلم مربع يعبره نهران هما نهر ليمبوبو ونهر لوفوفهو، ومن النادر أن ترى أشجار باوباس الاستوائية بأغصانها البنية الداكنة الغليظة تغازل أشجار «الفيفر» الخضراء البراقة، وفي المتنزه أنت بضيافة الشعب الأصلي في المنطقة، هم شعب الماكوليكي الذين يعملون مع منظمي السافاري البرية وهم خير دليل للحياة البرية الحقيقية، ويخضع جميع العاملين في المتنزه لتدريبات مكثفة وجميعهم يتكلمون الإنجليزية والأفريقان والزولو.

يضم «تينغا ليدجيند» 18 وحدة سكنية، على شكل فلل صغيرة مبنية في وسط الغابات ولا يفصلها عن الحياة البرية إلا سياج كهربائي ليمنع وصول الحيوانات المفترسة التي تنتمي إلى 5 فصائل وهي الفهود والأسود ووحيد القرن، الفيلة والجواميس، إلى بركة السباحة الخارجية الخاصة بكل فيلا، أما بالنسبة للديكور الداخلي فهو يناسب الحياة البرية تماما إذ تم تزويد الأسرة بستائر واقية من الناموس، ففي المتنزه يجب أن تكون مهيأ لزيارات غير مرتقبة من العنكبوت أو السحالي أو الضفادع، لذا ترى الغرف مجهزة بعبوات مبيدات الحشرات، ولكن الحق يقال، بأن رؤية تلك الحشرات ولو كانت مسببة للإزعاج للبعض فهي تزيد الزيارة حماسة، وتذكرك دائما بأنك أنت الدخيل على هذا المكان وليس العكس.

في «كروغر بارك» تجد الكثير من أماكن الإقامة التي تنصح بها «الإمارات للعطلات» وتساعدك على حجزها، إلا أن «تينغا ليدجيند» يعتبر واحدا من أجملها وأكثرها أهمية نسبة لما يقدمه من نشاطات وما يزخر به مطبخه وعلى رأسه الشيف ساني، ففي المتنزه حضر نفسك للاستيقاظ في الصباح الباكر، فمن أهم ما ينظمه المنتجع رحلات السافاري التي تنطلق عند الخامسة صباحا وأخرى فترة العصر والمساء، وتعرف تلك الرحلات باسم «غايم درايف» وتتم بواسطة سيارات «جيب» شبه مكشوفة ويشرف على النزهة سائق متمرس يقوم بتحدي الأشجار للوصول إلى أقرب مسافة ممكنة من الحيوانات التي يقوم برصدها مساعده الذي يجلس على كرسي مركز في مقدمة العربة ويبدو وكأنه كرسي معلق يسهل عمل المساعد الذي يتولى مهمة رصد أثر أقدام الحيوانات.

ففي الصباح الأول من رحلتنا حالفنا الحظ برؤية الأسد وهو يلتهم فريسته، فالمغامرة رائعة لا تخلو من الحماس والقلق، فقد يكون فريق العمل متمرسا إلا أن الزائرين هم في النهاية وجبة غذاء مجانية لتلك الحيوانات التي تعيش حياتها البرية بصورة حقيقية، فلا يجوز إطعام أي منها ولا يسمح بالترجل من العربة كما لا يسمح بالصراخ ولا بالأكل على متن المركبة، فكل هذه القوانين تجعلك تقدر النزهة التي تقوم بها والتي لا يتخللها إلا زقزقة العصافير التي لم يسبق أن رأيتها في حياتك من قبل.

تستغرق النزهة بين ساعتين وثلاث ساعات، تشاهد خلالها الكثير من الحيوانات وعلى رأسها الأسود، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الأسد وبحسب ما شرح لنا الدليل المختص، على الرغم من كونه يحمل لقب ملك الغابة فإنه حيوان كسول ولا يسعى للحصول على قوت يومه بل يترك الأمر للبؤّة التي تخوض غمار المعارك وتعرض حياتها للخطر لتكسب قوت عيشها وعيش زوجها وصغارها، في حين يجلس الأسد ويراقب عملية الصيد ظنا منه بأنه يحمي زوجته. ولا تخلو النزهة من الإثارة خاصة عندما تتفاجأ بمشهد الجواميس وهي تعبر النهر أو مشهد السلحفاة التي تقطع الطريق الذي نسلكه وتتسبب في توقف عربتنا لتأمين مرورها بالسلامة على وقع خطاها الضيقة والبطيئة. ولكن يبقى منظر الغزلان وهي تركض بين أحضان الطبيعة الخلابة بوثبات مدروسة وخفيفة من أجمل المشاهد التي تلازمك طيلة الرحلة، وإذا لم يحالفك الحظ في رحلة الصباح للقاء الفيلة فلا تقلق فقد تراها أثناء الرحلة المسائية، فبعض الفيلة يفضل السهر والتجول عندما تنام الشمس، ومن مساوئ فصل الصيف في جنوب أفريقيا أي في الفترة الحالية هو أن العشب والأشجار في عز نموها فيكون من الأصعب رصد الحيوانات التي تختفي في أحضان الخضرة الوافرة ولكن تلك الأشجار الوارفة لا تقف في طريق ظهور الفيلة وهي ترتوي من ماء النهر وتتسامر مع بعضها البعض أو الزرافات الممشوقات وهي تنتقي أكلها الأخضر بتأنٍ على عكس البرنيق الذي تهتز الأرض عندما يتوجه إلى النهر، ومن أجمل الحيوانات التي ستراها في رحلتك في أي وقت من الأوقات الحمار الوحشي والظبي.

وبعد رحلة غنية بالمعلومات والمشاهدات الحية يحين وقت الطعام الجنوب أفريقي الحقيقي الذي تحضره الطاهية الموهوبة ساني، فهي ترتكز في جميع أطباقها على المكونات المحلية المتوفرة في القرى المجاورة للمنتجع، وطعامها أشبه بأكل البيت فغالبيته يرتكز على اليخنة وصلصة الطماطم المركزة، أطباق السمك شهية جدا ولكن لا بد من تذوق أطباق اللحم الأحمر على أنواعه مثل (الأوكستيل) الذي يطهى لفترة تزيد على 24 ساعة في وعاء يعرف باسم «بوبوتي» وهذا الطبق الذي يلفظ على الشكل التالي «بار بو تي» هو الطبق الجنوب أفريقي الأشهر، وينظم المتنزه في المساء حفلات عشاء في الهواء الطلق يطلق عليها اسم «بوما»، وذلك نسبة للقصب الذي يصنع منه السياج الذي يسور المكان المطل على النهر وبركة السباحة الخارجية، فتكون الإنارة خافتة جدا حتى لا تؤثر على الحيوانات ليلا كما تكون الأصوات منخفضة جدا أيضا وعلى ضوء الشموع تتذوق ألذ الأطباق المحلية تطهى لمدة طويلة على نار المواقد التقليدية، ومن الضيوف غير المرتقبين في تلك الأمسيات القرود التي تعرف باسم «بوش بايبي» وهي تكتفي بالنظر إلى الحاضرين والتنقل من شجرة إلى أخرى ومن كرسي إلى آخر دون إزعاج الحضور.

وإذا لم تكتف بهذا الكم الهائل من الراحة فأنصحك بجلسة تدليك في الفيلا الخاصة بك، وسيكون أمامك الخيار بالقيام بجلسة التدليك داخل الغرفة أو على الشرفة الواسعة لتكون التجربة طبيعية مائة في المائة.

* ينصح بأخذ الملابس الخفيفة ذات الألوان الهادئة وغير اللافتة، إضافة إلى الأحذية المريحة وسترة من الصوف لأن الجو غالبا ما يكون باردا فترة الصباح والمساء، كما ينصح باتخاذ الاحتياطات لتفادي الإصابة بالمالاريا ويمنع عادة اصطحاب الأطفال دون السن الثامنة إلى النزهات في المحميات الطبيعية ودون الخمس سنوات في العربات المكشوفة في «كروغر بارك».. أماكن الإقامة مجهزة بمبيدات للحشرات ولكن ينصح باصطحاب المبيدات التي يمكن رشها على البشرة لأبعاد الحشرات.

عناوين مهمة www.krugerpark.com وwww.southafrica.net

* تقوم «الإمارات للعطلات» بتنظيم الرحلات بحسب رغبة المسافرين ومن خلالها يمكنك حجز المنتجع المناسب لمتطلباتك ومن الأفضل إعطاء الشركة فترة أسبوعين على الأقل قبل موعد السفر لإجراء جميع الحجوزات اللازمة لضمان تأكيد مختلف جوانب العطلة بشكل مسبق. وتتم معظم الرحلات على متن «طيران الإمارات»، أما بالنسبة للوجهات التي لا تتوفر فيها رحلات «طيران الإمارات» فيتم التعامل مع شركات طيران أخرى توفر أفضل مواعيد للسفر.

للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع التالي: www.emirates - holidays.com