كيب تاون.. حب من أول رحلة

3 أيام كافية لتعشقها

أعلى منارة عن «كيب بوينت» حيث يلتقي تيار محيطين ضخمين (تصوير: جوسلين إيليا)
TT

عبارة عجيبة يرددها أهلها: «يجب على الزائر ألا يقضي أكثر من ثلاثة أيام في شوارع كيب تاون، إذا ما كان يريد أن يرحل يوما ما»، ولن تفهم هذه العبارة تماما إلا إذا قمت بزيارة تلك المدينة المميزة التي تعتبر ثالث أكبر مدن جنوب أفريقيا من حيث عدد السكان، وعاصمة مقاطعة كيب الغربية، والعاصمة التشريعية لجنوب أفريقيا.

عندما ترى الجبل الأشهر في المدينة الذي يتميز بكونه على شكل طاولة مسطحة ولهذا السبب يطلق عليه اسم جبل الطاولة أو Table Mountain وتراه في خلفية المناظر الطبيعية الأخاذة في المدينة ورمال الشاطئ البيضاء تحت أقدامك، تفهم دافع أهالي كيب تاون في تحذير السياح من الوقوع في شباك الغرام مع المدينة والمكوث والاستقرار فيها إلى الأبد.

تتميز كيب تاون بموقع جغرافي استثنائي بين مجموعة من المناظر الطبيعية الساحلية وبجوار جبل الطاولة الذي يرتفع إلى 1000 متر فوق سطح البحر ويتكون من جروف صخرية تطل على خليج المدينة، وتم اختياره نهاية العام الماضي في مسابقة عجائب الدنيا السبع التي شارك في التصويت فيها العالم بأسره وحينها خاب أمل اللبنانيين والأردنيين عندما لم تحصل مغارة جعيتا أو البتراء على اللقب في المسابقة التي شارك بها الملايين.

لطالما أردت زيارة كيب تاون خاصة بعدما ترسخ في ذاكرتي مشهد من وثائقي عرضته هيئة الإذاعة البريطانية لزنزانة المناضل والرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا الذي لقبه أفراد قبيلته بـ«ماديبا» وتعني العظيم المبجل، فجنوب أفريقيا وكيب تاون بالتحديد تتنفس حرية بسبب هذا الرجل الذي قضى على التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وأعطى السود حقهم ولا يزال يلهم كثيرين حول العالم.

وبالفعل كانت زيارة جزيرة «روبن» على رأس جدول رحلتي للمدينة، فمن بوابة مانديلا المقابلة لواجهة فيكتوريا والفريد البحرية التي تعتبر العصب الحيوي في المدينة، وبواسطة عبّارة تبحر لمدة نحو 30 دقيقة تصل بعدها إلى جزيرة «روبن» التي كانت بمثابة سجن ما بين القرن السابع عشر وحتى عام 1996 وكان مانديلا أشهر المساجين في هذه الجزيرة، وكان يقضي 18 ساعة في زنزانته.. اللافت في الزيارة هو التنظيم الفائق، فعند وصولك تكون هناك حافلات بانتظار الواصلين تأخذهم في مجموعات إلى مبنى السجن ويتولى مرشد سياحي مهمة الشرح والمشي في الأروقة التي وقفت شاهدة على الكثير من التعنيف ضد المساجين السود والآسيويين، فبعضهم كان من المساجين أصحاب القضايا السياسية والبعض الآخر من المجرمين، وكان الهولنديون يتعمدون وضع المجرمين مع المحكومين السياسيين في زنزانات واحدة ليتم تعنيفهم بشكل أبشع وكان يتم الفصل في حالات تسييس المجرمين، خاصة أن مبدأ نيلسون مانديلا في السجن كان: Each One Teach One، أي «كل واحد يعلم واحدا»، وذلك لمحو الأمية والتنور.

المؤثر جدا هو أن المرشدين السياحيين في السجن والبالغ عددهم 20 مرشدا هم جميعهم سجناء سابقون، ومرشد مجموعتنا حالفه الحظ في شيء وحيد في السجن وهو أنه كان موقوفا فترة سجن مانديلا ويعرفه شخصيا، واللافت أنه إذا أغمضت عينيك وسمعته يتكلم يتخيل إليك أن مانديلا هو الذي يتكلم، تستمر زيارة السجن نحو الساعتين تشاهد خلالها زنزانة نيلسون مانديلا (الزنزانة في مقطع باء)، ولا تزال على حالها كما تشاهد، زنزانات أخرى وترى لائحة الطعام التي كانت مخصصة للأفريقيين السود وأخرى للآسيويين الذين كانوا يتمتعون بمعاملة أفضل بقليل، (السود يرتدون سروالا قصيرا ولا ينتعلون حذاء والآسيويون يرتدون بنطالا طويلا وحذاء من الجلد)، ويتم عرض بعض الصور التي التقطت للزعيم مانديلا في السجن وأشهرها تلك التي التقطت له وهو يرتدي معطفا ثمينا كان عليه أن يرده إلى المسؤولين في السجن بعد انتهاء زيارة وفد من بريطانيا للتأكد من أن السجناء هناك كانوا يتمتعون بمعاملة حسنة. وبعد التعرف على ثنايا السجن والتعرف على تاريخ جنوب أفريقيا الحزين تنتقل إلى الحافلة من جديد للتعرف على أماكن أخرى في الجزيرة وتطالعك قبة مسجد أزرق ومئذنة، ويقول المرشد هنا إن الحضارة الإسلامية نشأت في جنوب أفريقيا وتم بناء هذا المسجد بعد أن توفي أحد الشيوخ وكان من بين المعتقلين في السجن وتوفي غرقا عندما حاول الفرار. وبعد رحلة جميلة تغوص خلالها في التاريخ تعود أدراجك إلى البر وتحديدا إلى المرفأ الأشهر في المدينة والواجهة البحرية، وهناك تستمتع بالموسيقى وخاصة موسيقى المهاجرين من أصول آيرلندية، وهناك مسرح في الهواء الطلق تنطلق من مدرجه نغمات الموسيقى الصداحة ويتجمع السياح ومحبو الموسيقى في حلقات حلزونية حول المكان ليستمتعوا بجمال وروعة منظر جبل الطاولة الذي تبلل أطرافه مياه الخليج.

ومن الزيارات التي لا بد أن تقوم بها أيضا في كيب تاون، الصعود بواسطة العربات الكهربائية المعلقة إلى أعلى «تايبل ماونتين»، تلك المعجزة الحقيقية.. العربات دوارة تسمح بمشاهدة المدينة من جميع زواياها، وتتسع لـ65 شخصا وتستغرق الرحلة السريعة إلى أعلى الجبل 5 دقائق فقط، تفصلك عن مشاهد لا يمكن وصفها في كلمات، ولكن يمكننا الجزم بأنك ستكون أعلى من الغيوم وسوف ترى روعة طبيعية خلابة وستتعرف على كيب تاون من فوق وتشاهد بعضا من أغلى العقارات السكنية في المدينة.

وبواسطة السيارة يمكنك أن تعرج على أجمل الشواطئ ابتداء من خليج «كالك» حيث تشاهد صيادي الأسماك، مرورا بـ«سايمونز تاون» التاريخية التي تتميز بأسلوب عمارة قديم لا يزال يحافظ على ماضيه، أبنية كلها من طبقتين مع شرفة وواجهات من الخشب المزخرف، وصولا إلى شاطئ «بولدرز»، وهنا يجب أن تكون الكاميرا قريبة منك، فقد يحالفك الحظ وترى الحيتان البيضاء والدلافين والبطاريق تسبح قريبة من الشاطئ، وتصل بعدها إلى أقصى الجنوب الأفريقي إلى «كيب أو هوب» أو ما يعرف برأس الرجاء الصالح، و«كيب بوينت» وبواسطة عربة كهربائية يمكنك الوصول إلى الرأس وبعدها تصعد على سلم حجري متعرج يأخذك إلى أعلى لتشاهد المنارة وتشهد على لقاء محيطين ضخمين وتتمتع بالريح والنسمات وهي تداعب خديك وتحمل لك رسالة من أعماق قارة إنتركتيكا، وهناك سوف ترى السياح يلتقطون الصور من دون توقف لا سيما أمام عمود مرصوص بأسهم تدل على المسافة التي تفصلهم عن مدن وأماكن حول العالم، على سبيل المثال يشير أحد الأسهم إلى مسافة 9 آلاف و623 كلم من تلك النقطة إلى لندن و6 آلاف و248 كلم عن القطب الجنوبي.

وبعد يوم حافل بالمناظر الطبيعية الخلابة يكون قد حان وقت جرعة أخرى من التاريخ، وهنا يمكنك التوجه إلى حي «بو كاد» الذي يتميز بأسلوب العمارة فيه، فكل منزل يزينه لون صارخ مختلف عن الآخر، وهذا الحي بني في عام 1836 وكان يسكنه العبيد الذين أخلي سبيلهم وقتها وكانوا حرفيين من أصول هندية وإندونيسية وماليزية ومن البلدان المطلة على المحيط الهندي مثل مدغشقر، واللافت هو الألوان الفاقعة لتلك البيوت مثل الزهري والبرتقالي وغيرهما، ويقال إن كل لون يمثل مهنة صاحب المنزل، ولم تكن ألوان المنازل محبذة أيام الفصل العنصري إلا أنها اليوم أصبحت صفة جميلة تلاصق الحي الواقع على هضبة خفيفة، وإذا قمت بزيارة كيب تاون في أيام عيد الأضحى ننصحك بالتوجه إلى حي «بو كاد» حيث ستتنشق رائحة البهارات المنبعثة من البيوت احتفالا بالعيد وترى الصغار والكبار بلباس العيد وهم في طريقهم إلى الجامع الذي يعتبر الأول في المدينة. ومن الزيارات المهمة هنا، متحف «بو كاب» الذي يضم معروضات عن الحضارة الإسلامية التي بدأت في جنوب أفريقيا بعد أن قام الهولنديون بإحضار الناس من أرخبيل إندونيسيا ليعملوا هنا كعبيد، ومتحف المنطقة السادسة الذي يعطي لمحة من معاناة 60 شخصا من السكان السود بعد الإعلان عن تخصيص المنطقة للسكان البيض، والمتحف العسكري الذي يوفر معلومات عن التاريخ المضطرب لمنطقة الكيب.

* أهم أماكن التسوق

* قبل أن نسرد أماكن التسوق لا بد من الإشارة إلى أن أشهر المنتجات التي يمكن أن تجدها في كيب تاون هي المنتجات محلية الصنع من أعمال يدوية وتماثيل خشبية وحيوانات مصنعة من الخرز والترتر، وأهم الأماكن لبيع تلك المنتجات عند كورنيش فيكتوريا والفريد ومركز «فيكتوريا وورف» للتسوق وسوق «ووتر فرونت كرافت» حيث تجد تلك المنتجات إضافة إلى الماركات العالمية الكبرى، وإذا كنت من محبي المفاصلة يمكنك أن تقصد الأسواق الشعبية الشبيهة بسوق الأحد وفيها تجد كل المنتجات محلية الصنع ويمكنك تخفيض السعر إلى الربع، وأهم تلك الأسواق موجودة في ساحة «سانت جورج».

عناوين الإقامة

* في كيب تاون ستقف عاجزا أمام روعة الفنادق، لا سيما في منطقة الواجهة البحرية أو «ووتر فرونت»، ومن الفنادق القريبة من تلك المنطقة التي تعتبر العصب السياحي الأهم في المدينة:

- «وان آند أونلي كيب تاون»: يقع في قلب الواجهة المائية لمنطقة فيكتوريا والفريد الزاخرة بالنشاط ويجسد تصاميم أنيقة خاصة بالجزر والتألق الأفريقي ويطل على جبل الطاولة وإحدى جزر المنتجعات الخاصة.. www.oneandonlycapetown.com - «ذي تايبل باي»: يطل هذا الفندق الرائع على الواجهة المائية ويضفي عليه جبل تايبل الواقع خلفه رونقا لا مثيل له ويتميز الفندق بكونه يتصل مباشرة بمركز تسوق رئيسي. يتميز أيضا بمطاعمه المطلة مباشرة على «ووتر فرونت».. www.suninternational.com - «كيب غرايس»: يمزج الفندق وبشكل متألق بين الطابع الفرنسي والعراقة التاريخية لكيب تاون مما يجعل منه إضافة نوعية لهذه المدينة الساحرة، وبينما يمتاز تصميمه الخارجي بنمط كلاسيكي فهو يتسم من الداخل بالرحابة والأناقة والفخامة ويتميز بديكورات أكثر من رائعة وتم تزيين الجدران والستائر والأرائك بكتابة بخط اليد، ويتميز أيضا بثريات علقت فيها أواني المطبخ لتزيد الديكور دراما وروعة حقيقية.. www.capegrace.com - «تاج»: فندق راق في قلب كيب تاون يتميز بديكورات كلاسيكية ومعاصرة في الوقت نفسه، كان المبنى في السابق تابعا لاحتياط البنك المركزي الجنوب أفريقي، ويتميز الفندق بموقعه في قلب المدينة التاريخي وعلى مقربة من ساحة «سانت جورجز مول».. www.tajhotels.com

* طريقة الحجز

* من المهم جدا أن تسافر وكلك ثقة بأن الفندق الذي حجزته وشركة الطيران التي اخترتها موثوق بهما ويناسبان متطلباتك، لذا ننصح دائما باختيار شركة معروفة مثل «الإمارات للعطلات» لتكون صلة الوصل ما بينك وبين الوجهة التي تختار. فوائد اختيار «الإمارات للعطلات» هي أن الشركة توفر على المسافر الكثير من الجهد والقلق وتقوم بمهمة مهمة جدا، ألا وهي تفقد الوجهات والكشف عن الفنادق وتقييم الجولات السياحية وتعيين الوكلاء المحليين، فتكون على ثقة تامة بأن مختلف ترتيبات عطلتك تتم بدقة واحتراف. وينصح دائما بالقيام بالحجز المبكر والحصول على حسومات مهمة. الحجز مع «الإمارات للعطلات» يناسب العائلات كثيرا، فمن المهم إعلام المسؤول عن الحجز بالمتطلبات الخاصة بك وبعائلتك وأطفالك فيكون خيار الفندق والوجهة والموقع مناسبا للجميع. وعند وصولك إلى وجهتك السياحية يكون هناك مندوب خاص بالاستقبال والمساعدة في المطار (هذه الخدمة اختيارية.. اطلبها عند إجراء الحجز).

غالبية الرحلات تتم على متن أسطول «طيران الإمارات» الحائز على أكثر من 400 جائزة دولية رفيعة، وفي حال لم تتوفر خدمة «طيران الإمارات» في إحدى الوجهات أو على أحد الخطوط تتم الاستعانة بشركة طيران توفر أفضل مواعيد المغادرة وأكثرها ملاءمة لمتطلبات المسافرين.. يشار إلى أن الفنادق المذكورة أعلاه توصي وتتعامل معها «الإمارات للعطلات».

للحجز والمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع التالي: www.emirates-holidays.com