شامروس.. التزلج فيها ليس حكرا على الطبقة الغنية

تمتع بموسم الثلوج بأسعار مقبولة

TT

تقول المراجع إن أول مرة استعمل فيها الاسم «شامروس» كان في القرن السادس عشر. السلسلة الجبلية التي تقع فيها المنطقة تسمى بيلدون.. غير أن بيلدون التي تضم مجموعة قمم ضمن سلسلة جبال الألب الشمالية في فرنسا وتصل حتى سويسرا، تضم محطات للتزلج تتراوح أعمارها بين بدايات القرن العشرين ومراحل مختلفة منه.

التزلج بالنسبة لسكان الجبال، هنا، أمر ضروري في موسم الثلوج التي يتراكم بعضها فوق بعض لتصل في المواسم القاسية المثلجة إلى أكثر من ثلاثة أمتار في بعض المناطق. التزلج هنا، يتجاوز كونه مجرد هواية ليصبح ضرورة للتنقل، خاصة في عصور وأزمنة خلت، قبل أن تشق الطرقات وتدخل السيارة إلى حيز العمل، تماما كالجمل في الصحراء. لكل جغرافيا أدوات العيش فيها، وهذا هو الأمر الطبيعي. غير الطبيعي أن تعيش في واحدة من هذه القمم وأنت لا تملك مهارات التنقل فيها، خاصة في مواسم البرد والثلوج. عندها، يمكن أن تقعد في البيت وتكون غير قادر على التنقل. كما أن العيش في الصحراء يحتم على من يعيش فيها مجاراة أجواء قاسية من ناحية درجات الحرارة المرتفعة، فإن العيش في جبال الألب التي لا تذوب الثلوج عن بعض قممها، تحتم على المقيم فيها التعامل مع أجواء مناخية غاية في القسوة من ناحية تدني درجات الحرارة.

منذ أن أصبح التزلج على الثلج رياضة عالمية، لم تعد هذه المناطق، في أعالي الجبال، حكرا على سكانها. بل باتت المواسم التي تؤرق هؤلاء السكان بثلوجها مصدر رزق وتجارة مربحة. فالتزلج يعتبر من الرياضات المرتفعة التكلفة لمن يمارسها. لكن، وكما هو الأمر في كل شيء، فإن محطات التزلج في جبال الألب؛ ومنها شامروس، توفر الإمكانات للجميع لممارسة هذه الرياضة الجميلة والخطرة والغالية. بعد أن تم افتتاحها في عام 1962، هدفت هذه المحطة من خلال الأسعار التي وضعتها أمام الهواة، إلى استقطاب كل الشرائح، خاصة طلاب الجامعات التي تمتلئ بهم مدينة غرونوبل القريبة، ذلك على خلاف بعض المحطات الأخرى التي يقتصر روادها على الطبقات الغنية والقادرة على إنفاق الكثير من المال. وهذا ربما، أحد أهم الأسباب التي جعلتها تشتهر بسرعة على مستوى العالم.

فأقرب المدن لشامروس وهي غرونوبل تضم مدينة جامعية تضم ما يصل إلى مائة ألف طالب سنويا يأتون من كل أنحاء العالم، وهؤلاء وحدهم يمكنهم أن يحققوا دعاية عالمية مجانية، لكن المحطة تمتاز بما هو أكثر من ذلك.

المعروف أن لجبال الألب طبيعة خلابة من ناحية الارتفاعات الشاهقة لقممها ونمو مجموعة كبيرة من الأشجار الصنوبرية التي تتحمل الحياة في الارتفاعات. لكن الأشجار هنا لا توجد على كل القمم؛ إذ حين يتجاوز الارتفاع 2000 متر عن سطح البحر يصبح وجود الأشجار نادر جدا، إما بسبب الرياح القوية التي تضرب هذه القمم طوال أيام السنة، أو بسبب الثلوج التي في كثير من القمم تتحول إلى جليد لا يذوب. وفي بعض القمم في سلسلة بيلدون، تعيش الثلوج منذ آلاف السنين دون أن تذوب أو تختفي. لذلك حين تكون محطات التزلج على ارتفاعات تتجاوز 2000 متر تكون خالية من التأثيرات الجمالية لتزاوج الثلوج مع الأشجار في لوحة ترسمها الطبيعة كل عام.

هذا الأمر المهم، يميز هذه المحطة التي يعتبر هذا العام بالنسبة لها حدثا مهما؛ إذ، وعلى خلاف كثير من محطات التزلج في الألب، يمكن بسبب الانحناءات المدببة وكذلك الارتفاع الذي لا يزيد في أعلى القمة على 2200 متر، التزلج في ممرات تم شقها بين الأشجار. كما يمكن لهواة المشي على الثلج المشي لساعات طويلة على سفوح الجبل والمشي كذلك فوق البحيرات الثلاث التي تكون متجمدة في مثل هذا الوقت من العام. كما يمكن، وبشكل استثنائي، الغطس في البحيرات المتجمدة لهواة هذه الرياضة الخطرة. تقدم شامروس بهذا المعنى مكانا مميزا على المستوى الجغرافي بسبب طبيعته والتزاوج الفريد بينه وبين الثلج، ومكانا مميزا لوجستيا، خاصة، أن المحطة لا تبعد عن أقرب مدينة، وهي غرونوبل، أكثر من نصف ساعة بالسيارة. كما أن المواصلات منها وإليها متوفرة طيلة أيام العام.

تقدم المحطة، إضافة إلى طبيعتها، عددا من وسائل الراحة والترفيه؛ إذ تضم مجموعة من الشاليهات الفخمة والمتوسطة، وعددا كبيرا من الشقق المفروشة الخاصة، وعدة نواد رياضية ومسابح، وتتميز من بين كل محطات التزلج القريبة منها بالمسبح المغطى بالزجاج، وهو يقدم فرصة ممتعة للسباحة في المياه الدافئة في الداخل، فيما الثلوج تتراكم في الخارج في منظر بديع لا يتوفر في أماكن عديدة من العالم. كما تضم عددا من المحال التجارية والمطاعم، وكذلك مواصلات مجانية تربط الأبنية بعضها ببعض لتسهيل التنقل. وفي عيدها الخمسين الذي ينتظر أن تبدأ الاستعدادات له، ستنظم مسابقات رياضية وعروض تشجيعية وتخفيضات في أسعار السكن وحتى رسوم الاشتراك.

إن أكثر ما يميز هذه المحطة هو أنها تقدم تسهيلات لكل روادها الذين يعرفون التزلج والذين لا يعرفون عنه شيئا، فهي من المحطات التي يمكن للجميع ممارسة رياضة التزلج فيها بسبب جغرافيتها لا لأي سبب آخر. وفي هذا المجال، تضم أكثر من ستين ميدانا للتزلج للمبتدئين والمحترفين، وكذلك لمحبي المغامرات من الذين يفضلون ممارسة التزلج بين الأشجار، وهي خطرة جدا.