منارة كوالالمبور.. «اصعد والمس السماء»

من أعلى الأبراج في العالم ومعلم سياحي يزوره 4 ملايين سنويا

TT

وسط العاصمة الماليزية كوالالمبور، تشمخ منارة عملاقة لا تخطئها عين الزائر ليلا أو نهارا، بطول 421 مترا.. إنه برج الاتصالات أو «منارة كوالالمبور» التي تعد اليوم أحد أبرز المعالم السياحية في هذا البلد، ويزورها الملايين سنويا للتمتع بإطلالة ساحرة على المدينة من هذا الارتفاع الشاهق، والاستمتاع بالخدمات السياحية والترفيهية المتميزة التي تقدمها.

ويعكس تحول «منارة كوالالمبور» من مجرد برج للاتصالات إلى معلم سياحي يزوره 4 ملايين شخص سنويا من مختلف الأعراق والبلدان، ويأتي على رأس المعالم التي يحرص الجميع على زيارتها.. يعكس كل ذلك عبقرية قطاع السياحة الماليزي، وقدرة القائمين على هذا القطاع على تحويل المعالم والأبنية التاريخية والحديثة وتوظيفها مزارات سياحية تجتذب ملايين الزوار دون الإخلال بدورها الوظيفي.

ولا تقف جهود تحويل مختلف المعالم والمواقع إلى مقاصد سياحية عند حد الترويج لها وإبراز قيمها التاريخية والجمالية، لكن يصحب ذلك أيضا تزويدها بالخدمات الأساسية التي تجعل من زيارتها متعة سياحية وثقافية وترفيهية تثري العقل والوجدان.

بعد تشييد «المنارة» في مايو (أيار) 1996، افتتحت رسميا في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه كبرج للاتصالات، لتصبح بعدها أحد أهم المعالم والمزارات السياحية في موقع فريد وسط العاصمة كوالالمبور، وفي المنطقة التي تعرف بالمثلث الذهبي، التي تضم أبرز وأهم المعالم السياحية مثل برجي «بتروناس» وساحة الحرية ومتحف الفنون وحديقة الفراشات ودار الأوبرا وحديقة الحيوان، إلى جانب أهم وأكبر المراكز التجارية والفنادق والأسواق والمتنزهات والمسارح، هذا الموقع بالإضافة إلى ما تقدمه المنارة لزوارها من خدمات ترفيهية مسلية، جعلها تأخذ مكانها بين أهم معالم ماليزيا السياحية.

وما يميز «منارة كوالالمبور» ويجعل من زيارتها ضرورة، بجانب ارتفاعها لمسافة 421 مترا فوق سطح الأرض، هو إطلالتها المهيبة التي تخلب العقول وتخطف الأنفاس، معلنة عن نفسها واحدة من أهم المعالم التي تفاخر بها ماليزيا العالم اليوم.

وتعد «منارة كوالالمبور» التي تقف على قمة «بوكيت ناناس» بوسط المدينة، رابع أعلى برج اتصالات في العالم بعد برج «سي إن» في كندا (553 مترا)، وبرج «أوستانيكو» في روسيا (540 مترا)، ثم برج شنغهاي في الصين (468 مترا)، وشيدت في الأساس لرفع وتحسين كفاءة الاتصالات والبث الإذاعي.

وتوفر المنارة بوصفها مزارا سياحيا لضيوفها خدمات وأنشطة سياحية وترفيهية تلبي مختلف الأذواق والرغبات، وهم يلمسون كيف تكون الحياة على هذا الارتفاع القياسي، لذا فالشعار الذائع هنا كما تعكسه الملصقات والنشرات السياحية هو: «تعال واصعد والمس السماء».

تتكون المنارة من عدة طوابق مخصصة للسياح، إلى جانب تلك المخصصة لخدمات الاتصالات، فهناك طابق المشاهدة، ويقع في الدور الثالث من قبة المنارة الزجاجية ويوفر للزوار إطلالة بهية على كوالالمبور من مختلف الجهات، يتمتعون خلالها بالنظر إلى معالم المدينة من هذا الارتفاع الكبير، كما أن هذا الطابق مزود بأجهزة سمعية ناطقة بعدة لغات تزود الزائر بمعلومات مهمة عن ماليزيا ومزاياها وتاريخها، بالإضافة إلى عدد من المناظير التي تمكن الزائر من تقريب مختلف المناظر والمعالم والتمتع بتفاصيلها التي تغيب بسبب البعد والارتفاع المهول عن سطح الأرض، هذا إلى جانب الفرصة التي تتاح لعشاق التصوير لالتقاط صور نادرة من ارتفاع غير عادي، لذا، يفضل هؤلاء زيارة المنارة في الصباح للحصول على أفضل الصور.

في الدور الثاني من «منارة كوالالمبور» يقع مطعم «سري انكاسا» الدوار، وبإمكان الزائر تناول وجبة عشاء فاخرة في هذا المطعم الذي يقدم تشكيلة واسعة من الوجبات والأطباق الشرقية والغربية، إلى جانب الأطباق الماليزية التقليدية، وذلك مقابل 156 ريجنت (48.75 دولار) للشخص الواحد وهي تكلفة تعد مناسبة؛ فتناول الطعام في أعلى مطعم دوار في ماليزيا، على وقع الموسيقى الحية وتحت الأضواء الرومانسية الخافتة، يتيح للزائر رؤية بانورامية للمدينة، ويعد متعة استثنائية. ويفضل الحجز مسبقا لتناول الطعام هنا، خاصة في أيام العطلات والموسم السياحي خلال فصل الصيف.

وتضم «منارة كوالالمبور» أيضا محلات لبيع التحف والهدايا التذكارية والملابس التي تجسد معالم سياحية ماليزية، بالإضافة إلى عدد من المطاعم والمقاهي ومحلات التصوير التي تمكن الزائر من التقاط صور مغامرات وإثارة في كوخ «سين تو بيليف»، إلى جانب محلات للحصول على صور فورية توثق زيارتكم إلى هذا المكان وتجعلكم تأخذون شيئا من المنارة إلى منزلكم.

وبإمكان زوار المنارة أيضا التمتع والاسترخاء على صوت شلالات المياه المنحدرة من حمام السباحة الضخم، تحت ظلال الأشجار الاستوائية الكثيفة واستنشاق الهواء إلى جانب المراوح التي توزع الرزاز الملطف لحرارة الجو.

وليس هذا كل شيء؛ فـ«منارة كوالالمبور» تضم أيضا مسرحا شبه دائري مفتوحا لمختلف العروض والحفلات الغنائية والموسيقية، كما يقدم المسرح عروض فيديو تحكي فصول ومراحل بناء المنارة.

أضف إلى ذلك، أن زيارة «منارة كوالالمبور» تبقيك قريبا من الطبيعة أيضا رغم كونك وسط العاصمة، فالمنارة أنشئت أساسا وسط غابة «بوكيت ناناس» بمساحتها التي تزيد على 11 هكتارا، وهي واحدة من أقدم المحميات الطبيعية في البلاد، لذا تمت مراعاة الأثر البيئي الناجم عن تشييد المنارة، وبما يحقق التوازن بين متطلبات النمو الحضري والحفاظ على المقومات البيئية، خاصة إذا علمنا أن الحفاظ على إحدى أشجار هذه المحمية التي يقدر عمرها بأكثر من مائة عام تكلف 430 ألف ريجنت (135 ألف دولار).

وفى الليل، تبدو «منارة كوالالمبور» بقبتها الزجاجية المضاءة بأنوار ملونة، كقطعة ماس عملاقة متراصة الفصوص، فعمارة المنارة مستمدة بشكل أساسي من تراث العمارة الإسلامية التقليدية المعروف بـ«المقرنس»، وهو أكثر أنماط العمارة شيوعا في إيران، ويتميز باتساع القاعدة وضخامتها ثم انحسارها تدريجيا كلما ارتفعت، في رمزية للسماوات السبع.

تكلفة الصعود إلى «منارة كوالالمبور» تعد رمزية وهي 20 ريجنت (6.25 دولار).