«بوينغ 8 ـ 747 إنتركونتيننتال».. ملكة الأجواء

«لوفتهانزا» تكشف النقاب عن طائرتها الفريدة في حفل ضخم في فرانكفورت

مقاعد درجة رجال الاعمال تتحول الى اسرة وتتمتع بمساحة أكبر عند منطقة الرجلين
TT

في الوقت الذي بدأت فيه الملكة إليزابيث الثانية في الاحتفال باليوبيل الماسي لتوليها عرش بريطانيا منذ ستين عاما، كانت هناك ملكة ثانية تحتفل بولادتها في مطار فرانكفورت الذي شهد احتفالات متواصلة قبل يوم من إطلاق أول رحلة لملكة الأجواء «بوينغ 8-747 إنتركونتيننتال» في الأول من يونيو (حزيران)، في حضور أكثر من ألف شخص جاءوا من مختلف أرجاء المعمورة للمشاركة في الحدث الذي نظمته شركة «لوفتهانزا» للطيران لتعريف الصحافة العالمية وعملائها بمزايا الطائرة الفريدة الجديدة التي لا يمكن وصفها إلا بالملكية.

في تمام منتصف اليوم انطلقت الحافلات من مطار فرانكفورت بفرعه الأول باتجاه مرأب طائرات «لوفتهانزا» القريب من المدرج الرئيسي، وبعد الانتهاء من الإجراءات الأمنية التي كانت منظمة بشكل رائع لا يتقنه إلا الألمان وصل الجميع إلى المرأب، وبعد عرض مزايا الطائرة الجديدة من خلال صور وأفلام قصيرة كان قد حان وقت إزاحة الستار عن ملكة الأجواء بطلتها البهية التي تبهرك بضخامة حجمها، حيث يبلغ طولها 76.3 متر، وبذلك فهي أطول طائرة على الإطلاق، وتتألف من طابقين بعلو 19.4 متر، ومجموع عدد مقاعدها في درجاتها الثلاث 362 مقعدا.

لم يعرف عالم الطيران طائرة «بوينغ» بهذا الحجم منذ إطلاق طائرة «بوينغ جامبو جيت 747» منذ 40 عاما، وحينها كسرت الشركة الرقم القياسي في تصنيع عملاق جوي حقيقي، لكن هذه المرة كسرت الشركة رقمها القياسي من خلال إطلاق «بوينغ 8-747»، مع المحافظة على الشكل الخارجي الذي لم يتغير كثيرا للمحافظة على روح «بوينغ». لكن وبمجرد الركوب في الطائرة سوف تتلمس المزايا العصرية، بدءا بالمدخل الرئيسي للطائرة الواسع الأشبه بردهة الاستقبال في الفنادق، ويوجد سلم يربط الطابق السفلي بالعلوي في الدرجة المخصصة لرجال الأعمال. ويقول القائمون على شركة «لوفتهانزا» إن الشركة قامت باستطلاع آراء المسافرين لمعرفة ما يفضلونه وما يحتاجونه، وتم التشاور أيضا مع إخصائيين نفسيين ومصممين عالميين للتوصل إلى أفضل تصميم يساعد الركاب الذين يخافون من السفر على تخطي مشكلتهم النفسية التي تسبب لهم الاضطراب والخوف قبل وأثناء السفر.

ولخلق أجواء مريحة للركاب تم التركيز على الإضاءة، فأثناء ركوب الطائرة وقبل الإقلاع تكون الإنارة قوية بشكل معتدل ومائلة للون الأصفر، وخلال الليل تتحول الإنارة إلى اللون الأزرق لمساعدة الركاب على النوم.

وبالتعامل مع شركة «بي إي إيروسبايس» الألمانية وشركة «بيرسن لويد» البريطانية، تم تصميم آخر ما آلت إليه التكنولوجيا في عالم تصميم المقاعد في الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال والدرجة الاقتصادية، والقاسم المشترك ما بين المقاعد في مختلف الدرجات هو المساحة الواسعة والراحة واختيار الألوان التي تضفي نوعا من الألفة في المقصورة. وتتحول المقاعد في كل من الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال إلى أسرّة بطول 1.98 متر، وتم تكبير المساحة ما بين المقعد والآخر أمامه بخمسة سنتيمترات، وتبنت «بوينغ» الجديدة مبدأ تصميم المقاعد تحت اسم «في كونسبت»، فتتوزع المقاعد في درجة رجال الأعمال في مجموعات كل منها مؤلفة من مقعدين.

الطابق السفلي من الطائرة مخصص في مقدمة المقصورة للدرجة الأولى، وبعدها تأتي درجة رجال الأعمال، وعبر سلم في وسط الطائرة تصعد إلى الطابق العلوي المخصص أيضا لدرجة رجال الأعمال، وفي مؤخرة الطائرة توجد الدرجة الاقتصادية بمقاعدها المريحة والتي تتبنى نفس مبدأ إضافة سنتيمترات إضافية ما بين المقاعد لتأمين أكبر قدر من الراحة للركاب. كما يعد التصميم ذكيا، إذ تم تصميم خلفية المقعد على شكل مقعر يتيح مساحة إضافية لجلوس المسافر في المقعد خلفه.

من ناحية القيادة، يقول الكابتن إيلمار بوجي، الذي قام بقيادة «بوينغ 747» على مدى 18 عاما، إنه متحمس جدا للتصميم الجديد للطائرة، ولو أنه لا يختلف كثيرا من ناحية القيادة عن تصميم «بوينغ» السابق، إلا أن مقصورة الطيار أكبر حجما، والطائرة بشكل عام أكبر حجما وتتمتع بتقنيات عالية جدا.

وقد اختيرت واشنطن لتكون أول وجهة تسير إليها «لوفتهانزا» رحلات على متن «بوينغ» الجديدة، وتم اختيار هذه الوجهة لتتناسب مع حجم الطائرة التي تتسع في الدرجة الأولى لثمانية ركاب، وفي درجة رجال الأعمال لـ92 راكبا، والدرجة الاقتصادية لـ262 راكبا، فتبقى هذه الطائرة وعلى الرغم من حجمها الضخم أقل سعة من طراز «إيرباص 380» التي تتسع لـ526 راكبا، لكن هذه الطائرة تعتبر مثالية للرحلات التي تكون فيها الـ«إي 380» كبيرة نسبة لعدد الركاب، وفي الوقت نفسه الـ«إيرباص إي 340» صغيرة، فالـ«بوينغ» مناسبة جدا لوجهات تسيرها «لوفتهانزا» إلى واشنطن ومدن مماثلة من حيث حركة الملاحة.

وتعتبر «بوينغ 8-747» الأكبر من ناحية المساحة المخصصة لنقل الأمتعة، ويمكن تحميلها بواقع 4.5 طن إضافية. ولمحبي الرياضة خاصة رياضة كرة القدم التي يحبذها الرجال، تقدم «لوفتهانزا» ضمن خدمة التسلية على متن «بوينغ» الجديدة فرصة مشاهدة قناة للرياضة مباشرة، وهي قناة «سبورتس 24»، فلا تفوت الراكب أي مباراة، ويتم نقل المباريات عبر الأقمار الصناعية عبر خدمة «لوفتهانزا» للإنترنت «فلاي نت»، والأهم من هذا كله فهذه الخدمة تقدم مجانا للركاب على عكس طائرات «إي 330» التي تقدم الخدمة نفسها لكن مقابل مبلغ مادي إضافي. وتمتلك «سبورتس 24» حقوق بث مباريات البطولات الأوروبية والألعاب الأولمبية المنتظرة في لندن في يوليو (تموز) المقبل.

* بداية «بوينغ»

* يعتبر اسم «بوينغ» مرادفا للولايات المتحدة الأميركية، لكن في الواقع فإن اسم «بوينغ» جاء من ألمانيا، وقد تكون هذه المعلومة بمثابة مفاجأة للقراء، لكن القصة بدأت عندما هاجر الألماني ويلهيلم بوينغ (20 عاما) عام 1868 إلى ديترويت، وفي ذهنه حلم يراوده يحقق من خلاله ثروة طائلة في بلاد الاغتراب. عند وصوله إلى أميركا عمل بوينغ في إحدى المزارع، واكتسب خبرة في صناعة الخشب، وبذكائه ومن مدخرات والدته افتتح شركة لتجارة الخشب. توفي بوينغ في سن 42 تاركا وراءه ثروة طائلة تقدر بمليون ونصف المليون دولار أميركي لابنه ويليام إدوارد الذي كان يعشق قيادة الطائرات وحصل على رخصة قيادة الطائرات عام 1915، وبعد رؤية طائرة «كورتيس» في سياتل قال بوينغ لصديقه «أعتقد أننا نستطيع تصنيع طائرة أفضل من هذه». وهكذا بدأت قصة بوينغ مع تصنيع الطائرات، وسجل بوينغ الشركة رسميا لتصنيع الطائرات في 15 يوليو (تموز) عام 1916.