لشبونة.. قصة غرام

تزورها مرة وتقع في شباكها

تتميز لشبونة بهندسة معمارية لافتة
TT

إننا نمر بالأماكن التي نجد أنفسنا مفتونين بها بصورة مماثلة بدرجة كبيرة للطريقة التي نقابل بها الأفراد الذين نتيم بهم، بشكل مقصود وعارض، في اللحظة المناسبة وفي التوقيت الخاطئ، في أسمى الحالات الروحانية وأدنى الحالات المزاجية.

عرجت بلشبونة في وقت كانت فيه حالتي المزاجية متعكرة. فقد كنت منهكا وفي حالة من نفاد الصبر وأفكر في الذهاب إلى مدينة أوبورتو الكائنة شمال البرتغال، وجهتي الأخيرة والتي تشكل اهتمامي الحقيقي. كانت زيارتي للشبونة قصيرة لم تستمر أكثر من 24 ساعة، حيث وصلت إليها بعد رحلة طيران من نيويورك استمرت طوال الليل لم أنعم فيها ولو بقسط ضئيل من النوم، ولم يرغب الفندق الذي أقمت به هناك في أن يدعني أنا ورفيقي نسجل الوصول وأن نستلقي ونأخذ حماما ونرتدي ثيابا نظيفة لمدة ست ساعات أخرى. وبعد بعض التذلل غير المجدي، عرجنا إلى الشوارع، من دون خريطة أو أجندة أو أي رغبة بعينها.

لاحظنا القلعة على الفور. لا يمكنك أن تفشل في ملاحظتها. وتقف القلعة التي تنتمي للقرون الوسطى، على واحدة من أعلى التلال العديدة في المدينة، والتي تمثل نقطة مرجعية طوبوغرافية وعاطفية، على نحو أشبه بدرجة ما بمعبد البارثينون في أثينا. تنجذب عيناك، وبقية حواسك الأخرى، إليها.

«ماذا تظن؟».. هكذا سألت رفيقي، توم، الذي كان يحملق باتجاهها. كنت أفكر في جميع الأطعمة والمشروبات التي سنتناولها في الأسبوع القادم وأحسب مدى فائدة تسلق المرتفعات بالنسبة لعملية التمثيل الغذائي. قال: «ربما يبقينا التدريب في حالة من اليقظة».

لم نخطط مسارا.. بل أدركنا واحدا عن طريق إعمال الحدس. من ثم، كان العنصر الجمالي الذي شاهدناه وليد الصدفة: فسيفساء من الأحجار السوداء والبيضاء رصفت بها العديد من ممرات المشاة والساحات العامة، والبلاط - بالألوان الأصفر والأخضر والأبيض - الذي زينت به واجهة العديد من المباني. كنت قد رأيت فسيفساء على هذا الشكل في مناطق أخرى، على الرغم من أنه قد كان لها هيمنة خاصة وتمتاز بغرابة الشكل هنا. لكن هذه البلاطات، المستخدمة بهذه الطريقة، كانت رائعة على نحو مدهش. بدا الأمر كما لو أن لشبونة ترتدي أبهى حلتها على نحو لم تفعله المدن الأخرى.

تسلقنا لارتفاع أعلى وأعلى. وسرعان ما غلب لونان على بقية الألوان الأخرى: اللون الأحمر الذي اكتست به الأسقف، التي بدت مصطفة على التلال من ورائنا، واللون الأزرق لنهر التاجة والمرفأ، الذي كانت الأضواء المنبعثة منه تدخل وتخرج من مجالنا البصري حسب المكان الذي نقف فيه. وبوصفها ميناء رئيسيا في دولة لها تاريخ ثري من الحياة البحرية، ترتبط لشبونة بالمحيط - يلتقي نهر التاجة بالمحيط الأطلسي على بعد عشرات الأميال - ويعتبر هذا ضروريا وحميميا ومحسوسا. ويعتبر ذلك المكان واحدا من تلك الأماكن التي لا تطل فقط على مسطح مائي، ولكنها هي نفسها من الماء.

«سأعود مرة أخرى».. هكذا حدثت توم، لأن ما رأيته خلال تلك الساعات الأولى القليلة، على الرغم من الإنهاك والملابس البالية والشعر الملبد والمظهر العام الرث، جسد لمحة من الرومانسية الحقيقية المتحررة التي كنت أتوق إليها والتي أجبرت نفسي على أن أشعر بها في مدن يغلب عليها الطابع الأسطوري.

كان هذا منذ عامين، وقد عدت بالفعل، ليس فقط لفترة توقف مؤقت أخرى لمدة 24 ساعة في الطريق بين أوبورتو ونيويورك، ولكن مجددا في سبتمبر (أيلول) الماضي وبعدها، مرة أخرى، في أبريل (نيسان). ولن تكون هذه نهاية المطاف، لأنني ولشبونة كنا في حالة من التألق. ومع استمراري في الاستمتاع بتلك الحالة، استمررت في محاولة اكتشافها. بعد كل تلك العواصم الأوروبية الأخرى، التي كانت كل منها ساحرة بصورة خاصة، لماذا هذه العاصمة؟ يمكنني القول إن هذه لحظة مواتية على وجه الخصوص لزيارة لشبونة، ولالتقاط قليل من الصور، سوف أفعل ذلك، مع أن الحقيقة هي أنني لا أظن أن لشبونة بحاجة لأي توصية خلاف تلك الحقيقة المقدسة عنها. إنها ضمنت للشبونة جذب انتباه الزائرين ونيل استحسانهم منذ سنوات وسوف تضمنهما لسنوات قادمة أيضا.

أما الآن، فهناك منطق اقتصادي واضح. وتقدم لشبونة خصومات ملحوظة في الأسعار عن لندن وباريس، بل وحتى روما. لقد فقدت عظمتها الجليلة بتلك التخفيضات. سجلت أوروبا الغربية انخفاضا في الأسعار يتراوح نسبته ما بين 20 إلى 30 في المائة. وقد كشفت الأزمات الاقتصادية التي مرت بها البرتغال - التي تشترك في الوقت الحالي في إجراءات التقشف المالي مع اليونان وإسبانيا وآيرلندا - بدرجة ما عن روح إبداعية بين شعبها، الذين سيستغلون الفرص، بشكل عفوي ارتجالي، ولدى حدوث ذلك، سيحاولون دفع السياحة. إن الأموال الخارجية تعتبر علاجا للاحتياجات الداخلية. استشعرت هذه الطاقة أثناء الزيارتين الأخيرتين، عندما التقيت بشكل متكرر أو سمعت عن مهندسين معماريين أو مصرفيين أو محامين سابقين كانوا قد أنشأوا مشاريع خاصة صغيرة، وبحثت مرارا عن مشاريع جديدة مبتكرة. أقمت بأحد هذه المشاريع، وهو عبارة عن فندق متنكر في صورة مجمع سكني، أو ربما يكون الأمر عكس ذلك، حيث تم عمل الديكور الخاص بكل استوديو فسيح أو وحدة سكنية مؤلفة من غرفة نوم واحدة بطريقة فجة عن عمد من قبل مصمم أو فنان برتغالي مختلف، وصنعت كل قطع الأثاث الصغيرة في البرتغال. وتضم كل وحدة أيضا مطبخا مجهزا بالكامل مليئا بالأدوات الزجاجية والأطباق وأدوات الأكل وأوعية الطهي. كل هذا إضافة إلى لا سلكي يعتمد عليه وقاعة انتظار مشتركة في الدور الأرضي وموقع مثالي يكلفك 65 يورو (نحو 81 دولارا، بقيمة 1.26 دولار لليورو) لليلة الواحدة.

خلال الأعوام القليلة الماضية، شهدت لشبونة ازدهارا في الفنادق الفاخرة، من بينها فندق «التصميم الدولي» ذو اللون الأرغواني الفاتح الكائن في روسيو سكوير، قلب المدينة الساحر، وفندق «ألتيس بيليم» المطل على الماء مباشرة في حي باليم الهادئ الذي تصطف على جانبيه أشجار النخيل، حيث يقطع راكبو الدراجات والعداؤون الطرق على طول النهر. كذلك أصبح هذا المكان من أروع أماكن تناول الطعام، من خلال افتتاح اثنين من أشهر الطهاة مطاعم رائعة. يمكنك العثور على طاولة من دون حجز مسبق مثلما يحدث في المعتاد في مدن تجذب عددا أكبر من السياح المولعين بتناول الأطباق الشهية. سوف تسمح لك لشبونة بدخول أي مطعم من دون حجز.

كذلك، ستشعر بخصوصيتك؛ إذ لا تتم مشاركة كل جولة أو لحن موسيقي حالم مع المسافرين الآخرين. تجولت في ظهيرة أحد الأيام في كنيسة ساو ميغيل، التي تفصلها بضع دقائق سيرا على الأقدام عن الكاتدرائية الرئيسية. دخلت إلى واحد من 10 صفوف من المقاعد، ونظرت حولي وفتنني كيف تمت تغطية السقف والحوائط والأركان العديدة ومجموعة من الأشياء الأخرى بالكامل برقائق الذهب أو بطلاء ذهبي. لو كان الملك ميداس حاضرا، لكان قد أدى صلواته الكاثوليكية هنا. كنت أكثر انبهارا لملاحظتي عدم وجود سائح واحد آخر. ظللت بصحبة ثلاث سيدات برتغاليات مسنات، جميعهن يرتدين ملابس نسائية وأغطية رأس تغطي شعرهن، وكن يؤدين الصلوات بصوت مرتفع. ارتفعت أصواتهن واهتزت أجسادهن. لما يقرب من نصف ساعة، استمررت في المشاهدة والاستماع، من دون التفوه ببنت شفة، كي لا أشتتهن.

إن التجول هو أكثر ما أستمتع به في مكان ما زلت أتعلم منه، ولشبونة تشجع ذلك، لأنه ليس مصحوبا بالمخزون الكبير من المتاحف التي يكون من اللازم مشاهدتها والآثار التي يجب التقاط صور لها، الذي تضمه العديد من المدن الأوروبية الأخرى. لا يوجد مكافئ لبرادو في مدريد، مع أنني أقترح «تايل ميوزيوم»، المخصص للعنصر الزخرفي المثير الذي يجعل المدينة شديدة التميز. لا يوجد هيكل ديني رمزي مثل دو في فلورنسا، مع أنك يجب أن تستمتع بزيارة دير جيرونيموس في بيليم، خارج المركز. إنه مثال رائع لنمط زخرفي مميز يحمل طابع أواخر الحقبة القوطية من العمارة البرتغالية المعروفة باسم المانيولين.

في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه قائمة الاحتياجات التي تحملها في فينسيا أو برلين رائعة، ربما تكون أيضا استبدادية، ممثلة في سجن جذاب ظاهريا من الالتزامات. في لشبونة، أتمتع بالحرية. يمكنني دخول مقهى بالصدفة لأكتشف أنني أحب الموسيقى الشعبية الإنجليزية التقدمية (فينك) التي تنساب بسلاسة من ألسنة المتحدثين ولأدرك أن بإمكاني احتساء النبيذ الأبيض المنزلي بسعر يوروين للكوب، وأقرر البقاء لمدة ساعة بلا هدف. وهذا ما حدث بعد 15 دقيقة من مغادرتي كنيسة ساو ميغيل، التي توجد في ساحة عامة مستديرة بها نخلة كثيفة واحدة في المنتصف، وهذا هو المعنى الحقيقي للعطلة. في لشبونة، أماكننا المفضلة هي تلك التي عادة ما تتجاوز توقعاتنا، تأتي المصادفة في صالحنا، ولا يهم أي شوكة تعترض الطريق الذي نسلكه، فستقودنا إلى مكان ما نسعد به. حاولت امرأة برتغالية تقف على بعد 15 خطوة مني ومن توم جذب انتباهنا بكلمات لم أتبين معناها. كانت تسترق السمع إلى محادثتنا مع بواب الفندق، الذي اقترح علينا مكانا يمكننا أن نتناول فيه الغداء. وجدناها تشير إلينا. قالت: «لا تذهبا إلى هناك. اذهبا إلى هذا المكان». كتبت اسما - بينوكيو - وأوضحت لنا الاتجاه الذي علينا السير فيه. عندما وصلنا، ساورنا القلق من أن تكون قد ضللتنا. كان موقعه بالقرب من محطة القطار، وتنذر مجموعة طاولاته الموضوعة في الهواء الطلق بوجود «خدعة للسياح». ولكن بعدها، جاءت شريحة لحم تكفي شخصين حيث كانت قد رشحتها لنا - شرائح ضخمة رائعة لامعة من اللحم في وعاء من حديد الزهر مع عرق الشواء بالأسفل. وكان هناك كثير من أرغفة الخبز الموجود في سلة مجاورة. غمسنا الخبز في الصوص.

في لشبونة، أخرج لممارسة رياضة الجري بشكل منتظم وأستمتع بشيء أفضل، وهو الانحدار الشديد لـ«حديقة إدواردو السابع»، وهو مستطيل منحدر من حجارة الرصف يشكل شبكة من الحواجز المشذبة التي تحاكي شكل المتاهة. ترتفع الحديقة، على نحو شديد الانحدار، من أعلى أفنينيدا دا ليبرداد، أكبر شارع عريض مشجر في لشبونة، وتحترق قدماي على طول الطريق لقمته، حيث شعرت بأني قد حصلت على جائزة عظيمة لدى وصولي إلى القمة بمشاهدتي ليبرداد وجميع الأشجار والمباني التي تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر المنحدرة إلى مستوى الميادين الرئيسية في المدينة، والتي تفسح المجال في ما بعد للماء. يمكنني أن أبصر لمسافة أميال. وبينما أنا في حالة من الشعور بالابتهاج، أخذت أقوم بالعديد من التمارين الرياضية لتخفيف التوتر واستمتعت على طول الطريق بشخص يلعب مع كلبه بين الحواجز. تعلم الكلب القيام بقفزات أكروباتية عليها، مثل حصان في سباق الحواجز والموانع.

دائما ما تبهجني لشبونة بتلك الصورة. اصطحبتني أنا، واحدة من الأصدقاء الكثيرين الذين تعرفت عليهم أثناء إعدادي تقارير صحافية عن البرتغال عبر السنين، إلى الحي الذي نشأ خلال السنوات الماضية حول مصنع «إل إكس فاكتوري» في ألكانتارا. هناك مجموعة من البوتيكات والمتاحف والمطاعم في المنشآت الصناعية التي كانت تستخدم قبل عقود في التصنيع. ترغب صديقتي في أن تريني مكتبة لبيع الكتب. وجدت في ذلك مضيعة للوقت، نظرا لأن معظم الكتب مكتوبة بلغة لا أقرأها. لكن هذه المكتبة، التي تحمل اسم «لير ديفاغر»، لا تبدو كأي مكتبة أخرى. إنها في مساحة ضخمة متعددة الطوابق كانت مخصصة من قبل لمطبعة ما زالت موجودة هناك. وقد أنشئت مجموعة من السلالم والطرق المنحدرة والممرات الضيقة لتقودك عبر كم كبير من الأرفف من العناوين الشهيرة والغامضة على حد سواء. إنها مكتبة مع طابعة إيشر، مع بضعة مقاه، إذ يحتاج المتصفح إلى احتساء فنجان قهوة.

ويقول صديق جديد آخر، هو روي، إنه سيلوح للشخص اللشبوني في سيارته لأخذي لتناول طعام العشاء. بالنسبة لي، يعتبر هذا بديلا أكثر إمتاعا وتوفيرا من استقلال سيارة أجرة، لكن بالنسبة لروي، يعني هذا فرصة لركوب القطار الأفعواني الممتد أسفل (وأعلى) بعض أضيق الشوارع وأكثرها انحدارا في المدينة. يتوقف القطار عند لارغو دا غراسا، ميدان تمتد فيه أشجار وطاولات على طول الطريق إلى 25 دي أبريل بريدج، الذي يذكر الضوء المائل للحمرة المنبعث منه بالبوابة الذهبية (كثير من الأشياء في لشبونة تستحضر في الذهن سان فرانسيسكو، بما في ذلك عربات الترام، التي تعتبر البديل في لشبونة لعربات القطار الهوائي). غير أن لشبونة تولي قيمة أكبر للمساحات العامة بدرجة تفوق المدن الأميركية، وتجد لارغو دا غراسا منافسة حادة من جانب الأماكن ذات المواقع الرائعة، حيث يمكنك أن تجد مقعدا أو تحتسي مشروبا مميزا أو تحظى بصحبة جيدة. من بين أماكني المفضلة ميرادورو دي ساو بيدرو دي ألكانتارا، الشهير بصخبه، وجارديم دو توريل، الشهير بهدوئه. حدد حالتك المزاجية واختر موقعك بالتبعية.

يمنحك تصميم لشبونة خيارات واضحة ومرتبة. في حي بايكسا، حيث يوجد أكبر ميدانين (وهما روسيو وبراكا دو كوميرسيو)، يمكنك الاختيار ما بين دخول عالم الماضي الوضيع أو الحاضر المنمق. نوعان مختلفان من التلال ومجموعتان مختلفتان من الخبرات والمشاعر.

تجسد ألفاما الماضي. وهي ضاحية تقطنها الطبقة المتوسطة ضربها زلزال في عام 1755، مسويا أجزاء كاملة من المدينة بالأرض، مما أحال جزءا كبيرا من تاريخ لشبونة إلى حطام. أبدأ سيري عبرها بتناول الطعام في «بويس كافيه»، الذي يعتبر مقهى ومتجر شطائر رائعا مثلما أعرف، والذي يمتلئ بالتحف والخردوات ولعب الأطفال، ويتمثل أثاثه في مجموعة منتقاة من كراسي صغيرة وكراسي ذات ذراعين وأرائك، وحوائطه مبنية من أحجار كبيرة. خضت طريقي عبر الأزقة المنحوتة مارا بمحلات الأسماك والجزارات، أسفل قناطر منخفضة، وصاعدا سلالم صغيرة. هناك مغسلة ومنشآت سكنية متواضعة مدهونة بالألوان الأصفر والوردي وغيرهما من الألوان الفاتحة الرقيقة الأخرى. إن لشبونة لا تتحاشى الألوان.

على التل المقابل، يبدو كل شيء أبهى وأكثر تشجيرا. نجد عددا أقل من البلاطات المتكسرة والمزيد من أحجار الرصف البيضاء البراقة. وعلى منحدراتها، يوجد حيان. وتعطيها الطرق الفرعية الرفيعة والجدران البيضاء والعدد الوفير من الحانات والمطاعم الموجودة في أحدها، وهو بايرو ألتو، مظهر جزيرة يونانية. وفي ليالي عطلات نهاية الأسبوع على وجه التحديد، تتحول إلى حفل خارجي صاخب ممتد على مساحة واسعة - حيث يتجلى في جموع من الشباب يحتسون المشروبات ويدخنون ويلتقطون الصور.

يعتبر تشيادو، الحي المتاخم لبايرو ألتو الأكثر رقيا، حيث يضم مراكز تسوق وفنادق فخمة. وبأعلى «هوتيل دو تشيادو»، التقيت صديقا آخر، هو باولو، لتناول مشروب. اخترنا الطابق العلوي وجلسنا هناك أعلى أضواء المدينة الناعمة. ولاحقا، بينما نسير عبر واحد من أصغر وأفخم الميادين العديدة في تشيادو، شعرت بمدى روعة لشبونة. رد باولو: «حقا؟»، وفي تلك اللحظة، أدركت كم أن لشبونة - بعيدا عن البلاطات أو عربات الترام أو المياه - محببة بالنسبة لي. إنها تتمتع بالتواضع الذي نادرا ما نجده في مدينة لديها كثير من الأسباب التي تدعو للتفاخر.

في اليوم الأول، ذهبت أنا وتوم إلى كاستيلو دي ساو جورغ - الاسم الذي تعرف به القلعة الواقعة أعلى التل - قبل الظهر. كان لا يزال أمامنا ثلاث ساعات قبل تسجيل الوصول. لكننا لم نعد بعد في حالة عجلة.

* كاتب افتتاحيات بصحيفة «نيويورك تايمز»، وعمل ناقدا للمطاعم بالصحيفة في الفترة من يونيو (حزيران) 2004 إلى أغسطس (آب) 2009.

* خدمة «نيويورك تايمز»