«لاكلوساز».. طبيعة ساحرة ومغامرات لكل أفراد الأسرة

وصفة سياحية رائعة شرق فرنسا

جميلة في جميع الفصول
TT

من السهل أن يغفل السائح مناطق شرق فرنسا، لأن الاهتمام السياحي ينصب في أغلبه على الساحل الجنوبي وعلى العاصمة باريس، لكن منطقة «لاكلوساز» (La Clusaz) المتاخمة للحدود مع سويسرا توفر طبيعة ساحرة وسياحة هادئة، والكثير من الأنشطة الصيفية لكل أفراد الأسرة. ولا تبعد هذه المنطقة بأكثر من 50 دقيقة بالسيارة عن مطار جنيف الدولي في سويسرا، ويمكن أيضا الوصول إليها من مطار ليون الفرنسي الذي يبعد عنها بزمن 80 دقيقة بالسيارة.

وتوفر المنطقة العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية، تشمل استكشاف معالم المنطقة على الأقدام أو بركوب الخيل أو الدراجات، كما يمكن الاستجمام في المنتجعات المنتشرة فيها التي توفر حمامات السباحة وملاعب الغولف والرياضات الأخرى. ويقع في المنطقة جبل «مونت بلون» الذي يمثل أعلى قمم جبال الألب، والتي يمكن تنظيم رحلات لمشاهدتها من سفوح الجبال المجاورة باصطحاب دليل محلي. ويمكن قضاء يوم كامل في تسلق التلال الخضراء ثم تناول الغداء في مزرعة تقدم نماذج من طعام الريف الفرنسي. وبعد الظهيرة يمكن الاستجمام في حمامات السباحة قبل التجول مساء في القرى المنتشرة في المنطقة وشراء بعض الهدايا التذكارية منها.

ويمكن استئجار دراجات هوائية للتجول بها في المنطقة وتناول الطعام في مطاعم تطل على المشاهد الجبلية. ويقول أهل المنطقة إن هناك العديد من الأسباب لزيارة لاكلوساز، فهي تقريبا خالية من ازدحام المرور، وبها مناطق لا تصل إليها السيارات، وبها بحيرة «أنيسي» التي تعد من أنظف بحيرات أوروبا بدرجة حرارة معتدلة تصل إلى 25 درجة خلال فصل الصيف. وتفخر المنطقة بما تقدمه من صنوف الطعام والشراب التي تعد كلها من موارد محلية. وهي منطقة تتميز بحرارة الاستقبال من أهلها، ولا يعاني الزائر لها من مشاكل مناطق السياحة الأخرى من صعوبة الحصول على موقع على الشاطئ أو حمام السباحة أو عدم وجود مكان لصف سيارته، ففي لاكلوساز كل شيء متاح بسهولة وبلا ازدحام.

وتتميز المنطقة بنوع من الجبن المحلي اسمه «ربلوشون» يصنع من الألبان المحلية، ويمكن للزائر مشاهدة خطوات صناعة هذا الجبن بالوسائل التقليدية في مزارع المنطقة. ويحتفظ المزارعون المحليون بخلطة صنع هذا الجبن سرية من جيل إلى آخر. وتقام يوم 12 أغسطس (آب) من كل عام احتفالات خاصة بهذا النوع من الجبن، بحيث يتم تذوق الجبن في الأسواق وبيعه ضمن العديد من المنتجات القروية الأخرى.

وتوفر مكاتب السياحة المحلية نصائح لكل أنواع الأنشطة المتاحة محليا، ومعظمها يقدم مجانا أو لقاء رسوم رمزية، فهناك مسابقات للعدو تقام يوميا وحفلات موسيقية مسائية، ويمكن تعلم بعض الحرف المحلية في مجموعات صغيرة. ويمكن مشاهدة استعراضات الخيول ومسابقات القفز على الحواجز التي تقام دوريا. ويقام سنويا يوم احتفالي هائل يوم 14 يوليو (تموز) بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، تتخلله مهرجانات وألعاب نارية مسائية.

وتشتهر المنطقة أيضا بالرياضات المختلفة من تسلق الجبال إلى الطيران الشراعي إلى المشي الجبلي لمسافات طويلة، وأيضا استكشاف المنطقة بالدراجات الجبلية. ويمكن استئجار كل المعدات اللازمة لهذه الرياضات من منافذ سياحية محلية. كما توجد أيضا العديد من وسائل الاسترخاء والتمتع بعطلة مريحة. ومن الأنشطة التي تصب في هذا المجال حضور دورات مع إخصائي زهور محلي اسمه جيل هوبرغاري، وهو يستخدم الزهور المحلية في أغراض الطهي والعلاج الطبيعي ويصطحب الدارسين معه في جولات ميدانية لجمع الزهور البرية. كما توجد العديد من أندية المساج الملحقة بالفنادق المحلية.

وتقام في المنطقة أيضا احتفالات ريفية تنظمها فرق موسيقية ومسرحية، كما تقيم كل قرية سوقا خاصة بها لبيع منتجاتها ومشغولاتها اليدوية. وتشتهر المنطقة بالعديد من الوجبات التي لا توجد في أنحاء فرنسا الأخرى.

* الأطفال أولا

* وتضع المنطقة الأطفال أولا، وتقدم الكثير من الخدمات المجانية لمن هم دون الثانية عشرة من العمر، مثل الإقامة المجانية في الفنادق والطعام المجاني والعديد من الأنشطة في المنتجعات والمزارع المنتشرة في المنطقة. وتوجه المنطقة عناية خاصة أيضا للأطفال الرضع، حيث توفر خدمات تأجير عربات الأطفال لهم، وتوفر أماكن خاصة للعناية بهم. وتفتح بعض المزارع أبوابها للعائلات لتناول المشروبات الساخنة مع الكعك المحلي والمربى المصنوعة من الفواكه المحلية. وتوجد مدارس خاصة لتعليم الأطفال رياضات التنس وركوب الدراجات والسباحة.

وتقام في المنطقة عروض لمسابقات استعراض الخيول والقفز على الحواجز، وهي تقام سنويا بين 4 و8 يوليو، وتأتي إليها فرق الخيول الاستعراضية من جميع أنحاء العالم. وتقام على هامش هذه المسابقات بعض العروض المحلية أيضا. وتتاح فرص ركوب الخيل للأطفال والكبار على السواء في رحلات جبلية بين المراعي. وتوفر بعض المزارع معسكرات خاصة للأطفال لتعليمهم كيفية العناية بالخيول.

ومن بين أشهر الفنادق في المنطقة فندق وسبا يسمى «أوكور دي فيلاج» به مطعم خمس نجوم يعمل به أحد أفضل طهاة فرنسا، وهو كريستوف باشيسكو الذي حصل على لقب أفضل «شيف» في فرنسا لعام 2011. وهو يستخدم الأطعمة المحلية ويقدمها بأسلوب جديد يلقى استحسانا من خبراء التذوق في فرنسا. وهو يتخصص أيضا في صنع أفضل أنواع الشوكولاته الفرنسية باستخدام منتجات الألبان الطازجة المتاحة محليا.

وهناك العديد من المطاعم المحلية التي تتغير فيها قوائم الطعام دوريا وفقا للموسم، وأشهر المطاعم العائلية في المنطقة تشمل «لوشاليه دو لاك»، و«لاسيريه»، و«لوسانك»، والأخير يقع داخل فندق «أوكور دي فيلاج». وهناك العديد من المقاهي التي تقدم المشروبات طوال ساعات النهار.

وتقدم قرية لاكلوساز احتفالا خاصا يومي 27 و28 يوليو، حيث تطفئ القرية جميع الأضواء في المساء وتضيء مئات الشموع، وتقدم الفرق الموسيقية عروضا مسائية مع استعراضات مختلفة تطوف بالشوارع. ويقام ذلك المهرجان سنويا احتفالا بفصل الصيف.

وتعتبر المنطقة من أسرار السياحة الفرنسية، حيث إن معظم نزلاء الصيف يأتون إليها من أنحاء فرنسا الأخرى ومن سويسرا. وهي توفر فرصا سياحية لكل الأعمار والميزانيات، حيث تتراوح درجات الفنادق بها بين مستويات الخمس نجوم والفنادق الشعبية التي تقدم الإفطار فقط لنزلائها. وتتميز لاكلوساز بتوافر المعلومات فيها عن كل الأنشطة خصوصا تلك الموجهة إلى الأطفال، حيث توجد أندية سياحية خاصة بهم تقدم لهم بطاقات تتيح لهم المشاركة في الأنشطة المختلفة تحت إشراف خبراء. وتقول إدارة السياحة في المنطقة إنها توفر إمكانيات تنظيم الأعراس في المنطقة أيضا.

وتلتزم المنتجعات بشروط سلامة الأطفال، ضمن لائحة طويلة تضم مائة من هذه الشروط. ويقبل الأطفال بوجه عام على المنتجع المائي «أكوا بارك» الذي يوفر لهم العديد من الرياضات المائية ضمن مجموعة من حمامات السباحة الخارجية والمغطاة.

وتقع المنطقة على ارتفاع 1100 متر فوق سطح البحر، وهي ترتبط مع أربعة منتجعات أخرى تحيط ببحيرة «أنيسي» وتقدم خدمات سياحية متكاملة سواء على سطح البحيرة، بالرياضات المائية، أو خلال فترة الشتاء التي تتحول فيها المنطقة إلى منتجع كبير للتزلج على الجليد. ويمكن اتخاذ المنطقة قاعدة لاستكشاف المناطق المحيطة خصوصا منطقة شامونيه وقمة «مون بلان»، أعلى قمة جبلية في أوروبا.