إلى أين تتجه بوصلة السياح السعوديين هذا الصيف؟

في ظل استمرار موسم الربيع العربي

TT

يبدو أن تغيير البوصلة لدى السياح السعوديين بات أمرا محتوما، في ظل استمرار موسم الربيع العربي. وهو ما فتح الباب واسعا أمام وجهات سياحية لم تكن تحظى بنصيب من كعكة السياح السعوديين إلا قليلا. حجز الوجهات السياحية قبل بدء موسم الصيف، الذي كان قاصرا على ماليزيا ودبي، انقلب رأسا على عقب بعد تغيير مؤشر البوصلة عند إعلان الدخول الفعلي لموسم الصيف.

تصدر تركيا، إحدى دول اتحاد اليورو، لقائمة الوجهات السياحية عكس إلى حد كبير حرص السواد الأعظم من السعوديين على السياحة وفق معاييرهم، التي قد لا تتناسب مع الدخل الحقيقي، وهو ما يبدو جليا في كم القروض البنكية التي تأخذ صورة عروض صيفية، هدفها الرئيسي تغطية تكاليف سياحة السعوديين، التي يتم سدادها على مدى عام كامل تحت مسمى القرض الحسن، تضامنا من القطاعات البنكية، للحفاظ على تغيير نفسية السعوديين.

عروض الصيف البنكية، التي تأخذ أشكالا مختلفة، تختلف باختلاف سياسة البنك، تكون في العادة «مرتبطة إلى حد كبير بفترة الإجازات، في محاولة من البنوك للمحافظة على معدل جيد للمحفظة الاستثمارية للبنك»، كما أوضح نواف مطر مدير عام العروض في البنك الهولندي، مؤكدا عدم وجود ما يسمى «قرض سفر»، إلا أن الأمر لا يخلو من دعم ولو بسيط ومبطن من قبل القطاع البنكي، في دعم السياح السعوديين، وهو ما تمثله «عروض بطاقات الائتمان، الأكثر أمنا في السفر، وتخفيضات الرسوم المرتبطة بها، بالإضافة إلى قائمة جوائز أميال السفر».

وفي حين تربعت عاصمة الخلافة العثمانية، تركيا، على عرش السياحة التي يبلغ متوسط نفقاتها، كما أوضح محمد بادخن، موظف بشركة «الطيار» للسياحة والسفر، ما بين تذاكر السفر والمواصلات بجانب السكن، ما بين 25000 - 30000 ريال، لشخصين خلال أسبوعين، وهو ما يتوافق مع دخل أصحاب المقام الرفيع، تأتي ماليزيا في المرتبة الثانية التي يتراوح متوسط الإنفاق فيها ما بين 20000 - 25000 ريال، في نفس الفترة الزمنية.

ظلت رياح الثورات العربية تعصف بالموسم السياحي العربي، من أقصاه إلى أدناه، وهو ما يبدو واضحا في مصر، التي «اقتصر وجود السياح السعوديين فيها على شرم الشيخ والإسكندرية بنسبة 20%»، بينما تكاد تخلو قاهرة المعز من السياح السعوديين. ولم يقف الأمر عند عواصم الربيع العربي الثائرة، بل ألقى الأمر بظلاله السوداء على دول لم تجتَحْها رياح التغيير، فقلّت حصتها من السياحة السعودية، تخوفا من انتشار عدوى الثورة، الأمر الذي عزز من حظ «أغادير وكازا المغرب، لتحصل على النسبة الأكبر بين مدن السياحة العربية، التي يتراوح حجم الإنفاق فيها ما بين 1200 – 1400 ريال»، في ظل الظروف العربية الراهنة، كما أوضح بادخن. بينما ظلت وجهات كسريلانكا وجهات إجبارية لمن فاته قطار الحجوزات، التي يصل حجم الإنفاق فيها حد الـ15000 ريال.

ويأتي اختيار السعوديين لوجهاتهم السياحية الجديدة وفق معايير، على رأسها الترفيه العائلي الذي تمثله حاضرة الإمارات العربية المتحدة دبي، على الرغم من ارتفاع درجة حرارة صيفها الموازي لارتفاع أسعار فنادقها ومولاتها التجارية، الذي تلعب أواصر القرب الجغرافي دورا فعالا في غض طرف السياح السعوديين عنه، كما أوضحت لؤى، التي تعتزم شد الرحال إليها في حال عدم حصولها على تأكيد حجز لماليزيا.

تبلغ تكلفة السفر إلى دبي في موسم صيفي عربي ساخن «15000 ريال شاملة التذكرة والمواصلات والسكن، من دون تكلفة الترفيه العائلي»، والعروض الترفيهية التي تقدمها دبي لزوارها في ظل الإقبال الكبير من الأسر السعودية، تعمل على رفع ميزان تكلفة السياحة الصيفية، كما أوضحت لؤى التي تعتبر دبي «أكثر غلاء عندما يتعلق الأمر بالسياحة الأسرية، في ظل توفر مقومات الترفيه العائلي، وقدرتها على تنظيم وابتكار عروض ومهرجانات تستهدف الأسرة بالدرجة الأولى».

الوجهات الخارجية للسياح السعوديين، والمقصورة على من حاول رفع قامته بقروض بنكية، لم يقف حائلا أمام القائمين على تنظيم مهرجانات صيف السعودية من توجيه دعواتهم لسياح الداخل، ما دام لم يخرج مفهوم السياحة السعودية عن حدود المولات التجارية والمطاعم والمقاهي التي تنتشر على طول مدن الساحلين الشرقي والغربي، الأكثر استقطابا للسياح، وهو ما يبرزه عدد الرحلات التي يتم تسييرها خلال هذه الفترة من السنة التي زاد معدل رحلاتها للمحطات الرئيسية جدة والرياض والدمام إلى 32 رحلة في الأسبوع الواحد، بينما ظلت مدن الجنوب الغربي للسعودية الأكثر استقطابا للباحثين عن الراحة والاستجمام والهدوء دون ضجيج، وهو ما يفسر عدد الرحلات المسيرة خلال نفس الفترة والبالغة 76 رحلة بين الرياض وأبها، بينما بلغت الرحلات بين جدة وأبها 59 رحلة.

مفهوم السياحة عند السعوديين، والذي يسافر معهم أينما حطوا! يبدو أنه أصبح بصمة يعرفها الرابحون في برنامج وجهات السعوديين السياحية، التي لا تتجاوز ثنائية التسوق والأكل، ولا يمنع المرور على بعض الآثار في مناطق هي بالأساس تجمع مركزي لمطاعم وأسواق. كما أوضح بادخن: «معظم السعوديين يحرصون على زيارة شارع العرب، بمدينة كوالالمبور الماليزية، أو السلطان أحمد التراثية، ومنطقة تقسيم بوسط المدينة».