اليونان بعيدا عن أعبائها الاقتصادية

سياحة بين أجمل بقاع المتوسط وأكثر شعوبها حبا للضيافة

روعة الشواطئ اليونانية تفرض نفسها في جميع جزرها
TT

تظهر اليونان في نشرات الأخبار بين الحين والآخر، ولكن لأسباب سلبية، منها الإفلاس الاقتصادي والمظاهرات المعترضة على سياسات التقشف ومناقشات دائرة حول ما إذا كانت سوف تبقى داخل منطقة اليورو أو تعود إلى عملتها السابقة، الدراخما. ولكن على الرغم من متاعب اليونان المرحلية فإنها ما زالت من أكثر البلدان جذبا للسياح بطبيعة خلابة تعد من أجمل بقاع البحر المتوسط، وشعب مضياف له من الثقافة المتوسطية أكثر مما له من الانتماء الأوروبي، ويشبه إلى حد كبير شعوب جنوب المتوسط في التراث العائلي والتقاليد المحافظة.

ولعل متاعب اليونان الاقتصادية هي التي تجعلها الآن من أكثر الدول ترحيبا بالسياح ومعرفة بقيمتهم الاقتصادية للبلاد. وتقدم اليونان الكثير من المعالم السياحية التي تتراوح بين الشواطئ الخلابة المطلة على بحار زرقاء نقية المياه، وبين الآثار اليونانية المعهودة، والكثير من المعارض والمتاحف والأسواق الشعبية والمقاهي والمطاعم. وتشتهر اليونان بمطبخ زاخر ينتمي إلى طعام البحر المتوسط، ويشمل السلاطات والجبن الأبيض والأسماك وزيت الزيتون، وهو من أكثر المطابخ حفاظا على الصحة في العالم.

ولكل منطقة في اليونان مطبخها الخاص، ويمكن التعرف على التأثير التركي والإيطالي على المطبخ اليوناني من أكلات مثل المسقعة وسوفلاكي. ويعتمد اليونانيون على الحدائق الملحقة بالمنازل من أجل زراعة الخضر والأعشاب التي يحتاجونها في أكلاتهم اليومية، وهم يستخدمون المكونات الطازجة فقط في وجباتهم.

وتعد اليونان من الدول السياحية التقليدية، ولها تراث قديم في استقبال وضيافة السياح، وهي تناسب كل الأعمار ومختلف النشاطات، ويمكن لكبار السن المشي على الشواطئ والاستمتاع بشمس الشتاء، والتنزه في مراكب بحرية يشاهدون من خلالها الدلافين والسلاحف البحرية في بيئتها الطبيعية. كما يمكن للصغار الانطلاق في الرياضات البحرية من سباحة إلى تزلج على المياه، إلى ركوب الدراجات البحرية. وتقدم اليونان مناطق متخصصة في الغوص وتسلق الصخور وطيران الطائرات الورقية.

وهناك أيضا السياحة بين الجزر المختلفة والتنقل بينها، سواء بمراكب سياحية عامة أو بيخوت خاصة تتنقل بحريا بين الجزر. ويعتقد أهل الجزر أن تبني اليونان لعملة اليورو كان قرارا سيئا رفع عليهم الأسعار وتكاليف المعيشة. وما زال هناك عدة فنادق ومطاعم صغيرة تقدم وجبات وإقامة بأسعار معتدلة، ولكن اليونان لم تعد رخيصة كما كانت في السابق، وتنطلق الأسعار في المناطق السياحية إلى المستويات الأوروبية، خصوصا في المطاعم والفنادق الفاخرة.

ومع ذلك فهي ما زالت تقدم قيمة أفضل من بعض الجهات السياحية الأخرى في شمال ووسط أوروبا. ويمكن للشباب الاعتماد على المواصلات العامة وبيوت الشباب للمعيشة بميزانية لا تزيد على 50 يورو يوميا. أما السائح الذي يريد فندقا متوسط الحال مع زيارة الأماكن السياحية والأكل في المطاعم، فعليه أن يخصص ميزانية تصل إلى مائة يورو يوميا في حدها الأدنى. ولكن السياحة العادية بلا جهد للاقتصاد في التكاليف، فهي تكلف السائح نحو 150 يورو يوميا.

وتعد فترات الربيع والخريف من أفضل فترات العام لزيارة اليونان سياحيا، حيث يعتبر الشتاء فصل «بيات شتوي» لكل البنية التحتية السياحية في اليونان، خصوصا في الجزر. وتغلق بعض الجزر تماما خلال فصل الشتاء ويذهب أهلها للإقامة في أنحاء اليونان الأخرى خلال الشتاء، وكذلك تنخفض أو تلغى رحلات الزوارق البحرية بين الجزر أثناء فصل الشتاء. ويبدأ السياح في العودة مرة أخرى بداية من شهر أبريل (نيسان).

وهي كمثل دول المتوسط الأخرى، ترتفع فيها الأسعار وقت الذروة السياحية الصيفية، خصوصا في شهر أغسطس (آب) من كل عام، وتنخفض الأسعار بشكل كبير في الجزر اليونانية في فصلي الخريف والشتاء من كل عام. وتقبل العائلات على اختيار العطلات من دون الوجبات على أن تدبر طعامها بتناول وجبة واحدة يوميا في المطاعم وشراء حاجيات الأطعمة لبقية اليوم من منافذ السوبر ماركت. وأفضل وسيلة للسفر داخل أرجاء اليونان هي باستخدام السفن البحرية التي تنقل الأطفال دون سن الخامسة مجانا.

وعلى الرغم من وجود أجهزة صرف آلي في معظم المدن اليونانية، فإن استخدام النقد ما زال ضرورة، خصوصا خارج المدن وفي الجزر اليونانية وفي المنافذ الشعبية، مثل المطاعم والمقاهي ومحلات الهدايا. وينصح خبراء السفر بعدم حمل كميات كبيرة من النقد، والتنقل بما يكفي فقط لاحتياجات يوم أو يومين مع الاحتفاظ بالباقي في مكان آمن. ولا تدفع شركات التأمين في العادة أكثر مما يعادل 300 دولار في حالة فقدان أموال نقدية. وتقبل معظم المنافذ الراقية الدفع ببطاقات الائتمان.

ويحتاج المسافر إلى اليونان إلى تأمين صحي للطوارئ، وشهادة طبية بالأدوية التي يحملها معه، خصوصا إذا كانت تتضمن حقنا طبية. ولا توجد حاجة للتطعيم في اليونان، كما لا توجد شروط تطعيم على القادمين من الشرق الأوسط. وتعاني بعض الشواطئ اليونانية من البعوض، ولكن لدغاته لا تحمل خطر الملاريا.

ولا تعاني اليونان من جرائم السرقة بشكل كبير، إلا في وسط أثينا وفي منطقة أومونيا على وجه التحديد. وتقول مصادر يونانية إن النسبة الأكبر من السرقات من السياح يرتكبها سياح آخرون. وأخطر المناطق هي الفنادق الشعبية والمعسكرات. ويمكن استخدام خزائن الأمانات في الفنادق اليونانية بكل درجاتها.

ولعل أبرز الخدع السياحية ما يجري في أثينا بالذات، وضد السياح العرب، حيث يبدأ الحديث معهم من يونانيين يتقنون اللغة العربية ويدعونهم لتناول مشروب مجاني في مقهى قريب. لدى دخول المقهى تظهر فتيات يطلبن مشروبات بأسعار خيالية، يجد السائح نفسه متورطا في دفعها. هذه الخدعة تقتصر على أثينا، والنصيحة هي الخروج من المقهى فورا لدى انكشاف الخدعة وعدم قبول دعوات لمشروبات مجانية.

ويحتاج المسافر العربي إلى اليونان إلى الحصول على تأشيرة دخول أوروبية «شنغن». وعليه أن يثبت أنه يستطيع الإنفاق على إقامته خلال فترة السياحة وأنه سوف يعود إلى بلاده بعدها.

* بعض المعالم السياحية في اليونان:

- أكروبوليس: وهو من أشهر الآثار اليونانية ويقع في وسط أثينا، ويعود تاريخه إلى العصر الإغريقي القديم. وللموقع عدة مداخل من أنحاء أثينا المختلفة.

- جزيرة هايدرا: وهي رحلة بحرية تستغرق يوما واحدا من أثينا، ويمكن القيام بهذه الرحلة مع عدد من الشركات السياحية الملحقة بالفنادق، والتي تنظم الرحلات على نحو يومي. وتشمل الرحلة جزرا أخرى مثل بوروس وايجينا، ويمكن زيارة الجزر الثلاث في يوم واحد.

- ديلفي: وهو أيضا من الآثار الإغريقية الشهيرة ويقع على سفح جبل بارناسوس ويطل على خليج كورينث. وهو من الآثار المصنفة من التراث الإنساني عالميا. واعتبر الإغريق القدامى أن موقع ديلفي هو مركز العالم. وفي الصيف يجب زيارة الموقع باكرا لتجنب الزحام وحرارة الطقس.

- شاطئ رودس: وهو من الشواطئ اليونانية المشهورة في جزيرة رودس، ويقع في شمال الجزيرة، وهو شاطئ يجاور مركزا للأحياء البحرية. ويمكن استئجار المقاعد والشماسي على الشاطئ المزود أيضا بالحمامات ومختلف الخدمات من مطاعم ومقاهٍ ومنافذ بيع الهدايا.

- متحف كونوسوس في كريت: وهو يحتوي على التحف التي اكتشفها الرحالة البريطاني السير آرثر إيفانز في عام 1900. وكان المكتشف الألماني هنريك شليمان، مكتشف مدينة طروادة التاريخية، يشك في وجود موقع لمدينة أثرية في مكان المتحف، ولكنه فشل في التوصل إلى اتفاق مع السلطات العثمانية التي كانت تحكم كريت آنذاك. ولكن البريطاني إيفانز اشترى الأرض، مما منحه حق التنقيب فيها، واكتشف فيما بعد التحف الإغريقية التي تعرض في المتحف المقام على الموقع نفسه.

- متحف الحضارة البيزنطية: ويقع في تسالونيكي، ويضم نحو 3 آلاف قطعة مختلفة من اللوحات والأواني الفخارية والملابس من العصر البيزنطي الذي انتهى بسقوط القسطنطينية في عام 1453.

- مسرح داينوسوس الإغريقي: ويعود تاريخه إلى عام 342 قبل الميلاد، وعرضت عليه مسرحيات تاريخية إغريقية من تأليف سوفوكليس وأرسطوفينس، وهو مبني من الحجر والرخام. ويتسع المسرح لنحو 17 ألف متفرج ينتشرون على 64 صفا من المقاعد الحجرية على شكل نصف دائري. ولم يبق من صفوف المقاعد الأصلية الآن سوى 20 صفا.

- استاد باناثينايك: وهو استاد أولمبي تاريخي أقيمت عليه أول دورة ألعاب أولمبية حديثة في عام 1896. وقد بني الاستاد الرخامي على آثار استاد تاريخي آخر يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وأقيمت على الاستاد عدة مباريات مصارعة حتى الموت ومصارعة ضد الحيوانات الوحشية. وظهر هذا الاستاد في خلفية دورة الألعاب الأولمبية في اليونان التي أقيمت في عام 2004.