نهر العاصي ومنزل جبران وقاموعها وكتابات نبوخذ نصر.. أشهر معالمها

الهرمل وجهة السياح المغامرين

من الهوايات المحببة إلى قلوب المغامرين في نهر العاصي
TT

تعد منطقة الهرمل أحد أجمل المواقع السياحية في لبنان؛ لما فيها من معالم أثرية وطبيعية، تزود زائرها بالمعرفة، وتضفي على إقامته فيها الشعور بالفرح والراحة؛ لوسائل التسلية المنوعة الموجودة فيها، وفي مقدمها رياضة الـRafting، أو الترميت كما هي معروفة بالعربية.

تقع الهرمل في البقاع الشمالي للبنان، وهي مزنرة بالوديان والجبال والهضاب، وينبع منها نهر العاصي (في شواغير الهرمل)، الذي تنتشر على يمينه ويساره المقاهي والمطاعم، فتحلو الجلسة على ضفافه، خصوصا أن مجراه متعدد المستويات يستقطب الشباب الرياضي الذي يقصده لممارسة نشاطات قلما في استطاعته أن يقوم بها في مناطق أخرى.

وتعتبر أكواخ الهرمل، وهي كناية عن ثلاثة بيوت ضيافة أعيد ترميمها من جديد في قرية (الكواخ)، في خطوة أطلقتها جمعية «مدى» الاجتماعية (تختص بالمشاريع التنموية في منطقة عكار والهرمل والضنية) لتستقبل زوارها على الطريقة اللبنانية القديمة، أحد أجمل الأماكن المخصصة لراحتهم، وقد تم تجهيزها بأسلوب خارج عن المألوف بحيث يشعر من يقيم بها بلفحة تراثية ذات لمسة بدوية ونكهة لبنانية على السواء.

هذه الأكواخ التي تبلغ مساحة كل منها نحو الـ40 مترا، تتسع لنحو 25 ضيفا، وهي كناية عن بيوت ذات شكل مربع، مبنية من الحجر وسقوفها مصنوعة من الخشب والتراب، وتقع في منطقة نائية يسودها الهدوء والسكينة فينسى ساكنها همومه بعيدا عن ضوضاء المدينة وضغوطات الحياة اليومية. أما أثاثها، فيتألف من مقاعد عربية تستوي مع الأرض، وقد افترشت بالبساط الشعبي المصنوع من الصوف متعدد الألوان، وكذلك الأمر بالنسبة لأغطية المقاعد ووساداتها. ويحتوي كل بيت على (يوك)؛ أي على رفوف من الحجر توضع فيها حاجات النوم (الوسادات والأغطية)، وكذلك على مدخنة بيضاء، كما أن جدران الكوخ تستخدم للتدفئة أيام الشتاء، إذ تتراوح حرارة الطقس هناك ما بين الصفر والـ15 تحت الصفر. أما الديكور الداخلي، فقد اعتمد على أدوات تراثية كسلال وصواني القش يدوية الصنع والجرار الفخارية، وهذه البيوت مزودة بالكهرباء والمياه، وتغيب عنها تماما الأدوات الإلكترونية أو الكهربائية ليتسنى للمقيم بها خوض تجربة فريدة من نوعها، بدائية إلى حد ما في زمن القرن الواحد والعشرين. أما الطعام، فهو يحضر من قبل نساء البلدة اللاتي أخذن على عاتقهن تأمينه لزوارهم على طريقتهن، بحيث كل ما يقدم من وجبات فطور وغداء وعشاء يتألف من مكونات طبيعية 100% طازجة، تقطف وتعد من حدائق القرية ومواشيها وطيورها. اللبنة البلدية، والبيض بالقاورما (خليط من اللحم المفروم مع الدهن)، والفتوش، إضافة إلى كبة البطاطا، وسلطة (مخو بعبو)، والقريص، والبرغل بالبندورة، والسمبوسك بالتمر، وكبة الحيلة - هي أشهر تلك الأطباق التي تشهد طلبا كبيرا من قبل السياح الأجانب والعرب. أما تكلفة الإقامة في (الكوخ)، فتبلغ 50 دولارا.

أما الموقع الثاني الذي في استطاعة الزوار الإقامة به أيضا، فهو lezzebe eco lodge، وقد أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى شجر اللزاب المحيط به والمعروف بقدرته على تصنيع الأكسجين، والأوزون بنسبة كبيرة وهو نادر الوجود، كما أن الصمغ الذي يظهر على أغصانه وجذوعه يستخدم في عمليات توسيع الشرايين القلبية ويعتبر غذاؤه أساسيا للنحل وعسله من أفضل الأنواع في العالم. ويتألف الموقع من ثماني غرف مستقلة (تشبه الشاليهات) بعيدة بعضها عن بعض نحو العشرين مترا، تقدم إضافة إلى خدمة المنام ثلاث وجبات في اليوم في المطعم التابع لها والواقع بجانبها الذي يتخصص بتقديم الوجبات القروية لزبائنه داخل المطعم وفي الباحة الخارجية له التي تظللها أشجار اللزاب الضخمة والعريقة. ويوضح صاحب هذا المشروع، حسين دندش، أن الهدف الأساسي للمشروع هو إعطاء الزوار فرصة خوض مغامرة العيش في بيئة قروية شبيهة إلى حد كبير بالحياة التي يعيشها سكان المنطقة، بعيدا عن ضوضاء المدينة فلا تلوث ولا زمامير سيارات، كما أن الغرف لا تحتوي على أسرّة، بل على مرتبة على الأرض، إضافة إلى أن الطعام صحي لا تدخله أي مكونات اصطناعية ومستخرج من الأرض مباشرة. ومن الأطباق التي يقدمها اللوبيا بالزيت والعدس بالبرغل ولبن الغنم والزعتر البلدي وغيرها. أما تكلفة الإقامة بها، فتبلغ 60 دولارا للليلة الواحدة.

أما المطاعم المنتشرة على ضفاف نهر العاصي مثل (جنة العاصي) و(الجندول) و(روتانا) و(القناطر) وغيرها، فتحلو فيها الجلسة على صوت خرير المياه وأنت تتلذذ بتذوق أطباق سمك الترويت الطازجة والمازة اللبنانية على أنواعها، وتلامس تكلفة تناول الطعام فيها للشخص الواحد 20 دولارا.

ولمحبي رياضة الرافتينغ (التجديف السريع)، فباستطاعتهم ممارستها في نهر العاصي بين شلالاته ومستوياته المتنوعة لنحو الساعتين أو أكثر بتكلفة 20 دولارا، يرتدي فيها ممارسها خوذة من البلاستيك على رأسه وجاكيت الإنقاذ، ويعيش فيها أجمل لحظات اللهو والمغامرة وهو يقطع مسافة الكيلومتر أو أكثر وسط رذاذ الماء المنعش.

ومن المعالم السياحية المعروفة في الهرمل، سهلة مرجحين التي يقع فيها ما تبقى من منزل الأديب اللبناني العالمي جبران خليل جبران، في منطقة تعرف بوادي الرطل، ويروي المسنون هناك أن جبران ولد وعاش فيها مع أهله، إذ كان والده يملك دكانا هناك، حتى إنهم يشيرون لك إلى أماكن كان يجلس فيها الفيلسوف اللبناني للقراءة أو الدراسة تحت ظلال الأشجار فيها. وتتضمن الهرمل أيضا الموقع الأثري (قاموع الهرمل) الذي يحتل أعلى قمة من سهل البقاع بناه الحاكم الروماني ألكسندرو مانو عام 175 ق.م، وهو على شكل هرم مروس الرأس، استخدمه جيش الحاكم لمراقبة الغزاة، يتألف من ثلاث طبقات مصنوعة من الرخام الأسود (طوله 27م)، وتوجد على جوانبه لوحات منقوشة تمثل صور بعض الملوك وهم يدشنون النصب. وإضافة إلى كنيسة بريصا القديمة وطاحونة العميرة التراثية ونبع الزرقا ومغارة مار مارون، تلفت انتباهك في الطريق المؤدية إلى وادي الشربين لوحتان صخريتان يعرف عنهما أنهما تعودان للفاتح البابلي نبوخذ نصر الذي حفر عليهما اسمه على أطول نقش بابلي في العالم (1400 سطر) تخبر عن الفاتح وبلاده.