ريميني جوهرة الريفييرا الإيطالية.. مع إطلالة ألف فندق

فيها أطول شاطئ رملي في إيطاليا

الواجهة البحرية لمدينة ريميني الإيطالية الساحلية
TT

تقع ريميني على البحر الادرياتيكي شمال شرقي إيطاليا ويخدمها مطار دولي يحمل اسم أشهر مخرج إيطالي، وهو فريدريكو فيلليني الذي ولد وعاش في المدينة. وهي مدينة سياحية من الطراز الأول حيث يعود تاريخ السياحة فيها إلى القرن الثامن عشر. وعلى مدى قرنين من الزمان نشأ في المدينة نحو ألف فندق يطل بعضها على أطول شاطئ رملي في إيطاليا في منطقة تعرف باسم الريفييرا الإيطالية.

ولمدينة ريميني جذور تاريخية تعود إلى عام 268 قبل الميلاد، وهو العام الذي تأسست فيه المدينة خلال العصر الروماني. وهي الآن مدينة سياحية حافلة تجذب إليها السياح الإيطاليين قبل الأجانب من أجل بحرها الهادئ المشمس ووجباتها الشهية وشعبها المضياف. وهي ليست بالشهرة التي تجعلها مقصدا للسياحة المكثفة من البريطانيين أو الأميركيين، بل تشتهر أكثر بين الإيطاليين أنفسهم، وبالتالي لا يتحدث كثيرون في المدينة إلا اللغة الإيطالية وحدها. ويلجأ الكثير من السياح إلى الاستعانة بكتيبات اللغة وقواميس الترجمة الإلكترونية السريعة، ويحاول الإيطاليون من ناحيتهم مساعدة الغرباء خصوصا في النطق الصحيح للغة.

وهي تتميز بالود الذي يبديه أهلها للسياح والزائرين إلى المدينة حيث من المعتاد أن يبادرك المارة بتحية الصباح أو المساء باللغة الإيطالية من دون معرفة سابقة، وهي عادة اكتسبها أهل المدينة من طول التعامل مع السياح. ويسير وقع المدينة بوتيرة بطيئة تتناسب مع الهدوء المنتشر فيها والذي يختلف جذريا عن صخب وضجيج المدن الإيطالية الكبرى، خصوصا العاصمة روما.

وإذا كان الطيران إلى ريميني سهلا من أوروبا، فإن التجول في أرجاء المدينة أسهل باستخدام السيارات. وترتبط ريميني بعدة طرق سريعة تربطها مباشرة بمدن قريبة أخرى. وأهم الطرق التي تمر بالمدينة الطريق «إيه 14» الساحلي الذي يسمى «طريق البحر» وهو ينطلق إلى شمال المدينة، بينما يربط ريميني بسان مارينو غربا الطريق «إس 72». ويمكن الذهاب في سان مارينو بالباص الذي يصلها على مدار اليوم. وهو ينطلق كل ساعة من أمام محطة القطارات الرئيسية في ريميني. ويمكن التسوق وقضاء يوم ممتع في منطقة سان مارينو الجبلية.

أما المنطقة المحيطة بالمدينة فهي زراعية تنتشر فيها مزارع الخضر وأشجار الفواكه. وتتخللها الطرق الريفية الضيقة. وتتسم المنطقة بوجه عام بالنظافة والعناية الواضحة بالطرق والمنشآت وهدوء الطبيعة.

وداخل ريميني نفسها، تقع معظم الفنادق على مسافات قريبة من الشاطئ ومن مركز المدينة، ويمكن التنقل داخل المدينة بالباصات أيضا وهي متعددة ورخيصة. وهناك الكثير من المعالم المحلية التي يتعين على السائح مشاهدتها، إلى جانب الشواطئ الرملية والتسوق في المدينة. من هذه المعالم «قوس أغسطس» وهو بناء تذكاري أقامه الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر وتم تجديده عبر العصور ويعد من أهم معالم ريميني.

وهناك أيضا قنطرة تايبريوس، وهي قنطرة رومانية تربط طرفي المدينة عبر نهر أوسا وتعبر عن الحضارة الرومانية وأساليب البناء المتبعة حينذاك، وهي ما زالت مستعملة حتى اليوم. وتشتهر المدينة أيضا بالفنون وكانت من المدن المساهمة في عصر النهضة الأوروبي. وتاريخيا استضافت المدينة ليوناردو دافنشي في عام 1499 حيث عاش فترة في المدينة وقدم بعض أعماله هناك. ولعشاق المتاحف والسينما تقدم المدينة متحف فيلليني في منطقة الوسط التاريخي للمدينة. وهو مخصص لحياة وأعمال المخرج فيلليني (1920 - 1993) الذي حققت أفلامه خمس جوائز أوسكار. وهناك أيضا متحف ريميني القريب الذي يفتح أبوابه من الثلاثاء إلى الجمعة يوميا ويتيح الدخول المجاني.

وتحمل بعض الشوارع المتفرعة من الطريق الرئيسي الموازي للشاطئ أسماء لأفلام فيلليني مع لوحات تحمل الإعلانات الأصلية عن الأفلام التي ظهرت قبل نصف قرن. وهي ربما ظاهرة فريدة لتكريم المخرج الراحل لم تسجلها أي مدينة أخرى، حتى في هوليوود منشأ السينما العالمية.

ونظرا لموقعها الاستراتيجي الذي يربط جنوب إيطاليا بشمالها كانت ريميني إحدى مناطق الصراع خلال الحرب العالمية الثانية وتعرضت لغارات من قوات الحلفاء وكانت مركزا للمقاومة الإيطالية ضد القوات النازية وقوات موسوليني المتحالفة معها. وكان تحرير المدينة من النازية على أيدي القوات اليونانية والكندية في شهر سبتمبر (أيلول) عام 1944. وفور انتهاء الحرب، بدأت أعمال إعادة البناء وتطوير ريميني إلى مدينة سياحية متميزة.

وفيما يقضي السياح يوما أو يومين في وسط المدينة لزيارة معالمها، فإن أغلبية الزوار يتوجهون في فصل الصيف إلى الشاطئ الرملي الذي يمتد لمسافة 15 كيلومترا. ويعرف الشاطئ في المنطقة باسم «لا مارينا». ومثل معظم الشواطئ الإيطالية تغلق المارينا أبوابها في الشتاء، وتتحول السياحة خلال فصل الشتاء إلى المدينة حيث التجول بين آثار المنطقة والتسوق من منافذها والاستمتاع بالكثير من المطاعم والمقاهي التي تنتشر في أرجائها. وتقدم المدينة أوكازيونات سنوية لكي تجذب إليها المتسوقين من المدن الإيطالية الأخرى. ويوجد في المدينة مركز معارض حديث بالقرب من وسط المدينة يسمى «ريميني فييرا»، بدأ نشاطه في عام 2009. من المعالم السياحية الأخرى في ريميني أيضا وجود قرية نموذجية مصغرة، وحدائق عامة وحدائق مائية اسمها «اكوافان» بالإضافة إلى الكثير من مهرجانات التسلية المخصصة للعائلات.

وينتشر في المدينة هذا الشتاء الكثير من المناسبات الثقافية من متاحف ومعارض فنية وعروض اوبرا وسينما ومسرح. وأحد أشهر هذه المعارض كانت للفنان جيوفاني بيلليني خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. كما تم افتتاح المزيد من الفنادق ذات التصميم الراقي من أهمها فندق «أي سويت» المكون من أجنحة بتصميم داخلي مستقبلي. وتحمل بطاقات فتح غرف هذا الفندق تحذيرا عليها بأن دخول الأجنحة قد «يسبب حالة من التعلق الشديد بها إلى درجة الرغبة العارمة في العودة إليها فيما بعد!» ومن ضمن أفكار التصميم في الفندق انتشار شاشات التلفزيون المسطح المدمجة مع إطار من المرايا في أرجاء الجناح وفي الحمام وعلى السقف فوق السرير الرئيسي لإتاحة فرصة متابعة الأفلام أو الأخبار حتى قبيل النوم.

وفي مجال التسوق، تقدم محلات ريميني الأزياء النسائية، وتنتشر فيها أشهر تصميمات بيوت الأزياء الإيطالية مثل غوتشي وبرادا وأرماني. ويوجد في المدينة أحد أكبر المجمعات التجارية في شرق إيطاليا، اسمه «لا بيفين». أما منافذ الشاطئ التجارية فهي مخصصة لخدمة السياح. وتعد الأسعار المتاحة في محلات ريميني أرخص كثيرا من المتاح في المدن الإيطالية الكبرى.

وتشتهر ريميني بوجبات الأسماك التي تقدمها عدة مطاعم على الشاطئ. ولا تتكلف الوجبات في المتوسط أكثر من 8 إلى 12 يورو للفرد الواحد. ويمكن الاختيار بين الأكل الإيطالي أو المطبخ العالمي مثل اللحم البقري أو البرغر. وتتمتع بعض المطاعم على الشاطئ بمشاهد بحرية بانورامية رائعة أحدها اسمه «اوستيريا» في شارع روما (فيا روما)، ولكن الوجبات فيه غالية بعض الشيء وتصل إلى نحو 30 يورو في المتوسط للفرد الواحد.

ومن بين ألف فندق يمكن للزائر الاختيار من بين كافة مستويات الخدمة والمواقع المختلفة، بداية من 13 يورو في الليلة لبيوت الشباب وحتى 120 يورو في الليلة لفنادق الدرجة الأولى. وتبدأ أسعار الفنادق الفاخرة مثل «أي سويت» من نحو 150 يورو في الليلة. ويحتوي «أي سويت» على مطعم فاخر وكافيتريا بجوار حمام السباحة وناد صحي وسونا. وهو من فئة الخمس نجوم ويوفر خدمات تنظيم المؤتمرات وخدمات التوصيل بالليموزين.

ومثل الكثير من فنادق ريميني الأخرى يقدم الفندق خدمات التوصيل المجاني من وإلى محطة القطارات القريبة أو المطار المحلي، بالإضافة إلى خدمات الإنترنت المجانية وصف السيارات المجاني أيضا. وينظم الفندق الجولات السياحية في المدينة كما يساعد النزلاء في حجز تذاكر المناسبات المحلية. ويضم الفندق 54 جناحا مكيفا، جميعها يضم بالكونات تطل على البحر سواء من الواجهة أو من الجانب. وهي مكتملة التجهيز من محتويات الحمام إلى المكاتب وبراد المشروبات وخزانات الأمانات. وهو من أحدث فنادق ريميني وتشير تعليقات الزوار إلى رغبتهم في العودة إليه مرة أخرى.

أما النشرات السياحية الموجهة للشباب فتصف ريميني بأنها مدينة تحتفل بنفسها على مدار العام، ولكنها تحذر من الازدحام خلال فترة الصيف. ويبدأ الازدحام في التراجع بداية من شهر سبتمبر (أيلول) سنويا مع عودة العام الدراسي. وتنتشر على الشاطئ ألعاب الأطفال في مناطق مخصصة لهم، بينما يقتصر استخدام بعض الشواطئ على ضيوف الفنادق المقابلة لها على الجانب الآخر من الطريق، وهي أفضل المواقع خلال الصيف حيث لا يرتادها العامة من المصطافين الإيطاليين.

ويجري العمل حاليا على تجديد المنار البحري في المدينة بدعم أوروبي، كما تم تجديد نافورة تحيط بها تماثيل لأربعة خيول كانت قد أقيمت في المدينة احتفالا بالنصر بعد الحرب العالمية الأولى.