حتى خزائن الغرف تسرق بأكملها

الأمان المفقود في فنادق العالم

TT

إذا كانت رحلتك السياحية الأخيرة خالية من المتاعب ولم تفقد فيها شيئا ثمينا من ممتلكاتك الشخصية، فاعتبر نفسك من القلة المحظوظة.. فالمسافر الدائم لا ينسى ما قد يكون قد تعرض له أثناء سفره على مر السنين، وما سمعه من قصص غيره من المسافرين.. والشيء الوحيد المؤكد هو أن الأمان مفقود خصوصا في الفنادق، ولا فرق هنا بين فنادق الشباب الرخيصة وفنادق الخمسة نجوم. وهذا الاتهام الصريح مبني على تجارب عديدة يصعب نفيها، ولكنه لا يخص العاملين في الفنادق وحدهم؛ وإنما أيضا ضيوف هذه الفنادق أحيانا، وكذلك يخص اللصوص المحترفين.

من الحوادث التي نشرت إعلاميا قصة الثري العربي في ماربيا الذي اكتشف أن كل وثائقه وأمواله المودعة في خزانة الغرفة اختفت، ليس لأن أحد اللصوص فتح الخزانة، بل لأن الخزانة نفسها خلعت من مكانها واختفت! سائح عربي آخر سرق جواز سفره وبعض الأموال النقدية من خزانة غرفته بعد فتحها في غيابه.

هذه الحالات قد تكون غير عادية، لأنها من أعمال لصوص محترفين، ولكن الأكثر شيوعا حوادث أخرى مثل اختفاء حقيبة من غرفة أو خاتم ثمين من حمام الغرفة أو حتى مشتريات السوق الحرة بالحقيبة التي تحوي هذه المشتريات. وهي أحداث وقعت فعلا لزملاء صحافيين. وفي حالات كثيرة فقد صحافيون أجهزة الكومبيوتر الشخصية الخاصة بهم من الغرف الفندقية التي يقيمون فيها. ولا فرق هنا في الخطورة بين فنادق وأخرى، فالحوادث تقع أحيانا في أفخم فنادق أوروبا وأميركا وبعض الدول العربية أيضا.

ولإثبات سهولة تنفيذ عمليات السرقة الفندقية قامت محطة «إيه بي سي» الأميركية بتجربة بسيطة أثبتت من خلالها أن السرقة من الفنادق أسهل مما يتصور كثيرون. فقد تطوع أحد الصحافيين في الشبكة للقيام بالمهمة ثم شاهدها الجمهور تلفزيونيا بعد ذلك. ورأى المشاهدون بيل ستانتون في برنامج «صباح الخير يا أميركا» يتبع رجل أعمال (هو في الواقع منتج يعمل في المحطة نفسها) إلى بهو الفندق الفاخر في أتلانتا، وصعد معه إلى الطابق الذي يقيم فيه. ثم انتظر حتى خرج الرجل من غرفته مرة أخرى، ثم ذهب إلى عاملة تنظيف الغرف، وطلب منها تنظيف الغرفة فورا، بعد أن ذكر لها رقم الغرفة ومنحها بقشيشا جيدا.

وبعد دقائق دخل الغرفة أثناء تنظيف العاملة لها وقال إنه نسى بعض أغراضه. وأخذ من الغرفة جهاز كومبيوتر و«آي باد» وعدة مشتريات كانت بجانب حقيبة الملابس وكلها تخص الضيف الغائب. ثم اتصل بمكتب الاستقبال لكي يستعلم عن أي رسائل وصلته، فأجابه الموظف بكل احترام أنه لا رسائل هناك ورد له التحية بالاسم. وفي الغرفة وجد الصحافي أيضا بطاقة إضافية تستخدم مفتاحا للغرفة فاحتفظ بها في جيبه. واطلع على بعض الوثائق على الطاولة فوجد بينها تعاقد استئجار سيارة. وأخيرا، أخذ الأغراض المسروقة في وضح النهار وهبط إلى مرأب الفندق وقال إنه يريد إحضار سيارته، ولكنه نسي تذكرة صفها، وأعطى الموظف رقم الغرفة واسمه وقدم له بطاقة الغرفة، وبعدها بدقائق قدم له الموظف سيارة «موستانغ» مؤجرة، انطلق بها بعد أن قدم شكره العميق للفندق! وكرر ستانتون سرقته في فندق أميركي آخر، هذه المرة بالذهاب إلى مراحيض الفندق وتغيير ملابسه إلى ملابس حمام السباحة في الفندق وطلب فتح غرفته لأنه نسى مفتاحه داخلها، ونجحت الخطة ليجد نفسه مرة أخرى يجمع المحتويات الثمينة التي لا تخصه. وفي الفندق نفسه كانت المحاولة الثالثة جريئة بعض الشيء. فقد راقب بهو الفندق لمدة عشر دقائق ولاحظ سيدة تضع حقيبتها في الأمانات. وبعدها ذهب بنفسه واخترع قصة وجوده مع السيدة وأنها أرسلته لإحضار حقيبتها لأن طائرتها تغير موعدها ويتعين عليها السفر المفاجئ. وبعد عدة استشارات ووصف شكل الحقيبة، أفرج العامل عن حقيبة السيدة لكي يخرج بها ستانتون من باب الفندق الرئيسي بكل سهولة.

وبعد بث التقرير أصدرت الفنادق تصريحات عن اتباعها سياسات أمن محكمة وتدريب للعاملين فيها بعدم السماح لأي شخص بدخول الغرف إلا بعد التحقق من شخصيته. ووعدت الفنادق بالتحقيق في الثغرات الأمنية التي كشفها التقرير. ويمكن مشاهدة كيفية تنفيذ السرقة السهلة من الفنادق على هذا الرابط (http://abcnews.go.com/GMA/video?id=8163811).

ومع تعدد حالات السرقات من خزائن غرف الفنادق ينصح خبراء الأمن الآن بتجنبها لأنها سهلة الفتح ولأن اللص يذهب إليها في الغرفة مباشرة لأنه يعرف أنها تحوي الأغراض الثمينة التي تستحق السرقة، كما أن بعض الفنادق تضع في الخزائن تحذيرا بأنها غير مسؤولة عن الأغراض التي توضع في الخزانة!

* ما الحل؟

* أثناء الإقامة في الفنادق، هناك العديد من الخيارات التي تعتبر أكثر أمانا من مجرد ترك الأغراض في الخزانة أو في غرفة الفندق، منها استخدام خزائن متنقلة يمكن ربطها بأثاث ثابت في الغرفة مثل المكتب أو السرير. ويمكن أيضا الاستعانة بكابل ربط أجهزة الكومبيوتر الدفتري بأثاث الغرفة. كما يمكن الاستعانة بصندوق الأمانات الرئيسي في مكتب استقبال الفندق لأنه أكثر أمانا من خزانات الغرف. والنصيحة الأهم هي عدم السفر بكثير من المقتنيات الثمينة.

* مخاطر أخرى

* ولا تقتصر مخاطر غرف الفنادق على السرقات بل تتعداها إلى اختراق الخصوصيات. وقبل عدة أشهر ظهرت فضيحة أخرى على «يوتيوب» لصحافية أميركية اسمها إيرين آندروز كانت تخلع ملابسها في غرفتها المغلقة في فندق فاخر عندما قام أحدهم بتصويرها عبر فتحة صغيرة في باب الغرفة تستخدم لمعرفة هوية أي شخص خارج الغرفة. وبعد التقاط الفيديو تم وضعه على شبكة الإنترنت. وما زالت الآراء تختلف عن كيفية تصوير الفيديو من خلال باب الغرفة أو عن طريق ثقب في حائط الغرفة المجاورة. ولا أحد يعرف حتى الآن هوية من قام بهذا التصوير الإجرامي الفاضح، ولا إذا كان هذا الأمر شائعا في بعض الفنادق من دون أن يعرف النزلاء بذلك. وكانت النصيحة الوحيدة التي قدمت في هذه الحالة هي إلقاء نظرة جيدة على الغرفة وتغطية فتحة عدسة الباب بشريط أسود أو بقطعة من اللبان.

من المخاطر الأخرى، الهجمات الإرهابية على الفنادق العالمية التي يعتبرها الإرهابيون «أهدافا سهلة» لأنها تعتمد على حركة النزلاء الدائمة دخولا وخروجا وعلى عقد المؤتمرات والمناسبات مع عدد قليل من رجال الأمن. ولاحظ خبراء الأمن من شركة «ستراتفور» أن حوادث الاعتداء على الفنادق في السنوات العشر التي تبعت أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 كانت ضعف الحوادث التي وقعت في السنوات العشر السابقة عليها. وبلغ عدد الاعتداءات نحو 65 اعتداء في 21 دولة، ووقع أشهرها في مومباي عندما هوجم أفخم فندق في المدينة.

والنصائح التي يكررها خبراء هذا الشركة هي اختيار الفنادق بعناية عند السفر واتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة ومنها:

* تجنب الفنادق التي تتبع أسماء عالمية وتوجه إلى الفنادق المحلية التي يديرها أهل البلاد.

* ابحث عن فنادق ذات مداخل مسورة وطرقات خاصة داخلية تحمي مدخل الفندق.

* تجنب الفنادق التي تقع على شوارع رئيسية أو بالقرب من سفارات غربية.

* من الأفضل السكن في الغرف الخلفية في الفنادق لأن أي اعتداء يقع من المدخل الأمامي.

* ضرورة تنبيه الفندق إلى مداخل متروكة دون حراسة أو حقائب مهجورة دون صاحب.

وهنالك العديد من النصائح العامة للسلامة أثناء الإقامة في الفنادق، ومنها عدم فتح باب الغرفة لغرباء وعدم الثقة في أي شخص يقول إنه من عمال الفندق. أيضا يجب التأكد من إغلاق النوافذ قبل الخروج من الغرفة، والتأكد من إغلاق باب الغرفة الرئيسي. ويجب أيضا التأكد من إغلاق الباب بإحكام أثناء الليل، وعدم السفر بكثير من المقتنيات الثمينة وتوزيع البطاقات الائتمانية بين المحفظة الشخصية والحقائب والخزانة حتى يمكن التصرف إذا ما فقدت إحداها. وفي حالات التعرض لاعتداء أو تهديد مسلح، فإن النصيحة هي عدم المقاومة حتى تتجنب الإصابة أو القتل، فتسليم كاميرا أو محفظة أفضل من تلقي رصاصة.

وأخيرا، وليس آخرا لا بد من الاستعانة بوثائق التأمين أثناء السفر، وهي رخيصة التكلفة ويمكن شراؤها مع تذاكر السفر. وتعوض هذه الوثائق أية خسائر أثناء السفر بشرط الإبلاغ عنها والاحتفاظ بالمحضر الرسمي الذي يذكر حجم المفقودات أو قيمتها.