أوزبكستان.. مركز طريق الحرير ومتحف العالم الحيوي

فيها سهول طوران وبحر آرال والرمال الحمراء

آثار تاريخية فريدة تزيد عن 4 آلاف أثر
TT

تجذب أوزبكستان السياح من جميع أنحاء العالم بفضل آثارها التاريخية الفريدة، وطبيعتها الجميلة، وثقافتها وتقاليدها التي لا مثيل لها.وتعتبر أوزبكستان ضمن عشر دول أولى عالميا بكثرة آثارها التاريخية وأماكنها السياحية. وإن أوزبكستان التي تقع على طريق الحرير العظيم يزيد عدد الآثار التاريخية والثقافية الموجودة في أراضيها عن 4 آلاف أثر. وبعض الآثار دخلت قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وإن هذه الآثار لا مثيل لها في التراث، فهي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم حتى بعد مرور مئات السنين على تشييدها. ويتعرف السياح الأجانب لدى وصولهم لأوزبكستان على الآثار القديمة في سمرقند وبخارى وخيوة وطشقند وشهرسبز وقارشي وترمز ومرغلان وخوقند. وتحولت هذه المدن إلى المراكز السياحية الكبرى بصفتها ثروة نادرة للبشرية بأسرها وإذا أردت أن تعود إلى عصر الفتوحات الإسلامية فما عليك سوى زيارة مدن أوزبكستان - سمرقند وبخارى وخيوة وطشقند المليئة بالآثار الإسلامية والتي جاء منها الإمام البخاري رحمه الله.. للعلم إن هذه المدينة صنفت ضمن مدن اليونسكو العالمية للآثار.

عاصمة جمهورية أوزبكستان هي طشقند التي تجمع انسجاما بين روحي الحضارة وكنوز التاريخ العظيم. وتعد تاريخ مدينة طشقند 2200 سنة.

وبجولة حول معالم طشقند سيعجب السياح بجمالها. وأهم معالمها هي مدرسة شيخ أبي القاسم وساحة «حضرة إمام» ومدرسة كوكالداش وسوق شارسو وقصر أمير رومانوف ومسرح عليشير نوائي وميدان استقلال ومتحف تاريخ تيموريين وميدان أمير تيمور وبرج طشقند التلفزيوني.

اختيرت لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية في 2007م من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (إسيسكو) لما كان لها من مكانة مهمة على تاريخ إسلام، فهي زاخرة بالآثار الإسلامية وغنية بالمخطوطات النادرة، إن ساحة «حضرة إمام» تشعرك بروح الحضارة الإسلامية، فبعض مباني هذه الساحة يعود إلى القرن 16م وتضم مدرسة براق خان والمعهد الإسلامي للإمام البخاري، ومكتبته الثرية بالمخطوطات النادرة، من أهمها مصحف الخليفة عثمان بن عفان من القرن السابع الميلادي، أقدم نسخة مكتوبة للقرآن تتكون من 353 رقعة من جلد الغزال.

تعد مدينة بخارى من أعظم مدن ما وراء النهر، وأعرق بلاد الإسلام في قلب القارة الآسيوية، وأم العلوم والفنون، وموئل كثير من علماء الإسلام، ومحط رحال طلبة العلم والمحدثين من كل مكان.

أما عن مناخ هذه المدينة فهواؤها متقلب جاف بسبب قربها من المناطق الجبلية، وشتاؤها طويل وبارد، وربيعها ممطر، وصيفها حار جاف، أما خريفها فيتميز بالنشاط والحيوية. يمر بمدينة بخارى عدة أنهار أهمها: نهر جوى موليان، ونهر رودشابور، ونهر فرقان العليا، ونهر فرقان الدود.

امتازت هذه المدينة بجانب حضارتها العربية الإسلامية بجمال بنائي منقطع النظير، فهي أشبه بمتحف كبير يجمع بين تاريخ وتراث متعدد ومختلف على مدار عصور مختلفة؛ فقد كانت قاعدة ملك السامانيين، وبينها وبين سمرقند سبعة أيام، أو سبعة وثلاثون فرسخا.. وهي نزهة بلاد ما وراء النهر، متصلة خضرتها بخضرة السماء، فكأن السماء بها مكبة خضراء مكبوبة على بساط أخضر، تلوح القصور فيما بينهما، والضياع منعوتة بالاستواء كالمرآة، وليس بما وراء النهر وخراسان بلدة أهلها أحسن قياما بالعمران على ضياعهم من أهل بخارى، ولا أكثر منهم عددا. ومن أهم المميزات التي تمتاز بها المدينة المعالم المعمارية والفنية الموجودة بها ومن أهمها:

* منارة كالون: وقد بنيت عام 1127م على يد الخان (الحاكم) «كراكاليند أب أرسلان خان»، وهي مبنية على قاعدة مثمنة الزوايا مكونة من 10 حلقات من الطوب المطلي، حتى تصل إلى القمة المنارة، وبها 16 شباكا، وتعرضت قمة المنارة للتلف بسبب الحرب الأهلية، ولكن تم إصلاحها عام 1923م.

* مسجد ماجوكي أتوري: وكانت منطقة المسجد قبل دخول الإسلام إلى هذه البلاد، تستغل سوقا لبيع الأعشاب الطبية والتوابل، وماجوكي تعني تحت الأرض، وأتوري تعني الباعة، وذلك لأنه في حقبة من الزمن ارتفع سطح الأرض، وهو ما أدى إلى انخفاض الجامع، وتعرض هذا الجامع للتدمير عندما شب حريق بالمدينة عام 937م، وتم إعادة تشييده في القرن الثاني عشر، وتم تزويده بقبة عام 1546م.

* مشهد «ضريح» إسماعيل سماني: ويعد هذا المشهد من أقدم المباني الموجودة في بخارى، وتم بناؤه في القرن العاشر إبان حكم السمانديين (875 - 999م)، ويحتوي على ضريح إسماعيل وبعض من أفراد عائلته، وهو على شكل مكعب بالطوب بأشكال وألوان مختلفة، بحيث تعكس أضواء الشمس؛ وهو ما يعطي أشكالا مختلفة، كما يعلوه قبة على شكل نصف دائرة، رمزا للعالم والاستقرار.

* الأرك: وهي قلعة قديمة، وكانت مدينة صغيرة قديما يسكنها عدة آلاف من السكان، وبها حدائق ومبان وسجن وجامع، بالإضافة إلى مقر الأمير وعائلته والعبيد الذين يقومون بخدمته، ومع إنشاء مدينة بخارى تدمرت الأرك بسبب الاعتداءات والغزوات التي تعرضت لها المنطقة، وتم إعادة بنائها أكثر من مرة كان آخرها في القرن السادس عشر.

* قصر سيتوري موخى هوسا: ويوجد في الطريق إلى سمرقند، وهو قصر الأمير الصيفي الذي تحول اليوم إلى متحف.

* مدرسة مير عرب: وتعد من أشهر المدارس الموجودة في مدينة بخارى، وقد أنشأها الشيخ عبد الله يمني (زعيم ديني من أصل يمني)، وفيها يتم تدريس الدراسات الإسلامية وتعمل على تخريج الأئمة، ويتزين المبنى الكلاسيكي الشكل بقباب زرقاء.

* مسجد بولاحاووظ: الذي شيد خلال القرن 11هـ / 17م، ويمتاز بنقوشه وأعمدته العشرين الرائعة التي تنعكس في الماء أمامه، فتبدو وكأنها أربعون عمودا.

* مئذنة جامع كاليان: والتي يرجع تاريخها إلى ثمانية قرون مضت، وترتفع خمسين مترا، بحيث يمكن رؤيتها من أي جزء من المدينة.

- كما أنها تحوي مائتي مدرسة وسبعة مساجد جامعة، وأربعين حماما عاما، ومائة وخمسين سوقا تجارية كبيرة، بالإضافة إلى المكتبات التي كان أغلبها مكتبات خاصة مثل: خزانة نوح بن منصور الساماني، وكانت عبارة عن دار كبيرة تضم فيها صناديق كتب منضدة بعضها فوق بعض، منها كتب في اللغة العربية والشعر والفقه.

وينتسب إلى بخارى كثير من العلماء والفقهاء والمحدثين الذين ملأوا الدنيا علما وتقوى، ويأتي في مقدمتهم:

- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: صاحب الجامع الصحيح والمعروف بصحيح البخاري.

- ابن سينا الفيلسوف والطبيب.

- أبو حفص عمر بن منصور البخاري المعروف باسم «البزار»، الإمام الحافظ محدث بخارى.

- أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري الحافظ.

- أبو العباس أحمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي الملقب بالبخاري.

- بهاء الدين النقشبندي شيخ الطريقة الصوفية المعروفة.

وعادت مدينة بخارى للحياة والازدهار في عصر الأمير تيمور، وفي عام 905 فتحها الأوزبك بقيادة شيباني خان، واستمر الأوزبك في حكمها حتى تنازعوا فيما بينهم.

سمرقند يبلغ عدد سكانها 400.000 نسمة وهي ثاني أكبر مدن أوزبكستان. ومعني الاسم: «قلعة الأرض»، وقد وصفها ابن بطوطة بقوله: «إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، مبنية على شاطئ واد يعرف بوادي القصارين، وكانت تضم قصورا عظيمة، وعمارة تنبئ عن همم أهلها». - في سنة (87هـ - 705 م) تم الفتح الإسلامي لمدينة «سمرقند» على يد القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي، ثم أعاد فتحها مرة أخرى سنة (92هـ - 710م) - وقام المسلمون بتحويل عدد من المعابد إلى مساجد لتأدية الصلاة، وتعليم الدين الإسلامي لأهل البلاد. وفى بداية الغزو المغولي للمدينة؛ قام المغول بتدمير معظم العمائر الإسلامية، وبعد ذلك اتجه المغول أنفسهم بعد اعتناق الإسلام إلى تشييد كثير من العمائر الإسلامية، خصوصا في العهد التيموري، وذلك على مدى 150 عاما هي فترة حكمهم لبلاد ما وراء النهر من (617هـ - 1220م) إلى عام (772هـ - 1370 م)، وقد اتخذ تيمورلنك «سمرقند» عاصمة لملكه، ونقل إليها الصناع وأرباب الحرف لينهضوا بها فنيا وعمرانيا، فكان عصر «تيمورلنك» بحق عصر التشييد والعمران، وفى القرن الـ19م استولى الجيش الروسي على بلاد ما وراء النهر ومنها مدينة «سمرقند». وفى سنة 1918 م بعد قيام الثورة الشيوعية في روسيا استولى الثوار على مدينة «سمرقند» وظلت تحت سيطرتهم إلى أن سقطت الشيوعية في عام (1992 م)، وقد نالت «سمرقند» الاستقلال ضمن الجمهوريات الإسلامية بعد سقوط ما كان يسمى بالاتحاد السوفياتي.

* اشتهرت «سمرقند» بكثرة القصور التي شيدها «تيمورلنك» ومنها: - قصر دلكشا (القصر الصيفي)؛ وقد تميز بمدخله المرتفع المزدان بالآجر الأزرق والمذهب، وكان يشتمل على ثلاث ساحات بكل ساحة فسقية. - قصر باغ بهشت (روضة الجنة)، شيد بأكمله من الرخام الأبيض المجلوب من «تبريز» فوق ربوة عالية، وكان يحيط به خندق عميق ملئ بالماء، وعليه قناطر تصل بينه وبين المتنزه. - قصر باغ جناران (روضة الحور)، عرف هذا القصر بهذا الاسم لأنه كانت تحوطه طرق جميلة يقوم شجر الحور على جوانبها، وكان ذا تخطيط متقاطع متعامد، ومدرسة بيبي خانيم؛ تميز تخطيط هذا الأثر بأن اعتمد على صحن أوسط مكشوف، وأربعة إيوانات. ومدرسة وخانقاه وضريح الأمير تيمورلنك: شيد هذا المجمع الديني قبل عام (807هـ - 1405 م) المهندس الأصفهاني «محمد بن محمود البنا»، وميدان داغستان؛ بدأ تكوين هذا الميدان في عهد تيمورلنك، وكان يقوم بعرض فتوحاته في هذا الميدان. ومن أهم أعلام سمرقند: «محمد بن عدي بن الفضل أبو صالح السمرقندي توفى سنة (444هـ) و«أحمد بن عمر الأشعث أبو بكر السمرقندي» كان يكتب المصاحف من حفظه، وتوفي سنة (489هـ)، و«أبو منصور محمد ابن أحمد السمرقندي»، فقيه حنفي له كتاب «تحفة الفقهاء».