ماليزيا.. بيت العرب الثاني

50% من زوار الشرق الأوسط من السعودية

TT

على الرغم من أن عام 2014 لا يزال بعيدا عن الأبواب، فإن هيئة السياحة الماليزية لم تهدر وقتها، وبدأت استعداداتها الفعلية لترتيب وإعداد برامجها السياحية للعام المقبل، مستهدفة نحو 28 مليون سائح من مختلف دول العالم، مسلطة آفاقا جديدة للسائح بعد الإقبال المتزايد على عدد من الجزر الماليزية، لتوسيع المناطق السياحية في الدولة.

ولاية جوهور، الواقعة في أقصى جنوب ماليزيا، حيث تعتبر المدخل الجنوبي للبلاد، هي ثالث ولاية من حيث المساحة، يربطها جسر بري وخط سكة حديدي بسنغافورة المجاورة، ويعمد معظم السنغافوريين إلى قضاء عطلة نهاية الأسبوع في هذا الجزء من ماليزيا، فالمسافة من سنغافورة حتى الولاية لا تتجاوز نصف ساعة.

وللوصول للولاية يمكن استخدام الطائرة من مطار كوالالمبور الدولي إلى جوهور، ولمحبي السفر بالسيارات أو الباصات يمكنهم ذلك أيضا من خلال الطريق الدولي الجنوبي المؤدي إلى جوهور وسنغافورة، تستغرق الرحلة بالسيارة نحو 4 ساعات قيادة متواصلة أو 6 ساعات بالباص ومثلها تقريبا بالقطار.

وتشتهر الولاية بمزارع المطاط وأشجار زيت النخيل التي تمتد على مد البصر في الجبال والتلال والسهول، ومن المناطق المهمة في الولاية متنزه أبنداو رومبين، الذي يضم عددا نادرا من الفصائل النباتية والحيوانات وأشجار المانجروف (القرم)، كما توجد شلالات كوتا تينجي، وجبل ليدانج الذي يرتفع 1250 مترا.

ولتمضية الوقت في أحضان الطبيعة واكتشاف عالم ما تحت الماء تعددت الرحلات البحرية باستخدام المراسي للساحل الجنوبي في الشاطئ الشهير (بيارو) أو إحدى الجزر الجميلة في الجزء الشرقي من جوهور، والمتنزهات البحرية عموما تتركز حول جزر سيبو آور وجزيرة راوا.

وتواصل الحكومة الماليزية دعم هيئتها السياحية لترويجها للعالم، وعلى لسان رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب عبد الرزاق خلال تدشينه حملة «زر ماليزيا في عام 2014» التي أقيمت في استاد «بوكيت جليل» في العاصمة الماليزية كوالالمبور، واعدا بمواصلة حكومته توفير كل الجهود وتسخير الإمكانيات المتاحة من أجل إعداد المتطلبات الخاصة بالسائح، مما سيجعل ماليزيا ضمن أفضل المحطات السياحة لقضاء العطلات، حيث قامت بتوفير كثير من الترتيبات الخاصة التي تستقطب السائح من جميع أنحاء العالم, لذلك انعكس ارتباطها الكبير مع وكالات السياحة والسفر في العالم إضافة إلى كثير من خطوط الطيران، حقق توفير خيارات وتسهيلات متنوعة للسياح المقبلين من هذه المنطقة.

ولم تقف الحكومة الماليزية عند نقطة بل تحمل مواطنيها من أفراد وشركات وقطاعاتها الحكومية نجاح مشاريعها السياحية التي تعتبرها مسؤولية كل فرد، ومن خلال تنفيذ الأدوار بدقة واحترافية لضمان نجاح حملة «زُر ماليزيا في عام 2014» ابتداءً من أول نقطة دخول ماليزيا إلى مسؤولي الجوازات في المطار إلى سائقي الأجرة إلى موظفي الفنادق إلى رجال الأعمال إلى رجل الشارع إلى الماليزيين عامة. الترحيب الحار والخلق يظهر على كل الماليزيين وتعاملهم الراقي لكل زائر وسائح يدخل بلادهم وعبارات الترحيب تشعرك عندما تسمعها بلغة عربية وكأنك في بلدك، فهناك فئة منهم من أصول عربية ما لم يكن دارس اللغة العربية في مدارس لحفظ القرآن، مما جعلهم يتقربون من السائح العربي.

وانعكاسا لذلك، فإن قطاع السياحة في ماليزيا وفر 1.8 مليون وظيفة، وأضاف 168 مليون رنجت إلى الدخل المحلي، «بحسب رئيس وزرائها»، التي ستواصل دعمها للقطاع السياحي لاستهداف 36 مليون زائر في عام 2020، وتوظيف كل مقوماتها لجعل ماليزيا في مقدمة الدول السياحية في العالم.

إنغ ين ين وزيرة السياحة في ماليزيا، تقول إن بلادها ذات جذب سياحي كبير، خصوصا للعائلات، حيث تتوافر المرافق السياحية المهمة إلى جانب توفر عامل الأمان, فقد ازدادت شعبية السياحة الماليزية طوال السنوات الماضية واكتسبت شهرة عالمية لتصبح إحدى أهم الوجهات السياحية والترفيهية التي يترقبها عشاق السياحة حول العالم, ويتوافد آلاف الزوار إلى ماليزيا كل عام لحضور الاحتفالات الترفيهية الضخمة، وللاستفادة من العروض التسويقية التي تواكب زيارة السياح، الأمر الذي يساهم بشكل كبير في دعم اقتصاد ماليزيا وزيادة عائداتها.

الماليزيون في تحدٍّ كبير خلال السنتين المقبلتين لتبقى أهم محطة سياحية في العالم لجذب أكبر عدد ممكن من السياح، ولتحقق هدفها، وهو 36 مليون سائح في عام 2020، وبدخل قومي يصل إلى 68.1 مليون دولار.

وفي المقابل، فقد تنوعت ألوان قمصان الماليزيين داخل استاد رياضي مشكلين رسوما فنية تعبر عن ترحيبهم بالعام المقبل وصيفه في كرنفال ضخم الذي شهده آلاف الماليزيين والسياح الأجانب اشتمل على عروض جميلة تطلقها مجموعة موسيقية وفرق شعبية استخدمت الطبول والدرمات الموسيقية احتفالا بإطلاق حملة «زر ماليزيا في عام 2014».

وتواكبا مع تزايد أعداد الزوار العرب لماليزيا خلال السنوات الأخيرة، وعلى رأسهم السعوديون (50 في المائة من السياح العرب)، مقابل وجود أعداد كبيرة من السياح الخليجيين، يُلاحَظ وجود اهتمام متزايد بالثقافة العربية، بداية من تحدثهم اللغة العربية وتنوع الأماكن المخصصة للعرب من مطاعم وأسواق ومحلات الحلاقة الرجالية أيضا، فلا تكاد تخلو الشوارع في العاصمة الماليزية كوالالمبور من نداء العرب المارة بالشوارع، فتسمع حينها (حلاق عربي، مطعم يمني، كبسة خليجية) وكل متطلبات العرب، حتى تظن أنك لم تسافر خارج دولتك.

بلال نادر صاحب مطعم «حضرموت» يستقبل يوميا المقيمين والسياح العرب في مطمعه الذي أطلقه منذ 6 أعوام، ليتوسع في تجارته لتبلغ نحو 5 فروع، نظرا للإقبال المتزايد، على حد قوله.

وأوضح نادر خلال حديثة مع «الشرق الأوسط»: «إنني أشاهد الابتسامة على وجوه المقبلين للمطعم، كونه الوحيد الذي يقدم الأكلات الشعبية اليمنية المتعارف عليها في الخليج، فمنذ افتتاحي للمطعم وجدت إقبالا كبيرا من قبل العملاء الذين يفضلون الأكل العربي، مقابل دعم من قبل الجهات المسؤولة هنا من خلال تسهيل الإجراءات لدى المستثمرين بشكل عام دون تفريق بين المقيم والمواطن».

وعلى الصعيد ذاته، تجد الأكلات الشامية واللبنانية تتنوع في عدد من المطاعم؛ فصاحبة مطعم «أبو طربوش» بذلت كل ما بوسعها لتجعل المذاق اللبناني ينتقل من بيروت إلى ماليزيا بالنكهة اللبنانية المعروفة، الأمر الذي جعل المقاعد لا تخلو من العملاء على مدار اليوم، جاذبا العرب وغير العرب أيضا على أكلات تفوح رائحتها لتجعلك تشعر وكأنك في بلاد الشام.

أما بالنسبة للشوارع، فقد خصصت العاصمة الماليزية شارعا أطلقت عليه «شارع العرب», الذي يضم مرافق وأسوق ومطاعم تتخللها مسارح كوميدية باللغة العربية، لتجد العائلات من كل الدول العربية تقف متبسمة لوصول تلك الثقافة والمعالم كما هي في بلدانهم، وعند تجولك في الشارع تجد الباعة المتجولين يعرضون منتجات وصناعات محلية ومستوردة، خاصة أن التجار الصينيين يمتلكون كثيرا من الاستثمارات في ماليزيا، مما يجعل السائح يعود بحقائب إضافية حاملا فيها كثير من الهدايا النادرة والفريدة.

في المقابل، تستقبل الحديقة المائية مئات السياح يوميا من العرب، خاصة في أوقات الإجازات التي تشهد رواجا كبيرا، نظرا للأجواء الصيفية على مدار العام، وكبر المساحة وتنوع المراحل بها, فالأطفال والشباب وكبار السن يجدون أماكن مخصصة لهم تكفل ترفيههم بما يتوافق مع أعمارهم وتفكيرهم ليقضوا يوما كاملا وسط المعالم والبحيرات المائية.

أحد المرشدين السياحيين بين لـ«الشرق الأوسط», أن البرامج السياحية تتضمن دائما زيارة المدينة المائية خاصة لسياح الدول العربية، التي تتواصل مع مكاتب السياحة في ماليزيا، مما يدفع بالمسؤولين بمضاعفة ملاحق المدينة سنويا لتتسع للأعداد الهائلة من السياح على مدار العام.

ولترى كوالالمبور ستجد سادس أطول برج في العالم (منارة كوالالمبور) أكثر المعالم الشهيرة، وهو البرج الوحيد في العالم، الواقع في محمية غابات داخل المدينة، فيمكن مشاهدة المعالم البارزة من خلاله من ارتفاع 421 مترا.

وتجذب المباني التاريخية في العاصمة زوارها، حيث تحتضن متحف الأمير أبو بكر ومتحف الفنون، فتاريخها الطويل والنابض بالحياة ترك إرثا غنيا من المواقع الأثرية التي تحمل طابع كثير من التأثيرات الأجنبية كميدان «ميردكا» وميدان «السوق» والمدينة الصينية في شارع «بيتالينج» الذي يعد من الشوارع الصاخبة المليئة بالمحلات والمطاعم وأكشاك الباعة المتجولين ذات الألوان المتعددة.