«فورسيزنز سان ستيفانو».. حكاية حب في الإسكندرية

عودة الروح لمبنى الكونت زيزينيا

TT

لا أحد يعلم سر جمال وغموض مدينة الأسكندرية المصرية التي قد تتشابه مع العديد من مدن العالم، ولكن مَنْ زارها يجدْ فيها سحرا خاصا يجذبه إليها دونما أي سبب واضح، فلا صيفها كأي صيف ولا شتاؤها كأي شتاء، هي مزيج من كل شيء قد تراه في أي مكان، ولعل هذا جزء من جاذبيتها التي تزداد بما ترويه من قصص وحكايات عن كل منطقة تحتضنها مع شاطئ البحر. واحدة من حكايات الإسكندرية الشهيرة والقديمة عادت لتسلط عليها الأضواء مجدداً بعد الافتتاح الرسمي لفندق فورسيزنز سان ستيفانو الذي يعد واحداً من أروع فنادق تلك الشركة العالمية في المنطقة، ليس فقط لما فيه من مزايا تمنحك الفخامة والرفاهية التي تبحث عنها، ولكن لوجوده في منطقة تحكي حكاية من حكايات تلك المدينة التي يحلو للبعض وصفها بمدينة الذكريات.

نحن الآن في عام 1854، وها هو المقاول الإيطالي الثري الكونت زيزينيا الذي تربطه علاقة صداقة قوية بوالي مصر محمد علي باشا، وقد عشق الإسكندرية ووقع في غرامها من أول زيارة لها فقرر الاستقرار في منطقة رملة الإسكندرية كأول ساكن أجنبي بها بعد شرائه قطعة أرض من أسرة أبو شعال البدوية لبناء مقر سكني له، وفندقا أطلق عليه اسم «سان ستيفانو»، وهو الاسم الذي أطلق على المنطقة المحيطة بهما كما ذكر علي باشا مبارك في كتابه التاريخي الشهير «الخطط التوفيقية الجديدة». وعهد الكونت زيزينيا إلى المصمم المعماري بوجوس نوبار، بعمل تصميم للفندق الذي اعتبر حينها الأول في مدينة عروس البحر المتوسط، وكلف مير اميتدجيان من كلية الفنون الجميلة في باريس بالحضور الى الاسكندرية والإشراف على أعمال إنشاء الفندق الذي افتتحه الخديوي توفيق في 26 يونيو (حزيران) 1887. وكان وقتها تحفة معمارية عبرت عن مدى عشق الكونت زيزينيا لتلك المدينة. وقد أقيم الفندق على مساحة 30 ألف متر مربع، وتميز بشرفاته ذات المشربيات الخشبية المصنوعة من الأرابيسك، وكشك الموسيقى الذي كان يعزف طوال الوقت أجمل المعزوفات العالمية، وحدائقه الخلفية، وملاعب التنس. وكثيراً ما أقيمت بالفندق العديد من المناسبات والحفلات التي كان يقيمها نزلاء الفندق من الأجانب والطبقة الحاكمة والأرستقراطية في مصر. كما حظيَّ الفندق منذ منتصف القرن الماضي باستضافة نجوم الفن والغناء والأدب في مصر؛ ومن بينهم كوكب الشرق أم كلثوم والأديب نجيب محفوظ والفنانة فاتن حمامة وغيرهم الكثير. بعد قيام ثورة يوليو (تموز) عام 1952 تعرض الفندق كغيره من الأماكن للإهمال ولم يعد مقراً للقاء الصفوة الى الحد الذي تهدمت فيه العديد من حجراته ومبانيه. وكانت النهاية قرارا بهدمه وبيع أرضه التي تركت مهجورة لسنوات، ولولا الحي الذي بات يحمل اسم الفندق لما تذكر أحد كلمة «سان ستيفانو». إلا أنه ومنذ عدة سنوات عاد النشاط الى تلك البقعة الراقية من مدينة الذكريات بعد الإعلان عن إقامة مشروع سياحي كبير بها يضم مارينا لليخوت، وفندقا تابعا لمجموعة فنادق الفورسيزنز العالمية. وهو الذي تم افتتاحه ليعيد للأذهان عراقة المكان وتاريخه وبعضاً من لياليه التي ظن البعض أنها ولت بلا عودة. ويعد فورسيزنز سان ستيفانو الفندق الأول في سلسلة فنادق فورسيزنز على ساحل البحر الأبيض المتوسط والرابع في مصر. وينفرد الفندق ببانوراما ساحرة للبحر المتوسط، كما يتوسط أرقى أحياء الإسكندرية العريقة وهي لوران، وزيزينيا، وجليم، ورشدي. وهو ما يجعل الوصول إليه من الأمور السهلة، فهو يبعد عن محطة سكة حديد «سيدي جابر» بنحو 3 كيلومترات، بينما المسافة بينه وبين المطار 5 كيلومترات. كما يبعد 10 كيلومترات عن مدخل المدينة. وينفرد الفندق بتوسطه كورنيش الإسكندرية الذي يمتد مطلا على البحر الأبيض المتوسط بطبيعته ومناظره الخلابة من المنتزه وحتى الميناء الشرقي، ليتيح فرصة نادرة لزائره برؤية ممتدة لأطراف الأسكندرية. في بهو الفندق الرحب، تترامى إلى أذنيك نغمات البيانو والهارب الحالمة التي تعد أول ما يستقبل نزلاء الفندق الذي يضم 118 غرفة فندقية تشمل 31 جناحا فخما تتيح بتنوع مستوياتها المعيشية إقامة مميزة بالفندق. سواء باختيار الأجنحة المميزة أو الغرف المطلة على البحر، أو الغرف المطلة على الحدائق وحمام السباحة الرائع، بينما يعطي الجناح الملكي بالطابق الثامن عشر لنزلائه رؤية فريدة في نوعها للبحر المتوسط والمدينة، حيث يمكنك وأنت تستلقي على الأسرة الوثيرة أن تستمتع بمشاهدة الأفق وتلامس بعينيك السماء المتلاقية مع صفحة المياه الزرقاء لبحر المتوسط. وتتسم غرف وأجنحة الفندق التي صممها الفنان الفرنسي العالمي «بيير إيف روشون» بالذوق الأوروبي الممزوج بلمسة من دفء وسحر الشرق، من خلال الجمع بين الطابع المصري الكلاسيكي والأسلوب الروماني والفرنسي ليعكس الديكور العام للفندق حالة من الفخامة والذوق الرفيع. الاهتمام بجمال التصميم لم يؤثر في توفير الإقامة المريحة لرجال الاعمال حيث قامت إدارة الفورسيزنز بتوفير الخدمات التي يحتاجون إليها أثناء إقامتهم بها؛ وفي مقدمتها خدمة الإنترنت اللاسلكي الفائق السرعة. وجهاز تشغيل الأقراص الرقمية والأقراص المضغوطة بالإضافة إلى مساحة للعمل ومكتب. ويتناسق طراز واجهة الفندق مع طراز حوض البحر الأبيض المتوسط بكل ما فيه من زخرفة وحليات أنيقة. بالإضافة إلى وجود شرفات متسعة للاستمتاع بهذا الجو الخلاب، حيث يمكنك تناول إفطار سان ستيفانو اللذيذ مع العصير الطازج. والاستمتاع بمنظر حمام السباحة اللامتناهي مع البحر الذي تحيط به كبائن مريحة لإمتاع نزلاء الفندق، ويساعد وجود مظلة عملاقة في منتصف حمام السباحة الرئيسي على استخدامه صيفا وشتاء. وإلى جانب مارينا لليخوت لا تزال تحت الانشاء، وتواجه الفندق بعرض 750 مترا على شاطئ البحر، ستضم منطقة ترفيهية ورياضية عالية المستوى يصلها بالمشروع نفق للمشاة، بالإضافة إلى حاجز صناعي للأمواج تحت مستوى سطح البحر وعدد من الكبائن للاستخدام اليومي، وكازينو وشاطئ استحمام خاص. ومن المتوقع الانتهاء منها في غضون عام ونصف العام. وتتنوع مطاعم فورسيزنز سان ستيفانو التسعة والموجودة في الطابق الثالث، لتقدم لك أشهى مأكولات أشهر المطابخ العالمية.

الوصول للمطاعم يمر بحديقة تضم العديد من أنواع الزهور والأشجار، التي يصطف على جانبيها عدد من المحال التي تبيع أرقى ماركات الساعات العالمية. ويعد تناول الطعام بالفندق تجربة مميزة حيث يمنحك عدد من الطهاة الفرنسيين يترأسهم الشيف إيريك دوبلوند ذو الخبرة التي تمتد لنحو 30 عاما، ومساعداه الشيف المصري مصطفى والشيف اللبناني وليد، أطباقاً سيظل مذاقها محفوراً في ذاكرتك. ويمكنك التنقل أثناء اقامتك بين مطعم «بابيلوس» بقوائم طعامه اللبنانية والفرنسية، ومطعم «ستيفانوس» ذي المذاق الإيطالي، ومطعم «كالاش وأطباقه اليونانية، ومقهى «فريسكا» الذي يقدم الوجبات الخفيفة. كما يمكن لضيوف الفندق الاسترخاء وتناول الطعام يوميا في فترة ما بعد الظهيرة وحتى وقت متأخر من الليل مع الاستمتاع بموسيقى الجاز في بار الفندق أو مطعم «Pool Grill» الذي يقع بجوار حمام السباحة ويقدم الأطعمة الخفيفة والمشويات المتنوعة في فترة الغداء وحتى غروب الشمس.

النادي الصحي لفورسيزنز سان ستيفانو يقع في الطابق الرابع ويضم 14 غرفة علاجية. ويوفر أماكن خاصة للرجال وأخرى للنساء لضمان أقصى درجات الخصوصية بالاضافة الى جناحين للأزواج. ويقدم قائمة من العلاجات المختلفة وأنواع المساج التي تلقى رواجا من قبل السيدات العربيات والمصريات على حد سواء تساعدهن على التخلص من التوتر والارهاق الناجم عن ممارسة حياتهن في العمل ومع الأبناء، الى جانب مركز للتجميل، فضلا عن غرف البخار والسونا والجاكوزي، بينما يضم الطابق الخامس مركزا للياقة البدنية للرجال والسيدات وملاعب اسكواش مفتوحة طوال 24 ساعة. ومن خلال خدمة «الكونسيرج» يرشدك الفندق إلى أماكن التسوق والتمتع بمشاهدة آثار الاسكندرية التي تعد من أهم عواصم العالم القديم، حيث يمكنك تتبع بعض آثار كليوباترا وأنطونيو، وزيارة وسط المدينة التي ألهمت الشاعر اليوناني «السكندراني» كفافيس ببعض من إبداعاته، وذلك من خلال الجولات السياحية التي يوفرها الفندق بصحبة مرشد سياحي مع خدمة الليموزين. ليس هذا فقط، بل يعد فندق فورسيزنز المكانَ الأمثلَ لعقد المؤتمرات والاجتماعات الكبرى من خلال 5 قاعات مجهزة بأحدث تكنولوجيا سياحة المؤتمرات. ستيفان كلينجر، مدير الفندق، قال لـ«الشرق الاوسط» إن أهمية الفندق تنبع من أهمية مدينة الأسكندرية التي جمعت بين ضواحيها بالعديد من الأجناس البشرية، فهي مدينة أسطورية تعانق البحر المتوسط في مشهد رائع يمنحها الخصوصية يكفي أن نقول إنها كانت مسرحا حيا شهد أحداث قصة حب انطونيو وكليوباترا. عشاق التسوق أيضاً يمكنهم التجول في مركز سان ستيفانو جراند بلازا والذي يضاهي أرقى المراكز التجارية الأوروبية، وهو الأول في نوعه بمصر ويشغل مساحة أربعة طوابق، بها 200 متجر لجميع الأنشطة وتشمل أشهر الماركات العالمية، بالإضافة الى عشر قاعات لدور السينما، وعدة مطاعم تطل على شاطئ البحر الى جانب مناطق ترفيهية للأطفال ومنطقة للألعاب الإليكترونية ومساحة لمطاعم الوجبات السريعة.