عقبة الباحة.. جسور فريدة ونوافير معلقة

كثبان ومرتفعات

عقبة الباحة تجتمع فيها كل عناصر الطبيعة الخلابة («الشرق الأوسط»)
TT

على ارتفاع أكثر من الفي متر عن سطح البحر، تتلوى عقبة الباحة كما الافعى تربط سراة الباحة وتهامتها، لتمثل أحد أهم الشرايين التي تم تشييدها قبل ثلاثة عقود بتكلفة تزيد عن 600 مليون ريال.

وعقبة الباحة هي الأطول بين مثيلاتها على مستوى المملكة بطول يدنو من 50 كيلومترا، كما انها الأكثر في عدد المنحنيات والتعرجات لكثرة الجبال والتلال التي تخترقها وعدد الجسور التي تزيد عن ستين جسرا معلقة في شكل هندسي فريد في الامتداد والارتفاع وتقنية التركيب، وهي أول عقبة تتم صيانتها بواسطة معدات هيدروليكية لاجراء عمليات الرفع والتثبيت وقياس درجات التحمل، خاصة بعد انهيار أحد الجسور الذي أودى بحياة سائق لانعدام الرؤية بفعل الضباب الكثيف وعدم علمه بالفراغ الذي خلفه الجسر بعد الانهيار الذي حدث بسبب الأمطار والسيول التي أثرت على قاعدة المتربعة في طريق السيل المنحدر بشدة من جبال السراة.

وتتيح أنفاق متعددة لعابري الطريق المجال لتحديد مواقعهم عليه، كما يوجد عدد من الأنفاق التي تخترق الجبال المنحدرة من جهة مدينة الباحة والظفير والغمدة ورغدان وجبال بيضان، وهذه الأنفاق تعتبر الدليل الوحيد لمرتاديها حيث يمكن للعابرين تحديد مواقعهم بواسطتها عند الإتصال بهم إذ باستطاعة عابريها تحديد أماكن وجودهم بواسطة الأنفاق التي يعلو هامة كل واحد منها رقم يحدد تسلسلها من بدايتها باتجاه قرية ذي عين الأثرية وحتى مدخلها من جهة الباحة والظفير التي تزيد عن ثلاثين نفقا مختلفة الأطوال.

وتنتظر الأنفاق الآن تنفيذ مشروع الإضاءة المزمع في أنفاق طرق المنطقة، ومما يميز هذه الأنفاق أن المياه تتسرب منها في الشتاء لتشكل جداول مائية أشبه بالنوافير المعلقة، ومما يدهش عابريه أن السيارات تطلق المنبهات فور الدخول لهذه الأنفاق وخاصة تلك التي تقل الأطفال الذين يجدون متعة في سماعها بصوت مدو وصدى يملأ جنبات العقبة ويسمع من بعيد، إلا أن هذه الأنفاق تفتقر لوسائل السلامة ومنها عيون القطط التي تحدد مسار عابريها في الاتجاهين كما أنها تشكل خطورة بالغة في حالة تجاوز أي سيارة في أي اتجاه وخاصة في الشتاء الذي تنعدم الرؤية تماما في داخل هذه الأنفاق وخاصة كل ما اتجهت إلى الأعلى لأكثر من عشرة أنفاق يغطيها الضباب بالكامل وفي هذه العقبة تكثر القرود الجبلية التي تصطف على جنباته بالمئات وتتخذ من الجسور والخرسانات الجانبية الحامية مقرات لمواجهة السيارات العابرة ومداعبة المارة وتناول ما يقدمونه لها من أطعمة وبخاصة الموز الذي تتلقفه من أيدي الأطفال الذين يستمتعون بمشاهدتها على الهواء مباشرة بدون رسوم دخول كما هو المعتاد في حدائق الحيوان. وفي هذه العقبة تكثر الشجيرات العطرية البرية ذات الروائح الزكية كما تصطف عدد من القرى الأثرية التي هجرها ساكنوها قبل فتح العقبة لوعورة الوصول إليها بواسطة الدواب والسير على الأقدام والتي تعتبر من الأصدار بحكم موقعها في صدر جبال السراة بين تهامة والسراة، ومما هو معروف عن الباحة أنها تضم أكثر من ثلاثين عقبة تربط بين القرى الواقعة على سفوح جبال السراة والقرى التي تتبعها في تهامة، ولا تزال دون الخدمة المطلوبة لتسهيل التنقل عبرها عدا عقبة الباحة اليتيمة وعقبتي بيضان وحزنة اللتين زاد عمر تنفيذهما عن عقد ونصف العقد لسوء التنفيذ، كما توجد عقبة تربط بين محافظة بالجرشي وما يوازيها من قرى تهامة التابعة للباحة وعسير.