أكابولكو.. كل شيء فيها تغير إلا طبيعتها

مدينة مكسيكية خجولة تعود إلى الأضواء

تحولت اكابولكو من مدينة مملة الى مدينة تضج بالحياة («الشرق الأوسط»)
TT

كان مساء هادئا في أكابولكو، وفي شارع المدينة الرئيسي كان حشد حفل الكلية في النادي الليلي مرة اخرى. وبالقرب من ذلك كان غواصو جرف لاكويبرادا العميق قد أنهوا العرض المسائي الأخير، بعد أن أرسلوا الأمهات والآباء الى بلانيت هوليوود من أجل إلهاء أطفالهم الذين نفد صبرهم ذلك أن سفينتين كانتا تقفان عند المرسى. ولكن في الجانب الآخر من خليج أكابولكو كان هناك سرادق من الخشب والزجاج يوفر مكانا للابتعاد عن كليشهات المدينة. وفي الداخل كان هناك مطعم أبيض متألق الأضواء ينفتح مثل مصباح كهربائي عملاق على الساحل بينما تنساب اصوات الموسيقى. وكان هناك حشد من المكسيكيين الشباب يرتدون قمصان غوتشي المفتوحة الياقات وبدلات بوتشي وهم يدورون في المكان ربما من أجل رؤية الممثلة تارا ريد والمغني لويس ميغيل والأسماء الأخرى التي كانت هناك أخيراً.

وقال انجيلو بافيا، صاحب مطعم بيكو ألماريه «انه لشيء رائع، أليس كذلك؟ لم افكر ابدا بجعل المطعم على هذا النحو. ولكن الأمر يعود الى ابني وابنتي». انها كلمات فظة اذا ما أخذنا بالحسبان أن أكابولكو تبدو منذ زمن بعيد مثل مكان لا يمكن أن يحبه الا الأمهات والآباء. وبالنسبة لكثيرين لا تعتبر هذه المدينة المنتجع التي تضم ما يزيد على 70 ألف شخص والتي تقع على ساحل الباسفيك الجنوبي في المكسيك، رديفا للأناقة وانما للجحيم السياحي، حيث سفن المسافرين تنقل العوائل الكثيرة الى هذا المكان. غير أن هناك جانبا آخر في أكابولكو، يعاود الظهور من السواحل التي تجتذب السياح الى استعادة مجد هوليوود. وبين شقق المجمعات السكنية الفاخرة الجديدة التي تنتصب في دياموند بوينت والفيلات الحديثة الطراز في لاس بريساس، هناك قلادة من المطاعم الجديدة والنوادي الليلية العصرية والفنادق الفاخرة المميزة، وهذا يعيد المجد الى المدينة وسواحلها. وحتى المنتجعات الأسطورية تجرب التغيير مثل نجوم الأفلام القديمة الذين يعودون الى المسرح. غير أن هناك شيئا واحداً يبقى من دون تغيير، وهو جمال أكابولكو الطبيعي. والمدينة التي تعانق المياه الهادئة الصافية الزرقة في خليج أكابولكو تمتد من سييرا مادري لتشكل هلالاً محاطا بالمنحدرات الصخرية العميقة وأميال من الرمال الذهبية. وهذه الطوبوغرافية الجذابة، سوية مع الطقس المثالي، هو ما جعل أكابولكو ملعبا لا يضاهى من ملاعب القرن العشرين الجميلة. وفي ذروتها كانت أكابولكو ملاذا يتردد اليه فرانك سيناترا والرات باك حيث اليزابيث تايلور تزوجت من مايك تود، واليها توجه جون وجاكلين كنيدي لقضاء شهر العسل (كما فعل الشابان بيل وهيلاري كلينتون). وقضى هوارد هيوز أيامه الأخيرة في فندق أكابولكو برنسيس. وكان لدى لانا تيرنر مكان مطل على الماء كما كان حال جون وين. كما كانت مكانا صورت فيه أفلام شهيرة. وكانت رائحة عبقة بدأت بحدود الوقت الذي قام فيه ايرول فلين أول مرة بالسفر في واحد من قواربه التي اشتهرت بحفلاتها. وكان ذلك في أواخر ثلاثينات القرن الماضي، وكانت أكابولكو عندئذ قرية صيد. ولكن قبل زمن بعيد كانت نخبة هوليوود تتجه إلى ساحلها المشمس. وكان السياح يمكثون في فنادق مثل لوس فلامنغوس الذي كانت تملكه مجموعة تضم جون وين وجوني ويزمولر (الذي لعب دور طرزان في الأفلام السينمائية).

وقال استيبان ماتيز مصمم الأزياء من أكابولكو ان «اول الديسكوات في العالم كانت في أكابولكو»، وهو يتذكر الكثير منها جيدا. والحقيقة أن موضوع الغلاف في مجلة (لايف) عام 1967 كان مقالة عن أكوبولكو أشارت إلى أنها «واحدة من أجمل الأماكن في العالم». وبمرور السنوات بدأت التحولات في المدينة التي راحت تجتذب المشاهير والسياح، مما ترك آثاره المتباينة سلبا وايجابا على وضع المدينة. وستجد السياح على طول طريق كاريتيرا الساحلي الممتد من لاس بريساس باتجاه خليج بورتو ماركيز وبرجي دياموند بوينت. ويلاحظ الزائر تدفق أعداد من الذين يريدون قضاء عطلة نهاية الأسبوع باتجاه مختلف أماكن هذا المنتجع الساحلي الذي اكتشف جماله وسحره مجددا. هناك مطاعم مثل بيكو وكوكابورا، بالإضافة إلى أخرى جديدة مثل زونترا وزيبو الذي يقدم وجبات هندية وتايلندية. إلا ان التغيير الكبير الذي أحدث فارقا ملحوظا أجري على مطعم ماديراس الذي اعيد افتتاحه في ديسمبر الماضي بعد ان خضع لعمليات صيانة وتغييرات، وأصبح الآن يقدم أطباقا جديدة لم تكن ضمن قوائم الطعام التي ظل يقدمها لزبائنه. يمكن القول إن ماديراس يعتبر نموذجا مصغرا لعودة أكابولكو إلى دائرة الاهتمام مرة أخرى، حيث يلتقي الألق التقليدي بالحديث في تمازج يتسم بالانسجام الكامل. وفيما لا تزال جوان كولينز تتردد على أكابولكو، هناك أجيال أخرى تتوجه اليها أيضا مثل ريد وويلما فالديراما وايفانكا ترومب. وتقول مصممة الأزياء ماتيز إنها أعارت سيارتها لايفانكا ترومب، على الرغم من تحذير ترومب لها بألا تفعل ذلك. بعد سنوات من الركود والكساد اصبحت أكابوكلو تضم أبنية فخمة، إذ تعكف الآن غروبو هابيتا للفنادق على تشييد بناية تضم 54 غرفة في بونتا بروجا القريبة من خليج أكابولكو. ومن المقرر افتتاح هذه البناية الفاخرة في وقت لاحق من العام الجاري. وقال رافائيل ميكا، الشريك في غروبو هابيتا، انهم يريدون ان يصبحوا جزءا من عملية تجديد اكابولكو. وتساعد المجموعة أيضا في تجديد فندق بوكا تشيكا في الجزء القديم من أكابولكو. فيرمونت بيير ماركيز، الذي شيده دون بول غيتي في داياموند بوينت، أجرى تجديدا على المنازل ذات الطابق الواحد والمطاعم. عاد الظهور مرة أخرى فندق لاس بريساس الذي اصبح وجهة لعدد من العرسان لقضاء شهر العسل. إلا ان عودة النشاط والألق لفنادق أكابولكو لم تترك مبررا للزائرين للسفر خارجها، إذ ان النشاط والصخب والموسيقى في أنديتها الليلية يمتد حتى صباح اليوم التالي. وتجتذب أنديتها الليلية البارزة مثل بالاديوم الاميركيين والأوروبيين وغيرهم. إلا ان الباحثين عن الطابع الأصلي لأكابولكو يفضلون «بيبي او»، حيث تعج قاعة الرقص فيه برجال ونساء يرقصون في أجزاء منه شوهدت عليها في الآونة الأخيرة شخصيات مثل مادونا ونعومي كامبل وبونو.

*خدمة «نيويورك تايمز»