البحرين تخطف أنظار مئات الملايين حول العالم عبر الفورمولا 1

مناسبة رياضية تحولها إلى مزار سياحي

تجذب «الفورمولا 1» عددا كبيرا من السياح الذين يزورون البحرين للتمتع بمشاهدة تلك الرياضة وبما تزخر به البحرين من معالم سياحية
TT

عندما تستضيف البحرين يوم الأحد المقبل بطولة الفورمولا 1 على أرضها، فانها لا تنظم سباقا رياضيا فحسب، بل انها تعزز من تجربتها الفريدة في الترويج للسياحة على أراضيها عبر الرياضة، وفي حالة الفورمولا 1 فنحن امام الرياضة الأكثر مشاهدة في العالم.

وهذا العام تستضيف البحرين السباق العالمي للمرة الخامسة وتثبت للمرة الخامسة تمكنها من تحقيق معادلتها الناجحة في استقطاب نوعية معينة من السياح الذين قدموا مبدئيا من أجل السباق وبعدها حرصوا على زيارة البحرين مرة ثانية وربما ثالثة.

وتعيش المملكة البحرينية هذه الايام احتفالية محمومة من خلال جميع قطاعاتها، ويبدو ذلك جليا سواء من خلال انتشار الاعلانات التجارية المروجة لسباق الجائزة الكبرى فى كافة أرجاء البحرين، وفي مختلف مجمعاتها التجارية وشوارعها والعديد من القطاعات الحيوية.

وبجانب الحملة الإعلامية الضخمة التي قامت بها حلبة البحرين الدولية كانت الفعاليات التي وجهت الى الجماهير المحبة لرياضة السيارات في مملكة البحرين ودول المنطقة، تمضي لادخال الجميع في أجواء الفورمولا واحد وتقريبهم أكثر الى هذه الرياضة العالمية وتواصل النجاح في ذلك من خلال تفاعل الألف مع هذه الفعاليات خاصة في مهرجان يلا بحرين والذي يأتى ليعزز من الاجواء التحضيرية المسبقة لانطلاق سباق الجائزة الكبرى.

وعلى مدى النسخ السابقة من استضافة البحرين للفورميلا 1، لم تكن وحدها في وسط هذه المعمعة اللذيذة والرائعة، بل أن الدول الاخرى في مجلس التعاون الخليجي كانوا أيضا معها قلبا وقالبا في هذه الاستضافة، وهاهم أيضا يستعدون لإنجاح هذا السباق الرياضي، الذي يجلب على البحرين سنويا المئات من الملايين من الدولارات قدرت بنحو نصف مليار دولار أميركي.

وكشفت شركة ممتلكات البحرين القابضة أن سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورميلا واحد للعام الماضي 2007 في حلبة البحرين الدولية، قد حقق عوائد مالية واقتصادية بلغت 548 مليون دولار كمساهمة للاقتصاد العام لمملكة البحرين، وتزيد بنسبة 40% عن العوائد التي تحققت في العام الذي قبله.

يمكن القول إنه منذ الانطلاقة الرسمية لسباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورميلا واحد في عام 2004 زاد الاهتمام بمملكة البحرين باعتبارها واجهة اقتصادية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ومركزا لاستقطاب الاستثمارات. وساهم وجود حلبة البحرين الدولية لتتحول البحرين إلى مركز عالمي لرياضة السيارات والفعاليات العديدة المتعلقة بها إضافة إلى العديد من المشاريع المرتبطة بالأخرى التي عادت بالفائدة الاقتصادية أو السمعة العالمية على المملكة.

صحيح أن مدة السباق هي ثلاثة أيام، هي الرابع والخامس والسادس من الشهر الحالي، إلا أن تهافت عشرات الألوف سيكون أمامهم مدة كافية للحكم على ما ستقدمه جزيرة دلمون لضيوفها خلال هذه الأيام، فالكرنفال البحريني سيكون في أوجه خلال هذه الأيام بينما استمر طوال شهر كامل احتفلت البحرين وشقيقاتها في دول الخليج القريبة بالعرس السنوي للبحرين.

ولم تفوت البحرين هذه الفرصة التي قدمت إليها على طبق من ذهب، فاستغلت هذه الفرصة جيدا بعيدا عن حلبة السباق، حيث أقامت مهرجانا بديعا اختلطت فيه جميع الفنون والثقافات من عربية إلى فرانكوفونية إلى غيره، حتى تحولت إلى خليط قدمت في البحرين تشكيلة رائعة أرضت فيه زوارها الذين لا بد وأنهم سيحرصون على تكرار زيارتها مجددا بعد ما وجدوه من برامج متعددة. ويلفت مهرجان ربيع الثقافة الذي نظمته وزارة الاعلام البحرينية أنظار زوار البحرين بتنوع فعالياته التي شملت غالبية ألوان الفنون الشعبية والغنائية والراقصة كذلك.

سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورميلا واحد يعتبر أبرز حدث تحتضنه حلبة البحرين الدولية ضمن الأحداث والفعاليات العديدة التي تقام في الحلبة ذات المواصفات العالمية على مدار العام، بيد أن هذا الحدث الضخم واصل تحقيق العوائد الاقتصادية والمنافع سواء المباشرة أو غير المباشرة لمملكة البحرين عاما إثر عام، ووفق أرقام ضخمة تؤكد على نجاح إقامة مشروع حلبة البحرين الدولية واستضافة سباق الجائزة الكبرى.

ومن خلال عملية مسح شاملة أجرتها شركة «غودو» الاستشارية للبحوث والتسويق، ظهر أن إجمالي العوائد المالية المتحققة من وراء استضافة سباق الجائزة الكبرى في عام 2007 هو 548 مليون دولار بزيادة قدرها 40% عما حققه سباق جائزة البحرين الكبرى في عام 2006.

وشملت الدراسة مسحا على قرابة 66 فندقا ومنتجعا سياحيا في البحرين خلال فترة استضافة الجائزة الكبرى، حيث بينت أن نسبة الإشغال كانت 70 إلى 100%، حيث تمكنت الفنادق، متمثلة في خمس نجوم وصولا الى الثلاث نجوم، من تحقيق أرباح في أعمالها التجارية وصلت لزيادة بلغت 30% أكثر من أي فترة من فترات العام في 2007. وشهد سباق جائزة البحرين الكبرى في عام 2007 حضور أكثر من 90 ألف متفرج إلى حلبة البحرين الدولية خلال الأيام الثلاثة للسباق العالمي، ووصلت طاقة الاستيعاب إلى حدها الأقصى في ظل بيع جميع تذاكر سباق جائزة البحرين كلها للمرة الأولى منذ عام 2004، ليكون بذلك سباق جائزة البحرين الكبرى في مصاف الجائزة الكبرى في إسبانيا وبريطانيا اللتين حققتا الطاقة الاستيعابية القصوى لهما وتم خلالها بيع جميع التذاكر، رغم أن الفارق يكمن في وجود سائقين للدولتين في سباقاتها يسهمون في تحفيز الجماهير على الحضور مثل البريطاني لويس هاميلتون في سباق سيلفرستون والإسباني فرناندو ألونسو في سباق برشلونة، في المقابل فإن سباق جائزة البحرين الكبرى اشتهر بتسميته «سباق الجميع» Friendly Race، وذلك بتحقيقه النجاح في استقطاب الجمهور من خلال حسن التنظيم العام للحدث ووجود العديد من الفعاليات الترفيهية الموجهة للأفراد والعائلات.

ويقول طلال الزين الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات البحرين القابضة، إن نتائج الدراسة تبين حجم النمو القوي للعوائد التي تتحقق سنويا من وراء سباق الجائزة الكبرى والشعبية الكبيرة التي باتت تحققها هذه الرياضة، حيث بان أثرها على الاقتصاد البحريني وفي منطقة الخليج ككل. الدراسة الاقتصادية التي شملت أكثر من 1000 منظمة وجهة مساهمة في الحدث، أوضحت أن المنظمات المحلية والإقليمية وموردي الخدمات ساهموا تقريبا بـ22.9 مليون دولار من خلال الخدمات المختلفة التي قدموها والتي تشمل الحملة الإعلانية والإعلامية في البحرين وجميع أنحاء منطقة الخليج والأسواق العالمية بالإضافة إلى مصروفات التشغيل والتنظيم للسباق عوضا عن مصاريف البنية التحتية والسكن والعمليات اللوجستية وغيرها.

هذه المصاريف التي تعتبر من الأمور الأساسية لإقامة السباق العالمي والترويج له، جاء في مقابلها تحقيق عوائد مالية عديدة من ضمنها 10.8 مليون دولار عوائد مبيعات التذاكر، والتي تضاف إلى 33.5 مليون دولار عوائد بيع منتجات الحلبة وتذاكرها المختلفة إضافة إلى عوائد الأطعمة والمشروبات والاستفادة من الخدمات الأخرى في محيط حلبة البحرين الدولية خلال الحدث. كما أن عوائد الحقوق التلفزيونية والرعاية الرسمية والضيافة واللجان المتعددة وإيجار المرافق حققت مبلغا وقدره 7.9 مليون دولار. كما استفادت مملكة البحرين بطريقة غير مباشرة من المبالغ التي صرفها الزوار والسياح الحاضرون للحدث، حيث تم تحقيق 104.5 مليون دولار كعوائد للسفر والإقامة والتنقل عبر وسائل المواصلات المتعددة (طائرات، سيارات أجرة ... الخ)، بالإضافة إلى الخدمات العديدة التي تصب عوائدها في مختلف أوجه الاقتصاد البحريني.

وأضاف طلال الزين «بالمقارنة مع العديد من الأحداث الرياضية الكبرى كالألعاب الأولمبية على سبيل المثال وغيرها، فإن تكلفة إقامة سباق ضخم مثل سباق الجائزة الكبرى مسألة لا يستهان بها. وبفضل الجهود المبذولة في حلبة البحرين الدولية من خلال الفعاليات التي تقام على مدار العام ويأتي سباق الجائزة الكبرى على رأسها، فإن النجاح يتواصل في مجال تعزيز الوعي برياضة السيارات وأبعادها الإيجابية سواء في مملكة البحرين أو في مختلف أنحاء المنطقة والعالم، خاصة وأن الجميع بات يعرف أن أكثر من 500 مليون شخص يتابعون سباق الجائزة الكبرى عبر شاشات التلفاز حول العالم، وهذه المسألة أسهمت في تعريف العالم بالمملكة وساهمت في جذب الاستثمارات والفرص التجارية للعديد من الشركات مما أسهم في تحقيق مداخيل مالية إضافية تصب في صالح الاقتصاد الوطني، من خلال خلق فرص للوظائف وفرص للاستثمار وتنفيذ الأفكار الطموحة».

وبين طلال الزين، الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات القابضة، أنه مع تزايد إنجاز العديد من الأعمال في جميع أنحاء المملكة كل عام، فإن سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورميلا واحد أصبح هو الخيار الأول لاستقطاب السياح وللحصول على أجواء عائلية للترفيه، إضافة لكونها فرصة لإيجاد فرص جديدة للأعمال.