«فندق البحيرة» في سويسرا.. اسم على مسمى

جار البحيرة وكاتم أسرار التاريخ

فندق البحيرة دارت احداث قصة «اوتيل دولاك» فيه
TT

عندما تصل إلى تلك المدينة الهادئة بواسطة القطار وتخرج من المحطة، سوف ترى حافلات زرقاء وبيضاء وتراموي قديما يأخذك الى رحلة ابعد من التي في بالك، فهذا المنظر يوهمك بأن عقارب الساعة رجعت بك الى الوراء، فهدوء وسكينة منطقة فيفي تتخللهما حركة السويسريين (الفرنسيين)، الذين يزيدون تلك المنطقة أناقة وجاذبية.

من أجمل ما يمكنك ان تزوره أو تشاهده في منطقة فوفي وسائر المناطق السويسرية المحيطة بها هي بحيرة جنيف او «لومان»، كما تعرف باللغة الفرنسية، لكن عندما يكون بإمكانك أن تأتي بالبحيرة إليك، فالإقامة تكون أروع وأجمل، وهذا الأمر ممكن، لان الريفييرا السويسرية تشتهر بانتشار أجمل الفنادق والمنتجعات الصحية المطلة على البحيرة، التي تعتبر عنوانا لا بد منه للراحة والاستجمام، فمعظم المنتجعات والفنادق الممتدة على طول الريفييرا تقدم مساحات مخصصة للراحة والاسترخاء ومزودة بأحواض السباحة والنوادي الرياضية، والاهم من هذا كله أن معظم تلك الفنادق تطل على أجمل المناظر البانورامية الخلابة على البحيرة من جهة وعلى جبال الألب الشاهقة من جهة أخرى.

زوار سويسرا بشكل عام، يقصدونها بهدف استعادة الحيوية والنشاط الجسدي ومقاومة الإرهاق والضغط وذلك لتوفر عدد كبير من العيادات التي تعنى بتقديم أعلى التقنيات المتوفرة والمنتجعات الصحية «السبا».

لكن إذا كنت ترغب في الحصول على كل ما ذكرناه سابقا من هدوء ومنظر بانورامي واستجمام، فلا بد من زيارة فندق «غراند اوتيل دو لاك» أوGrand Hotel Du Lac الواقع عند النقطة الفاصلة مباشرة ما بين منطقتي فوفي ومونترو، يتميز هذا الفندق عن باقي فنادق الريفييرا انه قريب جدا من البحيرة وعايش تاريخا طويلا من الأحداث ونزل فيه العديد من المشاهير والشخصيات التاريخية على مر السنين، فقد تم بناؤه عام 1868 وظل محافظا على شكله وديكوره القديم لغاية عام 2006، عندها نفض غبار التاريخ من دون ان يتخلى عن ذكرياته ومقتنياته، فخضع الفندق في ذلك العام لعملية إعادة ترميم ضخمة كما قام مهندس الديكور الفرنسي العالمي بيار إيف روشون بوضع لمساته الرائعة مع مراعاة اسم الفندق وعراقته وتاريخه.

عندما تصل الى الفندق ستفتح البوابة الخارجية المصنوعة من الحديد الأسود تلقائيا وفجأة سترى البواب آتياً من الداخل وعلى وجهه بسمة عريضة، فسوف تتساءل «كيف عرفوا بمجيئي ومن أين أتى البواب؟»، وهذا ما حصل بالفعل فقد قمت بطرح السؤال على المدير العام للفندق كريستوفر رودولف، وأجابني بالقول: «ملاحظتك في محلها»، وشرح لي بأن البوابة الرئيسية تكون دائما مقفولة، وبالتالي يوجد البواب داخل الفندق وبالتحديد في مكتب الاستقبال وتوجد كاميرا تنقل الصور الحية لما يحدث خارجا على جهاز عامل الاستقبال، فعند وصول الزائر يسارع البواب الى فتح البوابة ومساعدة الضيف. ويضيف رودولف: «هذه الفكرة مأخوذة من احد الفنادق التي زرتها في منطقة المالديف، وقمت بتطويرها، وقد أثبتت الفكرة نجاحها خاصة لان الضيف ومن خلال هذه الطريقة يشعر بالأهمية والاهتمام».

وعلى عكس باقي الفنادق في العالم، ففي «هوتيل دو لاك»، لا تجد مكتب الاستعلامات والاستقبال يتصدر مدخل الفندق، إنما تجده في مكان مغلق بعيدا عن الأنظار، فتشعر فيه بالخصوصية كما يمكنك القيام بجميع إجراءات تخليص معاملات الإقامة (الشيك إن)، وأنت تجلس على مقعد مريح، وعندما تدخل الى البهو الرئيسي للفندق ستفاجأ بعدد من الحجر، واحدة منها شرقية، تتخيل نفسك وأنت تقعد في مجلسها وكأنك سافرت عبر الزمان إلى العصر العثماني، فالديكور أكثر من رائع، جيء بالمقتنيات المعروضة فيه من بلاد الشام وبلدان شمال أفريقيا، فالديكور مزيج شرقي لافت، تقدم فيه القهوة العربية والشاي بالنعناع وتنبعث منه رائحة العطر والعود الشرقي والبخور، وتخرج بعدها من الزمن العثماني لتدخل إلى بهو آخر زين بأجمل الزخرفات الأوروبية، وفيه أجمل الأرائك، يتميز بنعومة الألوان وانسجامها مع الجو العام للمكان، وتسوره جداريات فنية رائعة والى جانبه غرفة من الزجاج تشاهد عبر نوافذها العديدة أروع المناظر الطبيعية، ناهيك عن المطاعم التي تجدها كلها في الطابق الأرضي، فتجد مطعما بطراز فرنسي جذاب وآخر بطابع انجليزي، وقاعات ضخمة لاستقبال المؤتمرات والأعراس والاجتماعات الرسمية، والصفة المشتركة في جميع أركان الفندق هي الرقي والهدوء والنظافة وعدم التخلي عن التاريخ وهذا واضح من خلال ترك الإنارة القديمة التي كانت عبارة عن شمعدانات معلقة على الجدران في جميع زوايا قاعات المؤتمرات، بالإضافة إلى المدفأة الضخمة التي تزينها ساعة أثرية رائعة وكل هذه المقتنيات كانت موجودة في الفندق منذ افتتاحه عام 1868، وعندما تتجول في الطابق الأرضي للفندق سوف تسحرك رائحة الزهور المنسقة في أوان شفافة وقد وضعت بتأن وعناية شديدة، فعلى طول الممر العريض للبهو تجد صورا معلقة على الجدران تشتم فيها رائحة التاريخ وعبقه.

وعندما تخرج من البهو تشعر وكأنك تصافح البحيرة التي تتبلل فيها أطراف جبال الألب المكللة بالثلوج، وفي عرض البحيرة تقف اليخوت بانتظار الأثرياء وبانتظار الزوار الأقل ثراء الذين ينوون اكتشاف سويسرا عن طريق بحيرتها النظيفة.

أما بالنسبة للغرف فحدث ولا حرج، فيوجد في الفندق 50 غرفة من بينها جناح على مساحة 110 أمتار مربعة، وجناح «جونيور» و18 غرفة «دولوكس» و22 غرفة «سوبيرير»، إلا أن جميع تلك الغرف تطل على البحيرة وعلى أجمل منظر يمكن ان ترسمه مخيلتك، فقد تمت مراعاة المعوقين جسديا من خلال تأمين كل التفاصيل المهمة بالنسبة إليهم في غرفتين واسعتين، ويسمح بالتدخين في بعض الغرف، وصنعت الأسرة والأغطية والوسادات خصيصا للفندق، لذا ستشعر بالفرق عندما تنام على ذلك السرير الواسع، كما ان الوسادات مصنوعة بشكل يتأقلم مع وضعية النوم الخاصة بك، ويتبع الفندق لتصنيفRelais & Chateaux للفنادق العالمية الفريدة في العالم.

كل غرفة لها هويتها الخاصة بها، فهي أشبه بشقة صغيرة، تناسب العائلات مع الأطفال فهي مقسمة بطريقة مدروسة ويمكن فتحها على بعضها بعضا لإعطاء المزيد من المساحة والراحة، ولكل غرفة وبجميع الفئات شرفة جميلة وضعت عليها طاولة مع كرسيين من الحديد الأبيض المزخرف، يمكنك تناول الإفطار على شرفتك الخاصة لتشاهد المارة يتمشون على الريفييرا في الصباح الباكر وتنعم برؤية زرقة البحيرة وبياض الثلج الناصع،ورائحة الشوكولاته تنبعث من مصانع نيسليه المجاورة، وتطل أيضا على بركة السباحة الخارجية، وتتذكر عندها قصة كتاب الكاتبة الشهيرة أنيتا بروكنير بعنوان Hotel Du Lac، الذي تدور أحداثه في ذلك الفندق، فتشعر وكأنك تعيش دور البطلة أديث هوب في القصة.

وعندما حدثنا مدير الفندق كريستوفر رودولف وهو سويسري، حدثنا بشغف عن تاريخ الفندق وعن منطقته ومسقط رأسه فيفي، وعندما كنت أتكلم مع صديقتي ديانا عن سحر هذا المكان، تدخل رودولف قائلا «بالضبط كدا»، وفاجأنا بأنه يتقن اللغة العربية واللهجة المصرية بالتحديد لأنه عمل في القاهرة لفترة من الزمن وهذا ما يفسر تفضيله البهو الشرقي في الفندق.

والى جانب الرقي والرفاهية المفعمة بالحيوية في الفندق، يوجد في الطابق الأول ناد صحي ليس كبيرا جدا إنما مزود بأحدث الأدوات التي من شأنها المحافظة على جسم سليم، وتوجد غرف مخصصة للتدليك تديرهاSwiss Bellefontaine السويسرية وتقدم فيها المستحضرات المحلية، بالإضافة الى حمام تركي وغرفة ساونا لتستعيد نشاطك وحيويتك.

زيارة مدينة فوفي مناسبة في جميع المواسم، ويقول رودولف «إن تلك المنطقة لا تعترف بالمواسم فكلها مواسم سياحة بالنسبة لفوفي، إلا أن هناك العديد من المهتمين بالموسيقى يفضلون المجيء في فصل الصيف للتمتع بمهرجان مونترو لموسيقى الجاز، أما بالنسبة للفندق فهو يفتح طيلة أيام السنة وتفتح بركة السباحة الخارجية التابعة له في فصل الصيف، كما ان موقع الفندق الفريد القريب من مرفأ البحيرة يسمح للنزلاء بالقيام برحلات عبر القوارب التي تنطلق من هناك، والجلوس على ضفة البحيرة والاستحمام فيها (السباحة في البحيرة مسموحة) وفي الصيف أيضا توضع الكراسي على ضفة البحيرة».

العاملون في الفندق يتكلمون معظم اللغات بما فيها العربية، وبطبيعة الحال فإن السويسريين يتقنون 3 لغات على الأقل بحكم تقسيم بلدهم وكونتوناتها، فلن تجد مشكلة من ناحية اللغة، ولمحبي التبضع والتسوق، فإن موقع الفندق مناسب جدا، فهو يقع في الوسط ما بين فوفي ومونترو والوصول الى إحداهما لا يتعدى 1.5 كلم ولا يبعد عن مطار جنيف إلا بمسافة 90 كلم ويمكنك السفر أيضا عن طريق محطة القطارات السريعة في فوفي التي تبعد حوالي الخمس دقائق عن الفندق بواسطة السيارات والحافلات التي يؤمنها الفندق.

للمزيد من المعلومات: www.hoteldulac-vevey.ch وwww.montreux-vevey.com