«داينزفيلد هاوس» يحوّل صخب لندن إلى سكينة في 45 دقيقة

من سكن للأثرياء إلى فندق يحاكي النهر ويغازل التلال

TT

قد تكون لندن من أجمل العواصم الأوروبية، لا بل يرى البعض أنها من أجمل عواصم العالم، لكن وعلى الرغم من الكوزموبوليتانية التي تتسم بها تلك العاصمة النابضة، وميزاتها الكثيرة الأخرى، إلا أن وتيرة الحياة فيها متسارعة بوتيرة ملحوظة وقد تؤدي بالشخص الذي يعيش أو يعمل فيها أو حتى الزائر إلى الشعور بالتعب في حياته اليومية، وتراه يبحث عن مكان هادئ يسمع فيه صدى صوته ويرمي فيه أعباءه.

وما يميز لندن، هو سهولة الخروج منها لتجد نفسك، وفي غضون دقائق معدودة في أحضان الطبيعة التي لا تسمع فيها إلا زقزقة الطيور.

فعلى مسافة 45 دقيقة من وسط لندن وبواسطة الطريق السريع M40تصل الى منطقة «مارلو»، وهي عبارة عن قرية انجليزية تزينها الأبنية المتراصة وتجد فيها المتاجر الصغيرة، والمقاهي التقليدية، سكانها هادئون لا يكترثون بصخب لندن وضجيجها، منطقة ترتمي في أحضان الطبيعة الغناء، يأخذ طريقها الضيق وعلى مسافة اقل من 6 دقائق من الطريق السريع وبالتحديد عند المخرج رقم 4 إلى مكان أشبه بالحدائق المعلّقة، لتجد لافتة حمراء كتب عليها «أهلا بك في منتجع «داينزفيلد هاوس» الصحي»، تدلك على مكان يؤمن الراحة ولو لساعات، وتتبع الطريق لتجد مبنى أبيض اللون أشبه بالقلاع، وتمر تحت قنطرة من الحجر لم تفسدها يد السنين، وتحيط بها الحدائق من كل حدب وصوب، وترى على الحشيش الذي يفترش المساحات الشاسعة التابعة للفندق الأرانب الصغيرة التي تراها تركض تارة وتختبئ بداخل الحفر تارة أخرى، وإذا كنت محظوظا قد ترى الغزلان تتباهى بقوامها الرشيق، وتصل الى الباب الرئيسي وتشعر بالغبطة، فكل ما حولك يعبق بالتاريخ والهيبة من دون أن تعرف تاريخ ذلك المكان، وترى رجلا بملامح انجليزية بحتة وبلكنة انجليزية تعرف باسم «انجليزية الملكة»، يرحب بك في فندق مميز كان في الماضي مسكنا لعدة عائلات انجليزية، وفي كل ركن فيه قصة تابعة لعائلة من ضمن تلك العائلات الثرية العديدة التي تعاقبت على ملكيته على مدى أكثر من 400 سنة، ويحيط بالمبنى 65 فدانا من الأراضي الخضراء التي تأخذ بك إلى ضفاف نهر «التايمز»، الذي يمر بلندن، وبنفس الوقت سوف تحبس أنفاسك عندما ترى نفسك ما بين نهر «التايمز» وتلال «شيلترن».

اللافت في ديكور الفندق القديم استعمال خشب السنديان في جميع الزوايا بما فيها الجدران والأسقف، وفي البهو الرئيسي تشعر وكأنك في بيتك، مع فارق صغير هو وجود مدفأة للنار تتصدر الغرفة، وهي تتمتع بحجم عملاق، لا يمكن ان يتسع لها أي منزل عادي المواصفات، النوافذ ضخمة وعالية، الأرضية من الخشب الأصلي تأخذ بك إلى ممرات تزين جدرانها اللوحات الزيتية باهظة الثمن،ويتدلى من السقف أجمل الثريات الأثرية، وسيشدك تصميم السلم الرئيسي الذي يأخذك إلى الطوابق العليا، فهو من خشب السنديان وعليه رسومات محفورة باليد. يقول المدير العام للفندق براين ميلير، إن هناك خطة لتجديد وتوسيع الفندق وإضافة العديد من الخدمات المعاصرة على المنتجع الصحي التابع للفندق، إلا أن تاريخ المبنى العريق يحول دون القيام بتغييرات جذرية من حيث البناء، فلا يمكن على سبيل المثال المساس بسلالم الفندق الداخلية وذلك لان المبنى يعتبر بمثابة متحف أثري بنظر قانون البناء في بريطانيا. وشرح لنا ميلير أهمية هذا المكان في منطقة مارلو، خاصة أنه يقدم عضوية الانتساب للزوار، وهذا الأمر يخولهم من استعمال السبا والإقامة لليلة واحدة مجانا في الفندق، بالإضافة للحصول على خصم خاص في المطاعم الراقية التابعة للفندق.

وأخبرنا ميلير عن تاريخ المبنى الذي كان بالأساس مسكنا لعدة عائلات إنجليزية بما فيها أشهر عائلة تعاطت تجارة الصابون في انجلترا، وأصبح في عام 1948 مقرا للوحدة الجوية الملكية، ولا تزال لافتات محفورة على جدران المبنى من الخارج تشير الى مرور عناصر القوة الجوية من هناك، وبقي بعهدتهم لغاية الأول من يوليو (تموز) عام 1991، عندما ابتاع أحد رجال الأعمال الأجانب المبنى وطوره ليصبح الفندق والمنتجع الصحي الأهم في المنطقة.

يضم الفندق 87 غرفة وجناحا يتميز كل منها بديكور مختلف يتلاءم مع غنى المبنى التاريخي، وتطل جميعها على أجمل منظر مباشرة على النهر والحدائق، ويمكنك التوجه الى المركز الصحي عن طريق نفق فوق الأرض من المقرر بأن يستبدل بآخر تحت الأرض قريبا، وحاز المركز جائزة أفضل سبا لعام 2003 بحسب مجلة «كوندي ناست» السياحية المتخصصة، وأجمل ما في المركز هو وجود بركة سباحة بطول 20 مترا، وتتميز كونها محافظة على البيئة تعرف باسم Ozone Cleansed Pool، تحيط بها جداريات مرسومة باليد وأرضية البركة من الموزاييك الأزرق، وتلفها واجهات زجاجية ضخمة من جميع الجهات لتربطك بجمال الحدائق الخارجية.. (يشار إلى انه لا يسمح بدخول الأطفال دون سن السابعة الى المركز الصحي).

الجو العام في السبا مريح جديد، توجد فيه 8 غرف يخصص بعضها للرجال وبعضها الآخر للنساء، خاصة بتقديم العلاجات التي تستعمل خلالها مساحيق من ماركة مولتون براون، يمكنك تناول الشاي والقهوة في ردهة صغيرة يجتمع فيها الزوار الباحثون عن الراحة، ويقدم المركز فرصة الاستفادة من قضاء نهار كامل في المركز من دون الإقامة في الفندق يخول للزائر استعمال بركة السباحة واختيار علاج معين واستعمال غرف الساونا والبخار، مع وجبة طعام من تحضير احد الطهاة المعروفين في الفندق.

ويمكن لنزلاء وضيوف الفندق الاستفادة من المعدات الموجودة في النادي الرياضي التابع للسبا، ويوجد فريق من المدربين الذين يقدمون معرفتهم وخبرتهم.

أما بالنسبة لمحبي ممارسة لعبة الغولف، من الممكن التوجه الى نادي هارلي فورد للغولف الذي يقع على مسافة قريبة جدا من حدائق الفندق، ويتميز بـ 18 حفرة، ويتميز بأجواء راقية جدا ويمكن استئجار المعدات من المحل التابع للنادي. أما إذا كنت من محبي الطعام اللذيذ فلا بد من زيارة المطاعم التابعة للفندق، فيتميز مطعم «ذو أوك روم» بأجواء راقية ورسمية جدا، ويقدم أطباقا عالية الجودة وهو بانتظار حصوله على نجمة ميشلان للجودة،وحاز على جائزة أفضل مطعم لعام 2007، بحسب دليل الطعام الجيد، وحاصل على جائزة الزهور الحمراء بحسب دليل AA، أما إذا كنت تفضل الأكل في أجواء أقل رسمية، فلا بد من زيارة مطعم «اورانجوري»، وهو عبارة عن غرفة كبيرة من الزجاج تعرف في بريطانيا باسم Conservatory، وتستعمل خاصة في فصل الشتاء، وهي مبنية من الزجاج وتشعر فيها بالدفء على مدار السنة، ومنها تشاهد أجمل المناظر الطبيعية، وأنصحك بتذوق الخبز الذي يتم خبزه في مطبخ الفندق، فنكهته مميزة جدا، لا سيما إذا تذوقته مع الحمص بحيث يسعى الفندق ليرضي جميع الأذواق واستقطاب العرب إليه فأدخل إلى لائحة الطعام الحمص والتبولة والفتوش، وقد تفاجأت بطعم التبولة خاصة أنها مصنوعة على يد طاه انجليزي لا يتقن طهي الأطباق الشرقية، غير أنه خضع لدورة سريعة على يد أحد الطهاة العرب جعلته يتفوق على أستاذه.

وبعد غداء رائع في غرفة الزجاج، يمكنك تناول القهوة على التيراس الخارجي المطل على النهر وعلى الحدائق الأنيقة، فترى من مقعدك القوارب الصغيرة وهي تتبختر في نهر التايمز، ويمكنك الوصول إليها عبر الممرات الخارجية المحيطة والتابعة للفندق. أما بالنسبة للحدائق، فحدث ولا حرج، فلا ينقصها إلا ان تزورها شمس بريطانيا أكثر ولا تبخل عليها بحلولها لتضفي عليها الدفء، فالمشي بين ثنايا الحدائق الجميلة ينسيك الدنيا وهمومها، فهناك محطات عديدة يمكنك التسكع على مقاعدها، لتشاهد شلالات المياه او لترصد منظر الغزلان وهي تتمشى بدورها تحت الأغصان، فالمساحات شاسعة تتخللها وديان وسهول وأشجار وارفة ومقاعد من الخشب وبرك تسبح فيها الأسماك الملونة.

وعلى مقربة من الفندق يتم العمل حاليا على الانتهاء من مهبط طائرات الهليكوبتر لإفساح المجال أمام السياح للوصول الى الفندق بأقل وقت ممكن وبعيدا عن نظر المتطفلين.

ويمكن الجزم بأن الفندق كسر الأرقام القياسية نسبة لعدد الأعراس التي يحييها سنويا، فيقول المدير العام براين ميلير، بأن الفندق يستقبل 60 عرسا كل عام، وهذا عدد لا يستهان به، والسبب يعود بذلك الى جمال المبنى من الداخل والخارج، بالإضافة إلى توفر عدد من القاعات الكبرى التي تناسب الأعراس بمختلف أعداد معازيمها.

تعتبر زيارة فندق «داينزفيلد هاوس» من أجمل الزيارات لهؤلاء الذين يبحثون عن الهدوء والراحة وتناول ألذ المأكولات في أجواء من الرقي والثراء، كما انه من الممكن ان تقضي اليوم في المركز الصحي لاستعادة نشاطك وحيويتك للعودة الى صخب المدينة ومواجهة أعباء الحياة من جديد.

ـ تبدأ أسعار الغرف من 240 جنيها استرلينيا لليلة الواحدة.

ـ يمكن الاستفادة من عرض خاص يشمل الإقامة لليلتين في الفندق مع إمكانية استعمال السبا وتلقي علاج صحي وتناول عشاء مؤلف من 3 أطباق ووجبة الإفطار مقابل مبلغ 360 جنيها استرلينيا للشخص الواحد.

ـ يمكن الإقامة لليلة واحدة مع الاستفادة من استعمال السبا والخضوع لجلسة تدليك على يد احد الاختصاصيين، وتناول عشاء في مطعم «اورانجوري»، مع وجبة الإفطار مقابل مبلغ 200 جنيه استرليني.

للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع التالي www.danesfieldhouse.co.uk رقم الهاتف: 01628891010