السعيدية.. تطوان.. وطنجة عناوين لا بد منها

المغاربة يستعدون لعطلة الصيف

مدينة اصيلة.. تناغم بين المباني البيضاء وزرقة البحر («الشرق الأوسط»)
TT

الصيف في المغرب يبدأ باكرا هذا العام، ليس بسبب شح الأمطار التي لم تهطل بما فيه الكفاية هذا العام، بل أيضا لأن المغاربة عادة ما يستعدون لصيفهم شهورا قبل أن يصل، حيث يبدأون منذ شهر أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) في البحث عن مكان مناسب يقضون فيه عطلة الصيف.

وسواء تعلق الأمر بالمدن الشاطئية، خصوصا في منطقة الشمال على البحر الأبيض المتوسط، وهي الشواطئ التي تعرف رواجا كبيرا خلال الصيف، أو في شواطئ المحيط الأطلسي، أو حتى في الجبال وأماكن الاصطياف الجبلية المعتدلة صيفا، فإن الاستعدادات تبدأ مبكرا للبحث عن سكن صيفي يؤوي عائلة من عدة أفراد لمدة تطول أو تقصر.

ولأن شهر رمضان سيأتي في أواخر الصيف هذه السنة، فإن الكثير من الناس يخوضون سباقا ضد الزمن من أجل العثور على شقق للإيجار في أماكن الاصطياف خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز).

ويرتقب المغاربة استقبال رمضان أوائل شهر أكتوبر (تشرين الأول)، أي في نهاية فصل الصيف وموسم الاصطياف. غير أن المغاربة دأبوا على الاستعداد للشهر الكريم في وقت مبكر، وفي أقل الأحوال فإنهم يبدأون الاستعداد له خمسة عشر يوما قبل حلوله، وهذا ما سيقضم جزءا مهما من فترات عطلهم الصيفية التي سيضطرون الى تقليص مدتها.

وتعرف الشواطئ المتوسطية، مثل شاطئ السعيدية الشهير، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، رواجا كبيرا خلال فصل الصيف، وهو ما يدفع الكثير من الأسر المغربية إلى البحث عن منزل أو إقامة للإيجار في هذا المكان عدة أشهر قبل حلول فصل الصيف، حيث ان الأعداد المتزايدة من المغاربة الذين يودون قضاء عطلة الصيف في هذا الشاطئ أصبحت ترتفع بشكل ملحوظ خلال الخمس سنوات الماضية، وهو ما جعل أسعار الشقق ترتفع الى معدلات غير مسبوقة، بحيث وصلت إلى حوالي 100 في المائة خلال السنتين الماضيتين.

وعلى الرغم من ورش البناء التي تقوم بها مؤسسات سياحية إسبانية ومغربية في منطقة السعيدية، القريبة من الحدود المغربية ـ الجزائرية، إلا أن ذلك كان له تأثير عكسي، حيث ارتفعت أسعار الإيجار والشراء عوض انخفاضها بالنظر إلى أن اسم المنطقة أصبح من بين أكثر المناطق السياحية شهرة في المغرب.

وفي مدينة تطوان، أصبح من شبه المستحيل الحصول على شقق للإيجار مع بداية الصيف، لذلك لا يستغرب سكان المدينة والمناطق القريبة منها من وجود عدد كبير من القادمين من مدن مغربية أخرى للبحث عن شقق للإيجار.

ويقول رشيد. ت، الذي يملك إقامة تتكون من عشر شقق في ضواحي مرتيل في طريق شاطئ كابو نيغرو (الراس الاسود)، إنه تعود على استقبال الكثير من الراغبين في استئجار شقق للصيف مع بداية شهر أبريل أو مايو.

ويضيف رشيد أن إيجار شقق من أجل عطلة الصيف في منطقة تطوان ونواحيها يصبح كل عام أصعب من العام الذي يسبقه بسبب ارتفاع الطلب. ويقول رشيد إنه يؤجر شققه بمبلغ يتراوح ما بين 300 و700 درهم (الدولار يساوي 7.1 درهم) لليوم الواحد، علما أن هناك زبائن تعودوا على قضاء عطلة الصيف في هذه المنطقة يحصلون على إيجارات أقل تكلفة.

وعادة ما يقوم زبائن بالتعاقد الطويل الأمد مع أصحاب هذه الشقق، بحيث يقضون فترة معينة من السنة في هذه الشقق مقابل مبلغ شبه ثابت. لكن منطقة مرتيل وتطوان، تبدو متواضعة في أسعارها مقارنة مع مناطق شاطئية قريبة مثل كابو نيغرو ومارينا سمير وريستينغا. ويكفي التطلع إلى نوع الشقق والاقامات في هذه المناطق لمعرفة الفارق في الأسعار وطبيعة الزبائن. فأغلب اقامات هذه المناطق الثلاث عبارة عن فيلات فارهة بخدمات فيها الكثير من الطابع الأوروبي الاحترافي، خصوصا وأنها تتشابه في الكثير من تفاصيلها مع المناطق والقرى السياحية الموجودة في الجنوب الإسباني.

ويقول محمد. ب، الذي يملك فيلا صغيرة في مارينا سمير، إن زبائن هذه الشواطئ هم أنفسهم تقريبا الذين يزورونها كل صيف، ونادرا ما يتغيرون.

ويرجع محمد سبب ذلك إلى كون أغلب المصطافين يملكون فيلاتهم وأماكن اصطيافهم، وهم بذلك يترددون على هذا المكان كل صيف، وأحيانا يقضون فيه فترة ثلاثة أشهر كاملة في حال كانوا من رجال الأعمال أو من التجار الذين لا يتقيدون بالتزامات مهنية معينة. وفي طنجة المجاورة لتطوان، تمتلئ الفنادق بشكل تام منذ بداية شهر يوليو (تموز)، ويضطر الكثير من عشاق هذه المدينة إلى البحث عن منازل خاصة للإيجار، وهي منازل عادة ما يؤجرها أصحابها مفروشة لشهر أو شهرين مقابل مبلغ يتراوح بين 1000 و 1500 دولار للشهر الواحد. وتتميز طنجة بطبيعة خاصة بفضل وجودها في موقع به الكثير من التميز الجغرافي والطبيعي،حيث توجد عند مضيق جبل طارق حيث يلتقي البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي. كما أن هذه المدينة تتمتع بصيت خاص، ليس على المستوى المحلي فقط،بل على المستوى العالمي بالنظر إلى أنها كانت مدينة دولية في السابق وعاصمة دبلوماسية عالمية حين كان المغرب خاضعا للحماية الإسبانية والفرنسية.

وفي مدينة أصيلة على المحيط الأطلسي، على بعد حوالي 40 كيلومترا جنوب طنجة، تبدو ظاهرة البحث المبكر عن شقق للإيجار صيفا أكثر بروزا. وتعود سكان هذه المدينة الصغيرة والهادئة على توافد العشرات من الأشخاص بحثا عن بيت لقضاء العطلة الصيفية.

ومن أغرب ما يحدث في هذه البلدة، التي لا يتعدى عدد سكانها المائة ألف نسمة، أن سكانها يتضاعفون عدة مرات خلال فصل الصيف، حيث يمثل الزوار والمصطافون الأغلبية الساحقة من سكانها صيفا، وهم عادة الزوار الذين يقضون فيها عطلتهم السنوية كل صيف.

وتعرف أصيلة حدثا سنويا بارزا هو موسم اصيلة الثقافي الدولي، الذي تنظمه مؤسسة منتدى اصيلة، والذي يستقطب وجوها بارزة من عالم السياسة والثقافة والفن والمجتمع، وهو ما طبع صيفها منذ عام 1975، حيث يلعب الموسم دورا كبيرا، ليس بالتعريف بالمدينة سياحيا وحسب، بل في تقديمها كواحدة من المدن الأكثر جدية في مجال الجمع بين تقديم منتوج ثقافي على درجة كبيرة من الجودة والأهمية، وبين تقديم المدينة كواحدة من الوجهات السياحية الأكثر جمالا في المغرب.