هوتيل دو فين.. من «مصنع» إلى فندق «بوتيك»

يجمع البساطة والأناقة في قلب الريف الإنجليزي

ديكور رائع وفريد.. وتصميم المغاطس في جميع الغرف والاجنحة هو الرابح الاكبر («الشرق الأوسط»)
TT

تنتشر في العالم عدة فنادق بجميع المواصفات، منها الغالي ومنها الرخيص منها الفخم ومنها المتواضع، بعضها بأحجام ضخمة وبعضها بأحجام صغيرة، ولكن يبقى في ذاكرة كل سائح القليل من الفنادق التي ترسخ في مخيلته الى الابد، وهذا يرتبط بالذكريات وبعناصر كثيرة تجتمع تحت سقف الفندق لتجعل من الاقامة ذكرى لا يمكن ان تنساها أبدا.

في كل حقبة زمنية تجتاح العالم موضة معينة في عالم السياحة، فبما أننا نعيش في عصر السرعة والعمل المتواصل، نجد بأن الفنادق تحولت الى منتجعات صحية بعدما زاد الطلب على هذا النوع من السياحة، كما ان كبرى شركات الفنادق العالمية نراها حاليا تتحول الى موضة الفنادق الصغيرة التي يطلق عليها اسم فنادق بوتيك او Boutique Hotel، فإذا كنت من الذين يفضلون الاقامة في فنادق ضخمة تحتاج فيها الى سيارة أجرة للتنقل في ثناياها فكر مليا، واختبر الاقامة في فندق من فئة «بوتيك» وسوف تبدل نظرتك لمعنى الاقامة أثناء السفر.

فمن بين الفنادق التي تركت اثرها في ذاكرتي فندق «اوتيل دو فين» وهو الفندق السابع في عائلة مجموعة سلسلة فنادق «هوتيل دو فين غروب» التي فازت بجائزة أفضل سلسلة فنادق في المملكة المتحدة كما منحت كل من صحيفة الاوبزرفر والغارديان سلسلة الفنادق جائزة التميز.

ففي قرية «هنلي» في الريف الانجليزي، يتكئ الفندق على كتف نهر التايمز، وفي وسط تلك القرية المدللة تجد مبنى قديما من الطوب الاحمر بني على الطراز الجورجي، وعلى منعطف رئيسي من الطريق الضيق ترى لافتة صغيرة كتب عليها اسم الفندق الذي يقع وراء جدران ذلك المبنى الذي يحمل في زواياه قصصا لا تنتهي، فكان هذا المبنى بالاصل مصنعا ويعتبر اقدم المباني في القرية، وكان يستعمل كمصنع على مدى 300 سنة ولغاية عام 2004 ولا يزال يحافظ على جميع مواصفاته الاصلية، خاصة انه لا يجوز إجراء أي تعديل عليه لانه أثري، وتحيط به مبان أخرى تعود ببنائها الى الحقبة الفكتورية، إنه فندق صغير لا يشبه سواه، فريد من نوعه وشكله، تصل الى البهو الرئيسي لتجد اريكتين من المخمل بلون بنفسجي داكن، مكتباً صغيراً من خشب السنديان والحديد المعتق، تقف وراءه صبيتان مبتسمتان، تلقيان التحية، وتقدمان لك شرحا عن الفندق وعن تاريخه، والجدار الرئيسي في واجهة الغرفة، يعكس رقي هذا المكان، تم صبغه باللون الكحلي، فالمبنى هو القصة، وتوزيع الغرف والاجنحة رائع، فبعد البهو الرئيسي تتوجه من خلال ممر ضيق الى غرفة تتميز بجدار مطلي باللون الابيض، وبإنارة مميزة وبأرائك مميزة من الجلد الطبيعي تزينها شبابيك ضخمة تسرب الضوء والنور اليها وتطل على الباحة الخارجية ومبنى الغرف وتتدلى من العواميد الخشبية الاصلية في السقف ثريات مثبتة على سلاسل من الحديد .

وبعدها تصل من نفس الممر إلى حجرة أخرى مخصصة للقراءة والراحة تتميز هي الاخرى بديكور رائع من دون لمس الجدران التي تبدو أثرية ولا تزال على حالها منذ ان تم بناء المصنع عام 1711، وفيها مكتبة تضم عددا لا يحصى ولا يعد من الكتب المنوعة التي تهم جميع القراء النهمين، ومقاعد مريحة، والسقف منخفض يبعث فيك الشعور بالدفء والسكينة، ووضعت طاولات صغيرة عليها جرائد ومجلات محلية وعالمية.

وبعدها تصل الى المطعم الرئيسي Bistro الذي يعتبر قلب وروح الفندق، فيه تشعر وكأنك في أحد الاحياء اللاتينية الشهيرة في باريس، جدرانه مرصوصة باللوحات الزيتية الغريبة، الارض من الخشب الطبيعي والمقاعد من الجلد والطاولات من السنديان، يقدم أشهى المأكولات الغربية لا سيما الايطالية والفرنسية منها، ولا بد ان تتذوق السكالوب والستيك تارتار.

ومن المطعم تخرج الى ساحة أشبه بالفناء في البيوت الشامية القديمة، تتوسطها بركة تسبح فيها الاسماك الذهبية، وتحيط بها جلسات مريحة، وإذا كنت تبحث عن مكان دافئ في الهواء الطلق تجد في إحدى زوايا الساحة خيمة من خشب السنديان وضعت فيها كراس من الجلد البني الداكن ويزين وسطها مدفأة تعمل على الكهرباء تعطي الدفء وتزود المكان بأجواء من الرقة والرومانسية.

ومن الساحة تصل الى غرفة مخصصة للسيغار والبلياردو بالاضافة الى 3 غرف خاصة يمكن حجزها من قبل المجموعات لتقدم اكبر قدر من الخصوصية يمكن تناول العشاء فيها او القيام بحفلات زواج أو حفلات عمل..

وللوصول الى الغرف والاجنحة التي تترامى على أطراف المبنى الاثري الذي يتكون من عدة مبان صغيرة، يجب عليك الخروج من غرفة الاستقبال أو المطعم لتجد نفسك أمام ابواب خارجية، تأخذك السلالم التي ترقد خلفها الى غرف في الاعلى كتب على أبوابها أسماء وليس ارقاما.

الفندق يتألف من 43 غرفة وجناحاً، والقاسم المشترك بينها هو الالوان المريحة والنظافة والحمامات التي تعتبر التوقيع الخاص على ديكور الفندق الفريد، فالارضية من الخشب والسقف والجدران من الطوب واعمدة من الخشب تزين السقف والجدران وهي كلها اثرية لا تزال تحافظ على شكلها منذ ان تم بناء المصنع، وفي وسط الغرفة تجد مغطسا كبير الحجم، وراءه ستارة عريضة من الزجاج المحجر و«دوش» يعرف باسم «الامطار الصيفية» Monsoon Shower فهو معلق على السقف والجدران من الموزايك الاسود، وسرير ضخم من خشب السنديان تزينه اغطية ناصعة البياض من القطن المصري، وشاشة مسطحة ونظام لاسلكي، فالديكور رائع، وبسيط بنفس الوقت، وكل غرفة تتميز عن الاخرى، فلا يوجد نمط او حجم واحد للغرف، إنما كلها تتميز بنفس الالوان وتتمتع بخط واحد للديكور، وتم المزج ما بين الماضي والحاضر بطريقة متناسبة جدا. وفي الفندق 6 أجنحة من بينها 3 ستديوهات تطل على مناظر بانورامية لنهر التايمز ولقرية «هنلي» الاثرية، ويميزها «تراس» رائع وضع عليه مغطس ومدفأة في الهواء الطلق وستار زجاجي عازل يعطي أكبر قدر من الخصوصية.

ويقدم الفندق مساحيق مصنعة خصيصا له تحمل اسم Arran Aromatics .

عند قيامك بالحجز تذكر بأن تقوم بحجز مكان تركن سيارتك فيه، إذا ما اخترت الذهاب عن طريق القيادة، فعند الوصول يقوم أحد العاملين بأخذ السيارة الى مرآب تحت الارض تابع للفندق (المساحة محدودة)، وبعدها لن تحتاج الى سيارة طيلة فترة إقامتك، فموقع الفندق في وسط القرية، ومنه يمكنك المشي على قدميك الى المحلات الصغيرة المتراصة على جانبي الشارع الرئيس لـ «هنلي»، ولا بد ان تقوم بمشوار بواسطة أحد المراكب الراسية على حافة نهر التايمز الذي يقع على مسافة اقل من 50 متراً من الفندق، كما يمكنك المشي على طول النهر لتتمتع بأجمل المناظر الطبيعية الساحرة، والتمعن بهندسة معمارية خلابة لمنازل مبنية على ضفاف النهر، فهذا المنظر لا يشبه الريف الانجليزي كثيرا، إنما هو أشبه بجبل «مونتي نيغرو» والمنازل تذكرك بهندسة الشاليهات السويسرية الخشبية، وعلى طول النهر تترامى مساحات خضراء فيها الكثير من الالعاب للصغار، واكشاك صغيرة تبيع البطاطس المقلية التي يسميها الانجليز «الشيبس» والنقانق من دون ان ننسى كوب الشاي الانجليزي التقليدي.

وفي فترة ما بعد الظهر وبحسب التقليد الانجليزي القديم لا بد ان تتذوق الشاي الانجليزي في أحد المحلات الصغيرة التقليدية القديمة التي تجدها مقابل النهر وفي زوايا الطرقات المؤدية الى وسط القرية، فهي صغيرة وجميلة، شبابيكها صغيرة تزينها الستائر الناعمة المخرمة وتقدم الشاي مع حلوى «السكونز» مع المربى والقشدة.

وفي شارع «بيل ستريت»، على مقربة من الفندق تجد مركز «كوبو سبا» Kubu Spa ينصح به العاملون في الفندق فهو يعتبر جوهرة مخفية في منطقة «هنلي»، يتألف من 5 طوابق موزعة في مبنى أثري يقدم جميع أنواع العلاجات، ويمكن الاستفادة من الخدمة المتوفرة فيه وتمضية النهار بالكامل، إذ من الممكن حجز أي نوع من الجلسات التي تريدها مع غداء.

للاستعلام: www.kubuspa.com وإذا كنت من محبي المراكب، ينظم الفندق رحلات على متن قارب أثري ضخم يعود بناؤه الى عام 1905 ويتسع لـ12 شخصا، يمكن استئجاره مقابل مبلغ 150 جنيها استرلينيا، ويبحر على مسافة ميلين في نهر التايمز وتقدم على متنه المشروبات والحلوى والمأكولات الخفيفة.

ومن المناطق القريبة الى «هنلي» وتستحق الزيارة، مارلو وبراي موطن مطعم «ذو فات داك» الشهير الحائز على نجوم ميشلن ويقصدهما الزوار من كل حدب وصوب. الوصول إلى الفندق: يمكن الوصول الى الفندق عن طريق القيادة على الطريق السريع M4 او M40 ويمكن الحصول على التفاصيل من الموقع الرسمي لمجموعة الفنادق.

ويمكن ايضا الوصول اليه عن طريق القطار وبعدها تأخذ سيارة أجرة تقلك الى الفندق على مسافة غير بعيدة.

الأسعار: تبدأ الاسعار من 145 الى 295 جنيها استرلينيا وثمن الفطور يبدأ من 10 جنيهات استرلينية للشخص الواحد. للحجز والاستعلام: www.hotelduvin.com