جزيرة تيومان.. عالم من فيض الطبيعة البكر

درة السياحة الماليزية

شواطئ نظيفة لا يعرف التلوث طريقها (تصوير: عادل ابو طارق)
TT

تقول الاسطورة الخاصة بنشأة جزيرة تيومان إن إحدى أميرات التنين سافرت من الصين الى سنغافورة لتلتقي حبيبها، لكنها في طريق رحلتها سحرت بالكنوز الطبيعية لبحر الصين الجنوبي، فآثرت النزول الى البحر وحولت نفسها الى جزيرة على ان تكمل الرحلة لزيارة حبيبها فكانت هذه الجزيرة تيومان.

والواضح ان هذه الاسطورة توجز بكثافة سحر الطبيعة وجمالها في هذا المكان وتدلل على نزوع انساني للتماهي مع الطبيعة والحنين الى منابع الحياة الاولى في اصدق مصادرها تجليا وعذوبة.

وبالرغم من تعدد الجزر الماليزية وتوع مصادر جذبها وثرائها، تبقى جزيرة تيومان بطبيعتها الاسطورية وجمالها الاخاذ العنوان الابرز للسياحة الطبيعية في ماليزيا حيث يبقى الزائر لهذه الجزيرة مأخوذا بسحر المكان وروعة الطبيعة ويحتاج لوقت ليس بالقصير ليفيق من دهشته ويتحرر من حالة النشوة والسكر الناتجة عن الارتواء من فيض وسحر الطبيعة البكر، ومع ان جزيرة تيومان مصنفة منذ العام 1970 من قبل مجلة التايمز الامريكية كواحدة من افضل عشرة جزر في العالم، كما ضاعف من شهرتها ايضا تصوير احد اشهر افلام هوليوود (ساوث باسفيك) على ارضها الا انها لم تأخذ مكانتها على خارطة السياحة الماليزية الا خلال السنوات الخمس الاخيرة بحيث اصبحت اهم قبلة يقصدها زوار ماليزيا خاصة عشاق الطبيعة ومحبو الراحة والهدوء والاستجمام. تقع جزيرة تيومان في بحر الصين الجنوبي قبالة السواحل الشرقية لولاية باهانج وتعتبر الاكبر من بين 63 جزيرة أخرى في هذه المنطقة، معظم هذه الجزر غير مأهول بالسكان، ولعل ذلك يفسر سر احتفاظ هذه الجزر بمقومات الطبيعة البكر، وتيومان هي الاكبر والاجمل ايضا على الساحل الشرقي لماليزيا وتمتد بطول 20 كليومترا وعرض 11 كيلومترا على هيئة مثلث قاعدته في الجنوب وقمته في الشمال. ويمكن القول إن هذه الجزيرة تعد درة السياحة الطبيعية، بغاباتها الخضراء الكثيفة التي تكسو حتى قممها الشاهقة وسواحلها برمالها الذهبية ومياهها ناصعة الزرقة والصفاء والامطار التي تتكفل بغسل ثوبه الاخضر صباحا ومساء على مدار العام، بالإضافة إلى كل ذلك هناك سكان الجزيرة بطيب معشرهم وحرصهم على توفير كافة اسباب الراحة والاستمتاع لضيوفهم، فهم مسالمون وهادئون ومبتسمون دوما وقلما يشعرونك بوجودهم. وأوجه الاستمتاع بجمال الطبيعة وسحرها في هذا المكان متعددة ولا حصر لها وتشمل السباحة في مياه فيروزية صافية والغوص للتمتع بالحياة البحرية ومشاهدة الشعب المرجانية والاسماك الملونة ويوفر فندق برجايا تيومان قاربا زجاجيا يؤمن للزوار فرصة اكتشاف اعماق البحار من خلال مشاهدة الحياة البحرية، كما توفر معظم الفنادق والمنتجعات المنتشرة على سواحل الجزيرة ادوات السباحة والغوص والقوارب التي تأخذ النزلاء الى اماكن مخصصة لذلك.

يضاف الى ذلك سياحة المغامرات والتجول في الغابات الكثيفة بهوائها النقي وأشجارها الباسقة، وهنا لا بد من الصعود لمشاهدة شلالات قرية منوكود ولا يستغرق الامر نصف ساعة من الساحل. ويوفر التجول في الغابات فرصة لمشاهدة الحياة البرية والحيوانات والطيور النادرة فيما لا توجد حيوانات مفترسة، كما يوجد بالقرب من سواحل هذه القرية حطام السفن الامريكية واليابانية التي غرقت خلال الحرب العالمية الثانية في معارك كانت ماليزيا طرفا فيها ويمكن للزائر الغطس لمشاهدة حطام هذه السفن. وتنظم الفنادق والمنتجعات لنزلائها رحلات بحرية الى عدد من الجزر غير المأهولة مثل سيري ولاباس بالقوارب السريعة، بالإضافة الى رحلات حول الجزيرة مع التوقف في عدد من القرى والمنتجعات مثل جوارا وسلانغ وتيك للراحة وتناول الوجبات والتمتع بجمال الطبيعة في رحلة تمتد من الصباح وحتى المساء. كل هذه المقومات ساهمت في تزايد أعداد زوار تيومان التي يمكن الوصول اليها جوا من كوالالمبور عبر طيران برجايا في رحلة تستغرق ساعة تقريبا وهناك رحلات يومية، كما يمكن الوصول الى الجزيرة انطلاقا من كوالالمبور برا الى جوهر باور ثم ميناء ميرسنج في رحلة تستغرق اربع ساعات ومن هناك بالقوارب السريعة الى تيومان في ساعة ونصف الساعة، وأجرة القارب ما بين 50 الى 70 ريجنت (3.2 ريجنت للدولار الواحد) حسب نوعية وسرعة القارب. ويعتبر شهرا يوليو (تموز) واغسطس (آب) ذروة تدفق السياح الى تيومان على نحو يفوق عدد سكانها بعدة اضعاف، الامر الذي يستوجب من الزوار الحصول على حجز بشكل مسبق في أحد الفنادق والمنتجعات المنتشرة على سواحلها وأهمها منتجع مينان كوف وفندق برجايا ومنتج جبامالا بالإضافة الى فنادق ومنتجعات صغيرة في جوارا وسلانغ وتيك. ومع أن الجزيرة تكاد تخلو من الزوار خلال الفترة من فبراير(شباط) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الا ان هناك حاجة لتعزيز البنيات الاساسية ورفع الطاقة الايوائية للفنادق بما يستوعب الزيادة المتنامية في حركة السياحة التي تشهدها ماليزيا عموما. وهنا لا بد من الاشارة الى ان اسعار الفنادق والمنتجعات تعد مناسبة لكنها ترتفع بشكل واضح في موسم الذروة ويمكن الحصول على تخفيضات في حال الاقامة لاكثر من ثلاثة ايام، كما تتميز المطاعم في جزيرة تيومان بتقديم وجبات تجمع بين تقاليد الطبخ المحلي والمذاقات العالمية ويغلب عليها الاسماك والمأكولات البحرية والسلطات والارز، كما تتميز الاطباق بالبهارات الحارة التي يضاف إليها السكر أحيانا لتخفيف حرارة البهار كجزء من تقاليد وثقافة المجموعة المالية أكبر المجموعات السكانية كما ينصح الزوار بصرف المبالغ التي يحتاجونها بالعملة المحلية قبل القدوم الى الجزيرة حيث لا تتوفر صرافات وهناك بنك واحد. ويمكن صرف مبالغ صغيرة في المحلات التجارية والفنادق.