السفر، هو باختصار أسلوب حياة، يشبه إلى حد كبير الأسلوب الخاص في التعامل مع الموضة، فكل شخص لديه طريقته في ترجمة الاشياء العامة من حوله وتحويلها الى أشياء خاصة يتفرد بها.
ففي كل مرة تزور بها مدينة، ترى ما فيها من منظورك ، وهذا يعود الى الذوق الشخصي والاهتمامات الخاصة، وعملية تقييم جمال المدن تكون بالغالب متباينة وهذا أمر طبيعي وبديهي، إنما ما لا يختلف عليه اثنان في السفر هو الرفاهية واختيار الافضل.
وبما أننا نتكلم عن الرفاهية، فلا بد ان نذكر الخدمة الخاصة التي أطلقها فندق فورسيزونز جورج الخامس في باريس، وهي عبارة عن طريقة جديدة لاكتشاف باريس والتجول عبر طرقاتها والتمتع بمعالمها السياحية بواسطة سيارة «رولز رويس فانتوم» فريدة من نوعها في العالم بأسره، وهذه السيارة لا تشبه سواها من السيارات، من نفس الطراز، التي اطلقتها شركة رولز رويس أخيرا، إنما تم تصنيعها خصيصا للفندق لتكون علامة فارقة، مخصصة فقط لنزلاء الفندق في باريس، ويمكن تأجيرها لتقل النزلاء من أي مطار أو محطة في فرنسا الى الفندق، كما يمكن تأجيرها مدة 24 ساعة مع سائق، أو حتى طيلة فترة الاقامة في الفندق. ويقول المدير الاقليمي والمدير العام للفندق كريستوفر نورتن الذي يقف وراء هذه الفكرة: «مضى حوالي الشهر على إطلاق هذه الخدمة الفريدة، وقد لاحظنا بأن الاقبال شديد عليها، فهناك من يحجز السيارة للاحتفال بمناسبات خاصة سعيدة، أو للتنقل في باريس بوسيلة مفعمة بالاناقة، كما يحجزها رجال الاعمال».
ويضيف نورتن أن ما يجعل من هذه السيارة علامة فارقة وفريدة، هو تعاون دار «هيرمس» الفرنسية للازياء مع شركة «رولز رويس» الانجليزية لتصنيع السيارات، فلأول مرة في تاريخ رولز رويس يتم الاستعانة بتصميم مقاعد السيارة وكل ما بداخلها من قبل دار أزياء فرنسية، وتم تركيب لون اشبه باللون الرمادي الداكن ليكون اللون الخارجي للسيارة تم فيه خلط لونين من الرمادي (الرصاصي والتيتانيوم)، وهذا اللون اختاره الفندق ولن يكون متوفرا في الاسواق العالمية، وتولت «هيرميس» التصميم الداخلي للسيارة، فقامت الدار بالتنسيق مع رولز رويس بخلق تناغم من الالوان يتناسب مع اللون الخارجي للسيارة، فكانت النتيجة مزيجا من لونين يرمزان الى القوة والذوق الرفيع، فاختير اللون الرمادي للمقاعد وتم استعمال الجلد البني الفاتح الذي تشتهر باستعماله «هيرميس» لتزيين الحواف والزوايا، بالإضافة الى استعمال اللون الذهبي الخاص بهيرميس (Taurillon Plume) للوحة الخاصة بالركاب والمقود.
وتابع الفندق كل خطوة من مراحل تصنيع السيارة، ففي وقت كانت تصنع فيه السيارة في مصانع الشركة في غودوود في انجلترا، تولى فريق المصممين في دار هيرميس مهمة وضع اللمسات الخاصة على القسم الداخلي منها، فتم شحن 39 قطعة من السيارة من انجلترا الى مدينة بانتين الفرنسية، بما فيها المقود والمقابض، واللوحات الداخلية، حيث قام فيلق من الفنانين المحترفين في هيرميس بتحويل تلك القطع الى تحف فنية بكل ما في الكلمة من معنى. مقاعد السيارة تشبه مقاعد الطائرات في الدرجتين الاولى ودرجة رجال الاعمال الحديثة، يمكن التحكم بوضعيتها من خلال أزرار فضية أنيقة، كما يمكن التحكم بالستائر المخملية التي تكسو النوافذ الضخمة من جميع الجوانب، السيارة عملاقة من الخارج والداخل، ارضيتها مصنوعة من جلد الغنم الكثيف المصبوغ باللون الرمادي، عندما تطأ قدماك ارضية السيارة، ستشعر وكأنها تغرق بين طيات الصوف، رائحة الجلد الطبيعي الناعم تنبعث من كل زوايا تلك التحفة الحقيقية، النوافذ عازلة للصوت، لن تسمع فيها الا صوت الموسيقى الكلاسيكية الهادئة الصادرة من الراديو، وصوت السائق الانيق «جيرار» الاشبه بالهمسات، يسألك إذا كنت ممتنا من الموسيقى ووضعية الكرسي والحرارة، ويخبرك عن فخره ليكون واحدا من بين 5 سائقين فقط، مخولين لقيادة هذه السيارة، بعد ان خضعوا لتدريب خاص على أيدي مسؤولين من شركة رولز رويس.
ويقول نورتن إن سيارة الرولز رويس هذه، تجسد تزاوج عبقرية شركتين عالميتين، أثمر تصميما فريدا من نوعه من حيث المستوى والنوعية والجودة والفخامة.
بدأت الفكرة منذ سنة تقريبا، وشارك فيها جيف ليثام المدير الفني في الفندق فعمل على اختيار لون السيارة من الخارج والداخل ليتناسب مع شخصية الفندق، وبعدها انتقلت أفكار ليثام الى مصانع «هيرميس» التي تولت تطبيق الافكار والتصميم مع ترك بصمات خاصة بماركة هيرميس. ولزيادة سحر وروعة السيارة، وضع 800 ضوء صغير في السقف على شكل نجوم، عندما تضاء في فترة المساء تبدو وكأنها كواكب صغيرة تسبح في الفضاء الواسع.
ويضيف نورتن أن إطلاق الخدمة الفريدة التي يقدمها الفندق تزامن مع الذكرى الثمانين للفندق، فكان لا بد ان نحتفل بطريقة مختلفة ونكرم ضيوفنا من خلال تقديم خدمة لا يمكن ان تتوفر في أي مكان آخر في العالم، وقال إن السيارة هي الاناقة بحد ذاتها، وهي تتميز بكونها لا تحمل أي علامة سوى علامة هيرميس في الداخل وعلامة رولز رويس في مقدمة السيارة، ولكن لم يشأ الفندق وضع اسمه لاضفاء نوع من الخصوصية لزائر الفندق تشعره وكأنه يملك تلك السيارة، كما يقدم الفندق أيضا خدمة أخرى وهي تأجير سيارة «ميني كوبر» بنفس لون «الرولز رويس»، تناسب هؤلاء الذين يفضلون اكتشاف جمال باريس بأنفسهم، وبالطبع فإن كلفة هذه السيارة هي أقل بكثير من كلفة «الرولز رويس».
إذا اخترت السفر الى باريس عن طريق الجو، يكفي ان تتصل بالفندق لحجز هذه الخدمة، وستكون هناك مندوبة عن الفندق، بانتظارك على مسافة أمتار من باب الطائرة الرئيسي، تعرفك بنفسها وتأخذك مباشرة الى المدقق في الوثائق من دون الحاجة للوقوف في طابور طويل، لتصل بعدها مباشرة الى الخارج، وستكون السيارة متوقفة مقابل مدخل المطار، وهنا تبدأ الرحلة الحقيقية، فتطوف بك السيارة في شوارع باريس في راحة تامة.
عند وصولك الى الفندق، لن تشعر وكأن المشوار انتهى، لا بل ستشعر أن الرحلة بدأت للتو، فالفندق يقع في شارع جورج الخامس، على مسافة قريبة جدا من شارع «الشانزيليزيه» ومقابله تجد مكتبا خاصا بالخطوط الجوية السعودية، وتشدك على بعد حوالي 50 مترا من مدخله الرئيسي رائحة البخور والعطور المنبعثة من محلات عبد الصمد القرشي وعلى مسافة 200 متر تجد محلات «لوي فيتون» الضخمة من دون ان ننسى اهم المحلات الفرنسية على طول الطريق مثل محلات «سونيا ريكيل» و«جان بول غوتييه» وغيرهما، الى ان تصل الى «لو فوكيه» المقهى المفضل لدى العرب في الشانزيليزيه، فستشعر هناك وكأنك في بيتك الثاني، تجلس على مقعد على الرصيف وتراقب العالم يدور من حولك، ولكن لا تنس ان تتناول حساء البصل أو ما يعرف بـ«غراتينه» مع صحن من البطاطس المقلية على الطريقة الفرنسية، وبعدها لا بد ان تتذوق حلويات «لا دوريه» في المحلات المجاورة مع تناول كوب من الشوكولاتة الساخنة الذي يناسب صقيع فرنسا حاليا.
* صمم فندق جورج الخامس عام 1920 على يد المهندس الفرنسي لوفران وافتتح عام 1928 ليكون عنوان الرقي والاناقة وحاز وقتها على تغطية كثيفة في الصحافة الفرنسية، وتحول الى قاعدة يجتمع فيها الزعماء وصناع القرار أمثال الرئيس فاليري جيسكار ديستين وفرانسوا ميتيران وجيمي كارتر وريتشارد نيكسون، وصنف من قبل دار سوذيبيز للمزاد على انه الفندق الباريسي الذي يضم أكبر عدد من التحف والقطع الفنية النادرة.
في عام 1997 قامت سلسلة فنادق «فورسيزونز» العالمية بتوقيع اتفاقية مع الامير وليد بن طلال لادارة الفندق تحت اسم «فور سيزونز جورج الخامس».
اختارت شركة «فورسيزونز» المهندس ريشار مارتينيه ومصمم الديكور الداخلي بيار إيف روشون للعمل على تجديد ديكور الفندق الذي بلغت كلفته 125 مليون دولار أميركي.
وفي 18 ديسمبر (كانون الاول) عام 1999 احتفل الفندق بالافتتاح الكبير ليصبح بذلك أهم فندق باريسي وواحدا من أهم الفنادق الفاخرة في العالم.
يتميز ديكوره بالاناقة واستخدام الالوان بطريقة متناغمة، واهم ما يميزه الفناء الخارجي الواقع في وسط المبنى، ويطلق عليه اسم The Marble Courtyard، ومطعم «لوسينك» الحائز على نجمتي ميشلين للتميز، و«لا غاليريه» مطعم أنيق يقدم فيه الفطور وشاي فترة ما بعد الظهر، على أنغام البيانو.
ويضم مركزا صحيا، وبركة سباحة وغرفا للاستجمام، إلى جانب ناد صحي فيه كل المعدات الحديثة، وغرف سونا وبخار خاصة بالنساء وأخرى مخصصة للرجال.
للمزيد من المعلومات: www.fourseasons.com