البندقية من اشهر مدن العالم وأجملها. ولأنها غنية بالتاريخ والعمران وفريدة في تكويناتها المائية، تبقى من اهم المحطات السياحية في ايطاليا والعالم اجمع. ولطالما جذبت اليها مشاهير الفنانين والكتاب عبر العصور كما جذبت عامة الناس بسحرها وعالمها الغريب. وتجري المحاولات الحثيثة منذ سنوات لإنقاذها من الفيضانات وارتفاع منسوب المياه فيها سنويا بسبب التسخين الحراري. ويجري العمل الآن على وضع حدود الكترونية ضخمة ومتطورة لتقوم بحماية المدينة وإبقائها جوهرة من جوهرات العالم القديم والمنقرض.
تقع البندقية جغرافيا في اقليم فينيتو في شمال ايطاليا وهي عاصمة الإقليم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 300 الف نسمة، ومع منطقة بادوا حوالي 1.6 مليون نسمة، والمدينة والمناطق المحيطة بها ومنها بعض الجزر الصغيرة، عبارة عن اهوار او بحيرات ضحلة متصلة بالبحر الأدرياتيكي وتعرف بـ«اللاغون» (Venetian Lagoon). ويبلغ عداد سكان هذه الجزر (ميستري ـ مارغيرا ـ فرازيوني ـ مورانو ـ ميوديلني ـ سانت مايكل ـ بورانو ـ الليدو وغيرها) حوالي 30 الف نسمة. ويقال ان اصل اهلها قديما من المناطق المحيطة بها (بادوا واكويليا والتينو وكونكورديا) والتي لجأت اليها هربا من الغزوات الألمانية. ولموقعها الجغرافي المهم في البحر الأدرياتيكي، تاجر اهل المدينة وحكامها مع الامبراطورية البيزنطية والعالم الإسلامي وبلدان المتوسط بشكل خاص منذ قرون طويلة. وكانوا حلقة الوصل بين اوروبا العربية وهذين العالمين القديمين. وفي القرن الثالث عشر كانت المدينة اهم المدن الاوروبية واكثرها ازدهارا. ويقال انها كانت تملك ما لا يقل عن 36 الف بحار و3300 سفينة شحن آنذاك، ولذلك سيطرت على التجارة في المتوسط (جميع انواع البضائع، خصوصا الزجاج والحرير والحبوب والبهارات والزيت)، وعلى الكثير من الجزر اليونانية المعروفة ولسنوات طويلة. وقد حافظت على ازدهارها وقوتها البحرية خلال القرون الوسطى وعصر النهضة وحتى نهاية القرن السابع عشر كما يشير المؤرخون. وحول تأسيسها يميل الكثيرون الى ان ذلك حصل في 25 ابريل (نيسان) من عام 421، الذي توافق مع يوم سانت مارك (St. Mark"s Day ). وكان اهل المدينة قد جددوا التذكير بقوتها وعنفوانها بسرقة رفات القديس ماركو من مدينة الإسكندرية في مصر عام 828. وقد وضعت الرفات في احدى الكاتدرائيات التي تشكل منطقة الساحة الضخمة والجميلة والمعروفة في جميع انحاء العالم والتي تحمل اسمه «ساحة القديس مارك». وهي من اهم المناطق السياحية في المدينة الى جانب جسر ريالتو الشهير وجسر التأوهات. وقد اصبحت المدينة الشهيرة قوة امبريالية منذ الحملة الصليبية الرابعة أي منذ ان سيطروا على القسطنطينية عام 1204 وأسسوا ما يعرف بـ«الامبراطورية اللاتينية». ويقال ان السيطرة على القسطنطينية كانت انذارا بنهاية الإمبراطورية البيزنطية لاحقا واحتلالها من قبل السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1453. وقد حاول حكام المدينة مساعدة القسطنطينية ضد العثمانيين من دون جدوى، لكن ذلك ادى الى اعلان العثمانيين الحرب على البندقية واهلها. وقبل ذلك تمكن اهل البندقية وحكامها من جلب ستة من الاحصنة البرونزية الجميلة من القسطنطينية الى المدينة ووضعوها فوق مدخل كاتدرائية سانت ماركو في الساحة نفسها. ولا تزال هذه الاحصنة الرائعة من معالم الساحة التاريخية التي لا يخطئها سائح. ويقول بعض المؤرخين بأن تدهور قوة البندقية وتراجعها وأفولها بدأ في القرن الخامس عشر عندما حاول حكامها الحفاظ على مدينة سالونيكي ضد الهجوم العثماني بين عام 1423 ـ 1430.
وقد ادى الصراع اللاحق مع العثمانيين لفترة ثلاثين عاما الى خسارة حكامها السيطرة على الكثير من المناطق في حوض المتوسط، خصوصا اليونان. وقد عرفت المدينة بألقاب واسماء كثيرة منها:«مدينة الضوء» و«مدينة الماء» و«مدينة الجسور» و«ملكة الأدرياتيكي»، الا ان اسمها الحقيقي يبقى في العربية البندقية وفي الإيطالية «فانيتسيا» (Venezia)، وبالانجليزية «فانيس» (Venice) وبالألمانية «فانيديغ» ( Venedig). وكان يطلق عليها اهلها قديما وايام العز في القرون الماضية، اسم «فينيسيا» (Venesia ـ Venexia ). ولطالما ارتبط الاسم باسم اهل المدينة الذين كانوا يعرفون بـ«فينيتي» (Veneti) وهو نفس الاسم الذي ذكره الشاعر الاغريقي وصاحب الإلياذة هومر، ورغم ان معنى الاسم لا يزال غير مؤكد، فإن الكلمة اللاتينية «فينيتوس» (venetus) التي تعني «بحر ـ ازرق» على الارجح هي الاصل الاول لاسم المدينة الساحرة. تلك الفترات التاريخية التي عرفتها المدينة منذ قديم الزمان تركت آثارها ولا تزال على المدينة ومعالمها الرائعة والجميلة من الناحيتين المعمارية والفنية، لذا تعتبر المدينة ككل تحفة فنية لا تعوض، ويحاول الكثيرون تقليدها وتقليد قنواتها في مشاريع سياحية كثيرة حول العالم من الولايات المتحدة الى مصر. ولا تزال القصور والكاتدرائيات الجميلة التي ملكها الحكام شامخة في بعض الساحات الى جانب التماثيل والجسور التي تربط الناس بعضها بعضا. ومن اشهر المناطق بالطبع ساحة سان ماركو وجسر ريالتو وجزيرة الليدو (خاصة بالمسابح) التي يقام فيها عادة مهرجان السينما الدولي والسنوي الذي يحمل اسم المدينة. ولذا تجذب البندقية الكثير من مشاهير السينما العالمية والفنانين بشكل عام. ويمكن للسائح ايضا التعرف على عالم الزجاج الساحر في الجزيرة الوحيدة في العالم المخصصة له ولصناعته الحديثة والمذهلة، في جزيرة مورانو القريبة من وسط المدينة. وفي الجزيرة ايضا مقبرة قديمة تضم قبور الكثير من المشاهير والكتاب الذين عاشوا في البندقية وهم كثر.
ويتم التنقل عادة في المدينة، بعد الوصول الى مطار «ماركو بولو الدولي» (Marco Polo International Airport) الحديث (يعتبر من اجمل المطارات الصغيرة في اوروبا وقد تم تحديثه منذ سنوات قليلة)، عبر التاكسي المائي او البحري وداخل المدينة عبر العبارات العائمة او القوارب الشهيرة المعروفة بالـ«جاندولا» (gondolas ) التي يطلق عليها اهل المدينة اسم «تراغيتي» (traghetti) . ويمكن التنقل سيرا على الاقدام من منطقة الى اخرى خلال دقائق، إذا ما تم تحاشي القناة الرئيسية او غراند كنال (Grand Canal) والمناطق السياحية المزدحمة حول السوق وجسر ريالتو. ويمكن الوصول الى المدينة ايضا عبر القطارات من المدن الإيطالية الاخرى في الشمال كميلانو وتورينو وغيرهما، او عبر مطار «ترافيسو» (Treviso Airport) في منطقة ترافيسو التي لا تبعد عن البندقية اكثر من 20 كيلومترا. وبكلام آخر فإن البندقية المدينة الوحيدة في العالم المحرمة على السيارات. ويمكن للتاكسي الوصول فقط الى بعض المحطات.
* من فنادق البندقية (من فئة 5 نجوم) ـ فندق «بوير» (Bauer Hotel ) : العنوان -San Marco 1459 30124 Venice -ابتداءً من 195 يورو ـ عدد الغرف: 109 غرف ـ من فئة 5 نجوم. لا يبعد هذا الفندق الكبير عن ساحة سان ماركو (San Marco ) الشهيرة اكثر من دقيقتين سيرا على الاقدام. وهو من افخر فنادق المدينة التي تتمتع بطراز حديث وتقدم خدمات تقليدية اصيلة ضمن اجواء حميمية ومريحة. ولطالما جذب هذا الفندق الأغنياء والمشاهير وابناء العوائل المالكة والفنانين. ويضم الفندق حوالي 18 غرفة خاصة (سويت) مصممة بتصميمات حديثة رائعة ومتقنة على آخر طراز. وخلال فصلي الصيف والربيع يمكن التمتع بحانة الفندق ومقهاه المطل على القناة الكبيرة الرئيسية (غراند كانال -Grand Canal). كما يشمل الفندق غرفا خاصة بالاجتماعات والحفلات والمؤتمرات والنشاطات الخاصة. كما ان الفندق يقدم خدمة ممتازة من ناحية توفر اتصالات الإنترنت السريعة. ـ فندق «قصر ومنتجع سان كليمانت» (San Clemente Palace Hotel & Resort) ـ العنوان: Isola Di San Clemente 1, 30124 Venezia ـ عدد الغرف 197 غرفة ـ من فئة 5 نجوم. للباحث عن عزلة داخل البندقية نفسها يمكنه اللجوء الى هذا الفندق الفاخر والمعروف في جزيرة سان كليمانت (San Clemente Island ) قبالة ساحة سان ماركو. وللباحث ايضا عن اهم مناطق التسوق الفاخر والغالي الثمن فموقع الفندق مكان مناسب لهذه الهواية. ويشمل الفندق الزهري اللون وذو الطراز المعماري الكلاسيكي الانيق، حوالي اربعة هكتارات من الحدائق والأحراش القديمة. وقد كان المبنى قديما في القرن الوسطى، عبارة عن دير للرهبان. ويرتبط الفندق بالمدينة بخط مواصلات مائي او بحري عام وخاص بعد الساعة الواحدة ليلا. يعتبر هذا الفندق ملاذا رائعا للهاربين من العالم الخارجي والباحثين عن الرفاهية الإيطالية وما تقدمه من اذواق في المدينة. وفضلا عن جميع انواع العلاجات الصحية مثل السونا والمساجات والعلاج بالإعشاب وغيره، يضم الفندق ملعبي تنس وبركة سباحة خارجية خاصة به. ـ فندق «دانيالي» (Hotel Danieli ) ـ العنوان: Riva degli Schiavoni 4196, 30122 Venice ـ عدد الغرف 233 غرفة ـ جزء من سلسلة من الفنادق ـ من فئة 5 نجوم.
يتمتع هذا الفندق ايضا بموقع رائع على جانب ساحة سان ماركو وهو قريب جدا من اجمل وأغلى المقاهي والمطاعم ومحلات التسوق التي توفرها المدينة دائما للزائر. ويتألف هذا الفندق الفاخر جدا جدا وأشبه بقصر من قصور الخرافات القديمة، من ثلاثة قصور من قصور المدينة القديمة والمعروفة، ويعود تاريخها الى القرن الرابع عشر والتاسع عشر. ولأنه فاخر جدا يتم العثور فيه على اجمل الثريات الضخمة المصنوعة من زجاج جزيرة مورانو (Murano)، وأغلى انواع السجاد العجمي، بالإضافة الى الاعمدة الضخمة المزخرفة والكثير الكثير من القطع الفنية والاثرية النادرة التي يصعب العثور عليها في مكان آخر. وقد تم تحديث الفندق وإعادة تأثيثه من جديد العام الماضي. ويعتبر هذا الفندق منصة رائعة لمشاهدة ومراقبة مدينة البندقية من جهات عدة. ـ فندق (Ca" Sagredo) ـ العنوان: Campo Santa Sofia, 30121 Venice ـ عدد الغرف 42 غرفة ـ من فئة 5 نجوم . فندق آخر من فنادق المدينة الجديدة والفاخرة التي تقع بين جسر «ريالتو» (Rialto Bridge ) و«كاداورو» (Ca D’Oro) على القناة الرئيسية. ويعود تاريخ المبنى الى القرن الخامس عشر أي الى عصر النهضة في المدينة تاريخيا، ومن بقايا تلك الحقبة المعروفة في التاريخ الاوروبي وعالم التجارة. وهو ايضا من الفنادق المتقنة التصميمات والغني بالقطع الفنية والأنيقة جدا. ومع هذا فهو يتمتع بأجواء طيبة، وغرفه مصممة كلها على حدة وتضم لوحات فنية اصلية تعود الى القرون الغابرة ولفنانين ايطاليين معروفين مثل سبستيانو ريتشي وبيترو لونغي وبنبيني. ـ فندق «ذا وستن يوروبا وريغينا» (The Westin Europa & Regina) ـ العنوان: San Marco, 2159, 30124 Venice ـ عدد الغرف 185 غرفة ـ سلسلة من الفنادق ـ من فئة 5 نجوم. تحفة من تحف البندقية، هذا الفندق القريب من سان ماركو وسوق الخضار القديم والعديد من محطات العبارات ومركز البريد، وبالتالي من قلب المدينة الذي لا يهدأ خلال النهار. ومن الفندق يمكن التمتع بالمشاهد التي رسمها الفنان الفرنسي الشهير مونيه.