طابا.. الشتاء الجميل في أغلى بقعة مصرية

محمية طبيعية على رأس خليج العقبة

قلعة صلاح الدين.. بقيت شامخة فوق جزيرة فرعون في مياه طابا («الشرق الأوسط»)
TT

لن تجد بقعة في الأراضي المصرية أغلى من طابا، لتستمع فيها بدفء الشتاء مع الطبيعة الساحرة، فتلك البلدة الصغيرة التي تقع على الحدود بين مصر وإسرائيل، وتبلغ مساحتها نحو 3600 متر مربع، خاضت مصر بسببها معركة قانونية شرسة في المحافل الدولية، بسبب ادعاء إسرائيلي بأنها أراض إسرائيلية؛ انتهت بإصدار حكم دولي في عام 1989، يقضي بأحقية مصر في تلك البلدة ذات الطبيعة الساحرة.

ويزور طابا سنويا عدد كبير من السياح من جميع أنحاء العالم، ويوجد بها نحو 10 فنادق مختلفة المستويات، أشهرها فندق «هيلتون طابا»، الذي دمرته تفجيرات إرهابية في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2004، وتم ترميمه بتكلفة بلغت 15 مليون دولار.

وتتبع طابا إداريًّا محافظة جنوب سيناء، وتقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى. وتبعد 240 كيلومترا إلى الشمال من منتجع شرم الشيخ، وتجاورها مدينة إيلات الإسرائيلية. وتمثل المنطقة الواقعة بين طابا شمالا وشرم الشيخ جنوبا أهم مناطق الجذب والتنمية السياحية بمحافظة جنوب سيناء.

ومنذ بدايات القرن العشرين، لم تغب طابا عن صفحات التاريخ المصري، ففي عام 1906 حدث خلاف بين مصر والدولة العثمانية على تعيين الحدود بين مصر وفلسطين، التي كانت تابعة للدولة العثمانية؛ وانتهى الأمر باتفاق لرسم الحدود من طابا إلى رفح، وتم تعيين علامات الحدود. وعند تطبيق معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية في عام 1979، حدث خلاف على تعيين مكان بعض علامات الحدود التي تلاشت، وحاول الإسرائيليون تحريك بعض هذه العلامات داخل الأرض المصرية للاستيلاء على طابا. لذلك، اتفق الطرفان مصر وإسرائيل على مبدأ التحكيم الدولي، وفى سبتمبر (أيلول) من عام 1988 أصدرت هيئة التحكيم ـ التي انعقدت في جنيف ـ حكمها بأحقية مصر في أرض طابا؛ لتستعيد القاهرة سيادتها على تلك البلدة الصغيرة في مارس (آذار) من عام 1989.

وبلغت الاستثمارات الحكومية فيها حوالي 700 مليون جنيه مصري (الدولار يساوي 5.5 جنيه)، بينما بلغت الاستثمارات السياحية حوالي 3 مليارات جنيه مصري. وتعتبر «محمية طابا» أهم المحميات المصرية، لما تحتويه من مرتفعات ومواقع أثرية. وتضم محمية طابا أيضا تراكيب جيولوجية، وكهوف، وممرات جبلية متعددة، وشبكة من الوديان، بالإضافة إلى بعض عيون المياه الجوفية التي تظهر بجوارها بعض النباتات الصحراوية النادرة.

وتتميز طابا بتنوعها الغني بالحيوانات والنباتات النادرة، المعرضة لخطر الانقراض، حيث يوجد بها حوالي 25 نوعاً من الثدييات، وحوالي 50 نوعاً من الطيور النادرة، إضافة إلى 24 نوعاً من الزواحف. أما بالنسبة للنباتات، فيوجد بالمحمية حوالي 480 نوعاً من الأنواع المنقرضة.

والزائر لطابا يرى أنها من المناطق السياحية التي حباها الله طبيعة ساحرة، تؤهلها لأن تكون أكثر المناطق السياحية رفاهية وجمالاً في مصر، بل في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعانق الجبال مياه البحر الأحمر الزرقاء، التي تطل في آن واحد على أربع دول، في موقع فريد، يندر تكراره في أي مكان آخر في العالم، وهو الأمر الذي منحها فرصة لتكون مكانا مناسبا لقضاء عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية لسكان هذه الدول.

وعلى امتداد شواطئ طابا، تجد المخيمات التي أعدها البدو لاستقبال ضيوفهم من كل أنحاء العالم، الذين يتوقون إلى العودة إلى حياة الطبيعة، تاركين وراءهم كل مظاهر الرفاهية والمدنية، ليعودوا، قدر الإمكان، إلى حياة الإنسان الأول. ومن أشهر معالم طابا:

فندق هيلتون طابا: بناه الإسرائيليون في عام 1982 خلال احتلالهم طابا، وسلموه إلى لسلطات المصرية بعد انسحابهم في عام 1989. ويتمتع الفندق بموقع فريد، إلا أنه تعرض لتفجيرات إرهابية في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2004؛ دمرته، لكن تم ترميمه بتكلفة بلغت 15 مليون دولار، وعاد مرة أخرى لاستقبال زواره من السائحين العرب والأجانب والمصريين.

وللفندق شاطئ رملي، تبلغ مساحته 600 متر، وبه 12 مطعما ومقهى، بالإضافة إلى ملاعب التنس، وكرة سلة، والكرة طائرة، وكرة القدم، وملحق به أيضا مركز خاص بالغطس والرياضة المائية، كما ينظم الفندق رحلات بحرية إلى جزيرة المرجان، وقلعة صلاح الدين، وكذلك رحلات سفاري، ورحلات إلى دير سانت كاترين، وجبل موسى، وغيرها من الأماكن السياحية المختلفة في سيناء.

الأخدود الملون: تكوَّن نتيجة عوامل التعرية لصخور الحجر الرملي النوبي، التي تتميز بألوان مختلفة، وتعطي هذا الأخدود منظرا طبيعيا فريدا لن تراه في أي مكان آخر، وهو عبارة عن وادٍ فسيح، يضيق تدريجيا كلما توغلت فيه، حتى يصل اتساعه إلى متر واحد في بعض المناطق.

جزيرة فرعون: يُمكن الوصول إليها عن طريق قارب يصل بينها وبين طابا. ومن أهم معالم هذه الجزيرة: حصن قديم بناه صلاح الدين الأيوبي لحماية حدود مصر الشرقية، وبقيت أثرا شامخا، تحرص الحكومة المصرية على ترميمه والحفاظ على طابعه التاريخي المميز.

مواقع الغوص: تنتشر بكثرة في تلك البلدة الساحرة للاستمتاع بالشعاب المرجانية، وعالم ما تحت الماء المثير، الذي تنفرد به طابا، ومن أشهرها «مرسى المجابيلا » التي يوجد بها ثلاثة مواقع رائعة للغوص، هي: «الوادي»، ويُسمح بالغوص فيه حتى عمق 40 مترا، و«مجابيلا الكبير»، ويُمكن الغوص فيه حتى عمق 18 مترا، ويتميز بوجود أنواع مختلفة من الأسماك النادرة، مثل سمك البراكودا، وسمك الخفاش، و«مجابيلا الصغير»، ويُسمح فيه بالغوص حتى 16 مترا، وبه نوعيات فريدة مما يعرف بأسماك الصخور.

وكذلك هناك أماكن أخرى للغوص في المضيق الطبيعي الذي يوجد به عدة مواقع الأول: «حفرة المضيق»، ويُسمح فيه بالغوص حتى عمق 16 مترا عبر قاع مرجاني كبير، وتوجد به فتحة كبيرة بعمق 24 مترا، ويمكنك خلال الغوص أن ترى دخول الأسماك الكبيرة من أعالي البحار لتتغذى على الأسماك الصغيرة. والثاني «موزة المضيق»، وهي صخور ضحلة على هيئة موزة، يبلغ عمق المياه فيها 12 مترا، والموقع الثالث هو «المدينة المرجانيّة» التي يبلغ عمقها 20 مترا، ويوجد بها جبل من المرجان، تسكنه أسماك «الأسد»، وأسماك «الفضة الصغيرة»، إضافة إلى أسماك التونة.