إيطاليا واليونان.. على رأس قائمة خريطة السياحة لدى البريطانيين

في تقرير عن السياحة الأوروبية الإلكترونية

فينيسيا في ايطاليا بمناظرها الممتعة واليونان بطبيعتها الخلابة أكثر ما يجذب السياح البريطانيين
TT

بالرغم من الركود الاقتصادي العام، وأزمات الائتمان وتراجع الكثير من القطاعات التجارية والعقارية والترفيهية، فإن آخر الاستطلاعات البريطانية أشارت إلى أن اليونان تأتي حاليا في المرتبة الثانية بعد إيطاليا على لائحة المحطات السياحية التي يفضلها البريطانيون حول القارة الأوروبية. وأشار الاستطلاع الأخير الذي قامت به صحيفة التلغراف (The Telegraph) البريطانية المعروفة وشارك فيه ما لا يقل عن 25 ألف مواطن، إلى أن اليونان ثاني الدول المفضلة سياحيا في أوروبا وأن عدد الراغبين في زيارة اليونان في ارتفاع يوميا.

ويبدو أن الاستثمارات التي قامت بها الحكومة اليونانية في الفترة الأخيرة ووصلت قيمتها إلى نحو 40 مليون يورو (60 مليون دولار تقريبا) قد آتت ثمارها، إذ استبدل البريطانيون اليونان بمحطاتهم السياحية المفضلة في البرتغال وإسبانيا (خصوصا مناطق ممارسة رياضة الغولف في الغارف) العام الماضي (2008). كما أشارت الأرقام التي نشرتها هيئة الخدمات الإحصائية الوطنية في اليونان (National Statistical Service of Greece) أن المداخيل السياحية في البلاد ارتفعت في الربع الثاني من العام الماضي (2008) بنسبة 3 في المائة تقريبا عما كانت عليه في نفس الفترة من العام السابق (2007). كما تؤكد الأرقام أيضا في التقرير الأخير عن أداء الربع الثالث من العام الماضي (2008) أن عدد السياح البريطانيين في اليونان وجزرها الكثيرة في المتوسط ارتفع بنسبة 6.4 في المائة بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) عام 2007 أي أعلى قليلا من النسبة التي شهدتها نفس الفترة من عام (2006). ويقول الكثير من الخبراء في عالم السياحة الأوربية والمتوسطية إن «فيلم ماما ميا» الموسيقي الذي مثلت فيه ميرلي ستريب دورا أساسيا (صور في عدة جزر منها سكياثوس وكورفو) السنة الماضية لعب دورا كبيرا في إعادة الغرام الدولي باليونان والحياة اليونانية التقليدية التي جذبت عشرات الملايين من السياح منذ الستينات، وبالتالي انتعاش القطاع السياحي وارتفاع عدد الزوار يوميا. وتقول مؤسسة «هوتلز دوت كوم» (Hotels.com) المعروفة على شبكة الإنترنت الدولية بحجوزات الفنادق حول العالم إن عدد الباحثين عن فنادق في اليونان منذ انتشار صيت الفليم ارتفع بنسبة 70 في المائة وهي نسبة عالية جدا تترجم نفسها بارتفاع عدد السياح. ويقول نيك ادوارد مؤلف لدليل عن السياحة في اليونان إن الحفاوة التي يتمتع بها السياح في اليونان والطبيعة الخلابة والشواطئ الرائعة والمعالم التاريخية الكثيرة، كلها عوامل تسهم في نمو عدد السياح في اليونان. ومن شأن السياحة التي تجمع بين المعالم التاريخية والأثرية والاسترخاء تحت أشعة الشمس الساطعة في فصل الصيف والرياضات المائة، تأمين عطلة مثالية للسياح، وبالتالي انتعاش القطاع الهام للاقتصاد اليوناني.

والأرقام الممتازة والإيجابية ليست حكرا على القطاع السياحي، إذ اشارت الأرقام التي نشرتها مؤسسة «فوربس دوت كوم» (Forbes.com) المعروفة أيضا، إلى أن الاقتصاد اليوناني سينمو بنسبة لا تقل عن 2.7 في المائة العام الحالي (2009) رغم أزمة الائتمان التي تعاني منها معظم دول العالم. ومن شأن ذلك جذب المستثمرين وخصوصا المستثمرين في القطاعين السياحي والعقاري والراغبين في استغلال الفرصة وشراء منزل ثان للعطل من مواطني الاتحاد الأوروبي .

ويتوقع أن يرتفع العام الحالي والعام المقبل عدد الرحلات الجوية الرخيصة من بريطانيا إلى اليونان وبشكل خاص من مدينة مانشستر وجزيرة كريت ومن معظم الدول بشكل عام وبين الجزيرة نفسها وعدد الرحلات الجوية من العاصمة أثينا إلى أكثر من مائة جزيرة.

وتقول ايريني تزورتزوغلو إحدى مديرات بنك «بيرياس بانك يوكيه» (Piraeus Bank UK) (يؤمن قروضا عقارية للبريطانيين في اليونان) بهذا الصدد، إننا لا يمكننا دفن رؤوسنا في الرمال عندما يتعلق الأمر بأزمة الائتمان الدولية، لكن يفترض بنا النظر إلى الصورة الكبيرة والتعرف على الفروقات بين مختلف الاقتصادات وأدائها في هذه الفترة. فاليونان حاليا من المحطات السياحية التي تجاوزت العاصفة بعد سنة جيدة العام الماضي (2008). ويتوقع أن يتواصل الأداء الإيجابي العام الحالي (2009) وبقوة أكثر من أي وقت مضى وأقوى من أي دولة أوروبية أخرى. ولا شك أن هناك إيجابيات عدة في الاستثمار في القطاع العقاري الذي بدوره لا يزال من أقوى الأسواق الأوروبية .

وكان تقرير خاص بمؤسسة «فوكاس رايتس» PhoCusWright"s European Online Travel Overview، قد أكد من جهة أخرى أن قطاع الحجوزات السياحية على شبكة الإنترنت (الحجوزات الإلكترونية) نما العام الماضي بشكل كبير، لدرجة ان قيمته السوقية اصبحت تشكل حوالي 30 في المائة من حجم الاسواق السياحية الاوروبية التي بلغت قيمتها العام الماضي 246 مليار يورو (328.6 مليار دولار). ولذا تعتبر السوق السياحية الاوروبية من أكبر الاسواق السياحية الإقليمية في العالم. وحسب توقعات المؤسسة فإن القطاع سينمو خلال العام الحالي والأعوام القلية المقبلة، رغم ازمة الائتمان، بوتيرة اسرع من أي قطاع سياحي آخر وخصوصا مجمل الحجوزات السياحية التي يتوقع ان تنمو بدورها بنسبة 3 في المائة هذا العام (2009) .

وعلى عكس الولايات المتحدة الأميركية، سيتواصل نمو قطاع الحجوزات السياحية على شبكة الانترنت في اوروبا رغم ان معدل النمو سيكون ابطأ في بعض الدول التي تشبعت اسواقها ونضجت بكلام آخر.

ويبدو ان الفروقات كبيرة من دولة الى دولة ومن منطقة الى اخرى على هذا الصعيد إذ ان سوق الحجوزات الإلكترونية في بريطانيا (من الأسواق الناضجة) شكل عام 2007 ما نسبته 40 في المائة من سوق الحجوزات وتليه سوق الدول الإسكندنافية الذي وصلت حصته من السوق 37 في المائة، و23 في المائة تتوزع على معظم الدول الأخرى وبالطبع يأتي في مؤخرتها الأسواق الناشئة في اوروبا الشرقية. وتأتي كل من ايطاليا واسبانيا وهما من اهم الدول السياحية الاوروبية والعالم قاطبة بعد بريطانيا والدول الاسكندنافية، إذ لا تزال اسواقها الإلكترونية اضعف واقل خبرة. ويشير تقرير «فوكاس رايتس» الذي يفصل اوضاع معظم الدول الاوروبية في هذا القطاع وحصصها وخصوصا ألمانيا وفرنسا اضافة الى الدول التي ذكرنا، ان هناك فسحة كبيرة لنمو المواقع الإلكترونية الخاصة بالحجوزات السياحية والهيئات السياحية الإلكترونية (شركات ومؤسسات تعمل فقط على شبكة الإنترنت) في معظم البلدان وحتى الدول التي تعرف اسواقا ناضجة كبريطانيا . ويشير التقرير إلى ان عدد الحجوزات الإلكترونية في كل من اسبانيا وايطاليا لم تتعد الـ20 في المائة من مجمل الحجوزات السياحية عام 2007. أما البرتغال واليونان فقد عرفتا نسبة اكبر تتراوح بين 35 و40 في المائة. ويتوقع ان يواصل القطاع نموه في هذين البلدين بسبب النمو السكاني وتحديث البنى التحتية وتطوير المرافئ العامة والاستثمار الحكومي في قطاع المواصلات. ويتوقع التقرير أن تضع ازمة الائتمان الدولية حاليا ضغوطا كبيرة على السوق الاوروبية التي شهدت نموا كبير العام الماضي (2008)، وان تكون الازمة مفصلا رئيسيا في توجه السوق ونسب نموها وتطورها. ويقول الكثير من الخبراء ان الطلب هذه السنة سيتراجع في القطاعات السياحية عامة وستكون الاسعار الهم الاول للمستهلك. ولهذا سيعمل الكثير من النشيطين في سوق الحجوزات السياحية الإلكترونية على تنشيط مواقعهم في محاولة لتوفير الكثير من التكاليف على المستهلك وبالتالي استقطاب المزيد من الزبائن، وتثبيت القطاع هذا كأحد ارخص القطاعات السياحية في القارة الاوروبية. الطلب على التكاليف الرخيصة في عالم السياحة والسياحيين سيحسن من نوعية العرض وبالتالي من تطوير الاسواق الخدماتية في احد اهم القطاعات الاستثمارية في العالم وهو قطاع السياحة.

ويفصل تقرير «فوكاس رايتس»، جميع المواقع الإلكترونية الخاصة بالحجوزات السياحية وفعاليتها واهميتها وموقعها في السوق دولة بدولة، وخصوصا الاداء العام بين العامين 2006 و2007. كما يشير الى انجازات بعض المؤسسة والمواقع ونجاحاتها، بالإضافة الى توقعات وضع القطاع حتى نهاية عام 2010 ويبدو من تفاصيل التقرير الهام عن عالم السياحة الإلكتروني، ان شركات الطيران العامة والمعروفة- التقليدية سيطرت على الموقف من ناحية الشحن الرخيص، إذ سجلت ارتفاعا كبيرا في نسبة نشطاتها على شبكة الإنترنت وصلت الى 22 في المائة بداية العام الماضي (2008). وبالطبع كان ذلك على حساب الكثير من شركات الطيران الصغيرة والمسخرة للنشاط السياحي والمواسم السياحية الاوروبية .

وكان قطاع الفنادق والحجوزات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت من اهم القطاعات التي نمت خلال السنوات القليلة الماضية كما تشير المعلومات الاخيرة إذ ان هذا القطاع استحوذ على 30 في المائة من النشاط الإلكتروني السياحي. كما ان قطاع القطارات الاوروبية او قطاع سكك الحديد بشكل عام شهدا نموا ملحوظا وجيدا خلال العام الماضي. وتقول الارقام المتوفرة ان قيمة قطاع الحجوزات الإلكنترونية لبطاقات السفر عبر القطارات وصلت الى 1.2 مليار يورو (دولار) العام الماضي .

ومع هذا تحتاج الدول الاوروبية الى سنوات عدة لامتلاك سوق للحجوزات الإلكترونية تساوي سوق الحجوزات الإلكترونية حول العام، رغم ان التوقعات بأن تكون نسبة هذه الحجوزات متساوية مع نسبة حجم مجمل الحجوزات السياحية الاوروبية في عام 2010. بكلام آخر فإن قيمة سوق الحجوزات الإلكترونية قد تتجاوز الـ150 مليار دولار على الاقل خلال السنوات القليلة المقبلة. وكما سبق وذكرنا فإن المواقع الإلكترونية الممتازة التي تستخدم تقنيات حديثة (وبعضها بدأ باستخدام التخاطب على الشبكة للتعامل مع الزبائن كأحد خيارات التعامل) ومعلومات قيمة ومفيدة، تلعب دورا كبيرا في النمو الكبير الحاصل على هذه السوق أو القطاع السياحي الهام.

وقلما لعبت المؤسسات الإلكترونية هذا الدور الهام في تطوير احد القطاعات الاستثمارية (السياحية في هذه الحالة) في اوروبا والعالم، باستثناء عالم العقار الإلكتروني المشابه لقطاع السياحة). ولذا يتوقع ان يحذو حذوها مؤسسات اخرى وفي قطاعات استثمارية اخرى حول العالم للفارق التجاري ورخص التكلفة وعظمة العوائد والارباح المالية . بأية حال فإن اوروبا بدأت تتغير سياحيا مع عالم التقنيات الإلكترونية الحديثة والمتوفرة في كل مكان، وبدأت اليونان تستعيد بعض أمجادها السياحية البسيطة مرة اخرى بسبب فيلم جديد من هوليوود، على حساب الدول التي احتلت الساحة والسياحة خلال السنوات العشر الماضية وهي إسبانيا وإيطاليا .