الإسماعيلية.. شواطئها قوس قزح وشمسها خضراء

متعة سياحة اليوم الواحد في مصر

احدى استراحات وحدائق مدينة الاسماعيلية («الشرق الأوسط»)
TT

مدن مصرية كثيرة تصلح لسياحة اليوم الواحد، لكن مدينة الإسماعيلية الواقعة على ضفاف قناة السويس (140كم شمال شرق القاهرة) تدشن هذا النمط من السياحة بإيقاع خاص، فعلاوة على طبيعتها الخضراء، وهدوئها المشمس، تستقبل «باريس الصغرى» ـ كما يحلو للمصريين تسميتها ـ زوارها بالزهور والأضواء والبهجة وأنغام السمسمية، التي تتردد أصداؤها في شوارعها ومنتدياتها ومهرجاناتها الدولية الثقافية والفنية والرياضية طوال العام. تتمتع الإسماعيلية بفضاء مفتوح تتناثر في جنباته مساحات شاسعة من المتنزهات الخضراء، يزيدها بهاء شواطئها الجميلة ومياهها الهادئة الصافية التي تتموج كقوس قزح، ممتدة على قناة السويس وبحيرة التمساح والبحيرات المرة سحرا وجمالا.

وبالإسماعيلية عدد من الأماكن التاريخية والمزارات الدينية والترويحية، مما يجعلها مقصدا لأنواع شتى من السياحة الترفيهية والدينية والعلاجية والمؤتمرات.

ساعد موقع الإسماعيلية الجغرافي المتميز على ضفتي قناة السويس والبحيرات المرة وبحيرة التمساح، وجوها المعتدل في كل الفصول، على أن تتمتع بميزتي المصيف والمشتى معا، كما تعد مسرحا متنوعا لهواة الصيد، نظرا إلى شواطئها الممتدة على بحيرة التمساح والبحيرات المرة، وتطل عليها كل منتجعاتها وقراها السياحية، في مناطق فايد وأبو سلطان وفنارة، كما اجتذبت مياهها الصافية الهادئة المصطافين لممارسة مختلف أنواع الرياضات المائية.

فعلى واحدة من أجمل البحيرات الطبيعية في مصر «بحيرة التمساح» والتي تمر قناة السويس عبرها، يُقام العديد من الشواطئ والأندية والقرى السياحية بالإضافة إلى عدد كبير ومتنوع من الكافيتريات والمطاعم على أحدث مستوى، وتقدم كل ما لذ وطاب من الطعام والشراب. تستوعب شواطئ الإسماعيلية يوميا في الصيف ما يقرب من 10آلاف زائر من مختلف أنحاء الجمهورية، حيث تجهز الشواطئ للسباحة والألعاب المائية، وتزود بالملاعب الرياضية لكرة القدم والسلة والتنس والاسكواش وحدائق الأطفال والمطاعم، وهناك عشرات من القرى السياحية والشواطئ المقامة على البحيرات المرة بمنطقة فايد وفنارة وأبو سلطان ويفد إليها يوميا في فصل الصيف العديد من المصطافين لقضاء يوم ترفيهي، وبخاصة من القاهرة.

ما يميز الإسماعيلية، حسبما يقول محمد عبد الحي (مسؤول بمحافظة القاهرة) أنها مكان ممتع وآمن لقضاء يوم ترفيهي جميل، لذلك فهو يفضل وأسرته قضاء يوم إجازة نهاية الأسبوع في مدينة فايد، حيث يتوافر عنصر الأمان في أثناء السباحة، فالبحيرة هادئة وتتميز بندرة الأمواج فيها وضحالة المياه بما يسمح للأطفال بممارسة السباحة دون مخاطر.

ويضيف: «كما أن المسافة بين القاهرة وفايد تُقطع في نحو 90 دقيقة تقريبا ما يتيح لنا العودة في نفس اليوم وتوفير نفقات المبيت والسفر الطويل».

ويقول عصام عطية مدير إدارة السياحة بمحافظة الإسماعيلية إن الإسماعيلية تشهد سنويا خمسة من المهرجانات الرسمية والدولية، تقام على أرضها بصفة دورية وبصورة متتالية طوال فصول السنة الأربعة، حتى أصبحت مقصدا في جميع الأوقات، فضلا عن بعض المهرجانات الرسمية وغير الموسمية.مشيرا إلى أن المحافظة تستغل المساحات الشاسعة من الحدائق العامة المفتوحة والمتنزهات لتشهد فعاليات هذه المهرجانات.كما أن الإسماعيلية تمتلك نحو 550 فدانا من المسطحات الخضراء المنتشرة في جميع أرجاء المدينة، وهو ما لا يتوافر في أي مدينة مصرية أخرى.

ويضيف عطية: «في طليعة هذه المهرجانات يأتي مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية، فهو أحد أهم المهرجانات الثقافية التي تشهدها المحافظة، ويعد من أشهر المهرجانات على مستوى العالم ومن أهم معالم الإسماعيلية الثقافية».

ويشارك في المهرجان أكثر من 2000 راقص وراقصة من فرق الفنون الشعبية بأنحاء العالم كافة، حيث يعرضون من خلال رقصاتهم التراث الشعبي المعبِّر عن كل منطقة، وتقدم الفرق عروضها في الهواء الطلق بالإسماعيلية، وتمتد العروض لتشمل مدن السويس وبورسعيد والغردقة وشرم الشيخ ودار الأوبرا بالقاهرة، ويهدف المهرجان إلى خلق لغة فنية مشتركة بين الشعوب في نشر السلام والحب. أيضا يُقام بالمحافظة مهرجان سباق الهُجُن «الجِمال» سنويا في صحراء منطقة سرابيوم ويشارك فيه العشرات من المتسابقين العرب والمصريين.

وتمتلك محافظة الإسماعيلية أماكن أثرية عريقة تبرز ملامحها التاريخية بداية من العصر الفرعوني إلى العصر الحالي، وتتيح هذه الأماكن للزائرين فرصة التعايش مع رحلة التاريخ على أرضها. فقد تم الكشف عن أكثر من 40 منطقة أثرية بالمحافظة ترجع إلى عصور تاريخية متعددة.

وتذكر الدكتورة أسماء سعيد (مدرس مساعد بكلية السياحة جامعة قناة السويس) أن الإسماعيلية تمتلك مقومات جعلت لها موقعا على خريطة السياحة المصرية، خصوصا أن قربها من أماكن من القاهرة والشرقية والقليوبية جعل هناك سرعة وصول الوافدين منها لقضاء يوم واحد.

كما تضم المحافظة متحف أثار الإسماعيلية كافة وهو من أقدم المتاحف في مصر شيّده المهندسون العاملون في الشركة العالمية للملاحة البحرية (هيئة قناة السويس) عام 1911، ويُعتبر نواة جميلة لمتحف إقليمي، وله طابع معماري مميز يتواءم مع ما يحتويه من آثار تمثل حقبا تاريخية متعددة، بداية من العصر الفرعوني وحتى عصر محمد على.

وهناك أيضا متحف ديليسبس والذي يحتوي على بعض مقتنيات المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس صاحب فكرة شق قناة السويس.

كما تضم أيضا المحافظة «متحف دبابات أبو عطوة»، ويجسد هذا المتحف معركة الدبابات الكبيرة والضارية التي تصدت فيها القوات المسلحة المصرية وشعب الإسماعيلية للدبابات الإسرائيلية في حرب أكتوبر (تشرين الأول) المجيدة عام 1973. كما يستقبل متحف الشرطة الموجود بمديرية أمن الإسماعيلية العشرات من الزوار ويحتوى على بعض الأسلحة والبنادق التي استخدمتها الشرطة المصرية في مقاومة الجيش البريطاني في يناير (كانون الأول) عام 1952.

كما تُعتبر مقابر الكومنولث التي تستقبل آلاف الزائرين الأجانب سنويا من أهم المزارات السياحية، حيث تجتذب عددا كبيرا من ذويهم والسائحين الأجانب للزيارة في الذكرى السنوية للحرب العالمية الثانية. وتنتشر بمناطق عديدة بالتل الكبير وفايد والقنطرة شرق وتضم رفات جنود الحرب العالمية الثانية.

ومن أشهر المهرجانات الشعبية التي تقام بالمحافظة مهرجان الربيع، الذي يشهد إقبالا جماهيريا كبيرا من إنحاء الجمهورية كافة، ويقام بمناسبة الاحتفال بشم النسيم وفيه تقدم عروض لسيارات مزينة بالزهور والورود تجوب شارع محمد علي أشهر شوارع المدينة احتفالا بقدوم موسم الربيع، ويقام على هامشه مهرجان «أميرات الفراولة» ويشارك فيه مئات الأطفال، وحفل فني يحضره قيادات المحافظة والجماهير اختيار أجمل الفتيات وأكثرهن ذكاء لتفوز بلقب «أميرة الفراولة»، وتقلد تاجا مصنوعا من الزهور الحمراء والبيضاء، لتزين به رأسها، ويتم اختيار وصيفات شرف لها، وعدد من الأطفال، ويكرَّم كل الأطفال المشاركين في الاحتفالية.

ويتخلل مهرجانَ «أميرات الفراولة» عروض فنية وغنائية لفرق الرقص الشعبي تجوب شوارع المدينة، على إيقاع موسيقى الآلات الشعبية والسمسمية.وتتحول المدينة كلها إلى قطعة من البهجة، ويرتسم الفرح على كل الوجوه.

وحين تغادر أقدامك تخوم هذه المدينة الخضراء، في مثل هذا اليوم سيلاحقك المثل الشعبي الذي نسجه أهلها الطيبون «يوم إسماعيلاّوي يغسلك من كل البلاوي».