المكسيك تطلق العروض السياحية الخاصة للتخلص من شبح إنفلونزا الخنازير

3 إجازات مجانية على مدى 3 سنوات مقبلة إذا أصبت بالفيروس

تأثير إنفلونزا الخنازير السلبي على السياح في المكسيك واضح من خلال الصور («الشرق الاوسط»)
TT

* إذا كنت تبحث عن مكان رخيص تسافر إليه، فعليك بتجربة المكسيك.

* على مدار الأسابيع القليلة الماضية، تكبدت المكسيك وطأة أسوأ نكبة يمكن أن تبتلي بها صناعة السياحة في دولة ما دون الحرب. وقد أصيب القليل من الأفراد ممن سافروا إلى هنا في المكسيك بما بدا في البداية على أنها إنفلوانزا كامنة شديدة العدوى. وخلال أيام تصدرت صور المدنيين وهم يرتدون كمامات طبية وقائية ـ وهي الصور التي بدت وكأنها مستوحاة من أحد أفلام الكوارث الخيالية ـ تقارير الصحف والقنوات التلفزيونية بجميع أنحاء العالم. وسيستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن يتمكن الراغبون في السفر والاستمتاع بالرحلات من نسيان مثل هذه المشاهد. ومع ذلك، تحاول الحكومة المكسيكية من جانبها بذل جهد حثيث لمساعدتهم في ذلك، وذلك عبر تدشين حملة تبلغ تكلفتها عدة ملايين من الدولارات، والرامية إلى استعادة المكسيك لسمعتها السياحية، في الوقت الذي اتجهت فيه الفنادق إلى تخفيض أسعار الإقامة بها ما بين 50 ـ 70 في المائة. ولم ينتظر البعض حتى رفع حالة التحذير الوبائي الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية، إذ أعلنت إيه إم ريزورتس ـ وهي سلسلة فنادق ـ عن إطلاق حملة تشير إلى «ضمان بيئة خالية من الإنفلونزا» في 10 فنادق من إجمالي الـ11 المملوكين لها بالمكسيك، وتبدأ هذه الحملة من يوم الجمعة. وستمنح الشركة ثلاث إجازات مجانية على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة لأي نزيل غير سعيد الحظ يصاب بفيروس H1N1 في أي من سلسلة منتجعاتها.

وتعرض الشركة خصومات تتراوح مابين 37 ـ 55 في المائة، بالإضافة إلى ائتمانات تصل إلى 250 دولارا للأطعمة والخدمات الأخرى.

ويقول ألكس زوزايا ـ رئيس إيه إم ريزورتس: «في غضون الأسابيع القليلة الماضية، نروج باستمرار للسفر إلى المكسيك اعتمادا على حقائق واقعية بخصوص فيروسH1N1 ». ومع إعلان المسؤولين المكسيكيين عن خطة تخفيضات ضريبية تبلغ 2.1 مليار دولار تقريبا لمساعدة الاقتصاد المكسيكي على التعافي من الآثار المتبقية من الإنفلونزا، حصلت صناعة السياحة على اهتمام خاص ـ يتمثل في قروض للفنادق، والخطوط الجوية، وتخفيضات في رسوم المطارات والموانئ، بالإضافة إلى تخفيضات ضريبية للشركات ـ تبلغ قيمتها مجملة 450 مليون دولار. ويبدو السبب واضحا من هذا، إذ جلبت السياحة الأجنبية للمكسيك 13.3 مليار دولار خلال العام الماضي. كما يعمل في صناعة السياحة أكثر من مليوني شخص، علاوة على أنها تمثل 8 في المائة من اقتصاد البلاد.

وجدير بالذكر، أن عدد الزائرين الأجانب قد تهاوى بالفعل مع بداية العام، نظرا إلى الاقتصاد العالمي المتراجع. كما لم يكن للتقارير الصحافية، التي تصف مدى بشاعة العنف المرتبط بالمخدرات بالأمر المساعد، ومما زاد الطين بلة في نهاية المطاف فيروس H1N1. وعلى الرغم من استحالة معرفة إلى أي درجة يصل مدى الضرر والخسائر التي ستحدثها الإنفلونزا في النهاية، صرح المسؤولون المكسيكيون بأن أسوأ الأمور على الإطلاق يمكن أن تتمثل في انخفاض العائد الذي يجلبه السياح الأجانب بمقدار 5 مليارات دولار هذا العام. وقدر أغوستين كارستنز ـ وزير المالية المكسيكي ـ أن تفشي هذا المرض سيؤدي إلى تراجع بمقدار 0.3 ـ 0.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. وثمة عدد من العلامات التي تثير القلق لدرجة أن التشاؤم أخذ يضر بصناعة السياحة في الوقت الحالي، على الأقل. وعلى الرغم من أن إيقاع المعيشة يعود إلى الإيقاع الطبيعي، ما زالت وزارة الخارجية الأميركية تنصح الأميركيين بعدم السفر إلى المكسيك إلا في الحالات الضرورية فقط. وبدأ من يوم الاثنين، خفضت شركة «كونتننتال إيرلاينز» للخطوط الجوية من طاقة رحلاتها المتجهة صوب المدن المكسيكية إلى النصف، منوهة إلى أن الرغبة في هذه الرحلات باتت ضعيفة فعليا قبل تفشي الإنفلونزا، ثم تهاوى الطلب عليها بصورة حادة في النهاية، مع ورود أنباء تفشي الإنفلونزا. وأفادت الفنادق في كانكان و مايان ريفيرا بأن العملاء لم يتضايقوا من إلغاء زياراتهم. وكذا ألغيت الرحلات النهرية إلى الموانئ المكسيكية. وقالت سينثيا مارتينيز ـ الناطقة باسم شركة «رويال كاريبيان كروزيز»: «ليس من الضروري تعريض المسافرين إلى الخطر، فالأمر يتعلق أكثر إذا ما كان عملاؤنا يشعرون بالراحة خلال زيارتهم المكسيك». إلى ذلك، انخفضت نسبة الإشغال في فنادق كونكان من 77 في المائة في يوم 24 أبريل (نيسان) يوم بدأ التحذير من المرض، حتى وصلت إلى 42 في المائة بنهاية الشهر. وتقول ماريسا سيتين ـ المديرة التنفيذية برابطة فنادق كانكون ـ إنه مع انقضاء الأسبوع الماضي، تهاوت النسبة إلى 23 في المائة، وأضافت: «لم نتوقع أن يكون بهذا السوء، ولكنها ردود فعل متعاقبة».

وأكدت السلطات الصحية على إصابة 1360 حالة بفيروس الإنفلونزا الجديد، بالإضافة إلى حدوث 45 حالة وفاة بالمكسيك. وتركزت الغالبية العظمى من حالات الإصابة في مكسيكو سيتي والضواحي المحيطة بها، أي بعيدا عن المنتجعات السياحية في الكاريبي وسواحل المحيط الهادئ. وتهاوت نسبة إشغال الفنادق في مدينة مكسيكو سيتي بحوالي 10 في المائة، في الوقت الذي بدت فيه المدينة تغلق أبوابها. ويقدر ألجاندرو روجاس دياز، مسؤول شؤون السياحة بالمدينة، قيمة خسائر المدينة في اليوم الواحد بـ10 ملايين دولار.

إلا أنه أوضح أن النهج الصارم الذي اتخذته حكومة المدينة لمواجهة المرض، والمتمثل في إغلاق المطاعم لأسبوع، وأغلب أماكن الترفيه الأخرى بما فيها البارات، واستادات الكرة لفترة أطول من هذه، ستضفي في النهاية نوعا من المصداقية. وأضاف روجاس دياز: «لقد قلنا الحقيقة، وعندما نقول حقيقة أن المدينة باتت آمنة مجددا، سيصدقنا العالم. وستكون خالية من المرض تماما».

وقد يكون هذا صحيحا، إلا أن وكلاء السياحة في الولايات المتحدة يشيرون إلى أن تقديم العروض السياحية سيساعد كثيرا. ويقول تيم مولن، كبير رؤساء شركة «آبل فاكاشن»، وهي وكالة سياحة كبرى بالقرب من فيلادلفيا، عمدت الفنادق الطامحة في استعادة معدلات الإشغال بها إلى تخفيض أسعار الإقامة بها بصورة كبيرة، بالإضافة إلى تخفيض أسعار برامج الرحلات السياحية إلى المكسيك. وأشار إلى أنه بالمقارنة قبل أربعة أسابيع من الآن، باتت أسعار البرامج السياحية أرخص بنحو 70 في المائة لشهر مايو (أيار)، و50 في المائة لشهر يونيو (حزيران). وأضاف: «سيكون هناك الكثير من العروض الجيدة هذا الصيف».

وتابع مولن أن دفعة القلق الأولية التي اعترت السياح والزائرين تباطأت إلى حد كبير.

واستطرد: «في هذا الأسبوع، أضحت جميع الأمور المفاجئة أقل سوءا عما كان يتم تناقله. ونأمل أن تعود الرحلات إلى المكسيك في المدى القريب». وتخطط رابطة فنادق كانكون إلى العمل أولا مع الشركات السياحية في المكسيك لإعادة السياح المكسيكيين. ومع رفع تحذيرات الإنفلونزا العالمية، ستشرع الرابطة في العمل مع الشركات السياحية في الولايات المتحدة والمناطق الأخرى. ويقول أوسكار فيتش ـ المدير التنفيذي لهيئة السياحة في المكسيك ـ إنه بمجرد رفع الولايات المتحدة والدول الأخرى نصائحها بعدم السفر إلى المكسيك، ستبدأ المكسيك حملة موسعة لإعادة السياح إلى البلاد من جديد، وأضاف: «إن الدولة مغلقة في الوقت الحالي، ليس من قبلنا، ولكن من قبل آخرين».

وأوضح مايك تروجيلو ـ وكيل سياحي في سانت روزا، بولاية كاليفورنيا: «في غضون أسبوعين، سيرغب الناس في العودة من جديد إلى المكسيك. كانت هناك بعض العروض الجيدة، وستكون هناك عروض أفضل».

* خدمة «نيويورك تايمز»