ساساري.. أقدم المدن الإيطالية وأكثرها تقليدية

مفتاح الجزيرة على العالم ووجهة سياحية ساحرة

TT

ساساري واحدة من أجمل وأقدم المدن الإيطالية عامة ومدن جزيرة سردينيا الساحرة التي تعتبر جوهرة الجزر القريبة من فرنسا وشمال أفريقيا. ورغم صغرها، حيث لا تضم أكثر من 130 ألف نسمة، فإنها ثاني مدن الجزيرة وعاصمة المقاطعة التي تحمل اسمها، ومن أشهر المناطق المقصودة من قبل الذواقة للتعرف على المطبخ السرديني التقليدي المهم.

ويؤهلها موقعها الجميل في الجزء الشمالي الشرقي من الجزيرة، لتكون محطة سياحية ممتازة داخل الجزيرة وبعيدا بالطبع عن ضجيج المنتجعات والشواطئ السياحية الحديثة. ويقال إن هذه المدينة العريقة تضم أفضل مجموعة من الفن الخاص بالجزيرة الأم ولفترات تاريخية مختلفة، وأقدم جامعة، وهي جامعة ساساري التي أسست على يد اليسوعيين في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وهي من الجماعات المشهورة في مجال القانون ودراساته العليا. أضف إلى ذلك أن مكتبتها تضم مجموعة ضخمة من الوثائق التاريخية القديمة التي يعود تاريخ بعضها إلى القرن الحادي عشر.

المعلومات المتوفرة تشير إلى أن تاريخ المدينة وبداياتها تعود إلى القرون الوسطى، حيث أسست على يد بعض السكان الرومان الذين كانوا يستعمرون الميناء المعروف بـ«بورتو توريس». وكان هذا الموقع من أكبر المواقع السكانية في الجزيرة آنذاك لكن هجمات الغساسنة من البحر دفعتهم وشردتهم باتجاه المناطق الداخلية. وجاء ذكر اسم المدينة باللغة المحلية «تاثاري» (Tathari) في إحدى الوثائق التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر في دير القديس بطرس. ويقال إن اسم المدينة الحالي ساساري هو الاسم الذين كان مستخدما خلال الفترة التي حكم فيها الإسبان في القرن الرابع عشر وما بعده. لكن قبل ذلك كانت المدينة محطة للمهاجرين والمستعمرين الفينيقيين والمحليين والرومان وهناك الكثير من الآثار القديمة والبدائية إضافة إلى الآثار الرومانية حول المدينة، وعثر فيها علماء الآثار على بقايا وعظام (أحفوريات) نوع من أنواع القرود يعود تاريخها إلى 9 ملايين سنة. وتقول الموسوعة الحرة في مسألة تاريخ الجزيرة الحافل، إن أهل جنى احتلوا ساساري في النصف الثاني من القرن الثاني عشر حيث بدأت المدينة تستقطب الكثير من المستوطنين، لكن في القرن الثالث عشر تبعت المدينة إلى جمهورية بيزا رغم استقلاليتها النسبية.

وبالطبع كانت المنطقة كلها والمدينة بشكل خاص مدار حروب الكر والفر والتنافس بين أهل جنوه وأهل بيزا الذين عوفوا أساطيل وجمهوريات مستقلة لسنوات طويلة. ففي سنة 1294 أسهم الأسطول التابع لأهل جنوه في معركة ميلوريا بطرد أهل بيزا وتحرير المدينة من جديد. و«أصبحت أول بلدية حرة في سردينيا وبقوانين خاصة بها، متحالفة مع جنوه التي سعدت بأن تراها بعيدة عن سيطرة البيزيين». وربما شاعت شهرة المدينة القانونية في بدايات القرن الرابع عشر حيث تمتعت بقوانين محلية متساهلة نسبيا عن القوانين المجحفة والصارمة التي كانت سائدة في أوروبا وإيطاليا في القرون الوسطى.

وبعد عمليات الكر والفر بين المستعمر المحلي الإيطالي من جنوه وبيزا وغيره، جاء دور الإسبان القريبين، حيث سلمت المدينة كما يبدو إلى الأراغونيون عام 1323 وقد سيطروا عليها رغم عدد لا بأس به من الثورات خلال السنوات اللاحقة. وبعد فشل محاولات الغزو الكثيرة التي قام بها أهل جنوه بحريا، استولى عليها ما يعرف بـ«برانكاليوني» دوريا وماريانوس الخامس حاكم أربوريا العاصمة آنذاك، قبل أن يستعيدها الأراغونيين بدايات القرن الخامس عشر وتنتهي تحت الحظيرة الإسبانية نهاية القرن الخامس عشر. وتميزت فترة الوجود الإسباني في المدينة بالفساد الاقتصادي والسياسي كما عانت مرتين من انتشار مرض الطاعون خلال الوجود الإسباني عامي 1528 و1652، لكن الفرنسيين كانوا للإسبان بالمرصاد فاحتلوا المدينة في العقد الثاني من القرن السادس عشر. والتحقت بمملكة إيطاليا الحديثة نهاية القرن التاسع عشر. ولا يزال سكان المدينة العتيقة يحتفلون دينيا وكل سنة، بذكرى الذين قضوا بالطاعون عام 1582 عبر مهرجان «حاملي الشموع». ويطلق على المهرجان هذا الاسم لأن السكان والمواطنين يحملون شموعا على أخشاب طويلة وضخمة قبل الوصول إلى كنيسة سانت ماريا المعروفة. وفي هذا لا بد من الذكر هنا أن المدينة تشهد مهرجانا سنويا يدعى «كافالكاتا سارادا» وهو من أكبر مهرجانات جزيرة سردينيا التي تحصل في آخر أحد من شهر مايو (أيار). وعادة ما يشارك المواطنون في ارتداء الملابس التقليدية ويركبون الأحصنة المزينة والرائعة.

كما تضم المدينة أيضا مهرجانا حديثا للسينما تم تأسيسه عام 2006، ويعتبر من أهم مهرجانات الجزيرة للفن السابع. وعادة ما يعرض المهرجان أفلاما وثائقية ورسوما متحركة وغيره من عوالم الأفلام والسينما ومدارسها المختلفة. وتضم المدينة أيضا مواقع أثرية وسياحية مهمة وعلى رأسها موقع الأهرام القديم المعروف بـ «مونتي دياكودي» وهو بقايا أهرام متدرجة قديمة المعمار. ومنها أيضا دير وكنيسة سانت ماريا دي بيتلام التي تعتبر من أقدم كنائس إيطاليا ويمتد تاريخها من القرن الثالث عشر حتى القرن التاسع عشر، ولذا تتمتع بفنون وأساليب وطرازات معمارية مختلفة منها القوطي والإيطالي والإسباني وغيره. وتم بناء القبة في القرن التاسع عشر على يد معماري محلي اسمه أنطونيو كانو.

ومن معالم المدينة المعمارية المهمة التي لا يمكن للسائح أن يتجاهلها هي «نافورة روزيلو» التي تضم تمثالا للقديس جافينو وهي من الآثار التي تركها حرفيو وفنانو جنوه أثناء وجودهم في الجزيرة عام 1606. ومن التحف المهمة في المدينة، ساحتها الرئيسية القديمة التي يطلق عليها اسم «بيزا دي إيطاليا»، فهي محاطة بالمعالم المعمارية الرئيسية والقصور والمواقع التي كان يعيش فيها أبناء عائلة سافوي الملكية. كما يصعب للسائح تجاهل سور المدينة القديم الذي لم يبق من أبراجه الستة والثلاثين أكثر من 6 أبراج تم بناؤها في القرن الثالث عشر. ولا يزال يضم السور بقايا إحدى القلاع الإسبانية القديمة التي تم تدميرها نهاية القرن التاسع عشر وتم اكتشافها السنة الماضية. وللمغرمين بالشوارع والعوالم الأوروبية والإيطالية القديمة، هناك شارع كورسو فيتوريو إيماناويلي في أقدم أحياء المدينة. وهذا الشارع من الشوارع المعروفة التي يمكن من خلالها التعرف على عوالم المدينة المعمارية التقليدية كالمسارح والمباني والمنازل والمحلات التجارية. كما تضم المدينة على صغرها عددا لا بأس به من المتاحف ومنها، متحف الآثار المعروف بـ«متحف جي ايه سانا»، ومتحف «بريغاتا ساساري» للتاريخ، ومتحف «غوسيبي بياسي» للفنون وقاعة ماسيدو للفنون الحديثة، ومتحف «كانديليري» ومجموعة ماريو سيروني الفنية الخاصة. أضف إلى ذلك، متحف خاص بالعلوم والتكنولوجيا بالاشتراك مع عدد من الكليات والجامعات. أهم فنادق ساساري: فندق «ماريني» (Hotel Marini) ـ العنوان: Via Pietro Nenni ,2, 07100 Sassari – من فئة 4 نجوم – 68 غرفة ـ السعر ابتداء 56 من يورو لليلة الواحدة. من الفنادق الجيدة في المدينة وخصوصا وسطها الهادئ المحاط بالخضرة والأشجار. الفندق صغير، مجهز بالإنترنت، وبالمكيفات الهوائية الضرورية. وفضلا عن قاعة المؤتمرات تعتبر غرفة جيدة الحجم وتقليدية التأثيث. ويضم الفندق مطعما معروفا من المطاعم التقليدية التي يمكن من خلالها التعرف على المطبخ السرديني التقليدي الممتاز.

ـ فندق «فيتوريو إيمانويل» (Hotel Vittorio Emanuele) ـ العنوان: Corso Vittorio Emanuele 100/102, 07100 Sassari ـ من فئة 3 نجوم – 44 غرفة ـ ابتداء من 54 يورو لليلة الواحدة. هذا الفندق أحد الفنادق الصغيرة والجميلة والمعروفة في المدينة، التي تعتبر تحفة معمارية تقليدية لا يمكن تجاهلها. وقد تم العمل على تطوير الفندق قبل أربع سنوات وتجهيزه بشتى أنواع الخدمات الحديثة وخصوصا الاتصالات والإنترنت. وهو أيضا من الفنادق الصالحة لرجال الأعمال لما يقدمه من خدمات مريحة وفرصة للتعرف على معظم مناطق المدينة السياحية والأثرية.

فندق «كارلو فيليس» (Hotel Carlo Felice) – العنوان: Via Carlo Felice N° 43, 07100 Sassari ـ ـ من فئة 4 نجوم ـ عدد الغرف: 74 ـ ابتداء من 50 يورو – جزء من سلسلة من الفنادق ـ هذا الفندق من فنادق المدينة المخصصة للخدمات العالية والممتازة، ولذا لا يبعد كثيرا عن وسطها. ويتمتع الفندق بمطعم ممتاز أيضا يقدم المآكل الدولية المعروفة والمآكل الإيطالية التقليدية وخصوصا السردينية الريفية.