لأن «العين بصيرة واليد قصيرة».. اللبنانيون سياح بـ«التقسيط المريح»

سافر اليوم وادفع غدا

عروض السفر بالتقسيط المريح متوفرة بكثرة في لبنان («الشرق الأوسط»)
TT

ما أن يطل الصيف حتى تبدأ أحلام السفر لقضاء عطلة تمنح صاحبها الاستجمام والراحة ومتعة التعرف إلى ما ليس متوفرا في بلاده. هذا في المبدأ، أما في التطبيق، فكثير ما تشكل العقبات المالية سدا يحول دون تحقيق الأحلام انطلاقا من واقع «العين بصيرة واليد قصيرة». لكن الإمكانات الاقتصادية المتواضعة وقصر ذات اليد يمكن معالجتها في لبنان وبـ«التقسيط المريح». فقد وفر بعض المصارف فرصة للراغبين تسمح لهم بـ«الاستمتاع صيفا والدفع شتاء»، ووجد اللبنانيون في هذه الفرصة المخرج الأسهل الذي يلجأ إليه الراغبون لمواجهة غلاء تكاليف رحلات الصيف التي تمكنهم من التحايل على موازنتهم و«تنظيف» أجسادهم ونفوسهم من إرهاق الشتاء وتعبه، لذا كان الحل عبر الاقتراض ليتم التسديد بالتقسيط. هذه التسهيلات بدأت محدودة منذ أعوام قليلة، إلا أنها أخذت في الانتشار شيئا فشيئا لتصبح من الأولويات ضمن الخدمات التي تعتمدها وكالات السفر اللبنانية وتتنافس في ما بينها لتقديم أدنى نسبة فائدة لمن يرغب في السفر. في هذا الإطار، تقول ريما كيالي من وكالة «وايلد ديسكفري»: «يفضل عدد كبير من اللبنانيين الذين يطمحون إلى تمضية العطلة خارج البلد الاستعانة بخيار التقسيط، لكن يمكن القول إن النسبة الكبرى من هؤلاء هدفها تمضية رحلة شهر العسل التي يلجأ إليها العروسان نظرا إلى التكاليف الكبيرة التي يتكبدانها في متطلبات حفلة الزفاف». وتشير إلى أنه «ليس على الراغب في السفر إلا تقديم مستندات معينة إلى المصرف الذي نتعامل معه وبعد ذلك تتم عملية التقسيط لفترة محددة وفق الشروط التي يحددها». ويقول أحمد رضا من «first class» إن «أكثر الذين يقترضون للسفر يختارون البلدان الأقل تكلفة، لا سيما مصر وتركيا». من جهتها، تقول لانا طحان من شركة «تانيا ترافل» إن 25 في المائة من اللبنانيين الذين يسافرون للسياحة يلجأون إلى خيار التقسيط، حتى إن بعض هؤلاء صاروا من الزبائن الدائمين لدينا الذين يسافرون في الصيف ويقسطون تكاليف الرحلة في الشتاء. منهم من العائلات التي تسافر مع أولادها سنويا، ومنهم أفراد يعتبرون مشروع السفر بالنسبة إليهم برنامجا ثابتا لا يتغير وإن كانت ظروفهم المادية لا تسمح بذلك، لكنهم وجدوا في فرصة التقسيط حلا سهلا يحقق لهم أمنيتهم بأقل تكلفة مادية ممكنة. رائد هو أحد الشباب الذين لا يدخرون فرصة للاستفادة من مثل هذه العروض. هو في الأساس موظف في أحد المصارف. وبالتالي حصوله على القرض شبه مؤمن. يقول: «تخرجت قبل أربع سنوات وبدأت العمل. ولا أفكر بالزواج حاليا. أرغب في القيام بكل ما أحب قبل الارتباط. والسفر هو هوايتي المفضلة. لذا أتابع العروض التي تقدمها وكالات السفر والفنادق في البلدان التي أرغب في زيارتها. وأخطط لأحصل على أفضل عرض لجهة الأسعار والتقديمات ما دامت الفرص سانحة. فأنا أعرف أنني إذا فكرت بالزواج ستقع على عاتقي مسؤوليات وواجبات تحول دون تنفيذ ما أحب».

«CFC» هي المؤسسة التي تعنى بتقديم قروض شخصية تدخل ضمنها قروض السفر، وتختلف عن المصارف في الخدمات التي تقدمها للزبائن، لا سيما في ما يتعلق بطريقة الدفع، إذ توكل مهمة جبايتها من منزل المقترض بدل أن يتوجه شهريا إلى المصرف لدفع المبلغ. كارلا أبي نادر من «CFC» تقول: «نستقبل عددا لا بأس منه، من طلبات قروض السفر ما أن يطل الصيف. ولا صعوبة تواجه من يرغب في الاستفادة من خدماتنا، إذ على المسافر تقديم صورة عن هويته وإفادة بمدخوله الشهري ونسخة عن صك ملكية المنزل أو عن عقد الإيجار». ووفقا لقيمة الراتب تعطي المؤسسة موافقتها على الطلب أو لا، لكن في بعض الأحيان إذا كانت التكاليف مرتفعة مقارنة بقيمة الراتب نكتفي بتقديم نسبة معينة من المبلغ. كذلك فإن تقسيط المبلغ يتراوح بين 6 و12 شهرا بحسب قيمته، وتتراوح الفائدة عليه بين 3 و5 في المائة». ندى هي واحدة ممن يجيد ترتيب أوضاعه للحصول على ما تحب من دون أن تقصر في واجباتها. فقبل الزواج وإنجاب الأولاد كانت تحقق هوايتها في السفر والتعرف على البلدان الأخرى، لكن بعدما أنجبت ولدين تحولت الهواية إلى حلم يصعب تحقيقه في ظل المتطلبات التي تتضاعف سنويا، فكان الحل باللجوء إلى خيار التقسيط. تقول: «منذ ثلاث سنوات أصبحت وعائلتي زبائن دائمين في فصل الصيف لوكالة سياحية. نسافر في الصيف وندفع في الشتاء من دون أن نشعر بعبء التكاليف التي لا تقل عن خمسة آلاف دولار، إذا توجهنا إلى بلد قريب. وهكذا نشعر بأننا لا نحرم ولدينا اللذين ينتظران هذه الرحلات بفارغ الصبر. وهكذا أصبح باستطاعتنا أن نرفه عن أنفسنا بعد عمل مضن، فنجدد طاقتنا ونستجم ونرتاح لنعود وننطلق من جديد». كذلك تستعد رلى وصديقاتها للسفر هذا الصيف في رحلة سياحية إلى «تايلاند» بعدما علمن بخيار التقسيط. تقول رلى: «بما أن الأمر يحتاج إلى ما يقارب 1500 دولار أميركي من دون احتساب المصاريف الأخرى، ما كان أمامنا إلا اعتماد الحل الأسهل الذي يلبي طموحنا في أسرع وقت ممكن من دون أن ننتظر سنة لتجميع المبلغ، طبعا إذا استطعنا السيطرة على مصاريفنا. لكن هذا الحل شكل حافزا لنا للتخطيط كل عام لرحلة من دون أن نشعر بأن الأمر شبه مستحيل، لا سيما من الناحية المادية».