موسم الرياح الموسمية.. سياحة تجديد الشباب

للصيف سحر خاص في الهند

TT

هبت الرياح الموسمية في الهند في أعقاب صيف طويل حار. ويعد التجول في الهند خلالها أكثر الأمور روعة وإثارة يمكن للفرد القيام بها. وإذا ما كنت ترغب في الاستمتاع بالأمطار ورؤية جمال الهند البكر فاحزم حقائبك وتوجه إلى الهند لتشعر بسحر فصل الرياح الموسمية.

برزت سياحة فصل الرياح الموسمية كنوع جديد من السياحة في الهند وجذبت عددا كبيرا من سياح العالم، لا سيما مواطني دول الخليج التي يندر فيها المطر. ويهب على الهند نوعان من الرياح الموسمية: الرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي تمتد من شهر يونيو (حزيران) وحتى سبتمبر (أيلول)، فيما تجلب الرياح الموسمية الشمالية الشرقية الأمطار إلى مناطق الجنوب الشرقي والشرق الهندية في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول)، وتأتي الرياح الموسمية بالأمطار إلى كثير من المناطق التي تحتاج إلى المياه في الهند.

تجلب الرياح الموسمية الهندية كل شيء إليك نقيا، فالشوارع المغسولة والأوراق الناضرة تبدو وكأنها تبتسم إليك. ويأتي اختفاء الرائحة السامة للأرض الجافة وتناثر المياه والتبلل بالماء والسباحة أو الخوض في المياه الضحلة أو اللعب بالمراكب الورقية كبعض من الأنشطة التي يمكنك القيام بها، حيث تأتي الرياح الموسمية بعد أشهر صيف طويلة تسود فيها الحرارة والأتربة كتغيير يلقى ترحيبا. يبتهج الفلاحون بالأمطار الغزيرة التي تعدهم بالرخاء.

يأتي ذلك في الوقت الذي اعتمدت فيه بعض الولايات الهندية مثل كيرالا وماذيا باراديش وسيكيم وميغالايا الاستفادة من سياحة الرياح الموسمية عبر بدء شركات رياح موسمية خاصة، وقد استفادت شركة مهارشترا توريزم ديفيلوبمنت كوربورايشن، حيث يتوافر لديها هي الأخرى عدد كبير من السياح يشكلون العمود الفقري للسياحة في لونافلا وخاندالا ومالشيج وكارلا. وما كان من قبل موسما هزيلا بالنسبة لصناعة السياحة في الهند تقيم وزارة السياحة الهندية الرياح الموسمية الآن في الهند على أنها موسم جيد للسياحة.

ويمكن أن تستغل العروض المخفضة المقدمة في هذا الوقت كعروض لقضاء شهر العسل أو عطلات «أيورفيدا» لإعادة الشباب والرحلات النهرية والمشي تحت المطر. إذا ما أردت أن تشعر بالسحر الحقيقي لموسم الرياح الموسمية وقضاء شهر العسل للمتزوجين حديثا، لذا عليك التوجه إلى مدينة كيرالا، ومن المؤكد أنك ستلقى هناك فرصة نادرة للتمتع بالطبيعة عن بعد والعودة إلى المنزل محملا بذكريات تستمر معك مدى حياتك.

ويفضل الأزواج في رحلات شهر العسل في كيرالا حب التمتع بسياحة الحياة البرية، حيث يعد بيريار وايلد لايف سانكتواري مقصدا شهيرا هناك. وإذا ما أردت معايشة الرياح الموسمية في أفضل حالاتها فعليك المزج بين النظام العلاجي الهندي الشعبي المعروف بعلاج «أيورفيدا» في جولتك، الذي يسمى أيضا «أوشادا موسام» (موسم الشفاء)، حيث يزور الأشخاص ولاية كيرالا جنوبي الهند للتمتع بالعلاجات التي تساعد على عودة الشباب. ويشكل المناخ الجيد ووفرة غاباتها، خاصة الأعشاب والنباتات الطبية في ولاية كيرالا، مقصدا مثاليا لعلاج «أيورفيدا». ويعتبر «أيورفيدا» في موسم الرياح الموسمية الهندية أفضل السبل لإعادة نضارة وحيوية جسمك وروحك. حقيقة الأمر أن ممارسي «أيورفيدا» يقولون إن موسم الرياح الموسمية أفضل الأوقات لتلقي علاج «أيورفيدا» حيث يكون الجسم أكثر تقبلا للعلاج والاستفادة من قوى الأعشاب والزيوت.

وتعد كيرالا المكان الوحيد في العالم الذي يمارس فيه «أيورفيدا»، نظام العلاج الذي يمارس آلاف السنين بإتقان كبير. في هذا المقال أود أن آخذ قرائي إلى موسم الرياح الموسمية في متنزه بيريار الوطني في كيرالا، أحد أكبر محميات الحياة البرية في الهند. ولكن لماذا الحديث عن بيريارا خلال موسم الأمطار؟ أولا لأنه مذهل، أيضا لأنه واحد من المتنزهات الوطنية المفتوحة للجمهور خلال موسم الرياح الموسمية.

تخيل متنزها يقع على مساحة 777 كيلومترا مربعا مع بحيرة صناعية في وسطه تبلغ مساحتها 26 كيلومترا مربعا، وتخيل أيضا مساحة غير متناهية من السافانا وأشجار الساج الضخمة والأشجار دائمة الخضرة التي تعيش بينها النمور وأفاعي الكوبرا بسعادة بالغة. إنها محمية يمكنك فيها رؤية النمور. وتخيل أيضا المطر وهو منهمر.

تصور نفسك في سيارة جيب مكشوفة تشق الطرقات بحثا عن ذلك الحيوان المراوغ. تخيل تلك الممرات المظلمة داخل المتنزه حيث المساحات الخضراء الكثيفة لدرجة أن شعاع الشمس تتخللها بصعوبة بالغة. وتخيل مجموعة من الفيلة تمشي الهوينة بجانب البحيرات. وقد أعطى متنزه بيريار الوطني الشهرة لثيكادي التي يمكنك خلالها العثور على الأكواخ المصنوعة من القش التي توجد بها مساحات كبيرة من أعشاب الفيلة التي تبدو كمساكن للسكان المحليين من قبائل الأورالي ومنان. وعلى بعد 5 كيلومترات من موريكادي الشهيرة بزراعة التوابل والقهوة يمكنك ركوب فيل والقيام بجولة في زراعات التوابل أو التجديف في مياه بحيرة بيريار التي صممها المهندس البريطاني الكولونيل بينيكويك. ويعد الموسم المطير أفضل الأوقات للقيادة إلى تشيلار كوفيل لمشاهدة شلالات المياه القادمة من أعالي الجبال، أو انتعال الحذاء وفتح مظلتك والتنزه، وهو بحق أمر يستحق الزيارة.

إذا لم تكن ممن يهتمون لأمر الحياة البرية فبإمكانك قضاء الوقت في منتجع قرية التوابل التي تساعدك في طرد الضغينة من الجسد والروح. وتذكر أنه لا توجد هناك أي مواد كيميائية، فكل شيء هناك تم القيام به بصورة طبيعية. فعجينة الأرز تساعد على صنفرة وتغذية وترطيب وشد جلدك. لكن هذا ليس أرزا عاديا، إنه أرز ناجفار الذي يحصد بعد 90 يوما من زراعته (يحصد الأرز العادي بعد 120 يوما من زراعته) وهو يتمتع بلون بني وحبوبه متوسطة الحجم. وتطهى الحبوب العلاجية منه لتتحول إلى خليط سميك مع قليل من الأعشاب ملفوفة في قماش قطني ومغموسة في حليب ساخن وخليط من الأعشاب، ثم تنشر بعد ذلك على الجلد لمدة 80 دقيقة. وقد استخدم علاج «نجافارا ثيبو» لعلاج المشكلات الطبية مثل التهاب المفاصل، لكنه أيضا علاج موثوق به للجلد الملتهب. وهو واحد من أساليب الجمال التي يمكنك الحصول عليها في ثيكادي.

الوصول إلى هناك: هناك مطارات مثل مادوراي (140 كيلومترا) وكوتشي (185 كيلومترا) أما أقرب محطة سكك حديدية فهي كوماراكوم (114 كيلومترا) واركب سيارة من المطار أو محطة القطار إلى ثيكادي.

أماكن الإقامة: يمكنك الإقامة في الفنادق التي تديرها الدولة مثل «أرانيا نيواس» و«بيريار هاوس» (تبدأ أسعار الغرفة في الفندق من 4.700 روبية في الليلة الواحدة) و«تاج غاردن رتريت» (تبدأ أسعار الغرفة فيه من 1.700 روبية في الليلة الواحدة). وبإمكانك زيارة موقع www.thekkady.net للحصول على مزيد من التفاصيل.

كما تشتهر موسوري أيضا بأنها «ملكة التلال» لأن هذا المكان يشتمل على مناظر خلابة وقمم جبال ثلجية. وتبلغ موسوري ذروة أبهتها في فصل الرياح الموسمية، حيث تبدو سلالات المياه ساحرة والتلال خلابة. وتجذب موسوري العديد من السياح في موسم الرياح الموسمية خاصة المصورين. وتقع موسوري على بعد ست ساعات بالسيارة من مدينة دلهي ويمكنك أيضا الوصول بالقطار أيضا من دلهي. وقد تكون الشواطئ في فصل الرياح الموسمية الخيار الآخر لقضاء العطلات خلال هذا الفصل، فالشواطئ الشهيرة في ولاية غوا تبدو آسرة في فصل الرياح الموسمية. ولذا تبدو غوا الخيار المثالي في قضاء العطلات خلال هذا الفصل. يلجأ كثير من المنتجعات الشاطئية إلى الإغلاق خلال فصل الرياح الموسمية، لكن بعضا منها مثل بالوليم في غوا يظل فاتحا أبوابه طوال العام. وبالنسبة للقادرين على تحمل بضع ساعات قليلة من الأمطار أو حتى بعض الأيام المطيرة، فإن فصل الرياح الموسمية يعني عددا أقل من السياح وأسعار إقامة أرخص.

ويعد بوندتشيري أحد الخيارات الجيدة الأخرى لقضاء عطلات خلال فصل الرياح الموسمية، فشواطئه الجميلة وطقسه المعتدل يجعل منه مقصدا رومانسيا أيضا.

وبصرف النظر عن الأماكن التي ذكرت سابقا، فإن الهند تصبح جميلة في فصل أقواس قزح وقطرات المطر. والناس يخرجون في هذا الفصل إلى مقاصد شتى للتمتع بكل دقيقة من تلك الفترة لأن أرض الهند تصبح أكثر حيوية في فصل الرياح الموسمية، فمنظر السحب الخلابة وومضات البرق التي تبدو كالألعاب النارية تجربة فريدة في فصل الرياح الموسمية، لذا تمتع بقضاء أجازة سعيدة وسفر هانئ في فصل الرياح الموسمية.

قد لا تعني الرياح الموسمية بالضرورة أن المطر يهطل طوال الوقت كل يوم، ففي بعض المناطق في الهند لا يسقط المطر سوى بضع ساعات خلال اليوم بينما تشهد مناطق مثل دارجيلينغ وسيكيم في شمال شرقي الهند أمطارا غزيرة جدا.

وقال مسؤول في شركة «توماس كوك»: «على مدار السنوات قام عدد من السياح من جميع أنحاء العالم بزيارة الهند خلال فصل الرياح الموسمية، خاصة من دول الخليج العربي، الذين تضاعفت أعدادهم تقريبا، حيث يتوافق فصل الرياح الموسمية التي تهب على الهند في الفترة من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) مع العطلات الصيفية في دول الخليج. لذا فبإمكان المرء مشاهدة زيادة كبيرة في تدفق السياح خلال فصل الرياح الموسمية». وتحاول شركات السياحة تحقيق نجاح كبير في فصل الرياح الموسمية، حيث تقدم عروضا مغرية للسياح محبي السفر في فترة الرياح الموسمية، وهو ما يجذب عددا كبيرا من السياح، خاصة ذوي الدخل المحدود.

ويتم اختيار جهة الزيارة والإقامة بناء على الميزانية المخصصة لذلك، حيث تكلف الرحلات الداخلية لأي مكان داخل الهند للمواطنين الهنود ما بين 12.000 إلى 20.000 روبية للفرد الواحد، فيما تبلغ تكلفة العطلات للسياح الخارجيين في أي مكان داخل الهند ما بين 20.000 و35.000 روبية.

ونظرا لكونها نعمة بالنسبة للمسافرين محدودي الدخل، فقد أثبتت أنها نعمة لصناعة السياحة الهندية أيضا التي تشهد انخفاضا كبيرا في أعداد السائحين في نهاية فصل الصيف ما إن تلوح السحب في السماء.

المعوقات التي يسببها موسم الرياح الموسمية: تعوق الأمطار والفيضانات التي تنهمر حركة المرور؛ فالقطارات على سبيل المثال تنطلق متأخرة عن موعدها بساعات كثيرة، وربما لا تغادر إطلاقا، كما تتعطل الرحلات الجوية أيضا. ويجب على من يزور مدنا مثل مومباي وكولكتا، التي تشهد سقوطا كثيفا للأمطار أن يستعد للخوض في المياه التي تصل إلى الركبة بين الحين والآخر. وتعرض المسافرين للأمطار الشديدة المفاجئة والتجول بملابس مبتلة والخوض في الماء أو الطين، كلها وسائل سهلة للإصابة بالمرض.

سيكون من العسير أيضا الاحتفاظ بالملابس جافة، فسرعان ما سيحمل كل في ما خزانة ملابسك أو حقائبك رائحة البلل وسيصعب حقا التخلص منه، وتصبح غالبية الأماكن طينية، لذا فإن الملابس البيضاء ستكون خيارا سيئا. ويوجد البعوض بكميات كبيرة أيضا.

تشهد مناطق عديدة في الهند قبيل موسم الرياح الموسمية فصلا حارا. وفي الوقت الذي تخف فيه الحرارة تدريجيا فإن بداية موسم الرياح الموسمية تشهد طقسا حارا ورطبا، على الجانب الآخر، فإن مع انتهاء موسم الرياح الموسمية يبدو كثير من المناطق التي يرتادها الزائرون في أبهى حللها خضراء مورفة وطيبة الطقس. قد تجعل الرياح الموسمية السفر صعبا في الهند، لكن هناك كثير مما يمكنك القيام به لتشعر بالراحة والتمتع خلال هطول الأمطار.

قائمة بالأغراض التي يجب اصطحابها أثناء زيارة الهند في موسم الرياح الموسمية

* مظلة ومعطف للمطر. سروال أسود إلى الركبة، حيث سيسهم في تجنب تبلل أسفل السروال وسيخفي أيضا آثار الطين. حذاء ملائم للطقس الماطر مثل الصنادل المطاطية وتعد أحذية «ويلنغتون» الأنسب في ذلك على الرغم من أنها قد تكون مرهقة في حملها داخل أمتعتك. أدوات الإسعافات الأولية خاصة المطهرات والضمادات واللاصقات. منشفة يد صغيرة، وحقيبة ظهر مقاومة للمطر لحمل ثياب جافة (في حال تعرضك للأمطار) والأشياء الأخرى الطارئة. مجفف شعر لمساعدتك في تجنب الإصابة بالبرد وتجفيف ملابسك الداخلية بسرعة. صاعق البعوض. وسترة لحجب البعوض إذا ما رغبت في الإقامة في أحد الأماكن الاقتصادية التي يتعذر فيها اجتناب البعوض.

وبالنسبة للسيدات ينصح باستعمال مساحيق التجميل المقاومة للأمراض.

لذا تمتع بالأمطار وتمتع بالسير فيها.