سياحة ثقافية في مدينة الإسكندر المقدوني

مكتبتها العريقة توجتها مدينة للثقافة

مكتبة الاسكندرية بتصميمها اللافت («الشرق الاوسط»)
TT

تضرب مدينة الإسكندرية المصرية بجذورها في التاريخ، لتوفر لزوارها مناخا مفعما بالحضارة التي ترمز لآلاف السنين التي سطرت من خلالها الحضارات الإنسانية معالمها على وجه المدينة. وعلى الرغم من أن السياح العرب يفضلون المعالم السياحية الحديثة خاصة الترفيهية، فإن عددا لا يستهان به من الزائرين لا يزالون يفتشون عن نكهة الثقافة والحضارة في البلدان التي يقصدونها.

وبالنسبة لمصر فإن الإسكندرية واحدة من أبرز المناطق التي تلهم زوارها بالعبق الحضاري والتراثي الذي يترامى على ضفة البحر الأبيض المتوسط، منذ أن أنشأها الإسكندر المقدوني في عام 323 قبل الميلاد، لتصبح فيما بعد أحد أهم مراكز الحضارات الإنسانية التي تعاقبت.

والإسكندرية، ثاني أكبر مدينة مصرية بعد القاهرة، تضج بالأماكن التراثية التي تجعل من السياحة فرصة للتزود بالحضارة والتاريخ، وتعد أيضا ينبوعا مهما للثقافة، خاصة مكتبتها المشهورة، بالإضافة للمسارح التاريخية والحصون والمتاحف.

مكتبة الإسكندرية: تعتبر مكتبة الإسكندرية التي تم افتتاحها في أكتوبر (تشرين الأول) 2002 كأبرز مشاريع التعاون الثقافي بين مصر والأمم المتحدة، أبرز المعالم الثقافية في مصر، حيث يزورها سنويا أكثر من 800 ألف زائر من أنحاء العالم، وهي تحتوي على أكثر من 700 ألف كتاب ومخطوط، لكنها صممت لتستوعب 8 ملايين كتاب ومصنف، وحصل تصميم المكتبة على جائزة الأغا خان الدولية للعمارة، وتم تصميم مكتبة الإسكندرية على شكل قرص مائل يرتفع من الأرض ويتكون من أربعة مستويات تحت سطح الأرض وسبعة مستويات فوقه. وللشكل الدائري للمكتبة أهمية رمزية، كما أن الحوائط الخارجية للمكتبة مكسوة بأربعة آلاف كتلة من الغرانيت نقشت عليها حروف أبجدية من لغات عديدة.

وتمتلك مكتبة الإسكندرية رؤية كونها تسعى لترسيخ روح الانفتاح، وتوفير مساحة للتواصل الحضاري بين الشعوب، بالإضافة لكونها مجمعا للثقافة، وتضم قاعة قراءة رئيسية، تحتوي على ألفي مقعد للقراء، وست مكتبات متخصصة، وثلاثة متاحف، وسبعة مراكز بحثية، وثلاثة معارض دائمة، وقاعات للمعارض الفنية، وقبة سماوية، وقاعة للاستكشافات، ومركزا كبيرا للمؤتمرات، وساحة للحضارات، ومكاتب إدارية، وكافيتريا، إلى جانب جميع الخدمات اللازمة في مثل هذا المجمع التنويري والحضاري.

وتختزل مكتبة الإسكندرية التي أقيمت على أنقاض المكتبة القديمة أحد أهم جوانب التاريخ الإنساني، فالمكتبة القديمة كانت أول مكتبة عرفت في التاريخ باستثناء مكتبات المعابد الفرعونية التي كانت مخصصة للكهنة وحدهم، وشيد مكتبة الإسكندرية القديمة الإسكندر الأكبر قبل ألفي عام لتضم مجموعات نادرة من المخطوطات العلمية، بينها أعمال هوميروس، ومكتبة أرسطو. وقد أمر بطليموس الأول بإنشائها عام 330 قبل الميلاد، واحتوت المكتبة على عدد هائل من الكتب والمخطوطات فاق 700 ألف مصنف. وتعرضت المكتبة في عام 48 قبل الميلاد إلى حريق من قبل يوليوس قيصر، كما تعرضت لتدمير من قبل الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول في عام 391 ميلاديا.

وكان المشروع الطموح الذي رعته الأمم المتحدة عبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) في عام 2002 أحد أهم المشاريع لإعادة الحياة لهذا الصرح الثقافي والتاريخي المهم.

متحف الإسكندرية القومي: تعتبر المقتنيات النفيسة في متحف الإسكندرية القومي شاهدا على المسار التاريخي الذي مرت به المدينة، التي تحتوي على آثار إسلامية وأعمدة وبقايا معابد فرعونية وإغريقية ورومانية، ويضم المتحف نحو 1800 قطعة أثرية تشمل جميع العصور، وخصص أحد الأدوار للحضارة الفرعونية، وآخر للحضارتين الرومانية واليونانية، كما خصص الطابق الأول للحضارتين القبطية والإسلامية.

المسرح الروماني: تم اكتشاف هذا المسرح الذي يرجع للقرن الرابع الميلادي، في عام 1960، ويقع في منطقة (كوم الدكة)، وظل مستخدما حتى منتصف القرن السابع الميلادي، والمسرح يمثل دليلا على عمق الحضارة التي كانت سائدة في هذه المنطقة، ويتكون المدرج الروماني من 13 صفا من المدرجات الرخامية مرقمة بحروف وأرقام يونانية لتنظيم عملية الجلوس، أولها من أسفل من الغرانيت الوردي المكون من الأحجار، وهو المبنى الدائري الوحيد بين آثار مصر الرومانية، ويتسع لعدد 600 شخص.

المتحف اليوناني الروماني: يحتوي هذا المتحف على مجموعات أثرية نادرة من العصور الرومانية واليونانية والفرعونية القديمة، وقد أنشئ هذا المتحف عام 1895، وافتتحه الخديو عباس حلمي الثاني، ويحتوي المتحف على 25 قاعة تضم أهم المقتنيات الأثرية، وبينها تماثيل التناغرا، وعجل أبيس. كما يحوي المتحف مجموعة نادرة من العملات الذهبية النادرة، ورأس الإسكندر الأكبر من الغرانيت الأحمر وبعض التماثيل البرونزية ومومياوات من العصر الفرعوني، وبعض الأواني الفخارية التي ترجع للعصر البطلمي.

قلعة قايتباي: كما تضم الإسكندرية معلما بارزا هو قلعة قايتباي، حيث تعد هذه القلعة التي شيدت في القرن الخامس عشر واحدة من الآثار الإسلامية في الإسكندرية، وتقع في الطرف الشمالي بمدخل الميناء في موقع فنار الإسكندرية القديم، وهي قلعة تعود للعصر المملوكي، وتختزل فنون العمارة الحربية ذات التحصينات الدفاعية.

وكذلك عمود السواري الذي يقع في منطقة أثرية بحي كرموز الشعبي، وهو مشيد من الغرانيت، ويبلغ ارتفاعه 25 مترا، وأقيم وسط آثار السيرابيوم عام 297 ميلاديا تخليدا لذكرى الإمبراطور دقلديانوس.

بالإضافة لمتحف المجوهرات الملكية الذي يضم مجموعة مجوهرات أسرة محمد علي ومتحف حسين صبحي للفنون الجميلة، ومركز محمود سعيد للمتاحف، ومتحف كفافيس، ومتحف البرديات، ومتحف حسين صبحي، ومتحف الموزاييك.

كذلك توفر الإسكندرية مكانا لتذوق الفن الحديث، فهي تمتلك دار أوبرا الإسكندرية، أو مسرح سيد درويش الذي بني في عام 1918 وتم افتتاحه في عام 1921 ليصبح فيما بعد مسرح الاحتفالات الرئيسي في الإسكندرية.

ويجد السياح الذين يقصدون الإسكندرية في معالمها الحضارية وفي الأماكن الثقافية والفنية مناسبة لتذوق التاريخ والحضارة التي كانت سائدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وألهمت الحضارات العالمية.

* دع التاريخ يكون رفيق إقامتك في الإسكندرية

* يعتبر فندق الفورسيزونز، الذي يقع وسط مدينة الإسكندرية المصرية، بمنطقة سان ستيفانو، أبرز فنادق الخمس نجوم في المدينة الساحلية، التي يمتد تاريخها لأكثر من 23 قرنا، وعلى الرغم من الطابع العصري الحديث للفندق، الذي يستلهم من التصميم الأوروبي الفاخر نمطا لديكوراته الداخلية، فإن الفندق يتربع فوق تراث تاريخي تنبض به المدينة المصرية القديمة على البحر المتوسط، منذ أسسها الإسكندر المقدوني.

يجمع فندق الفورسيزونز، بين ما يرمز له من تاريخ، وكونه يقع في منطقة كانت تتميز بسكن النخبة المصرية، من أبناء العائلات الملكية ونجوم المجتمع، وبين التصميم الأوروبي الأنيق الذي يستمد من البحر والسماء والرمال مصدرا للإلهام، بلمسات المصمم الفرنسي «بيار إيف روشون». ويتصل الفندق بكورنيش الإسكندرية الذي يمتد من أبي قير شرقا مرورا بمنطقة المعمورة والمنتزه حتى مركز ومدينة برج العرب غربا.

شيد الفندق في منطقة سان ستيفانو التاريخية، على أرض كانت قصرا للكونت زيزينيا، وقد تم بناء فندق مكان القصر في عام 1930 يحمل اسم فندق سان ستيفانو، وأعيد بناؤه مرة أخرى في عام 1960، ثم أغلق في وقت آخر وبيع لشركة عقارات محلية، وبني مكانه فندق باسم سان ستيفانو غراند بلازا، وفي يوليو (تموز) 2007 افتتح فندق فورسيزونز كأحد أبرز المعالم السياحية في الإسكندرية، وهو الفندق الرابع لمجموعة الفورسيزونز في مصر، ويشتمل على مجمع فندقي وسكني (شقق سكنية) ومركز تجاري (مول) يضم عددا من الماركات العالمية، ويحتوي على أكثر من 200 متجر، ومجمع للمطاعم والسينما يضم عشر صالات، ويضم مجمع السان ستيفانو مركزا للمؤتمرات وصالات لعقد الاجتماعات والمناسبات، تتضمن قاعة احتفالات كبري تتسع لنحو 900 ضيف ويتم الدخول إليها من خلال مدخل خاص. كما يضم الفندق شاطئا رمليا يتصل بالفندق عبر ممر تحت الأرض، يضم مقهى ومطعما ويوفر استراحة للنزلاء على الرمال والشاطئ، ويستكمل الفندق مشروعه بتشييد مشروع لشاليهات ومرسى للقوارب.

وتقول سارة نبيل، مديرة العلاقات في الفندق، إن الفندق يمتلك مشروعا طموحا لتحويل الشاطئ الذي يطل عليه إلى واحد من أكثر مراكز الترفيه السياحي في الإسكندرية. وتملك إدارة الفندق مشروعا يتجه لإنشاء لسان بحري مدفون يساهم في توفير مساحة لبناء مجموعة من الفيلات والشاليهات وحمامات السباحة والملاعب والكبائن. ويضم المشروع 22 فيلا سكنية وبناء 40 شاليها و60 كابينة، بالإضافة لملاعب التنس والمسابح والمطاعم المطلة مباشرة على البحر، ومن شأن هذا الاستثمار أن يجعل من منطقة السان ستيفانو أكثر المناطق جذبا للسياحة في الإسكندرية، التي تستقبل سنويا أكثر من 3 ملايين سائح.

تصميم غرف الفندق وأجنحته وصالات الاستقبال تميل للذوق الأوروبي المستمد من هوية البحر الأبيض المتوسط، وهو يكسي الأجنحة بلمسات فريدة عرفتها الإسكندرية. ويضم الفندق مجموعة من الأجنحة الملكية، ومقهى ومنتجعا صحيا، ويوفر 118 غرفة فندقية تضم 31 جناحا فخما، تطل معظمها على بركة السباحة وعلى البحر، كما يضم منتجعا صحيا من طابقين بهما 14 غرفة للعلاج، كل منها مزود بالساونا وغرفة البخار، والجاكوزي ومركز للياقة، ويقدم النادي الصحي مجموعة من العلاجات الطبيعية للعناية بالجسم والوجه والتدليك، ويوفر مركز اللياقة البدنية المجاور للمنتجع الصحي، صالة ألعاب للرجال وأخرى منفصلة للسيدات، وملعب اسكواش.

وبالنسبة لزوار الإسكندرية فإن الفندق يوفر ملاذا فخما للمصطافين الذين يبحثون عن سكن فخم بالإضافة للخدمات الترفيهية والتسويقية والمطاعم وصالات السينما.

* للوصول إلى الإسكندرية

* بدأت شركة «طيران الخليج» الناقلة الوطنية لمملكة البحرين في تسيير خط جديد لنقل المسافرين إلى مدينة الإسكندرية المصرية، في رحلة مباشرة بمعدل خمس رحلات أسبوعيا من البحرين. وقالت الشركة إنها بدأت رحلات طيران الخليج لمدينة الإسكندرية المصرية يوم 22 يونيو (حزيران) الماضي، حيث تسير الشركة رحلاتها إلى الإسكندرية بمعدل 5 رحلات أسبوعيا، وهي أيام الاثنين والثلاثاء والخميس والجمعة والسبت.

بالإضافة إلى مدينة الإسكندرية، أطلقت شركة «طيران الخليج» رحلاتها أيضا إلى مدينتي حلب السورية وصلالة العمانية.