أبوظبي تعكس معادلة «الصيف» وارتفاع درجات حرارة

7 جزر مكيفة تستقطب سياحا من دول الخليج ومن دول العالم

من نشاطات المهرجان في «مركز أبوظبي الوطني للمعارض» («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد مستحيلا في منطقة الخليج أن يتم التسويق لسياحة عالمية في درجات حرارة تصل إلى الخمسين درجة مئوية، وبينما هناك عشرات الآلاف من المواطنين الخليجيين يغادرون هذه البقعة الأكثر سخونة حول العالم للبحث عن مكان أقل حرارة، تجد عاصمة خليجية، كما تفعل أبوظبي حاليا، في هذه الحرارة أفضل الأجواء المناسبة من أجل استقطاب السياح، من داخل المنطقة، بل ومن أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، لقضاء أفضل الأوقات، حتى ولو كانت في درجة حرارة تفوق الخمسين درجة مئوية، عبر برنامجها الصيفي السنوي «صيّف في أبوظبي».

صحيح أن جذب سياح في هذه الدرجة العالية ليس مستحيلا، ولكن أيضا تنظيم فعاليات بمستوى عالمي ليس بالأمر الهين، لذلك فإن مهرجان أبوظبي الصيفي استغرق إعداده أشهرا من التخطيط والتصميم وجهود 22 خبيرا مختصا في مجال تنظيم الفعاليات، و7000 ساعة عمل بمشاركة 200 نجار وتقني وفنان من سنغافورة وماليزيا والصين والإمارات، عملوا فقط للتجهيز لانطلاق المهرجان الذي بدأ في الأول من يوليو (تموز) الحالي، وسيمتد هذا الكرنفال العائلي المشوق على مدى 6 أسابيع، وسيكون برنامجه حافلا بالمرح والأنشطة المتنوعة التي تناسب الفئات العمرية كافة.

هذا الحدث السياحي العملاق، يفتح أبوابه طيلة أيام الأسبوع من الساعة 2 ظهرا حتى 10 ليلا، باستثناء يومي الجمعة والسبت، إذ يفتح بين الساعة 2 ظهرا ومنتصف الليل. ويحفل المهرجان بنخبة من المؤدين المهرة يزيد عددهم على 200 شخص من 12 بلدا حول العالم، هي الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وجمهورية التشيك، وبولندا، وروسيا، وأستراليا، وماليزيا، وسنغافورة، وهونغ كونغ، وجنوب أفريقيا بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة.

ويبذل 150 شخصا من منظمي الفعالية والتقنيين وطلاب الجامعات والمتطوعين، قصارى جهدهم للحفاظ على زخم المهرجان طيلة أيامه الـ46.

ومع استمرار فعاليات المهرجان في دورته الثانية هذا العام، يواصل هذا الكرنفال السنوي تطوره ليصبح، كما يأمل منظمو المهرجان، واحدا من أهم عوامل الاستقطاب العائلية على أجندة فعاليات دول مجلس التعاون الخليجي. بحيث يكون مهرجان هذا العام أكبر وأوسع أفقا وأغنى عروضا من دورته الافتتاحية العام الماضي التي حصدت آنذاك كثيرا من الجوائز الإقليمية.

ويقول أحمد حسين، نائب المدير العام للعمليات السياحية في «هيئة أبوظبي للسياحة»، التي تنظم مهرجان «صيّف في أبوظبي»: «نعتقد أن هذا المهرجان سيكون تجربة مذهلة للزوار والمقيمين على حد سواء». وأضاف: «يضم المهرجان أنواع الأنشطة الترفيهية كافة، إن يكن على صعيد الثقافة أو التشويق أو المغامرة أو الرياضات الممتعة، التي تناسب جميع أفراد العائلة. وهو حدث نتوقع أن يدفع الزوار على العودة إليه مجددا».

وتقام معظم نشاطات المهرجان في «مركز أبوظبي الوطني للمعارض» مع تحويل سبع قاعات مكيفة إلى جزر فريدة حافلة بالنشاط.

وحال عبورهم بوابة «الصيف» العملاقة التي تمتد على مسافة 28 مترا وارتفاع 8 أمتار عند مدخل «مركز أبوظبي الوطني للمعارض»، يدخل الزوار إلى ساحة الحديقة المركزية المحاطة بأسوار من العشب المزدان بالأزهار المتفتحة، التي تنتصب في وسطها أرجوحة بهلوانية يبلغ ارتفاعها 10 أمتار. ويؤدي فنانون عالميون من عرض «فلاينغ ترابيز أستراليا» الشهير حركاتهم البهلوانية مرتين كل مساء خلال أيام الأسبوع العادية، وثلاث مرات خلال أيام الجمعة والسبت. كما يتم في نهاية العرض دعوة أشخاص من الجمهور للمشاركة في دروس آمنة بالتأرجح البهلواني تحت إشراف نجوم الحفل. بينما يدخل الزوار بعد مغادرتهم الساحة إلى جزيرة العلوم والتكنولوجيا ليقعوا في شباك علم الخدع البصرية، حيث سيتعلمون مثلا كيف يمكنهم تقديم رؤوسهم على طبق كبير! وفي هذه الجزيرة، سيتمكن الزوار من استكشاف الموسيقى والألعاب التقنية، بما فيها جلسات تفاعلية في لعبة «ليغو مايندستورمز» (Lego Mindstorms).

أما في جزيرة الرياضة، فيمكن للباحثين عن التشويق والإثارة أن يختبروا كثيرا من التحديات كالمصارعة «جلادييتر»، و«زورباول»، والتزلج على الماء، والارتطام، وقفز البنجي والرماية بالقوس.

وتحفل جزيرة الترفيه بالعروض الشيقة التي تبدأ على رأس كل ساعة لمسرح الدمى الإنجليزي «يو في غروفي»، وهو عرض مسرحي بصري للدمى المتحركة المضاءة وسط الظلام. كما ستعرض السينما التفاعلية 10 عروض كل ساعة، فضلا عن 6 أفلام قصيرة في سينما الأبعاد الرباعية التي تمنح المشاهدين إحساسا بالمشاركة في قلب الأحداث.

أما جزيرة الثقافة والتراث، فهي تمثل حدثا كبيرا يجمع ثقافات متباينة من شتى أصقاع الأرض. وسيتعرف الزوار على تقاليد الثقافة الإماراتية العريقة وعادات سكان أميركا وأستراليا الأصليين وقبائل الزولو من جنوب أفريقيا من خلال عروض الرقص والموسيقى التي تقدمها أفضل الفرق الخاصة في هذه الأمم.

وتتوجه جزيرة المغامرات لأصحاب القلوب الجريئة، حيث تضم كثيرا من النشاطات وورش العمل والألعاب والمنافسات التي سيختبر فيها الزوار مغامرات الانزلاق والتسلق بواسطة الحبال، وارتقاء الجدار الصخري، ودخول العالم الشجاع لمستكشفي الأدغال، وذلك في إطار من البيئة الطبيعية وأصوات البرية.

وسيتوج مهرجان «صيّف في أبوظبي» بعرضين عالميين هما «سيرك فريج» والعرض المذهل «سحر على الجليد». ويتسع السيرك الذي سيقام في خيمة مكيفة لأكثر من 1200 شخص في موقف سيارات المدخل الرئيسي لمركز أبوظبي الوطني للمعارض، حيث سيحفل بعروض مميزة للنمور والفيلة والكلاب، فضلا عن استعراض المهرجين والحركات البهلوانية للاعبي الأكروبات على الأسلاك العالية وعروض الرقص الرائعة من البرازيل والأداء المميز لأبطال العالم الكولومبيين في فنون التأرجح. ويمتد السيرك من 7 يوليو (تموز) إلى 15 أغسطس (آب) بعرضين مساء كل يوم من الساعة 6 ـ 6:45 ومن الساعة 8 ـ 9.45 مساء. وتتوافر تذاكر الحضور في «مركز أبوظبي الوطني للمعارض» وخيمة السيرك، حيث تباع بمبلغ 125 درهما إماراتيا للمقاعد الأمامية. أما تذاكر بقية المقاعد، فتباع بسعر 100 درهم للكبار و50 درهما للصغار دون سن 12.

أما عرض «سحر على الجليد»، فسيبدأ اعتبارا من أول شهر أغسطس (آب) بصورة يومية في الساعة 8 مساء باستثناء يوم 9 أغسطس (آب)، والذي سيصادف عطلة رسمية. ويعد هذا العرض السحري الحدث الأجمل والأول من نوعه الذي يقام على الجليد في العالم، وسوف يستمر على مدى 60 دقيقة في صالة التزلج بمدينة زايد الرياضية.

وسيحمل هذا العرض الناجح من ستيف ويلر الجمهور إلى الأجواء الغامضة لعالم السحر. حيث سيتم تقديم العرض الأصلي الحائز على عدة جوائز، الذي يجمع بين أناقة وجمال التزلج على الجليد، والسحر الغامض لفن الإيهام والخدع البصرية، فضلا عن مهارات الفنون الأدائية. وينم العرض، الذي يضم 18 نجما، عن قدرات أداء عالية دفعت صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية إلى وصفته بأنه «عرض مذهل يحبس الأنفاس». وكان العرض قد لاقى استحسانا عالميا لتصاميمه المبتكرة في فن الخدع البصرية وفنونه الفريدة في الأداء.

وعلق فيصل الشيخ، رئيس قسم الفعاليات في هيئة أبوظبي للسياحة: «نتوقع لهذا البرنامج العالمي الرائع أن يرسي معايير رفيعة جديدة للمهرجانات العائلية في المنطقة، إذ نسعى من خلال مهرجان «صيف في أبوظبي» إلى التميز في مجال النشاطات الترفيهية التثقيفية وتوفير تجربة توفر المتعة لكل واحد من أفراد الأسرة بلا استثناء».

ويتوقع منظمو الكرنفال العائلي الضخم «صيّف في أبوظبي»، بأن يكسر مهرجان هذا العام رقم الحضور للعام الماضي والبالغ 130 ألف زائرا، لا سيما أن المؤشرات تدل على حضور للفعاليات وصل عدده إلى ما يقارب 35 ألف زائرا خلال الأحد عشر يوما الأولى من المهرجان.

ويعود فيصل الشيخ، للقول: «لقد أثبتت ليلة الجمعة وصولها للذروة في عدد الزوار الذي بلغ 3400 زائر ملأوا مركز أبوظبي الوطني للمعارض من أجل مشاهدة عروض مدهشة لنحو 200 عارض من 11 بلدا».

وتابع الشيخ قائلا: «هؤلاء الأطفال الذين طاروا فوق الأرجوحة أصبح لديهم خبرة مدى العمر، ومن المؤكد أنهم سيبحثون عن طرق لزيادة قدراتهم».

وأضاف أنه «أمر رائع أن نرى طيفا عريضا من الزوار من مختلف الأعمار الذين تابعوا الفعاليات ومقدار المتعة التي حققوها، ولقد شاهدت أطفالا بحدود السنتين من العمر وهم يتفاعلون مع رقصات فرق الهنود الحمر وقبائل الزولو الأفريقية وسكان أستراليا الأصليين في جزيرة الثقافة والتراث، مرورا بآباء في الخمسين يتسلقون «البارفان» فيما يتلقون التشجيع من أبنائهم، إنها حقا متعة تجمع العائلة معا».

وكانت العروض الأكثر جذبا الفرقة الأسترالية للتأرجح البهلواني، التي لم تقدم فقط ما يحبس الأنفاس من العروض، بل أسهمت أيضا في تدريب بعض الفتيان على فن التأرجح ومنحتهم الفرصة لاختبار مهاراتهم تحت ظروف آمنة ووفق إرشاد منهم.

أما العروض الأخرى التي كانت حاضرة بقوة في الكرنفال الذي يمتد حتى الخامس عشر من شهر أغسطس (آب) المقبل فهي السينما ذات البعد الرباعي، حيث يشعر المشاهد بأنه جزء من الفيلم، وهناك أيضا جلسات العصف الفكري للوغو، حيث يستطيع الأطفال بناء روبوتهم الخاص وإجراء مسابقات مع الروبوتات الأخرى على طريق مقام لهذا الخصوص، وهناك فرصة أيضا للفتيان من أجل ركوب الأمواج ضمن ناقلة مائية عملاقة والتزلج على المياه، وكل هذه العروض تقام ضمن خمس جزر داخل سبع قاعات مكيفة بالكامل تمثل: الثقافة والتراث، والترفيه، والعلوم والتكنولوجيا، والرياضة والمغامرات.