البحر المجنون يكشف عن مديرا البركانية

جوهرة الأطلسي البرتغالية

تشتهر مديرا بشواطئها الخلابة النظيفة («الشرق الأوسط»)
TT

رغم الانتماء إلى البلد نفسها، فإن أهل جزيرة مديرا الذين يقيمون في العاصمة البريطانية لندن وجلهم في منطقة لامبث، يختلفون كثيرا عن البرتغاليين الذين يقطنون شمال لندن ومنطقة بورتوبيلو القريبة من كوينز واي. وهذا الاختلاف الخاص بالتقاليد وبعض العادات والمآكل هو نفسه بين جزيرة مديرا والداخل البرتغالي، كما هو الحال دائما بين الجزر والوطن الأم، التي تشبه العلاقة بينهما هويات متقاطعة متناغمة ومتنافرة في نفس الوقت.

ولا عجب، إذ إن الجزيرة الأطلسية الجميلة والمعروفة أقرب إلى أفريقيا والمغرب منها إلى أوروبا والبرتغال اللتين تمنحانها هويتها الثقافية والتقليدية واللغوية والسياحية والقانونية منذ 600 سنة.

الجزيرة الرائعة عبارة عن أرخبيل من الجزر يعرف منها بورتو سانتو وجزر ديزيرتاس الثلاث وجزر سافيج الشمالية والشرقية والتابعة إلى محافظة مديرا المستقلة نسبيا عن العامة برشلونة.

وتبعد الجزيرة الجبلية المتنوعة التي تعتبر جوهرة سياحية من جواهر المحيط الأطلسي الهائل والعاتي أحيانا وتتمتع بأحوال جوية طيبة وحارة نسبيا على مدار السنة، أو بكلام آخر استوائية محيطية مستقرة ومعتدلة، إذ إنها لا تبعد أكثر من 360 ميلا عن المغرب و230 ميلا عن جزر الكناري و535 ميلا عن العاصمة البرتغالية لشبونة و480 ميلا عن جزر الازور الرائعة أيضا. ولأنها تعتبر أيضا من الجزر الشهيرة والغنية نسبيا ومنذ زمن طويل وتحظى بمعدل عال من السياح الأجانب سنويا، تتمتع بخدمات ممتازة على المستوى الأوروبي. فهي تقدم أفضل ما يمكن أن تقدمه البرتغال وأوروبا معا، وفيها مطاعم ممتازة وبلداتها رائعة وجميلة المعمار وشوارع بعض أحيائها مرصوفة بالحجارة والفسيفساء. كما أن مدن الجزيرة كالعاصمة فنشال وكمارا دي لوبوس وماشيكو وسانتانا وفيلا باليرا نظيفة ومريحة من ناحية التنقل والفنادق وغيره من المعالم السياحية. وتعرف الجزيرة بمطرزاتها ولحومها المجففة وأسماكها وزهورها وثروتها النباتية والطبيعية التي تعتبر الأهم في الأطلسي وأوروبا. كما تعتبر العاصمة فنشال ويعني اسمها «شومر» نسبة إلى نبتة الشومر المنتشرة بكثرة فيها، همزة الوصل بين العالم الأوروبي وجزر الكناري وبالتالي الكاريبي وغيره. كما تعرف الجزيرة بمهرجان الألعاب النارية السنوي (عيد رأس السنة) الذي يعتبر الأكبر في العالم. وتشكل السياحة في مديرا ما نسبته 20 في المائة من مداخيل الجزيرة الخارجية، والمطاعم والفنادق ما لا يقل عن 10 في المائة، مما يجعل الجزيرة مكانا سياحيا من الطراز الأول. وعادة ما تستقطب الكثير من السياح البريطانيين والألمان والسويديين والهولنديين بالإضافة إلى البرتغاليين أنفسهم ومن شتى المناطق. وأهم ما في الجزيرة طبعا هو حدائقها النادرة والرائعة التي تشتهر في جميع أنحاء العالم لما تضمه من أنواع نادرة من الطيور والنباتات والأزهار والأشجار. وتنتشر الحدائق المعروفة بـ«جارديم بوتانيكو دا مديرا» على مساحة تصل إلى 80 ألف متر مربع وفيها حوالي 2500 نوع من أنواع النباتات. كما تتمتع الحدائق بموقع ممتاز في المسرح القديم للعاصمة فنشال. وقد تم تأسيس الحدائق عام 1960 وبعد سنوات طويلة من الأحلام والمخططات التي بدأها كل من ثيودور فوغول وكاستيلو دي بافيا في القرن الثامن عشر بسبب تربتها البركانية الخصبة. وكما هو معروف، فإن الجزيرة التي يعني اسمها «الخشب» في اللغة البرتغالية، كانت قديما عبارة عن غابات استوائية أشبه بغابات الأمازون، إلى أن وصل واكتشفها الأوروبيون وغيرهم وبدأت تستخدم مستقرا للهاربين من جنون البحر. ولهذا لا توجد أي آثار حاليا للغابات في الجنوب بعد أن عمل السكان والمستعمرون الجدد ومنذ سنوات طويلة على حرق الأشجار لخلق مساحات وأراض للاستصلاح الزراعي وتربية الماشية وغيرها. لكن المناطق الشمالية لا تزال غنية جدا بهذه الغابات التي اعتبرتها منظمة اليونسكو مناطق من التراث الإنساني لا بد من حمايتها والحفاظ عليها. وتقول المعلومات المتوفرة، أن المؤرخ بليني ذكر الجزيرة قديما على أنها الجزر الليلكية وجاء ذكرها أيضا عام 72 قبل الميلاد من قبل القائد البرتغالي كوينتوس يسرتوريوس.

تاريخ الجزيرة الحديث كما تشير كثير من التفاصيل الموثقة، هو تاريخ الأفراد الذين لجأوا إلى الجزيرة في القرون الوسطى إما عن طريق الخطأ أو عن طريق الصدفة ودون معرفة بالمكان، فقط رمتهم الأمواج العاتية على شواطئها واستقروا هناك أو كتبوا عنها قبل أن يبدأ استغلالها زراعيا وعسكريا أيام الإمبراطوريات الأوروبية المختلفة، من البرتغال إلى بريطانيا التي حكمتها عدة سنوات.

وفيما يقال إن البحارة البرتغاليين اكتشفوها بين عامي 1418 و1420، فإن بعض البحارة الإيطاليين عرفوها قبل ذلك، كما يعرف أن مدينة ماشيكو تحمل اسم روبارت ماشيم البريطاني الأصل. وكان ماشيم وعشيقته انا دي آرفيت الهاربان من إنجلترا أيام حكم الملك ادوارد الثالث باتجاه فرنسا قد انتهيا على شواطئ الجزيرة بعد عاصفة هوجاء عام 1346. وكان الموقع الذي عاش فيه العاشقان موقع المدينة الحديثة المعروفة الآن. مهما يكن فقد تم إرسال مستوطنين برتغاليين وبأمر ملكي، لاستغلال الجزيرة السنة التالية على اكتشاف البحارة البرتغاليين لموقع بورتو سانتو الذي يعني اسمه الـ«مرفأ المقدس». وأول ما ظهر اسم الجزيرة كمديرا في الوثائق والخرائط الرسمية، كان عام 1433، أي بعد 14 سنة من اكتشاف الجزيرة. وخلال فترة وجيزة كانت الجزيرة مصدرا هاما للثروة السمكية والخضار وزراعة القمح للوطن الأم وجيوش الملوك والنبلاء. وبعد انحسار إنتاج القمح في الجزيرة بدأ استغلالها لزراعة قصب السكر وإنتاج السكر بشكل عام الذي كان نادرا في أوروبا في تلك الأزمان. ولهذا السبب وصلت نسبة العبيد من عدد السكان إلى أكثر من 10 في المائة في القرن السادس عشر.

وركز البرتغاليون وبعض أبناء جنوا على استغلال قصب السكر حتى القرن السابع عشر. ومنذ ذلك الحين انتقلت صناعة السكر إلى البرازيل، وبدأت الجزيرة بالاعتماد على عدد أكبر من المواد والزراعات الأخرى وإنتاج النبيذ الذي كان يعتبر الأغلى والأفضل في أوروبا الغربية والشمالية في القرنين الثامن والتاسع عشر. ونتيجة الحروب النابليونية آنذاك أصبحت الجزيرة تحت السيطرة البريطانية عام 1807 ولم تدم هذه السيطرة سوى سبع سنوات تم بعدها إعادة الجزيرة إلى الحظيرة البرتغالية. أهم فنادق مديرا: ـ فندق « بيستانا كارلتون مديرا» (Pestana Carlton Madeira) ـ العنوان: Largo Ant?nio Nobre, 9000 ـ 531 Funchal (Madeira) ـ من فئة 5 نجوم ـ عدد الغرف: 280 غرفة ـ جزء من سلسلة من الفنادق ـ ابتداء من 100 يورو لليلة الواحدة. هذا الفندق من أهم الفنادق الكبيرة والجميلة في الجزيرة، وقد تمت إعادة تأثيثه عام 2006 أي قبل ثلاث سنوات فقط. ويقع الفندق على إحدى تلال العاصمة فنشال المطلة على الأطلسي ولا تبعد أكثر من عشر دقائق عن وسط المدينة. يتميز الفندق بخدماته الممتازة والمتعددة سواء كانت من ناحية المآكل أم حمامات السباحة أم تجهيزات الغرف الحديثة.

فندق «تيفولي مديرا» (Tivoli Madeira) – العنوان: Rua Simpl?cio dos Passos Gouveia, 29, 9004 ـ 576 Funchal ـ من فئة 5 نجوم ـ عدد الغرف: 317 غرفة ـ ابتداء من 79 يورو لليلة الواحدة. أحد أهم الفنادق الضخمة والفاخرة التي تتخذ من وسط العاصمة السياحية مقرا لها بالقرب من الشاطئ. ولا يبعد الفندق عن مطار الجزيرة الرئيسي أكثر من نصف ساعة بالسيارة، وهو قريب جدا من الوسط التجاري أيضا.

ـ فندق «ذا كليف باي» (The Cliff Bay) ـ العنوان: Estrada Monumental, 147, 9004 ـ 532 Funchal (Madeira) ـ من فئة 5 نجوم ـ عدد الغرف: 200 غرفة ـ ابتداء من 110 يوروات لليلة الواحدة. فندق آخر من الفنادق الفاخرة والممتازة التي تمنح السائح إقامة طيبة وممتازة وتجربة لا تعوض. إذ إن الفندق تحفة معمارية وسياحية مع خدمات قل نظيرها في الوسط التجاري المرتفع والمطل على المحيط. ويتمتع الفندق بمحيط رائع من الأشجار والحدائق التي يتعذر وجودها في مكان آخر. وهناك حمام سباحة خارجي في الفندق يمكن السائح من التمتع بالمناظر الخلابة والاسترخاء. كما يضم الفندق مطعما ممتازا والكثير من الخدمات الصحية مثل السبا والجاكوزي والتدليك وغيره.

ـ فندق «مياليا مديرا مار» (Meli? Madeira Mare) ـ العنوان: Rua De Leichlingen, 9004 ـ 566 Funchal (Madeira) ـ من فئة 5 نجوم ـ عدد الغرف: 220 غرفة ـ ابتداء من 120 يورو لليلة الواحدة. فندق آخر من الفنادق المرتفعة المطلة على البحر والقريبة من الوسط التجاري في العاصمة فنشال. ويعتبر الفندق أحد أهم النقاط السياحية في المدينة حيث يضم على الأقل ثلاثة حمامات سباحة ومركزا للتدريب الرياضي وقاعة للاحتفالات والرقص تتسع لحوالي 300 شخص. وفضلا عن الحدائق الجميلة يضم الفندق الكثير من الخدمات الخاصة بالاسترخاء والصحة ومنها أيضا مطعم لتقديم الطعام على مدار الساعة. كما يساعد الموظفون والعاملون في الفندق الزبائن والسياح للحصول على أفضل الخدمات والعثور على مبتغاهم سواء كان استئجار سيارة أو العثور على طبيب وغيره من الأمور الملحة.