هل نقول وداعا للدرجة الأولى في الطائرات؟

تراجع الطلب على الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال في الرحلات الجوية

المسافرون يتحولون الى الدرجة السياحية بسبب ارتفاع اسعار التذاكر («الشرق الأوسط»)
TT

قبل أن يحدث الركود الاقتصادي، كانت شركات الطيران تقوم بحماس بتقديم أسباب الراحة للركاب الذين يدفعون أكثر. وكانت كبائن الدرجة الأولى وكبائن رجال الأعمال تقدم أطعمة عالية الجودة، وكان يوضع داخل الكبائن مقاعد من تلك التي يمكن أن يتم تحويلها إلى أسرة للنوم. ولكن، مع الأثر الذي خلفه الاقتصاد على الرحلات الجوية، كان على شركات الطيران التفكير مجددا في المنحى الذي تتبعه في هذا الصدد. وتقوم بعض شركات الطيران، مثل «يونايتد» و«كانتاس»، بتبني أو دراسة مفهوم موسع يطلق عليه «اقتصادي إضافي»، وفيه مساحة أفضل لبسط القدم وأسباب للراحة، ويقع ما بين سعر الدرجة الاقتصادية ودرجة رجال الأعمال. وعلى الرغم من تراجع عدد المسافرين الذين يستخدمون مقاعد الدرجة الأولى، فإن عوائدهم تعد شيئا مهمّا بالنسبة لشركات الطيران التي تشهد عوائدها وأرباحها ورحلاتها تراجعا مضطردا. ويقول بيتر موريس، الاقتصادي البارز في لندن الذي يعمل لصالح شركة استشارات الطيران «أسند وورلد وايد»: «خلال زيادة درجاتها الإضافية، تبني شركات الطيران لنفسها قلعة في الجو لا تتسم بالاستقرار.. وما لم تستمر دنيا العمل في توسيع احتياجاتها لهذه الخدمات، فإن القلعة سوف تتحطم إلى حد ما».

ويضيف: «مع التخفيضات في ميزانيات السفر داخل المؤسسات، هناك رغبة أقل كثيرا لدفع ما يصل إلى ثمانية أضعاف الأجر خلال المسافات الطويلة لمساحة القدم الإضافية التي تقدم لدرجة رجال الأعمال». وفي آخر توقع عالمي صدر الأسبوع الماضي، توقعت رابطة النقل الجوي الدولية أن شركات الطيران في مختلف أنحاء العالم سوف تفقد 11 مليار دولار هذا العام ويزيد هذا الرقم بمقدار أكثر من ملياري دولار على توقعاتها في يونيو (حزيران). وتقول الرابطة إن مما سيسهم بدرجة كبيرة في هذه الخسارة تراجع نسبته 20 في المائة في عدد ركاب الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال. ووجدت الرابطة أن الطيران الإضافي في رحلات شمال الأطلسي أقل بنسبة 15.8 في المائة خلال الأشهر السبعة الأول من عام 2009 مقارنة الفترة نفسها من عام 2008 فيما كان الطيران الإضافي عبر المحيط الهادي أقل بنسبة 26.6 في المائة خلال الأشهر السبعة الأول من العام الحالي مقارنة بعام 2008. وتضع شركات الطيران رسوما كبيرة على الجلوس في مقدمة طائرة. ويمكنك دراسة الأسعار التي تضعها شركة «يونايتد آيرلاينز» على رحلة الذهاب والعودة بين مطار أوهار إنترناشيونال في شيكاغو وهونغ كونغ. وتبلغ رسوم مقعد الطبقة الاقتصادية 810 دولارات، مقابل 8770 دولارا لمقعد درجة رجال الأعمال و17.524 دولارا لتذكرة الدرجة الأولى. ويبلغ السعر لما تسميه الشركة «اقتصادي بلاس» على هذه الرحلة 1.068 دولارا. ويقول «هنرى هارتفيلدت»، وهو مكتب للسفريات يعمل لدى «فورستر للأبحاث»، إن ركاب الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال على الرحلات الدولية لشركات الطيران يدرّون 30 في المائة أو ما يزيد من عوائد السفر. ويقدر كورين بنغ، وهو محلل طيران آسيوي يعمل لصالح «جي بي مورغان» في سنغافورة أن هؤلاء المسافرين يمثلون 40 في المائة من عوائد المسافرين في الخطوط الجوية «كاثي باسيفيك» و«سنغافورة»، بالإضافة إلى شركات أخرى. وعلى الرغم من أنه بدأت علامات تعاف في الاقتصاد العالمي في الظهور، فإن مسؤولين في قطاع الطيران ومحللين يقولون إنهم لا يتوقعون عودة من السفر الإضافي دوليا إلى المستوى السابق قريبا. ويقول موريس إنه يتوقع أن تدرس شركات الطيران إيجاد مزيد من المنتجات والخدمات بين الدرجة الأولى والدرجة الاقتصادية «لعكس الواقع الجديد، لا سيما بالنسبة للمسافرين التابعين لمؤسسات».

وأحد هذه الخيارات هو الاقتصادي الإضافي، الذي يصفه هارتيفلدت بأنه «أقل بمقدار النصف عن سعر درجة رجال الأعمال، ولكنه جيد وتكون فيه مساحة للقدم مثل تلك التي توفر في الدرجة الأولى».

وقد انتشرت الفكرة منذ فترة، وفي الولايات المتحدة ربما يكون الركاب أكثر إطلاعا على الفكرة في «يوناتيد» التي تقدم ما يصل إلى خمس بوصات إضافية لمد القدم على الرحلات الدولية والمحلية. وتنضم إلى ذلك شركات طيران أخرى، حيث تعرض «آير فرانس» وشركة الطيران الشقيقة «كي إل إم» خدمات الدرجة الاقتصادية الإضافية على الرحلات الطويلة. ويقول براين بيرس، هو اقتصادي بارز في رابطة الطيران الجوي الدولية، إن شركات الطيران الأخرى تدرس إعادة بناء الكبائن، ولكن «يعد ذلك شيئا مكلفا».

ويقول هارتفيلدت: «يقول تنفيذيو شركات الطيران إنه قد ولّى اليوم الذي كانت تذكرة رجال الأعمال تبلغ فيه 10.000 دولار، وفي بعض الحالات أسمع تنفيذيي شركات الطيران يشككون في أنه يمكنهم الإبقاء على الدرجة الأولى».

وقال توني تايلر، المسؤول التنفيذي الأول في «كاثي باسيفيك»، في مقابلة تليفونية إن شركته تدرس إدخال مقاعد اقتصادية على طائرات مثل 777 ـ 300 التي تعمل داخل آسيا بدلا من بعض مقاعد رجال الأعمال.

وفي مايو (أيار)، أوقفت «كونتاس» تقديم خدمة الدرجة الأولى في بعض الرحلات الطويلة حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول). وقال الرئيس التنفيذي ألان جويس، في حديث مع «ذي أستراليان» خلال يونيو (حزيران) إن شركة الطيران تدرس تقليل حجم درجة رجال الأعمال في بعض طائرات 16 A380 التي لديها بناء على طلب من «آير باص» وربما تزيد بعض مقاعد الدرجة الاقتصادية الإضافية. ويقول جون تاغو، نائب الرئيس التنفيذي في «يو آيه أل كوربوريشن»، وهي الشركة الأم لـ«يونايتد آير لاينز»، في حديث مع محللي قطاع الطيران: «سوف نرى أين سوف يستقر سفر المؤسسات بين الدرجة (الاقتصادية بلاس) على سبيل المثال، دوليا، ودرجة رجال الأعمال». ويقول دامين هورث، وهو محلل طيران لصالح «يو بي إس» في هونغ كونغ: «من المستحيل تقريبا أن تقوم شركات الطيران بتغيير المنتج، وسوف يعيدون التقييم خلال العام المقبل». ولكن، يقول بارس، الاقتصادي في رابطة النقل، إن المنافسة يمكن أن تمنع بعض شركات الطيران من تغيير خدماتها على الطائرة. ويضيف: «إذا كانوا يقدمون منتجا أقل من شركة منافسة، فسوف يخسرون عملاء».

* خدمة «نيويورك تايمز»