المدن المصرية تتأنق لتتألق

لتشجيع السياحة الداخلية والخارجية والتخلص من شبح الأزمة المالية

خطط جديدة لتحسين واجهات المباني في اشهر المدن المصرية («الشرق الاوسط»)
TT

يتجمل وسط القاهرة وعدة مدن أخرى في مصر، لاستقبال السياح من مختلف بقاع الأرض، في وقت تحاول فيه البلاد الفكاك من تأثير الأزمة المالية العالمية. وبالتوازي مع جهود يبذلها مسؤولو العاصمة لتحسين وجه المدينة الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، بدأت مدينة الإسكندرية المصرية على البحر المتوسط هي الأخرى في اتخاذ إجراءات صارمة تتماشى مع اختيارها عاصمة للسياحة العربية لعام 2010، إلى جانب الترويج لعدد من المدن السياحية الأخرى، خاصة في البحر الأحمر وأسوان والساحل الشمالي الغربي. وتهدف مثل هذه التحركات لتنشيط السياحة الأجنبية والعربية والداخلية أيضا.

ففي العاصمة القاهرة، أكد محافظها الدكتور عبد العظيم وزير، أن على الشركات القائمة على أعمال صيانة وتطوير العقارات ذات الطابع المعماري المتميز، بوسط المدينة، الالتزام الكامل بالمواصفات الفنية التي حددها جهاز التنسيق الحضاري، بحيث تستعيد هذه الأماكن التاريخية عبقها القديم لكن في ثوب عصري، حيث توجد في منطقة وسط المدينة ملامح تاريخية لعقارات يعود تاريخها لأوائل القرن التاسع عشر.

ودعا وزير شركة «المقاولون العرب» القائمة بأعمال تحديث واحد من أكبر شوارع المدينة، هو شارع رمسيس الشهير، إلى سرعة الانتهاء من أعمالها التي تتضمن طلاء المحلات الواقعة بالعقارات المميزة بلون واحد مع توحيد المظلات الموضوعة على واجهاتها، من حيث اللون والحجم.. ويجري بالتزامن مع هذه الأعمال تطوير شوارع منطقة «وسط البلد»، التي تزخر بالكثير من الأماكن المميزة، سواء من حيث المتاحف أو المقاهي أو دور المسرح والسينما، منها شوارع الجلاء وطلعت حرب وقصر النيل، وغيرها في ضواحي عابدين وغرب القاهرة والوايلي.

وتتعانق في هذه الأماكن تصاميم هندسية رائعة تجمع بين العمارة الأوروبية والشرقية. ويشمل مشروع العمل الذي تنفذه محافظة القاهرة إزالة التشوهات والإعلانات من على واجهات العقارات العريقة، والبدء في صيانتها وترميمها والرجوع بها إلى الأصل، مع إعادة تنسيق أسلاك الكهرباء، والتليفونات، والكابلات الخاصة بأطباق استقبال القنوات الأرضية. وتتركز الأعمال التي سيشعر زوار القاهرة بتغيرها إلى الأفضل في مناطق ميادين التحرير ورمسيس والأوبرا وعابدين. وستبدو المباني التاريخية القديمة المطلة على شوارع وسط المدينة وكوبري السادس من أكتوبر العملاق، كأنها مبان جديدة، ذات تنسيق جمالي يريح العين ويشرح النظر.

وتريد القاهرة أن تستقطب مزيدا من السياح، خلال فصل الشتاء خاصة من أوروبا، وبحيث لا يكتفي هؤلاء السياح الأجانب بزيارة الأماكن الأثرية في منطقة الأهرامات، وبعض المتاحف المنتشرة فيها، بل أن يشمل برنامج الزيارة التجول في العاصمة، والاستمتاع بالجلوس في المقاهي والمنتديات المنتشرة وسط الأماكن التاريخية في العاصمة. ولا ينافس القاهرة في التجمل وارتداء ثوب الزينة، خلال الأشهر القادمة، إلا مدينة الإسكندرية، التي تم اختيارها أخيرا عاصمة للسياحة العربية في عام 2010.

فبالإضافة إلى أعمال التطوير في العقارات والشوارع والميادين العامة، أصدر فرع هيئة تنشيط السياحة بالمدينة ألبوما مصورا عن هذه المدينة الملقبة باسم «الثغر» والواقعة على البحر المتوسط شمال غربي العاصمة. وسيتم طرح الألبوم المصور للسياح بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والفرنسية، بحسب مدير الفرع محمد حسين، موضحا أن الصور عادة ما تجذب السائح الأجنبي والعربي إلى القراءة عن الآثار.

وبمناسبة اختيار المدينة عاصمة للسياحة العربية لعام 2010، تنظم الإسكندرية في فبراير (شباط) القادم أول مؤتمر دولي للسياحة السكندرية بمشاركة عدد من خبراء السياحة المصريين والعرب. وقال محافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب إن الهدف من المؤتمر تسليط الضوء على الآثار السكندرية العريقة عبر العصور المختلفة ومكانة المدينة ثقافيا وتاريخيا وجغرافيا وسياحيا على المستوى الدولي.

يأتي ذلك بالتزامن مع نشاط تقوم به مصر للتعاون مع عدد من الدول الأجنبية في مجال السياحة. ويبحث زهير جرانة وزير السياحة المصري مع رئيس وفد المفوضية الأوروبية في مصر، مارك فرانكو، سبل دعم التعاون بين وزارة السياحة والمفوضية، حيث قال جرانة إن بلاده تحتاج إلى دعم فني من المفوضية الأوروبية من خلال مستشارين أو مهنيين، خاصة في مجالات مراقبة الجودة والتسعير ومراعاة مهارات التعامل مع العملاء والتسويق، مضيفا أن مصر نجحت في التقليل من آثار الأزمة المالية العالمية على قطاعها السياحي.

ويشكل قطاع السياحة مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية في مصر بنسبة 19.3% من إجمالي النقد الأجنبي، و45% من الصادرات غير السلعية. ويسهم قطاع السياحة أيضا في نحو 11.3% من إجمالي الناتج المحلي بمصر. وخلال عام 2008 حققت عائدات السياحة نحو 11 مليار دولار.

وبحسب مصادر في قطاع السياحة بلغ عدد السياح الذين قصدوا مصر هذا العام نحو 11.5 مليون سائح، قائلة إن عائدات مصر من السياحة هبطت خلال هذا العام، وحتى الشهر الماضي، بنسبة 3.1% مقارنة بالعام الماضي، لكن هناك آمالا في تحسن الوضع باطراد، بنهاية عام 2010، من أجل تجاوز هذا الانخفاض الذي يرجع سببه إلى الأزمة المالية العالمية، وبفضل الكثير من التدابير، بما فيها برامج تحديث مقاصد للسياح في المدن الرئيسية، كالقاهرة والإسكندرية والبحر الأحمر وأسوان والأقصر، يمكن أن يصل عدد السياح إلى المعدل الذي كان عليه في عام 2008، وهو 12.8 مليون سائح. وتقول وزارة السياحة إن العدد سيصل إلى 14 مليون سائح في 2011.