«دينيز بالاس».. رمز النهضة الثقافية التي تشهدها اسطنبول

من مبنى للجالية اليونانية إلى قصر للفنون

جرت فعاليات افتتاح مبنى «دينيز بالاس» في 16 يناير بالتزامن مع احتفالات اختيار اسطنبول عاصمة للثقافة الأوروبية لعام 2010
TT

حتى وقت قريب، مثل «دينيز بالاس» (ويعني «قصر البحر» بالتركية)، الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى 90 عاما مضت في ضاحية سيشين في إسطنبول، رمزا نموذجيا لمجد المدينة الذابل. في الأصل، كان القصر بمثابة مبنى سكني ضخم مخصص لخدمة الجالية اليونانية التي استقرت في المنطقة بأعداد ضخمة في فترة من الفترات، إلا أنه بمرور العقود، تردت أوضاع الصرح الضخم والضاحية المحيطة به، مع دفع توترات واضطرابات سياسية واقتصادية سكان الضاحية الأصليين إلى الرحيل عنها. الآن، تحول المبنى إلى رمز للنهضة الثقافية التي تشهدها المدينة. في يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاث سنوات من جهود الترميم التي تكلفت 14 مليون دولار، أعيد افتتاح «دينيز بالاس» ليكون مقرا رئيسيا لـ«مؤسسة إسطنبول للثقافة والفنون» (5 شارع سادي كونورالب كاديسي، سيشين، 90 - 212 - 334 - 0700)، وهي منظمة غير هادفة للربح تتولى تنظيم معرض «إسطنبول بينيال» للفنون ومهرجانات سنوية للأفلام وموسيقى الجاز بالمدينة. في الواقع، يعد القصر أكثر من مجرد مبنى إداري، حيث يضم عناصر متنوعة تمثل أطيافا ثقافية مختلفة. في الطابق الأرضي، يوجد مقهى، إلى جانب متجر يعرض أعمال المصممين الأتراك البارزين والصاعدين. وفوقه، توجد قاعة تدعى «صالون». ويضم الطابق العلوي مطعما أنيقا يدعى «إكس» يقدم مختلف الأطباق التركية الكلاسيكية يطل على مشهد ساحر لـ«القرن الذهبي» والضواحي التاريخية المحيطة به. ويجري العمل على إنشاء متحف صغير لمطربة الأوبرا الشهيرة ليلى جنسير. جرت فعاليات افتتاح المبنى في 16 يناير (كانون الثاني)، بالتزامن مع احتفالات اختيار إسطنبول عاصمة للثقافة الأوروبية لعام 2010، وشهد حفل الافتتاح مشاركة فرقة «باد بلس» لموسيقى الجاز، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها. واجتذب الحفل عاشقي موسيقى الجاز وبعض المتخصصين، بينهم أسلي هان، 21 عاما، من أبناء إسطنبول، وكانت في زيارة لوطنها قادمة من بوسطن، حيث تدرس العزف على الطبلة في كلية بيركلي للموسيقى. وفي وصفها للمكان، قالت هان: «جرى تحديث المبنى، لكن لا يزال يحمل كثيرا من عبق التاريخ. نحن لدينا تاريخنا المميز، لكننا في الوقت ذاته على اتصال بأوروبا وأميركا». لا يعد المقر الجديد لـ«مؤسسة إسطنبول للثقافة والفنون» المؤشر الوحيد على النهضة الثقافية، حيث جرى افتتاح «سانترال إسطنبول»، وهي منشأة لتوليد الطاقة في العصر العثماني تحولت إلى مركز فني، عام 2007. وعلى مقربة من «دينيز بالاس»، يقع مبنى فخم آخر ينتمي إلى أوائل القرن العشرين جرى تجديده من جانب «مركز بوروسان للثقافة والفنون»، وهي مؤسسة بارزة أخرى، بهدف استخدامه، في الغالب، في استضافة عروض موسيقية كلاسيكية. في هذا الصدد، قال طلعت هلمان، الذي أصبح أول وزير ثقافة لتركيا عام 1971 ويترأس حاليا مجلس أمناء «مؤسسة إسطنبول للثقافة والفنون»: «منذ أربعين عاما، كانت إسطنبول خالية تماما من الحياة الثقافية لدرجة أن كل حفل غنائي كان بمثابة حدث جلل. أما الآن، فأصبح هناك زخم كبير، وتحولت إسطنبول إلى حاضرة عالمية». ومع ذلك، لا يزال أبناء المدينة راغبين في المزيد، بالنظر للتفاعل الذي أبداه الجمهور المتحمس خلال ليلة افتتاح «مؤسسة إسطنبول للفنون والثقافة». على سبيل المثال، قال سينان غول، 36 عاما، مهندس يعيش في ضواحي إسطنبول: «يعد هذا المبنى بمثابة خطوة أولى، لكننا لا نزال بحاجة إلى مزيد. نشعر بتعطش شديد لمثل هذه النشاطات. نحن بحاجة إلى نشاطات ثقافية على هذا النحو في كل يوم».

*خدمة «نيويورك تايمز».